الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق الديمقراطي 2

طلال احمد سعيد

2009 / 2 / 26
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق



طلال احمد سعيد
نحن نقترب من الدخول في السنه السابعه لعملية التغيير التي حصلت في العراق والتي استهدفت اسقاط حكم البعث , ولعل هذه السنوات تدعو اي سياسي او متابع عراقي لضرورة الاجابة على سؤال مهم هو هل حقق العراق خلال المسيرة الجديدة نهجا ديمقراطيا .
لقد اعلن منذ البداية ان العراق سوف يحث الخطى نحو الديمقراطية , كبديل عن الحكم الاستبدادي الذي سقط . ومن حيث المبدأ يفترض ان العراق اقام نظاما ديمقراطيا يعتمد على ترسيخ الوعي لدى الفرد العراقي , ونشر مباديء الحرية والعدل واقامة الحياة الحزبية والتعددية والقبول بلغة الحوار وبالرأي الاخر . فهل تحقق ذلك فعلا من خلال مسيرة السنوات الست السابقة ؟.
الديمقراطية بحد ذاتها هي نتيجة لكفاح الشعوب من اجل حرياتها , وتأمين مستقبلها وتأسيس حكومات تحقق العدالة الاجتماعيه وتامن السيادة الشعبية في الحكم من خلال مؤسسات البلاد الدستورية , وتأسس لحركة سياسية متمثلة بتنظيمات مثل الاحزاب والجمعيات والنقابات وغيرها .
انما حصل في العراق هو ان السيد بول بريمر الحاكم المدني الذي ارسلته الولايات المتحدة عمل على تطبيق ديمقراطية جاهزة حملها معه وقد فات السيد بريمر ان الديمقراطية لايمكن ان تطبق في بلد ليس فية دولة ولاقانون وفي مجتمع انعدمت لديه الرؤيا وسيطر عليه هوس عارم .
الديمقراطية العراقية اطلقت العنان وفتحت الابواب على مصراعيها لما يسمى بالاسلام السياسي , فقد كانت الاحزاب الدينيه هي الفائزة في الماراثون الديمقراطي , وجرى نشر مقولة تفضي بأن الدين الاسلامي يحمل في طياته الحل وهو قادر على استنبات الديمقراطية من خلال النص القرأني (وامرهم الشورى بينهم) . وبدلا عن اقامة الدولة المدنيه على انقاض دولة البعث جرى بناء الدولة الدينيه فانتشرت اللحى والعمائم بشكل غير مسبوق في تاريخ العراق الحديث . لقد كان من المومل ان ينفتح العراق ويتقدم نحو الامام ضمن عالم متحضر , لاسيما ان الولايات المتحدة هي التي قادت عملية التغيير , بيد ان الذي حصل كان عكس ذاك بالضبط حيث تراجع العراق حضاريا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا . بعد ست سنوات نجد مع الاسف الشديد ان العراق لم يتخلص من مخلفات الحكم الصدامي كما انه لم يوفق في ارساء نظام ديمقراطي صحيح يرسم الطريق لعراق المستقبل .الديمقراطية المشوهة التي ابتلى بها المشروع العراقي ادت الى عقد كثيرة يصعب التخلص منها وقد يكون من المفيد ان نتطرق الى البعض منها وهي :
لقد كان من الضروري ان يوضع المشروع الوطني في اولويات المسيرة , الا ان الذي حصل هو ان المشروع الطائفي صار في المقدمة فالمناصب الحكومية وزعت على اسس طائفية محسوبة . رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والوزارات كافة وزعت وفق مبدأ المحاصصة الطائفية وحسب ميزان دقيق لايقبل الخطأ ؟؟ . ففي ازمه اختيار رئيس مجلس النواب تم حصر الرئاسة بالمكون السني وبالحزب الاسلامي بالذات , وقد اعلن صراحة اكثر من مرة ان منصب رئيس المجلس هو من حصة الحزب الاسلامي والملفت للنظر انه عندما كان الجدل يجري حول احقية هذا المنصب كان السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الاسلامي يهاجم سياسة المحاصصة الطائفية .المنطق الديمقراطي يقضي بترشيح الشخص المناسب لتولي رئاسة مجلس النواب والذي تتوفر فيه شروط القيادة والحيادية دون النظر لانتمائاته ودون النظر عن كونه سنيا او شيعيا او تركمانيا او غير ذلك , من هنا يمكن ان نكتشف نوع الديمقراطي التي يمارسها العراق .
في العراق يقال ان هناك حوالي 300 حزب سياسي ولا احديعرف الرقم الحقيقي لهذه الاحزاب الا ان المؤكد ان قسما منها يحتل مراكز حيوية ومهمة في جهاز الدولة ، وكل تلك الاحزاب تعمل خارج القانون , بسبب غياب قانون للاحزاب والجمعيات , وهذا القانون يكتسب اهمية كبيرة من حيث انه يكشف عن هوية الحزب وقياداته وبرامجه السياسية ، والغريب في هذا الموضوع ان المفوضية المستقلة للاتخابات تتعامل بشكل رسمي مع الاحزاب والكيانات وكأنها قائمة قانونا وفي الحقيقة هي ليست كذلك , ويقيني انه لايوجد في ايه بقعه في العالم مثل هذا العدد من الاحزب تعمل بلا قانون . ان اغلب الاحزاب القائمة خاضت انتخابات مجالس المحافظات التي جرت يوم 31-1-2009 وفاز العديد من مرشحيها بعضوية المجالس وعلى الرغم ان العلمية السياسية جرت وسط اجواء امنه الا ان الكثير قد قيل حول قيام الاحزاب بالتأثير على ارادة الناخبين عن طريق الاغراءات المالية او الضغوط الدينيه
الفساد المالي والاداري هما من اخطر اعداء المسيرة الديمقراطي , ومن المؤلم ان نشير الى ان الفساد انتشر على نطاق واسع في العراق بعد 9-4-2003 واصبح الجميع يتحدث عن ارقام فلكية لمبالغ غابت او سرقت سواء كان ذلك من الاموال الامريكية او العراقية . وتنشر وسائل الاعلام بين الحين والاخر تقارير عن اكتشاف سرقات في بعض الوزارات او المؤسسات العراقية وتنتهي الحكاية عند هذا الحد ، فلم نسمع حتى الان عن عقوبة نالها احد مرتكبي هذه الاعمال. ومما تجدر الاشارة هنا ان جزء من التجاوز المالي يتمثل في المبالغ الكبيرة التي يتقاضاها كبار المسؤولين في البلاد بشكل رواتب ومخصصات وعلى رأسهم اعضاء مجلس النواب العراقي .
العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كوردستان تتجهه نحو التأزم الشديد الذي صار يهدد بالانفجار ، وهو مؤشر على ان الديمقراطية في العراق تمر بأمتحان عسير بسبب الخلافات القائمة بين الحكومة المركزية وحكومة الاقليم ، تلك الخلافات التي صارت تشكل عامل تهديد لمجمل العملية السياسية بل لوحدة العراق بأسره . وتتلخص هذه الخلافات في موضوع العقود النفطية التي ابرمتها حكومة الاقليم مع الشركات الاجنبيه ، وكذلك مشكلة كركوك والمادة 140 من الدستور واخيرا موضوع المناطق المتنازع عليها والتي تدعي كوردستان انها جزء من اراضي الاقليم . وقد بلغ الخلاف بين الطرفين اوجه عندما صرح السيد رئيس وزراء الاقليم بأن هذه الخلافات قد تؤدي الى صدام مسلح بين العرب والكورد .
عندما شرع الدستور عام 2005 اثيرت حوله الكثير من الانتقادات وقيل انه اعد على عجل وانه يحتوي الكثير من المواد الناقصة والمتناقضة وعلى هذا الاساس تم الاقرار بضرورة اجراء التعديلات عليه ، وتم تشكيل لجنه للنظر في التعديلات غير ان هذه اللجنه لم تنهي عملها على الرغم من مرور سنتين على تشكيلها ، وقد صار من المؤكد ان التعديل المنشود سوف لن يتحقق بسبب الشرخ الكبير الذي نتج عن النصوص الدستورية نفسها .
ان ترسيخ المسيرة الديمقراطية في العراق يتطلب وقفة جادة للقضاء على كل مصادر التشويه الذي تعرضت له هذه المسيرة والعمل من اجل اقامه الدولة المدنيه التي تؤمن بمباديء الحداثة وترفض كل انواع التوجهات الرجعيه والشوفينيه












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو