الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شريف الشافعي في تجربة جديدة

عادل بدر

2009 / 3 / 2
الادب والفن



تجربة لاصطياد كائن منقرض
في إصدار متميز صدرت الأعمال الكاملة لإنسان آلي للشاعر شريف الشافعي (البحث عن نيرمانا بأصابع ذكية)يوليو 2008 وهو الجزء الأول من مشروع كبير اختار له الشاعر عنوان "الأعمال الكاملة لإنسان آلي"، حيث يتحدث "الروبوت" على صفحاته بلسان الأرقام، "الصِّفْر" و"الواحد" على وجه الخصوص، لغة الآلة، لغة المبدع، المتمرد على قوانين قطيع الروبوتات/البشر، الطامح إلى قلب المفاهيم، وإحداث ثورة، على مستوى الاكتشاف والمنطق والكتابة على أقل تقدير وهي تشتمل على 200 محاولة عنكبوتية لاصطياد كائن منقرض ، وهي أعمال لها السبق في هذا المجال فهي تمثل محاولا ت لإنسان مستلب أمام الشبكة العنكبوتية ، وهذا الإنسان الآلي يبحث عن ذاته المنقرضة، وعن نيرمانا ذات الأسماء المتعددة، وقد صدر هذا الديوان على نفقة الشاعر الخاصة، في 230 صفحة من القطع الكبير، وبإخراج ميكانيكي الطابع، يتسع لأصابع "الروبوت" الذكية، ولعلامات ورموز شبكة الإنترنت العنكبوتية، وهذا ما يبدو متسقًا مع مضمون التجربة، التي كتبها "الإنسان الآلي"، المبدع، المتمرد على سائر القيود، والقوانين الهندسية والرياضية ، وقد جاء هذا النص -الديوان بعد "بينهما يصدأ الوقت" الصادر عام 1994 فى إطار سلسلة إيقاعات الإبداعى، و"وحده يستمع إلى كونشرتو الكيمياء" الصادر عام 1996 عن الهيئة العامة لقصور الثقافة و"الألوان ترتعد بشراهة" الصادر عام 1999 عن مركز الحضارة العربية فى صيغته الكاملة (1035ص) وعن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة فى شكل مختارات فى السنة ذاتها
وبدءا من العنوان الذي هو تيمة هذا الخطاب ،أي نقطة بدايته ، وقد نُظم بطريقة تجعله متمركزا حول بؤرة واحدة ذاك الإنسان الباحث عن نيرمانا أو نيرما أو تيتا أو نيرمالا أو نيرفانا أو غيرها من مراحل السمو الذي يسعى إليها هذا المستلب ، وهذا العنوان قد يكون ملخصا لموضوع الخطاب في رؤية لموضوع الأعمال الشعرية لإنسان آلي ، وفي رؤية أخرى أحد التعبيرات الممكنة عن موضوع الخطاب، وهو وسيلة خاصة وقوية للتغريض ، فهو يثير توقعات قوية حول ما يمكن أن يكونه موضوع الخطاب 0
والغلاف يثير تساؤلات كثيرة ، ويختصر ما ينم عنه النص الشعري ،فالتركيز يبدو أكبرعلى الصورة المعبرة، هذه الأصابع الذكية تأخذ القسم الأكبر من صفحة الغلاف وهو من نتاج باترك طربيه فصورة اليد "بشرية" اصطناعية تبدو بشرية لكن أوردتها وشرايينها وأعصابها وشروشها.. تتألف من أسلاك معدنية عديدة وأصابعها السوداء ترفع بالابهام والسبابة والوسطى كرة ملونة متوهجة هي الكرة الارضية. وفي أسفل الغُلاف صورة مأخوذة عن صفحة البحث في "ياهو" وقد جاء الجواب عن البحث المتقدم كما يلي "نتائج البحث.. لم نجد اي نتائج (لتعبير) نيرمانا
ومنذ الإهداء (إلى الهواء الفاسد،الذي أجبرني على فتح النافذة ص3)ندخل هذا العالم المليء بالطقوس ، والتفاصيل البسيطة؛ مما يحرك سردية هذا النص
وهنا أطرح سؤالا: ما مدى انسجام هذا النص؟
بدءا ليس هناك نص منسجم في ذاته، ونص غير منسجم في ذاته باستقلال عن القاريء-المتلقي ،بل إن المتلقي هو الذي يحكم على نص بأنه منسجم ، وعلى آخر بأنه غير منسجم ،ويستمد الخطاب هذا الانسجام من فهم وتأويل المتلقي، وكل نص قابل للفهم والتأويل هو نص منسجم ، والعكس صحيح
وإذا لاحظنا أعمال الإنسان الآلي للشافعي ، نجدها تتجاذب من عدة نقاط:
1- طغيان السرد على هذه النصوص ، وهي ظاهرة تستحق التأمل ،فهناك جمل سردية تأخذ شاعريتها من التشكيل الجديد لها، أو من طريقة استخدامها في السياق(المغنطيس الأحمق ، الذي يصر على أنني برادة حديد ، لن يفوز أبدا بنخالتي الذهبية ص71)
2- حشد التفاصيل دون حذلقة ،فهو يدخل النص من زاوية السرد السينمائي المتدفق (تتسربين أيضا بسهولة في مسامٍّ جلدي المتشقق ، تتشربك ذراتي المترابطة، المتعطشة إلى التحلل، في الجير الحيّ ص7) واللجوء إلى هذه اللغة تمزج الذات بالآخر نيرمانا وغيرها من الأسماء ،وهذا الاهتمام بالتفاصيل اليومية ، هو نوع من التخلص من اللغة النبوية الفخمة، فالشاعرية تنبع من السياق(خطيءة نيرمانا الكبرى ، أنها ترى خطيئتي بوضوح ، وخطيئتي الكبرى ، أنني لا أرى لديها أية خطيئة ص103)
3- هذه النصوص يُقرأ كل منها على أنه لقطة سينمائية؛بحيث تعطي كلَّا لرؤية الإنسان الآلي، فسرد الحالة هنا مركز النص، ففي النص الأول يبدو البحث عن الدهشة،فرغم البراعة في قيادة السيارة،نجد الدهشة فشله في اختبار القيادة خارج الوطن(المفاجأة التي عانقتني ، أنني فشلت في اختبار القيادة ، الذي خضعت له خارج الوطن ص5)
وهنا ننبه إلى(النص –اللقطة)وهو نص مشهدي دائري يستخدم لغة أقرب إلى السيناريو السينمائي بالأفعال المضارعة( في الدورة الأوليمبية المقبلة-ربما أحصل على ميدالية ذهبية-في لعبة الحب-أمر غير طيب حقا-أن أقف مبتسما على منصة التتويج الثلاثية-بين فهدين آخرين-أعرف أنهما تمكّنا من احتضانها بعدي ص130)وهو سيناريو دخل الذات الشعرية
سرد العالم الجواني،الباحث عن بلاغات جديدة(رغم عدم حصولي على الرخصة ، شعرت بسعادة لا توصف ، لأنني تمرّنت على قيادة ذاتي ، في المشاوير الاستثنائية ص5) فالنص يتخلص من البلاغة التقليدية فالإنسان الآلي لم يعد يناسبه ذلك الأسلوب البديعي المزخرف فما يناسبه تكسير هذه البلاغة وهذا يناسب التجربة

4- صوفية بعض النصوص ؛ من أجل الابتعاد عن حركة الحياة الطبيعية ، وكأنها شهادة مرور إلى الآخر ، عن طريق الغيبيات (سألتها : "من أنتِ؟" قالت:"أنا أنا" سألتني: "من أنتَ؟" قلتُ: "أنا أنتِ" ص6)وهذا يذكرنا بقول الحلاج(أنا من أهوى ومن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنا)
5- (النص-التوقيعة)الذي يميل إلى الإدهاش البصري أو اللغوي(وهل حقا كلامي-عديم اللون والطعم والرائحة ص107)(سألتها عن رأس مالها –قالت:مالي ليس له رأس ص170)
6- النص الذي يحمل الحكمة والخلاصة للتجربة البشرية فيما يسمى(اللافتة الشعرية) وهو سطر شعري يحمل عصارة تجربة ، (قلتُ له بحماس :-أعطِ كل واحد من الشعب (بالمجان)هذا الرغيف الشهيّ الطريّ-القابل للتجدد دائما ص160) وقد يحمل فكرة فلسفية شعرية(نون أغرتني بالتعاون معها-لإنشاء نونا محدودة المسئولية-قلتُ لها: أنا أكبر من أن أكون ألفا زائدة- في نهاية اسمك التجاريّ ص161)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطفل اللى مواليد التسعينات عمرهم ما ينسوه كواليس تمثيل شخ


.. صابر الرباعي يكشف كواليس ألبومه الجديد ورؤيته لسوق الغناء ال




.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس


.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-




.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت