الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي مستقبل ينتظر العرب؟

خالص جلبي

2004 / 3 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


(136)
مع فوضى العراق ودفع الجزية لأمريكا في ليبيا وارتعاش الأنظمة الثورية هلعاً ومراجعة المناهج الدينية وسلطنة قرضاي المهزوزة في عرش كابول والأجهزة الأمنية التسعة عشر في دولة فلسطين المستقبلية كلها توحي باتجاهين: نمو الأصولية الراديكالية والاقتراب من دخول العصور المظلمة العربية كما خاضتها أوربا بعد سقوط روما بيد البرابرة. والسؤال ليس عن العراق لوحده بعد أن أصبح وضعه كالأيتام في مأدبة اللئام. ولكن السؤال عن مصير المنطقة كلها بعد أن دخل على غابة العرب الديناصور الأمريكي. وبداية الحريق في غابة العرب الجافة في صيف قائظ مجنون. وفي يوم 19 أوجست 2003م حصل تفجيران في يوم واحد الأول في بغداد هبطت على أثره بناية الأمم المتحدة وتحتها ديميلو أعلى رأس دبلوماسي وتفجير (انتحاري ـ استشهادي) في القدس أودى بحياة عشرين شخصاً وجرح مائة ومنهم عدد من الأطفال ووظفت إسرائيل الحادث كعادتها ضد الفلسطينيين. العرب كما نرى يعيشون ليس عام 2003 ميلادي بل عام 1424 ميلادي وهو يعني بالنسبة لأوربا فترة ما قبل الإصلاح الديني. وظروفنا أشبه بأوربا قبل الثورة الفرنسية والمنطقة مرشحة لكل شيء. فإذا انفجرت حرب أهلية في العراق فمات مليون فهو أمر عادي. وإذا انفجرت حرب مدمرة في بلد ثوري آخر وذبح الناس بعضهم بعضا فمات مليون أو اثنين كما حصل في راوندا بين التوتسي والهوتو فهو أمر أقل من عادي لأنها أقطار مشبعة بالكراهية غارقة بالأحقاد والدم. كما نهى صلاح الدين أولاده عند الموت عن ذلك فقال لهم إياكم والدماء فإن الدماء لا تنام؟ فكل شيء ركب في هذه الدول الممسوخة غلط فوق الغلط. وحسب تحليل الصحفي أوري افنيري الإسرائيلي السلامي فإنه توقع سقوط بغداد قبل سقوطها. ولكن الأفظع لتوقعاته أن تخرج أمريكا وتظهر دول أصولية متطرفة تحيط إسرائيل إحاطة السوار بالمعصم على حد قوله. كما حصل في العصور الوسطى أيام صلاح الدين الأيوبي. ولكن المشكلة اليوم أن الوضع الحضاري أيام صلاح الدين كانت في صالح المسلمين ضد البرابرة الفرنجة المتخلفين القذرين الذي لم يكن أحدهم يحسن تنظيف دبره ولكن الآية انقلبت اليوم. وحسب توينبي المؤرخ البريطاني فإن حواف الاحتكاك بين البرابرة والحضارة كانت دوما لحساب البرابرة. هكذا حكم قوبلاي خان المغولي الهمجي حضارة الصين وأتيلا أوربا والعثمانيون عندما دمروا القسطنطينية بعد عمر ناهز ألف سنة ففر علماؤها إلى أوربا فدبت في أوربا الحياة ودخلت السلطنة العثمانية إلى المقبرة فلم يحكم في الغالب سوى مجنون وسكير وطفل ورقيع وزير نساء أو الذي سلط الجواسيس على رقاب الناس. مع ذلك فكل مساوئها ليست بقدر كوارثنا. وذرية بعضها من بعض والله سميع عليم. واليوم ينجح العرب في شيء واحد هو التدمير. هكذا سوف تدمر إسرائيل ربما في ثلاثين عاماً أو نصف قرن على يد الفلسطينيين ولكن زوال إسرائيل سوف يظهر للعرب أن مشكلتهم فيهم ودود الخل منه وفيه. وسيدخل العرب العصور الوسطى المظلمة العربية. وهكذا يفعل (المجاهدون) في أفغانستان ولسوف تخرج أمريكا منها ويتقاتل الأفغان بدون (ملائكة) مائة عام أخرى. وعندما سئل أحد المجاهدين ما الشيء الذي تحسن صنعه أجاب: التدمير؟ هل تريد قتل أحد؟ هل تريد نسف جسر؟ هل تريد تهبيط بناية بلغم مفخخ؟ وفي الطبيعة فإن قانون الهدم سهل والتحدي هو في البناء. وفي الطب لا يحتاج قطع شريان لأكثر من ضربة مجنونة كما مات السيد هاوزن الألماني على يد الإرهابيين بانقطاع شريان الفخذ عنده. ولكن إعادة تصنيع الشريان المقطوع يحتاج ساعات. هذا إن تم إسعافه فورا. ويروي ابن خلدون في مقدمته أن هارون الرشيد أراد هدم إيوان كسرى فعجز ويعلق أن نقارن الحضارات بسهولة الهدم من صعوبة البناء. وهو نفس الشيء الذي أراد المأمون الإقدام عليه من هدم الأهرامات فعجز عن المهمة. وهي أخبار غريبة لولا أنها مذكورة في تراثنا المحفوظ من النبش والنقد. ومرارة النقد أشد من الحنظل والمدح أشهى من عسل الشهد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة