الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يثير الدولة في سوريا:في ضوء أحداث القامشلي؟

ابراهيم محمود

2004 / 3 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في خضم الأحداث التي عصفت بسوريا، في نهاية سبعينيات القرن المنصرم، علق سمير أمين ،المفكر المعروف عليها بأنها (ضرب اليمين تخلصاً من اليسار)،وربما جاز لنا القول بأن ماجرى من أحداث في مدينة القامشلي السورية في ،12،3،من هذه السنة،كان محاولة منظمة لضرب الأكراد تخلصاً من أي تفكير معارض يدعو إلى الاصلاح وغيره، للحفاظ على الوضع الذي ينضغط عليه(وهذا لا يخفى على أحد) من الداخل أولاً ومن الخارج ثانياً.والفارق بين أحداث الربع الأخير من نهاية القرن المذكورالمأساوية، وأحداث بداية هذا القرن الجديد الكارثية بدلالاتها، هوأن الأولى امتدت لسنوات، وآثارها لم تمح حتى الآن،وعرفت بعلامات فارقة (دينية:اسلامية)،أما التي ما زلنا نعيش تداعياتها، حيث المخطط لم يتنفذ تماماً، واللعبة مكشوفة بأبطالها المتنفذين في الدولة،وإن لم يصرح بأسمائهم، من خلال المشاهد المعتمدة للذين قدموامن مدينة دير الزور، أو استقدموا وربما من الخارج، بصداميات شعاراتيتهم، وصورصدام المرفوعة في وضح النهار، ولأول مرة بالطريقة الاستفزازية، ومنذ رحيل حافظ الأسد،في دولة تعيش وضعاً عصيباً، بينما أولئك أرادوا اثبات تهمة عليها، من حيث لم يحتسبوا، بخصوص علاقة سوريا كنظام مع طبيعة التغيرات الجارية في العراق،ومواجهات دامية وأعمال تخريب وغيرها،والتي تثبت عكس ما يعلنه الإعلام الرسمي، تورط رموز سياسية ، ربما من أعلى المستويات فيما يجري هناك، وأن اللعبة المخططة ولم تنفذ كما يراد لها تري ذلك الشرخ الكبيربين أعلى الهرم السياسي في القيادة، ومادونه،..أما هذه الأحداث فاتخذت طابعاً سياسياً وقومياً، أو هكذا أريد لها، كون الظرف يساعد على ذلك، فالأكراد هذه المرة أريد تحويلهم إلى جسرموطوء للأسف الشديد، يفضي إلى نتائج عملية مهينة لجملة القيم التي يعرف بها المجتمع على الصعيد السياسي، وأعتقد أن ماجرى-لودقق فيه-يواجهنا بحقائق مرعبة تخص أمن الدولة العليا، وتفصح عن مدى الانقسام الكبير حتى داخل (العائلة) السلطوية في الدولة، ومن يدير الدولة بالفعل.
أريد ضرب الأكراد، نعم، لمنعهم من التفكير في أي محاولة للمطالبة بأي حق سياسي أو اجتماعي أو ثقافي أو قومي لهم، خصوصاً بعد الذي نالوه في العراق الجديد، حيث الامتداد الجغرافي والديموغرافي، يشهد على هذا التواصل القومي والوجداني، رغم كل المحاولات المضادة التي بذلت ضدهم لتفريقهم ديموغرافياً، وتمزيقهم جغرافياً،وكان لابد من اختيار من يستطيع أداء الدورالتمزيقي لأمن البلاد، وأعتقد أن هناك رموزسلطة متنفذة تمتد من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، تتلمس في السياسة الصدامية رغم وبائيتها: القدوة الحسنة. والذين أرادوا أن يكونوا الأداة، والمشرفين مقربون جداً وجدانياً من النظام العراقي البائد بعفلقيته المرعبة، وممن الذين لازالوا على حيوية مثل هذا الشعار المرعب بدلالاته:
أنا بعث وليمت أعداؤه عربي عربي عربي
هذا الشعارالذي خلق أكثر من حالة احتقان وكراهية في المجتمع السوري، الذي يعيش انقساماً على الذات وعلىأكثر من صعيد أيضاً لم يتم تناوله في حقيقته الممارساتية. ولعل تجييش الوعي القوموي وباشراف مباشر من قبل عناصرأمنية وغيرها،شارعياً ومؤسساتياً عمق حالة الكراهية، التي تعني التصعيد بالأزمة وتنميتها،وليس حلها، وتنفير المواطن من السلطة بالذات، بحيث تصبح الدولة بالفعل دولة الأمن، لا دولة تمثل عموم فئات الشعب، وهذا ما يتجلى حتى الآن هنا وهناك، فكل دعوة إلى حوار معين مع السلطة، من قبل أي جهة سياسية، يجب أن ينال موافقة الجهات الأمنية أولاً وأخيراً، وفي ضوء ذلك يظل النخرالسياسي والاجتماعي فاعلين في صميم المجتمع.
إن غالبية التصريحات المتعلقة برموز الدولة، والخاصة بالأحداث، والتي تنصب على الأكراد ، تشير إلى حالة الاستهتار والتهميش للكرد كشعب في الأصل وليس كأقلية، باعتبارهم غير موجودين ، وإن وجدوا ففي نطاق ضيق، وكأن الحديث عنهم وفق تصريح هذا المسؤول أو ذاك أو تعليقه، هو الذي يحدد ما إذا كانوا موجودين أم لا، والوضع ليس كذلك. والمتابع(الحيادي) لحركية الأحداث داخلاً وخارجاً لابد أن يتساءل عن هذا الحضور الكردي من كل النواحي، وليس تعلقاً بمباراة رياضية تافهة، هي ذاتها كانت طعماً لطعم آخر، وأن الأكراد الذين برزت ردود أفعالهم عنيفة أحياناً هنا وهناك، إلى درجة بروز مندسين بينهم ومتآمرين عليهم وعلى الدولة مارسوا أعمالاً تخريبية ولصوصية وقتل وإهانات للكرد خصوصاً، أن أولئك الأكراد أرادوا الافصاح عن وجودهم.
وهم حين يعبرون عن اغتباطهم بما جرى في العراق،لايختلفون عن العربي الذي لازال ينتشي بشعاره:
بلاد العرب أوطاني من الشام لبغداني
كما جرى في حال تعاطف العرب مع العرب في العراق، وفي منطقتنا بصورة أكثر، والتواصل الوجداني والقومي بين الأكراد في المنطقة الجغرافية التي تعنيهم لم ينقطع حتى الآن، ولعل الأحداث التي تمت عندنا، بكل أبعادها السياسية تتجلى سياسية بدورها، وفشلت بأهدافها صادمة المنفذين والمشرفين، وبلبلت حتى ذوي التصريحات والتعليقات المتناقضة، والمؤكدة على الاحراج الكبيرالحاصل، والذي لا تعرف مآلاته حتى الآن.طالما أن أصابع الاتهام تشير إلى مؤامرة من الخارج، وعملاء من الداخل(الكرد في عمومهم)، وكل ذلك يعقَد الموضوع أكثر من ذي قبل، ويتطلب بصيرة سياسية وليس سيطرة أمنية أثبتت فشلها في مختلف مراحل التاريخ، كما أكد ذلك أكثر ما حدث في العراق، وبصيرة اجتماعية واعية توحد ما بين كل الأطياف السياسية، والحزم الأثنية في المجتمع السوري. ويبقى السؤال المطروح سابقاً معاداً من جديد، ومن موقع الحرص على البلد وأهليه دون أي تمييز، وهو : من يدير الدولة في سوريا؟فمن يجيب؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام