الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوليوود :إنعطافة نحو الإنسانية

واصف شنون

2009 / 2 / 26
العولمة وتطورات العالم المعاصر


من المفروغ منه ان هوليوود (مدينة صناعة الأفلام الأميركية ) هي مركز الإنتاج السينمائي العالمي ،وهي طموح كل المخرجين والممثلين في جميع أصقاع الأرض المتمدنة وغير المتمدنة ، الحاضرة والمغيبة ، الفقيرة والغنية ،في الوصول اليها ،فهوليوود تصنع النجوم وتطلق الشهرة وشلالات الثروة الخيالية ، فالظهور في احد افلامها بالنسبة للمثل حتى وان كان (كومبارس ) يعد مجدا فنيا لبعض الممثلين ،وقد رأينا ابرز المخرجين والممثلين والفنيين السينمائيين الأيطاليين والروس والفرنسيين والأتراك والفرس والأفارقة وغيرهم يغادرون بلدانهم متوجهين اليها .
كانت السينما الأميركية حتى وقت ليس بالبعيد مشغولة بانتاج افلاما ،لاتعنى بالجانب الأنساني والحياتي ، فمدرورات شباك التذاكر هو الأهم ،فأنتجت الافا من أفلام رعاة البقر وأفلام العصابات والمافيات والرعب والحركات البهلوانية والأفلام الحربية البطولية الخرافية والأفلام الجنسية الهابطة والأفلام الراقصة الغنائية ..الخ من السينما التجارية الصرفة التي لاتحدث تغييرا في جوهر وضمير المشاهد بقدر ما تستحلب جيبه وتسطح مخيلته وتجعله أنانيا ً غير فعال ،خامل الفكر والبال ، بل بعض الأحيان شاذا أو قاتلا ،وبالرغم من الحروب الأميركية (الواسعة النطاق ) وتاثيراتها الأنسانية في الخراب الروحي لبني البشر فأننا لم نرَ سوى افلام قليلة تبرز الزوايا السوداء في تلك الحروب (منها حكايات مأساوية عن حرب فيتنام ).
واجد كمتابع للفن السينمائي ومدمن على مشاهدة الأفلام السينمائية انعطافا شديدا في السينما الأميركية خلال الأعوام العشرة الماضية في معالجة قضايا الأنسان ومعاناته أينما كان بل ان الأكاديمية الأميركية للسينما بدأت في الإهتمام بالأفلام الأجنبية أو الأفلام التي تحاكي مواضيع غير أميركية تقليدية وعرضها ومنحها اهم الجوائز وشاهدنا عدة افلام إنسانية المحتوى والتأثير عن حرب رواندا والبوسنة والعراق وافغانستان ، كما تم انتاج الأفلام الحركية المدهشة والتربوية المفيدة الموجه للأطفال والكبار في سواء ،وليس باستطاعتي أن اشرح الأسباب الرئيسية حصرا في هذا المقال المتواضع ،فهي كثيرة وترتبط حسب اعتقادي بالأحداث السياسية العالمية والتقدم التكنلوجي الهائل والسريع الذي وفر الإتصالات مما سلط الضوء على ما تعانيه البشرية من ويلات وقهر الحروب المتنوعة أهلية أو خارجية وجوع واضطهاد ،وبروز اجيال اميركية جديدة من المخرجين والممثلين الذين يكرسون اعمالهم وأموالهم لدعم غير المحظوظين من البشر ،اضافة الى تقهقرشعبية الإنتاج السينمائي الأيطالي والروسي والفرنسي الذي كان يعد البديل الثقافي والإنساني عن افلام رعاة البقر والعصابات والقتل الأميركية كذلك التأثير الواضح للمخرجين والممثلين البريطانيين والأوربيين الذين يقومون بانتاج افلامهم بالتشارك مع شركات هوليوود السينمائية التي استبعدت في السابق مخرجين عظام أمثال ايليا كازان وفرانسيس فورد كوبولا وسيدني بولاك ومايكل مور وغيرهم .
شاهدت خلال الأسبوعين الماضيين سبعة افلام هامة منها ثلاث قد تم ترشيحها لنيل جوائز اوسكار الأكاديمية الأميركية للسينما مثل ( GRAN TORINO) للمخرج والممثل العبقري كلينت ايستوود الذي يتناول العنصرية وحياة الشوارع والمهاجرين في اميركا و(THE CURIOUS CASE OF BENJAMIN BUTTON ) والفيلم قد تم تصويره واخراجه بفنتازيا هائلة خاصة وان من يقوم بالدور الرئيسي هو الممثل براد بيت و( CHONGELING) ويتناول فساد الشرطة الأميركية في لوس انجليس ابان فترة نهاية العشرينات من القرن الماضي اضافة الى فيلم ( SLUMDOG MILLIONIER) وفيلم لبناني سويدي عنوانه (ZOZO ) انتج قبل ثلاثة اعوام ويتحدث عن طفل لبناني هاجر وحيدا الى السويد بعد مقتل عائلته في بيروت أثناء الحرب الأهلية.
لكن الإنعطافة الإنسانية الشاملة لهوليوود قد شاهدناها خلال هذا الأسبوع حين منحت الأكاديمية السينمائية الأميركية ثماني جوائز كبرى للفيلم الهندي البريطاني( SLUMDOG MILLIONIER) أو المتشرد الذي أصبح مليونيرا والذي شاهدته بإندهاش وتعجب من القدرة الفنية الهائلة التي يمتلكها مؤلف النص الذي اعتمده الفيلم وكذلك الأخراج والتصوير الفني الباهر ،وبالفعل فقد حصد الفيلم جائزة أفضل فيلم وافضل اخراج وأفضل قصة وافضل غناء ،وهو يتناول ببساطة حياة طفل تشرد وضاع في شوارع مدينة مومباي الهندية بعد أن قتلت أمه في احداث طائفية بين ديانتين.
ان الفن ،وابرزه السينما بأستطاعته ان يغير ويلطف ويشير ويصرخ وينادي الضمير الإنساني أينما كان ،فبعد نجاح هذا الفيلم توجهت جميع الأنظار الى مآساة اطفال الشوارع في مومباي والهند وسارع رجل أعمال هندي متبرعا ً الى وضع كمبيوترات في شوارع المناطق الفقيرة التي تضج بالأطفال الضائعين المشردين ،وظهر الأطفال وهم يقفون في الطوابير في انتظار الدور .هذا هو دور الفن الحديث الذي يجمع بين الشطارة والتجارة والثقافة على ما أعتقد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا لإيصالك متابعتك لنا
صائب خليل ( 2009 / 2 / 26 - 09:26 )
الأخ واصف شنون المحترم، أشكرك على لفت انتباهنا إلى الأفلام الجميلة، موفراً علينا الخطأ بضياع ساعات في مشاهدت أفلام تندم على الوقت الضائع فيها..تحياتي

اخر الافلام

.. التبوريدة: فن من الفروسية يعود إلى القرن السادس عشر


.. كريم بنزيمة يزور مسقط رأس والده في الجزائر لأول مرة




.. بعد إدانة ترامب.. هل تتأثر فرص فوزه في الانتخابات الرئاسية ا


.. لابيد يحث نتنياهو على الاستجابة لمقترح بايدن بخصوص اتفاق غزة




.. الوسطاء يحثون إسرائيل وحماس على التوصل لاتفاق هدنة في غزة