الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ليس له دراسة حول قضية ما فليصمت حتى لا يقع في أخطاء بائسة بخصوصها ، ردا على فؤاد النمري

شهاب المغربي

2009 / 2 / 28
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


ورد في الحوار المتمدن بتاريخ 26 فيفري / شباط الحالي نص لصاحبه فؤاد النمري بعنوان : تراث ماوتسي تونغ و قد استهله بقوله " هاأنذا، وعلى كره مني، أصدع لإلحاح قرائي علي في أن أكتب عما أضافه ماوتسي تونغ إلى علوم الماركسية، أو الأدق إلى سبل العبور الاشتراكي إلى الشيوعية . أقول على كره مني وذلك لأنني لم أدرس عن كثب التجربة الصينية "
و من يقرأ المقال يلاحظ انه يخلو من مناقشة " تراث " ماو ، فقد حصر كاتبه المسالة في تصور ماو للعبور إلى الاشتراكية ، أي انه رأى شجرة فاعتقد انه رأى الغابة كاملة ، لقد وقف عند مسالة جزئية فأهمل ما هو عام بل انه حتى عند الحديث عن الجزئي و الفرعي لم يقدم حججا و إنما كلمات لا تسمن و لا تغني من جوع ، و مساهمات ماو أوسع من ذلك بكثير ، و لكن النمري غير مطلع عليها ، و هو نفسه يعترف بذلك فهو يقر بجهله للتجربة الصينية ، كما انه لا يعرف بالتأكيد نصوص ماو حول بناء الاشتراكية التي نجدها في المرجع التالي على سبيل المثال : Mao tsé toung et la construction du socialisme / Textes inédits traduits et présentés par Hua Chi hsi .ed seuil.paris .1975
و من هو في وضعه كان عليه التريث و القيام بالدراسة ثم بعد ذلك الكلام ما شاء له أن يتكلم ، و هناك قول كان يردده ماو كثيرا وهو : من لا يمتلك دراسة حول أمر ما فالأفضل له أن يصمت ، و بالفعل كان على فؤاد النمري ان يصمت عوض كتابة مقال لا يتضمن و لو إحالة مرجعية واحدة تبين انه يحترم قراءه و يقدم لهم أفكارا مبرهنا عليها لا مجرد تداعي خواطر.
.
ما كتبه النمري في هذا المقال ينتمي إلى ذلك الصنف من الكتابات المتسرعة التي يتصور أصحابها أنهم قادرون على البت في معضلات كبيرة و إشكاليات عويصة ، بمجرد إصدار أحكام جاهزة ، و لو تروى صاحبنا قليلا و قرأ ليس فقط مؤلفات ماو و تاريخ الثورة الصينية ، وإنما اطلع أيضا على ما جاء في أبحاث مفكرين مختصين مثل شرام و بوب افاكيان و سمير أمين و شارل بتلهايم و ادغار سنو ... ربما لشعر بالخجل قبل أن يكتب إن ماو كان فاشلا و انه لا حاجة اليوم للينين و لا لستالين و إنما لماركس و ماركس فقط ، و إذا استمر النمري في مثل هذه المطارحات التصفوية التي لا تستند إلى منهج علمي في الدراسة فانه سينتهي إلى إعلان انتهاء الماركسية نفسها ، بحجة أن العالم قد تغير ، و هي حجة ظل التحريفيون يرددونها طوال عقود .


لا أعرف حقا ما إذا كانت هناك حاجة لمناقشة كتابات النمري ، إذ من اليسير كشف الغطاء عنها باعتبارها كتابات مليئة بالأحكام المتسرعة الخاطئة ، و قد اكتسب صاحبها بعض الاحترام لدفاعه عن ستالين و لكن ذلك الاحترام ربما جعله يتصور انه صاحب كفاءة نظرية فراح يخبط خبط عشواء عند تحليله لقضايا تفوق قدراته الذهنية ، و من هنا فان تطاوله على عظام مثل ماوتسي ليس مستغربا.
يتحدث النمري عن الماركسية كما لو كان يتحدث عن دين ، لذلك لا يجد غضاضة في الإشارة إلى " كمال الماركسية " ، و لكنه يفعل ذلك لكي يدق إسفينا بين ماركس و لينين و ماركس و ستالين و ماركس و ماو . لقد تحولت
الاشتراكية على يد ماركس و انجلس من طوباوية الى علم ، ومن حيث هي كذلك فإنها لا تكتمل أبدا فالعلم مفتوح أمام الإثراء الدائم بعكس الأديان و الأساطير و ما شابهها ، التي تدعي الاكتمال و الصلاحية لكل مكان و زمان .
و قد أكد انجلس على هذا الذي نقوله في كتابه الاشتراكية العلمية و الاشتراكية الطوباوية كما في كتابه ضد دوهرينغ ، فالاشتراكية العلمية يجب أن تطور نفسها باستمرار على ضوء تطور المعارف العلمية المختلفة ، و قد أدى كل من لينين و ستالين و ماو بوجه خاص هذا الدور باقتدار ،و اللافت ان النمري يقدم نفسه على انه معاد للدغمائية بينما هو بمثل هذه الأحكام يقبع بين أسوارها .

يردد النمري معزوفة تحريفية مشهورة كان لينين نفسه قد أشار إليها ، و مطلعها أن العصر قد تغير و أن الامبريالية لم تعد موجودة و المراكز الامبريالية تبخرت دون رجعة ، هذا ما ردده كاوتسكي على سبيل الذكر و رد عليه لينين مثبتا أن العصر هو عصر الامبريالية و الثورة الاشتراكية ) لينين الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية / لينين الثورة البروليتارية و المرتد كاوتسكي (
انتهت اللينينية ، انتهت اللينينية !!!!!!، هكذا يعلو الصراخ التصفوي على لسان النمري ، المراكز الرأسمالية و أطرافها لم يعد لها وجود و الحديث عن كهربة و تصنيع هذا البلد أو ذاك أصبح من الماضي !!!، أين يعيش النمري يا ترى ؟ لا اعرف بالضبط ،،، و لكني أرجح انه يعيش في إحدى العواصم الغربية فنسي معاناة الريف في المستعمرات و أشباهها حيث لا كهرباء و لا ماء و لا بنية تحتية ، نسي مدن الصفيح في تلك البلدان حيث لا صناعة وطنية ثقيلة و إنما صناعات تعليب الحليب و مشتقاته و ما شابه ذلك، أعمت العولمة و شعاراتها الزائفة النمري فتصور أننا في عصر جديد تماما فصاح وداعا لينين ، وداعا ستالين ،وداعا ماو!!!! ولو أكمل الصياح و وصل به إلى نهاياته المنطقية لهلل مرحى فوكوياما مرحى هنتنغتون .

من الواضع لأي مطلع على تاريخ الصين المعاصر أن النمري جاهل بذلك التاريخ جهلا مفجعا فقد كتب يقول مثلا "في العام 68 عاد كل من (دنغ هساو بنغ) و (ليو تشاو تشي) إلى القيادة"، و الحال ان ليوشاوشي كان خلال هذا العام في السجن وقد توفي فيه بعد عام أي سنة 1969، أما دنغ فلم يعد إلى السلطة إلا سنة 1974 في ظل انتصار الخط اليميني التحريفي. أما بخصوص نظرية العوالم الثلاث فانه يجهلها تاريخا و محتوى ، و يكفي أن نطالبه بالبرهنة على نسبتها إلى ماو ، و ان يبرهن أيضا على أن أنور خوجا قد أخذ بها لكى نكتشف عجزه ، علما أن صاحب النظرية الحقيقي هو دنغ سياو بنغ و قد قرأها بصوته في خطاب شهير على منبر الأمم المتحدة ، و علما أيضا ان خوجا الذي انحرف في اتجاه الترتسكية كان اكبر منتقديها Enver Hoxha . Réflexions sur la chine .Tirana 1979، أتحدث هنا عن بعض أخطاء النمري و ليس كلها بسبب أن الرجل قال انه لولا هذه النظرية الملعونة ما كان لينقد ماوتسيتونغ .

