الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيرة الرسالة: من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني ومن فان كوخ الى عواد ناصر! 4 من 7

جمعة الحلفي

2004 / 3 / 29
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


عندما وجد المئات من الكتاب والشعراء والفنانين العراقيين أنفسهم يجوبون عواصم ومنافي العالم، بعد اضطرارهم لترك وطنهم العراق، إثر اشتداد الهجمة القمعية منتصف ونهاية السبعينات، لم يجدوا سبيلاً، لاستعادة تواصلهم وتعويض انقطاعهم عن نشاطات وإبداعات بعضهم البعض، سوى الرسائل. وهكذا بدلاً عن تلك الجلسات واللقاءات الحميمة، التي كانت تجمعهم في حدائق اتحاد الأدباء وجمعية التشكيليين ومقاهي شارع الرشيد وكازينوهات أبو نواس، صارت الرسائل همزة الوصل شبه الوحيدة، تقرّب بينهم المسافات وتحمل همومهم وأخبارهم لبعضهم البعض. وشيئاً فشيئاً تراكم وتكرس ما يمكن تسميته بأدب الرسائل. فمع تطور الأحداث واتساع الهموم والمشاغل الحياتية والسياسية، اغتنت الرسائل المتبادلة بين الأدباء والمثقفين العراقيين، ولم تعد الرسالة التي تصل من بيروت إلى عدن أو من موسكو إلى دمشق أو من صوفيا إلى براغ، مجرد أداة لتبادل التحايا والمعلومات عن الأحوال الخاصة والشخصية، بل صارت واسطة للتواصل السياسي والثقافي، تنقل، عبرها ومن خلالها، وجهات النظر والأفكار والمشاريع ووقائع الحياة والنشاطات الثقافية في هذا البلد أو ذاك من بلدان الشتات، وحيثما تواجد المثقفون والكتاب فراداً أو جماعات. كما أصبحت الرسالة أشبه بجرائد صغيرة يقرأ فيها الكتاب والمثقفون العراقيون نتاجات بعضهم البعض قبل أن تنشر هذه النتاجات في الصحف والمجلات والدوريات العربية.
ولو أتيحت الفرصة اليوم لمؤرخ أو لمؤسسة ثقافية، جمع وأرشفة وتصنيف أطنان الرسائل، التي تبادلها عشرات ومئات من المثقفين والكتاب والفنانين العراقيين، الذين عاشوا في عواصم ومنافي العالم، خلال الربع قرن الماضي، لأمكن الحصول على وثيقة تاريخية مهمة في أبعادها الثقافية والسياسية، عن حياة المنفى وعن الأحداث والتطورات، التي شهدتها هذه الحقبة، وكذلك عن المصائر والأحوال والمخاضات الشخصية لتلك النخبة من مثقفي العراق في الخارج.

رسائل وفضائح!
منذ وقت مبكر، شاع، ما سمي فيما بعد، بأدب الرسائل. وقد اختص به الأدباء والمثقفون بالدرجة الأولى، وكذلك عشيقات، أو معشوقات البعض من هؤلاء، وهنَّ من الأديبات والكاتبات أيضاً. وقد نشر غير أديب عربي رسائله المتبادلة مع نظير له، كما فعل سميح القاسم ومحمود درويش، إذ أصدرا كتاباً ضم بين دفتيه رسائلهما الخاصة المتبادلة بينهما، حول شؤون الحياة والثقافة والشعر والشعراء وسوى ذلك من الاهتمامات المشتركة. كذلك نشر الكاتب المغربي محمد براده والروائي محمد شكري، الذي توفى مؤخراً، رسائلهما الخاصة في كتاب صدر منذ فترة قصيرة.
وقبل سنوات قليلة انشغلت الأوساط الثقافية والاجتماعية العربية برسائل الأديب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني لحبيبته، الروائية السورية غادة السمان، التي قامت بنشر هذه الرسائل في كتاب أثار الكثير من الضجة واللغط، إذ اعتبره البعض إساءة للأديب والمناضل الراحل كنفاني، فيما عده البعض الآخر بمنتهى الجرأة من جانب الكاتبة، خاصة وأن قصة الحب التي ربطت بينهما كانت قد انتهت إلى الفشل قبل استشهاده بسنوات، وتزوج كنفاني بعدها من امرأة دانمركية أسمها (آني) أنجبت له طفلين. وفي الذكرى 27 لاستشهاده كتبت آني مرثية لكنفاني هي أشبه برسالة حب متأخرة، تقول، في جزء منها: ( منذ اللحظة الأولى للقائنا، وثقت بك يا غسان. لقد كنت على الدوام كلي الصدق، حتى حين عرضت عليّ الزواج، فرشت أوراقك على الطاولة: لا وطن، لا مستقبل، لا مال، لا جواز سفر، ومرض مزمن ضار، ولم يشكل ذلك كله عندي أي عائق، فأنا أحببتك أنت يا غسان وأعجبت بك أنت وعلى الرغم من "الوعود" الكثيرة المخفقة، فقد أعطيتني ما يقرب من إحدى عشرة سنة هي أجمل ما في حياتي وأشدها أهمية، وهي سنوات سوف أعبُ منها العزيمة من أجل مواصلة السنوات الصعبة القادمة). وقبل غادة السمان بثلاثة عقود نشرت صاحبة الصالون الأدبي الشهير، مي زيادة، رسائلها الغرامية المتبادلة مع الشاعر اللبناني المعروف جبران خليل جبران، عندما كان يعيش في الولايات المتحدة الاميركية وهي تعيش في القاهرة. ويحكى عن رسائل غرام كثيرة كانت تصل مي زيادة من أدباء مصر الكبار في ذلك الوقت، مثل عباس العقاد، لكنها لم تنشر.
وكما للأدباء والعشاق والعشيقات رسائلهم، التي نشروها في كتب، كانت للسياسيين والمفكرين مثل هذه الرسائل، ومن أشهرها، على الصعيد العالمي، رسائل ماركس وانجلز. وهي بالطبع، رسائل تتعلق بالفلسفة والاقتصاد والتاريخ. وكذلك هناك رسائل ماركس نفسه لزوجته. وفي واحدة من تلك الرسائل يشكو هذا المفكر العبقري، لزوجته، من وضعه المادي المتردي ومن شظف العيش، الذي كان يعانيه وهو في منفاه بلندن.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قتلة مخدّرون أم حراس للعدالة؟.. الحشاشين وأسرار أول تنظيم لل


.. وكالة رويترز: قطر تدرس مستقبل المكتب السياسي لحركة حماس في أ




.. أوكرانيا تستهدف القرم.. كيف غيّرت الصواريخ معادلة الحرب؟| #ا


.. وصول وفدين من حماس وقطر إلى القاهرة سعيا لاستكمال المفاوضات




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - وفد من حماس يصل إلى القاهرة لاستكم