الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهزلة كوليرا ادارية

نبيل قرياقوس

2009 / 2 / 26
حقوق الانسان



سرحان ، عراقي ضعيف الحالة ماديا ، في عقد عمره الثالث ، عامل حكومي ضمن الذين اعادتهم الدولة مشكورة الى الخدمة بعد ان ترك وظيفته التي استحقر فيها براتب شهري قدره دولار واحد شهريا ، ولازالت اجراءات احتساب خدمته غير كاملة لدى الجهات المختصة كي تتبين استحقاقاته ضمن المفصولين السياسيين ، بينما ارى سرحان ، ولعمري ، هو السياسة بعينها ، بل هو السياسي الوحيد في العراق الذي لا اشك يوما في صدق وانسانية وواقعية شعاراته ، فقد طبقها على نفسه اولا ، ولو كان لسرحان حزب سياسي لكنت اول من ينتمي اليه ، لكن امثال سرحان لم ولن يستطيعوا ان يشكلوا احزابا .

لاحظت سرحان خلال الشهرين الماضيين يعيد ديونأ الى عدة زملاء في مقر عمله حال استلام راتبه الشهري ، لم يكن في الموضوع ما يثير اهتمامي كثيرا الى ان قادني الحديث معه ( ونحن حاملين لراتبينا الشهريين في طريق خروجنا من دائرتنا ) الى وضع ازدياد عدد المحتالين والنشالة في شوارعنا هذه الايام بعد ان ضاقت عليهم ارزاق الاعمال الارهابية ، فاخبرني سرحان ان ما تبقى من راتبه ما عاد يستحق مجازفة النشال لسرقته ، بعد ان سدد مبلغ 150 الف دينار لزملائه الموظفين . علمت من سرحان انه ما زال مطلوبا مبلغ 400 الف دينار من مجموع ( مليون ) دينار كان استدانه قبل حوالي العام لصرفه كأكراميات اجبارية دفعها بمعدل 40 الف دينار يوميا لعمال مستشفى مدينة الطب الحكومي والذين اصطدوا ومرض الكوليرا ابنه الطفل ( علي ) لمدة شهر ، بينما انفق بقية المبلغ في شراء حبوب الفيتامينات والادوية الاخرى من الصيدليات الاهلية لعدم توفرها في المستشفى الحكومي ، قال لي سرحان : كنت اعطي الممرضة التي تزرق الابرة لابني مبلغ الفي دينار فترفض استلامها لقلتها ، كنت اترجاها استلام المبلغ لحين ما استدين مبلغا اخر في اليوم التالي !

اقول ، اما اّن الاوان لاتخاذ اجراءات ادارية ومالية تقر من اناس يعرفون معنى علم الادارة ، هذا العلم الذي اوصل الانسان على تراب القمر قبل اكثر من نصف قرن ، كي يتم وضع حد لظاهرة تقزز حتى الذي لا ضمير له ، فالحل ليس بالامر المستحيل اذا ما عولج بادمغة ادارية ذات خبرة وقدرة على استخدام كل العدد التنظيمية والمالية وبشكل لا يزيد الطين بلة ، في مقابل ان تبذل جهود مماثلة في دوائر الوزارات الاخرى ذات التماس اليومي مع حياة المواطنين والتي يمارس موظفوها اعمال ابتزاز المواطن في وضح النهار سواء بافتعال ازمات الزحامات او بدعوى الالتفاف على القوانين وتسهيل امر المواطن في حين يكون ذلك عكس الواقع تماما .

معالجة هذه الظاهرة جذريا يتطلب تعاملا مناظرا لاوضاع كل دوائر الدولة الاخرى .

شجاعة هي ، مسؤولية هي ، ان يفتي اداريونا صراحة بعدم معرفتهم اصول الادارة الحديثة ، وعليهم طلب شراء علم وعدة وخبرة اجنبية تعلمنا كيف لا يسرق احدنا الاخر ، ودون تلك الشجاعة سيكون اداريونا هم من يصدر الكوليرا الى مستشفياتنا !.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس أمم أوروبا: لاجئون أوكرانيون يشجعون منتخب بلادهم في مبار


.. أزمة اللاجئين في مصر: مطالب بدعم دولي يتناسب مع أعباء اللاجئ




.. هغاري: الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل من أجل خلق الظروف لاستع


.. الأمم المتحدة ترحب بالهدنة التكتيكية جنوبي غزة| #غرفة_الأخبا




.. الجيش الإسرائيلي يعلن -هدنة تكتيكية- في جنوب قطاع غزة والأمم