الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بناء الانسان قبل الاوطان

علي الخياط

2009 / 2 / 27
حقوق الانسان


عد الظروف التي مر بها العراق في العهد البائد تبدلت المقاييس، واختلفت النظرة الى الامور، واصبح الاغلب (ولكل قاعدة شواذ) لا يضع امام عينيه الا المصالح الدنيوية والمنافع المادية، فهذا حسب اعتقاده هو الميزان الدقيق الذي توزن به كل امور الحياة، وحين ضيّق النظام الدكتاتوري البائد على انفاس العراقيين، وجعل المواطن يخاف من كل ما يقوم به ولا يثق باقرب الناس اليه، خوفا من ان تؤدي به حتى ابسط الحركات التي يقوم بها، و اكثر الكلمات عفوية ،والتي تنم عن نقاء سريرة وصفاء جوهر، قد تؤدي به واهل بيته واقربائه ،وربما حتى اصدقائه الى غياهب السجون ان لم تكن التصفية النفسية والجسدية، فقلت ثقة بعض الناس ببعض، واصبح الانسان لا يطمئن حتى الى اقرب الناس اليه، والشواهد كثيرة، منها ان تلميذا صغيرا وشى بابيه الى معلمة مدرسته التي كانت مسؤولة كبيرة في الحزب، فكان مصير ابيه السجن والتغييب، ومنها ان اباً بلغ عن ولده لانه لم يلتحق بالخدمة العسكرية في اثناء الحرب ليحاكم ويعدم ، مما جعل (الجميع) يخشى على نفسه وعلى اسرته من طائلة الاجراءات الظالمة للنظام، شواهد كثيرة لا استطيع ان اذكر حتى بعضا منها في هذه العجالة لانها تحتاج عدة مؤلفات.
وخيم الحصار، واناخ بكلكله على الشعب العراقي المظلوم ،وشح الدواء والغذاء الى درجة ان بعض افراد الاسر العراقية كانوا يقومون عن الطعام وهم لايزالون جياع، وامرهم الى الله تعالى ،وانفصمت عرى العائلة بسبب المشاكل الحياتية التي لا تطاق، وزاد الجو النفسي المتأزم من هذا الانفصام، فقل التزاور والتواصل بين الاقرباء، والاصدقاء، وكان بعض الافراد يخشون من زيارة اقربائهم لئلا يكلفوهم فوق ما يطيقون من تقديم الطعام والشراب.
حيث كان فيما مضى سكان المحلة وكأنهم عائلة واحدة ويرتبط بعضهم ببعض بوشائج قرابة قوية، وكل واحد يعرف كل ما يحب ان يعرفه عن الآخرين، يتواصلون ويتزاورون ويساعد بعضهم بعضا ،ولكن النظام البعثي جرد معظم المواطنين من الاطمئنان والثقة المتبادلة بينهم ،وجعلهم كأنهم يعيشون في غابة .
اليوم وبعد التغيير نحن بحاجة الى بناء الانسان من الداخل، واعادة غرس التعاليم والقيم الاسلامية الى روحه وعقله الانسان ،حتى قبل التفكير ببناء الشوارع والمدن ،لان الانسان حين يتكامل بناءه(الداخلي) يستطيع الابداع والعمل الحقيقي الجاد بما يرضي الله والناس، وهذه مسؤولية الجميع وليست مقتصرة على فئة محددة ، او شريحة واحدة والدليل على ذلك التجربة اليابانية ،حين خرجت من الحرب العالمية الثانية وأقل ما يمكن أن توصف به بأنها دولة محطمة ، غير أن القادة اليابانيين شرعوا في وضع الخطط , والبرامج , والمسارات التي عليها سيسير الإنسان الياباني صوب النهوض من كبوته ، وكان من أبرز هذه المسارات التي عمد إليها القادة اليابانيون هو اللجوء إلى مسار التربية ، إذ يجمع المراقبون على أن سر نهضة الشعب الياباني - التي هي مضرب الأمثال اليوم - تعود إلى اعتناق القادة اليابانيين (التربية) وعدم إغفالها في إعادة بناء الإنسان الياباني وهذا اهم اسباب الازدهار والتقدم الذي وصلت اليه اليابان اليوم،عسى ان تنفعنا تجارب الاخرين ونستفيد منها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي


.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل




.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل


.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق




.. -غوغل مابس- قد يكون خطرا عليك.. الأمم المتحدة تحذر: عطل إعدا