الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية الاسرائيلية والدكتاتورية العربية ( سوريا انموذجا )

محمد كليبي

2009 / 2 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


خاض الشعب الاسرائيلي مؤخرا معركة انتخابية " حامية الوطيس " .
انتخابات ديمقراطية .
انتخابات حقيقية , غير صورية .
لاختيار أعضاء الكنيست الثامن عشر في تاريخ اسرائيل المعاصر , الذي بدأ عام ( 1948 ) , العام الذي تمكن بنو اسرائيل من اعادة تأسيس دولتهم الحرة المستقلة على أرضهم التاريخية , أرض آبائهم واجدادهم , أرض اسرائيل .
وبغض النظر عن نتيجة الانتخابات - التي أسفرت عن فوز اليمين القومي العلماني - فان هذه الانتخابات , وغيرها من مظاهر الحياة الديمقراطية الحقيقية التي تسود المجتمع الاسرائيلي , تدفعني باستمرار الى اجراء عملية / عمليات مقارنة / مقارنات بين اسرائيل , دولة وشعبا ونظاما سياسيا واسلوب حياة , وبين العرب , مجتمعين وفرادا .
ودافعي الدائم والمستمر من وراء هذه المقارنات هو أن أضع القاريء العربي أمام نفسه , ليعرف نفسه وذاته من خلال النظر الى غيره , وان يعرف حقيقة وضعه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي المتردي قياسا الى غيره من أبناء الشعوب والامم الاخرى .
أما لماذا اسرائيل ؟
فلأنها البلد الأقرب , جغرافيا وتااريخيا ! , الى العالم العربي . ولأن العرب يخوضون معها صراعا سياسيا وعسكريا طويلا , نتج عنه مظاهر العداء والكراهية العربية للأمة الاسرائيلية ولكل ما هو اسرائيلي ولكل ما له علاقة او صلة باسرائيل , حتى وصل الامر الى كراهية الديمقراطية والحرية التي يتمتع بها الانسان الاسرائيلي .
ولماذا سوريا تحديد, كانموذج للاستبداد العربي ؟
فذلك لاسباب شخصية تتعلق بمعرفتي القوية بهذا البلد العربي , وبالمعاناة التي يعيشها الشعب السوري في ظل النظام الدكتاتوري البعثي .
اذا ما اخذنا مسألة الديمقراطية , وسلطنا الضوء حولها في كلا الطرفين , العربي والاسرائيلي ,متخذين من سوريا انموذجا عربيا فريدا ومتميزا , يعبر أصدق تعبير عن الحالة العربية على كافة الاصعدة والمستويات .
واذا ما بدأنا بين البلدين والشعبين - ديمقراطيا - بالعام 1970 مثلا ( وهو العام الذي استولى فيه الرئيس السوري السابق حافظ الأسد على السلطة , في انقلاب عسكري أطلق عليه زورا وبهتانا " الحركة التصحيحية " كما هو شأن العرب دائما وأبدا في قلب الحقائق وتسميتها بغير اسمائها الحقيقية والضحك على الشعوب التي تصدق ذلك وتقبل به نتيجة لجهلها وتخلفها ) .

سوريا :
منذ العام 1970 الى اليوم , يحكم سوريا ويتحكم بها رجل واحد ووحيد ( توريث الحكم في النظام الجمهوري لا يعتبر تغييرا لشخص الحاكم ) . حيث ظل الأسد الأب حاكما ومتحكما في الشعب السوري , وبالحديد والنار , لثلاثين عاما متواصلة !؟!؟ , حتى موته عام 2000 , ليرثه ابنه بشار في الحكم , لتتحول سوريا الى ما يشبه الملكية الخاصة لأسرة الأسد وطائفته الشيعية العلوية .
ويحكم هذا الرجل الواحد الوحيد سوريا عن طريق الحزب الواحد - حزب البعث العربي الاشتراكي - , الذي يهيمن على الحياة العامة والخاصة , السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في سوريا , حتى انه يطلق علية في الدستور السوري " الحزب القائد !!! ؟؟؟ " , على الرغم من سماحه بوجود أحزاب (( صورية )) يهيمن عليها جميعها في ما يسمى " الجبهة الوطنية التقدمية " , وهي شكل من أشكال الاستبداد السياسي الرسمي , بحيث أن الاحزاب الاخرى - غير البعث - لا يحق لها العمل التنظيمي داخل مؤسستي القوات المسلح والامن و الطلاب !!!؟؟؟
كما أن الانتخابات البرلمانية السورية - اذا ما اعتبرناها انتخابات - (( صورية أيضا )) , معدة ومعروفة نتائجها سلفا , حيث تقسم المقاعد البرلمانية بين حزب البعث والاحزاب الأخرى المنضوية في الجبهة التقدمية , بحيث " تعطى " بعض المقاعد لتلك الاحزاب , في برلمان لا دور له ولا عمل سوى (( التصفيق )) للقائد والحزب .
وحتى الانتخابات (( الصورية )) التي تتم داخل حزب البعث فان نتائجها مرسومة مسبقا , وصدرت بها توجيهات و أوامر !!؟؟
وقبل ذلك , والاهم من ذلك , أن الحريات العامة والحريات الفردية وحقوق الانسان , والتي تعد المباديء الاساسية للديمقراطية الحقيقية , غائبة ومغيبة في سوريا , حيث يعيش الشعب السوري - - الشعوب العربية الاخرى - في ظل الاستبداد والقمع .

اسرائيل :
لا يستطيع أحد أن ينكر أن الادارة السياسية ( وليس السلطة , لان السلطة مفهوم دكتاتوري ) في اسرائيل يتم تداولها سلميا وديمقراطيا , بين القوى والاحزاب السياسية المختلفة . ففي اسرائيل تجري وبانتظام انتخابات برلمانية كل أربع سنوات - مع بعض الاستثناءات الناتجة عن قصر عمر بعض الحكومات لاسباب سياسية - , حيث يتم انتخاب أعضاء الكنيست , والذي يحدد بدوره الطرف السياسي الفائز بتشكيل الحكومة التالية . ففي اسرائيل , ومنذ العام 1969 , تم تداول الادارة السياسية للدولة بين ( 9 ) رؤساء حكومة , ينتمون الى أحزاب سياسية مختلفة , هي حزب العمل وحزب الليكود وحزب كاديما , وذلك في ( 13 ) حكومة منذ ذلك التاريخ .
( الديمقراطية الاسرائيلية تقوم على النظام البرلماني الذي يكون فيه رئيس الوزراء هو رأس الادارة السياسية للدولة , كما هو الحال في بريطانيا العظمى وألمانيا والنمسا والهند واليابان وغيرها ) .
فقد تداول على الادارة الاسرائيلية كل من :
1- جولدا مائير من عام 1969 الى عام 1974
2- اسحاق رابين من عام 1974 الى عام 1977
3- مناحيم بيغن من عام 1977 الى عام 1983
4- اسحاق شامير من عام 1983 الى عام 1984
5- شمعون بيريز من عام 1984 الى عام 1986
6- اسحق شامير ( مجددا ) من عام 1986 الى عام 1992
7- اسحاق رابين ( مجددا ) من عام 1992 الى عام 1995
8- شمعون بيريز ( مجددا ) من عام 1995 الى عام 1996
9- بنيامين نتنياهو من عام 1996 الى عام 1999
10- ايهود باراك من عام 1999 الى عام 2001
11- ايريل شارون من عام 2001 الى عام 2006
12- ايهود أولمرت من عام 2006 الى عام 2009
13- بنيامين نتنياهو ( المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة ) من 2009 الى .....
وكذلك فان الديمقراطية الحزبية في اسرائيل تتميز بالشفافية والتنافس الحقيقي الحر , بحيث تجري وباستمرار الانتخابات الحزبية التي تفرز دوما قادات حزبية وسياسية جديدة . وقد شهدنا مؤخرا انتخابات زعامة حزب كاديما التي فازت بها السيدة تسيبي ليفني , في صراع مرير مع " رجال " الحزب الكبار أمثال شاؤول موفاز .

مايدعو الى الاعجاب بالديمقراطية في اسرائيل أن الانتخابات البرلمانية الاخيرة تمت عقب الحرب الحمساوية على اسرائيل . بمعنى أن اسرائيل أجرت الاستحقاق الديمقراطي على الرغم من خروجها الحديث من الحرب . وهو ما لم يكن بالامكان تصوره في اي دولة عربية , حيث سيتحجج نظامها بتلك الحرب ونتائجها وتداعياتها للتملص والتخلص من الاستحقاق الديمقراطي . هذا ان سلمنا بوجود ديمقراطية عربية ......