انه لا يعرف حتى متى ظهرت نظرية العوالم الثلاث فبينما ظهرت هذه النظرية في النصف الأول من السبعينات و صاحبها هو دنغ سياو بنغ يزعم النمري أنها ظهرت سنة 1965 و ينسبها إلى ماو! و بينما تضع هذه النظرية بريطانيا و فرنسا في العالم الثاني يزعم النمري انها تضعهما في العالم الأول باعتبارهما قوتان نوويتان ، و يزعم انها صنفت الاتحاد السوفيتي الكروتشوفي البريجنيفي كدولة امبريالية و الحال ان هذا التصنيف أقدم من تلك النظرية و يستغرب هذا التصنيف معتبرا أن نمط الإنتاج في الاتحاد السوفياتي خلال الستينات كان اشتراكيا !!!مما يعني انه لا يعرف أصلا عما يتحدث ، لأجل هذا نطالبه بالتفرغ للدراسة و التحري مستقبلا حتى لا يلحق الضرر بقضية كثيرا ما يردد انه حريص عليها و نعني الشيوعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية وشكر
مريم نجمه ( 2009 / 2 / 27 - 20:12 )
الكاتب المحترم شهاب
لقد أحسنت رداً علمياً وماركسياً , وأدبياً . هذه القضايا الفكرية الكبرى والتجارب الرائدة , معيب عليناأن نتنطح للكتابةعنها و عن الفكر والنظريات الإشتراكية بهذه السهولة والسطحية والإستخفاف بالتاريخ والوقائع والأحداث وعقول ملايين البشر .. فنحن مسؤلون أمام أجيال , كل كلمة نقولها وفكرة نزرعها أو نروجها ....العالم أصبح مكتبة مفتوحة أمام جميع التجارب والعلوم والأفكار والثورات..... سلمت يداك ..
محبة


2 - الجنازة حامية والميت ....
محمد عبد القادر الفار ( 2009 / 2 / 27 - 23:09 )
شكراً على الرد المفحم ولكن :

من يأبه لخلافك مع فؤاد النمري حول فشل أو نجاح تجاربه ،،خاصة وأن الآخر معجب بستالين صاحب الغولاغ..

أتراهم الضحايا البسطاء لتجارب ماو النرجسية مثل مشروع القفزة خطوة للأمام والتي دفع ثمنها ملايين البسطاء جوعاً ودماء

أم تراهم ضحايا ثورته الثقافية الدموية ...

أم تراهم الجيل الجديد الذي يريد طوي صفحة المجرمين والمستبدين و عتاة الدكتاتورية والموغلين في دماء البشر

من؟؟


3 - طلب
zaher ( 2009 / 2 / 27 - 23:14 )
يطرح النمري قضية هامة في جوهر مايطرح وهي مسألة إنتهاء الطبقة الرأسمالية في المراكز وصعود الطبقة الوسطى وحبذا أن نقرأ المزيد عن هذا الطرح من حضرتكم وشكراً


4 - من باب الفضول
محمد عبد القادر الفار ( 2009 / 2 / 28 - 01:07 )
كان لدي تعليق على الموضوع ويبدو أنه حذف ولم ينشر

من باب الفضول أحب أن أسأل هل حذفه الأخ شهاب المغربي أم الحوار المتمدن


5 - امتنان و شكر
شهاب المغربي ( 2009 / 2 / 28 - 14:01 )
شكرا لفؤاد النمري فقد اتاح لنا ابداء عدد من الملاحظات حول قضية هامة ، شكرا لمريم على لطفها و نتمنى ان يرتقي الجميع الى المسؤولية التي اشارت اليها ، شكرا لزاهر و اتمنى ان أجد الوقت لتلبية ما طلب فما اعرفه ان الراسمال يتكدس في يد حفنة من البرجوازيين في كل بلد و على مستوى العالم ايضا ، شكرا للفارالذي اطمئنه انني و لا الحوار المتمدن على ما اعتقد قد حذفنا ملاحظاته التي اعتدنا سماعها من اعداء الشيوعية


6 - شكرا
محمد عبد القادر الفار ( 2009 / 2 / 28 - 15:47 )
عزيزي الأستاذ شهاب

أولاً أعتذر على تعجلي باستنتاج حذف التعليق كونه تأخر ساعات قبل نشره

وما أعرفه هو أن الحوار المتمدن يبدي مرونة كبيرة مع التعليقات وكانت الرغبة في الحوار هي السبب في إتاحة المجال للتعليقات أصلا ،، وكذلك أتوقع أنك أيضاً منفتح على الآراء المخالفة

ولكن يهمني هنا أن أنفي -لا عن نفسي ولكن عن الطرح الذي جئت به- صفة معاداة الشيوعية

فهي ليست معاداة للشيوعية

وانا ايضاً شيوعي

ولكنني أنظر إلى الفكر الماركسي كفكر مرن يتطور بتطور المعارف والعلوم كما قال انجلس وتفضلت أنت بالإشارة إليه

ولا ارى ان نقف عند تجارب أثبتت فشلها وحصدت من دماء الشعوب حصة وافرة فقط في محاولات نرجسية من قبل الحكام لإثبات وجهات نظرهم وفرضها بالقوة

ذلك ليس تبسيطا مني أو سطحية بل إخلاص للحقيقة المباشرة التي تنص على أن التغيير الحقيقي لا يكون فوقياً نخبوياً طليعياً ولا سلطوياً بل يكون شعبياً ... بأيدي الناس العاديين أنفسهم


7 - لتسقط الطبقة الوسطى
سعيد ( 2009 / 2 / 28 - 17:03 )
لن أناقشك هنا لمن هي نظرية العوالم الثلاثة رغم ان المبتدئين الماويين قليلي الاطلاع و التجربة ينسبونها الى ماو؟؟, ولكن لأطروحة جوهرية في ما يطرحه الرفيق النمري , و هي أننا نعيش مرحلة ليست بالامبريالية مند إعلان رامبوي سنة 1975 لأسباب واضحة منها:
فما ميز الامبريالية كمرحلة عليا للرأسمالية غير قائم الآن نذكر الأهم : انكماش الإنتاج الرأسمالي في المراكز حيث لا يتعدى بدلك بالمائة18 من مجموع الإنتاج الوطني في أمريكا معقل الامبريالية كما تزعمون, عجز في ميزان الاداءات ,
المديونية و تصفية الاستعمار....فأين الامبريالية كما شرحهاالرفيق الرفيق لينين هدا اضافة الى مجموعة من الموضوعات النضرية الاخرى والهامة جدا؟؟؟ التى تطرق لها الرفيق النمرى في مقالاته وكتبه عتى الحوار المتمدن ....فبعيدا عن الزعيق والدفاع عن تجربة انمحت عن اخرها......نورنا مادا تقول بخصوص الموضوعات التى طرحها النمرى في شموليتها بعيدا عن الانتقاء...هدا من جهة.. من هدا كله.
فان كانت هده معزوفة الرفيق النمري تحريفية كما وصفتها فإننا ننتظر ردا ماركسيا على ما طرحه الرفيق الماركسي النمري.
فما تعرفه عن تكدس الرأسمال في يد حفنة من البرجوازيين فلا يمت بصلة للفكر الماركسي, فبالأحرى أن تطلع على كتاب الرفيق النمري -جديد الاقتص


8 - لا للزعيق يا شهاب المغربي؟؟؟؟
عبد الرحمان ( 2009 / 2 / 28 - 18:53 )
عودتنا الخطوط الماوية وخصوصا المبتدئين و قليلي التجربة من مناضليها , عندما يتعلق الامر بتناول الاخطاء القاتلة لماو والتجربة الماوية....’قلت عودتنا على الزعيق والعجز الكلي عن صياغة و لو موضوعة واحدة صحيحة ...بل فقط الاعتماد على ما يطرحه الاخرون ..هدا من جهة ..اما من جهة اخرى قد تستغرب وانت تتابع مقالات الماويين المبتدئين وحتى المتمرسين منهم على شبكة الانترنيت وقد لا تعرف الدوافع الكامنة وراء زعيقهم وضجيجهم المبالغ فيه فى الدفاع على تجارب فاشلة فى الزمان والمكان ....التجربة الصينية ,تجربة الى الامام فى المغرب.., الخمير الحمر........يختبؤون وراء هده التجارب التى انمحت عن اخرها ويعفون انفسهم من االاسئلة الحارقة التى يواجههم بها الواقع العنيد ........لقد تقدم النمري وله كامل الحق فى دلك بمجموعة من الموضوعات النظريةالجديدة او سميها كما تشاء ..الطبقةالوسطى...’المرحلة ليست بالامبريالية.........الخ ’والرد عليه ياشهاب ليس بالزعيق الفارغ...انه تحريفي؟؟؟مادا تقصدون بالتحريفية والتحريفيين؟؟؟..... بل لمادا لم تستفزكم مقالات وكتب النمري السابقة... لسبب بسيط انه لم يسبق له_على حد ما قرأت للنمري_ ان تناول بالنقد ماويتكم وما تسمونه الثورة الصينية؟؟؟؟ فكل من يتناول بالنقد هدة التجربة من قريب

اخر الافلام

.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب


.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال




.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني




.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