الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة .. وتعدي 1-2

إكرام يوسف

2009 / 2 / 28
حقوق الانسان


بعد ثلاثة أعوام من البحث عن فرصة عمل باتت أبعد منالا من الجوزاء، ومحاولات مضنية لاكتساب مهارات جديدة، والحصول على دورات تأهيلية وتعليمية كلفت الأسرة ما ينوء بعبئه أولي العزم، عثر الشاب أخيرا على وظيفة..غمرت الفرحة الأهل والأصحاب، وكنت بالطبع أول الفرحين؛ على الأقل سأتخلص من عبء التعامل مع حالات التوتر والاكتئاب التي طالت سنوات، وأرهقت المحيطين به عصبيا وصحيا.. استبشرت الفتاة التي أحبها خيرا وباتت تحلم بعرس قريب، خاصة وأنها عثرت بدورها على وظيفة.. بدأ الاثنان يرتبان لما يمكن تدبيره من متطلبات البيت الصغير الذي حلما به.. مرت ثلاثة شهور كالحلم، وفجأة عاد للبيت وعلى محياه سمات لم أكن قد نسيتها بعد، نفس سمات الكآبة والإحباط .. هي الأزمة المالية العالمية، إذا، نالتنا بركاتها! وطالت مخالبها صاحب المحطة التليفزيونية الجديدة التي عمل بها ابني مهندسا للصوت، فاضطرته لتسريح اغلب العاملين بها، قبل أن يفكر في إغلاقها تماما.. ولم تمر أيام إلا وخطيبته تواجه نفس المصير.. هاتفت صديقا له، أطلب منه أن يحاول إخراجه من أحزانه، فضحك ضحكة مجلجلة وقال: الحال من بعضه، أنا أيضا في طريقي لفقدان عملي! .. أيام قليلة بعدها، وجاءني صوت صديق عبر التليفون من بلاد المهجر: أصل إلى القاهرة قريبا لأحاول البحث عن عمل بعدما تم تسريحي من شركة البترول العملاقة التي كنت أعمل بها. وعبر المسنجر أبلغني صديق يعمل في الخليج أن معظم المصريين يفكرون جيدا في العودة، بعضهم زادت عليه تكاليف المعيشة والبعض الآخر فصل من عمله، بعدما خسر أصحاب الأعمال ثروات ضخمة إما بسبب انهيار أسواق الأسهم العالمية أو تراجع أسعار البترول، فلم يجدوا أمامهم سوى تسريح العاملين لترشيد الإنفاق.
يا الله! منذ سنوات، بحت وأصوات العديد من المخلصين محذرة من يوم تعود فيه الطيور المهاجرة إلى حضن الوطن الذي لم يعد "وسيعا" مثلما وصفته قصيدة نجم! بعدما خنقه نظام تنافست حكوماته في ابتكار وسائل إفقار المصريين وإذلالهم، حتى فضل العديد منهم ـ وهم من كان يضرب بهم المثل في الالتصاق بالأرض ـ الرحيل بعيدا، بعضهم إلى بلاد الآخرين، وبعضهم اختار الرحيل من الحياة بالمرة؛ فانتحر يأسا. ولم يجد آخرون وسيلة للمواجهة قسوة العيش إلا عبر بيع ممتلكاته التي لا تتجاوز أعضاء جسده!
فماذا سيفعل حكامنا الآن وسط أزمة أربكت الأوضاع في العالم، ربما تدفع الكثيرين للعودة ليتنافسوا مع اخوتهم في الداخل على لقمة عيش شحيحةا؟ وأين هي فرص العيش الكريم المتاحة حتى يفيض منها ما ينفع القادمين في ظل حكومة تتباهى بتوفير فرص الاستثمار للأغنياء والأجانب، بينما نفضت يديها تماما من رعاية المحرومين؟ ولكنها تجد الجرأة لتدعي دون خجل أن الغرف من موارد البلاد بلا ضابط، وتقديم التسهيلات من دم الناس، وتيسير سبل الفساد والإفساد، سوف يوفر فرص العمل للفقراء! في حين أن الثابت أمامنا بمرور السنوات أن هذه التسهيلات المفرطة لم تثمر اقتصادا محترما يعتمد على صناعات منتجة تقيم أود البلاد وتحمي سيادتها، وإنما شركات همها الربح السريع، ويتربح أصحابها من نشر ثقافة الاستهلاك حتى بين من غير القادرين، فكانت النتيجة سيادة أنماط سلوك الخطف العشوائية، بكل ما تحمله من زيف وادعاء وانحطاط وفساد المترفين، الذين صارت رغباتهم وملذاتهم تزهق في سبيلها الأرواح كما ظهر في حوادث صارت تشكل ظاهرة. ولم يسفر تدليل الأثرياء عن خلق فرص عمل كما يدعون؛ فقلة المعروض من هذه الفرص مع زيادة العطشى للوظيفة دفعت أصحاب العمل للمزيد من التوحش وإذلال الراغبين في لقمة عيش شريفة، فتراجع حق العاملين في تحديد ساعات العمل وأصبحنا نرى وظائف يعمل فيها أبناؤنا عشر ساعات سبعة أيام أسبوعيا بلا راحة، وأصبح من حق أصحاب العمل الاستغناء عن العاملين حسب مزاجهم. بل أن صاحب العمل الذي يدير أكثر من نشاط لم يعد يجد صعوبة في أن يكلف العامل في أحد هذه الأنشطة بأعمال تخص نشاطا آخر دون أجر (حكت لي صديقة عن صاحب مدرسة في بلد شقيق كان يجبر المدرسين على العمل بعد ساعات الدراسة في فندق يملكه دون أجر إضافي، ولم أندهش، فقد شهدت وقائع مشابهة عندنا).
..وللحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رعب أكبر من هذا سوف يجيء
النيل - حابي ( 2009 / 2 / 27 - 21:03 )
آاااااااه
كل هذا الوجع بقلب وبكبد الشعب
وللحرية الحمراء باب .. نعم نعم
لم يعد سوي ذلك
لم يتركوا للناس سوي دق باب الحرية بكل يد مضرجة
وجع ساعة ولا وجع كل ساعة وطوال 57 سنة
وكحل ابتدائي : لابد من انتزاع حق الحصول علي تعويض بطالة . انتزاعا .
بعد النكسة . قال الشاعر صلاح عبد الصبور في مسرحيته الشعرية :
رعب اكبر من ها سوف يجيء.-
انفجروا أو موتوا -


2 - المصاب واحد ..؟
الحارث السوري ( 2009 / 2 / 28 - 15:04 )
لقد حققت الأنظمة الديكتاتورية الفاشية الوحدة العربية بنجاح , وحدة الإستبداد والنهب بحماية القانون وإلغاء العقل وتسييد الخرافة والتجويع , ومصادرة الحريات العامة وتوحيد الفساد والقمع والإستخذاء والذل أمام عتبات أمريكا وإسرائيل ... تلك هي وحدة الأنظمة الفاشية في سورية ومصر وغيرها ضد الإنسان وبقايا وطن التحية وكل الود للأخت إكرام ...؟

اخر الافلام

.. دوجاريك: القيود المفروضة على الوصول لا تزال تعرقل عمليات الإ


.. الأونروا تقول إن خان يونس أصبحت مدينة أشباح وإن سكانها لا يج




.. شبح المجاعة في غزة


.. تشييد مراكز احتجاز المهاجرين في ألبانيا على وشك الانتهاء كجز




.. الأونروا: أكثر من 625 ألف طفل في غزة حرموا من التعليم بسبب ا