ان أحد أسرار تميز وتقدم وتفوق اسرائيل هو في ديمقراطيتها الحقيقية , تلك الديمقراطية التي تدفع بها الى التغيير , الى الأمام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تبسيط هائل
سوري ( 2009 / 2 / 24 - 21:20 )
الممارسة الديمقراطية لاتعني بالضرورة أن من يمارسها هو على حق، ولكن يعني أن تداول السلطة يتم بالطريقة الديمقراطية، والتي هي أفضل الأنظمة السيئة، ولم يكتشف الإنسان للآن طريقة أفضل للأسف. إن ألمانيا قد انتخبت هتلر ديمقراطياً بأغلبية هائلة، وقد أيده كل الشعب تقريباً كل مدة حكمه، فهل جعله ذلك على حق؟ وبنفس المنطق نقرر أن الديمقراطية في إسرائيل لا تبرر جرائمها ولا تجعل كل أعمالها محقة بشكل أوتوماتيكي. لا نقلل من قيمة الممارسة الديمقراطية ولكن، وأيضاً يجب أن ننتبه لكل الجوانب. ويجب أيضاً ألا ننسى أن إسرائيل لم تقتل أو تعتقل أبداً مواطناً إسرائيلياً لأسباب سياسية. أما بالنسبة للنظام السوري، فهذا هو المهزلة الكبرى، إذ أن هذا النظام قتل من الشعب السوري أكثر بكثير مما قتلت منه إسرائيل، وأكثر بمئات الأضعاف مما قتل هو من أعداء الوطن. إن هذا النظام ومسئوليه وعلى رأسهم رئيسه لهو وصمة عار في جبين الإنسانية والعالم، ويجب على العالم كله أن يجد طريقة لإيقاف مجرمين من طراز النظام السوري، وأكثرية الحكام العرب المعتدلين والممانعين، وللأسف فإن ذلك صعب المنال في عالم تحكمه المصالح، وهنا نلاحظ أن الديمقراطية لا تكرس الإنسانية على المستوى العالمي لأن المصالح فقط هي التي تقرر


2 - تعليق على تعليق
المنسي القانع ( 2009 / 2 / 24 - 23:41 )
الأستاذ سوري
تحية وبعد ------
أنا لست في صدد مناقشة أفكارك إن هي إلّا مجرد أفكار متناثرة يصعب جمعها .
ولكني أردت أن أصصح كون هتلر إنتخب بأغلبية كاسحة والواقع أن الحزب القومي الاشتراكي ألألماني (النازي ) قد تحصّل على أربعةعشر مليون واربعمائة وثلاثين الف صوت في حين كانت الأصوات التي نالها الحزب الشيوعي أربعة عشر مليون ومئتان وتسعين الف صوت وبعد ذلك نكل النازيون بكل الآخرين وهو نفس تصرف الأحزاب القومية عندنا , أما دعوة هتلر فكانت ألمانيا فوق الجميع , فهل تجد فرقاً بينه وبين ما يدعيه العروبيون والإسلاميون والذين لو وصلوا الى سدة الحكم (بعد الشر) مثل حماس لحمسونا وحرقونا قبل الغير . فلا تشطح سيدي الكريم وتحمل فسادنا على أكتاف الديمقراطية فهي وحقك أسمى كثيراً من كل مفاهيمنا ومعتقداتنا . والسلام


3 - تعليق على تعليق على تعليق
سوري ( 2009 / 2 / 25 - 05:27 )
المنسي القانع، يا سيدي، لم أحمل شيء للديمقراطية، وأكرر أن الإنسان لم يصل لطريقة إنسانية لليوم، ولا أظنه سيصل، والديمقراطية هي الآن هدف بالرغم من المآخذ، وطبعاً نسيت ذكر أهل الكهف، حماس وأخواتها جميعاً مع الأنظمة، الوجه الكريه الآخر للأنظمة. وحين لا نود أبداً وصولهم للسطة، فإنني أقول، وللأسف، أنهم ليسوا أسوأ من الأنظمة الحالية (ولا أفضل) ولا يبدو أننا سنخرج من الثنائية بين هذين الفسطاطين اللعينين، ولا أرى ضوء في آخر النفق العربي-الإسلامي الذي يرتجف كله ويستعيذ لذكر كلمة علمانية

اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة