الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيرة الرسالة: من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني ومن فان كوخ الى عواد ناصر! 5 من 7

جمعة الحلفي

2004 / 3 / 30
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


ليس هناك سوى القلة ممن يحتفظون بالرسائل، التي تصلهم من الأصدقاء والمعارف، بين طيات أوراقهم وقصاصاتهم، ففي العادة يتلف المرء ما يتراكم لديه من رسائل بين الحين والآخر، خاصة تلك التي لا تستوجب الاحتفاظ بها. لكن هناك، من الرسائل، ما يستحق ليس الاحتفاظ بها فقط، بل والعودة إليها وقراءتها وحتى نشرها، إذا ما كانت تحتوي على مضامين غنية أو مناقشات وحوارات في الشأن العام.
وأنا شخصياً ليس لدي رسائل عشيقات ولا رسائل عشق، كما هو الحال مع غسان كنفاني وغادة السمان، أو مي زيادة وجبران خليل جبران، إنما لدي رسائل من أصدقاء غالبيتهم من الكتاب والأدباء العراقيين، الذين عاشوا في المنافي، خلال العشرين سنة الماضية. وهي رسائل فيها الكثير من البوح والحنين والذكريات والطرائف والمكابدات، بعضها يتضمن مواقف سياسية غادرها أصحابها في غمرة الأحداث والتطورات الماضية، وبعضها الآخر يصلح كشهادة على طبيعة المنفى ومشكلاته النفسية والإنسانية، فيما يؤرخ، بعض آخر، للنشاطات الثقافية والإبداعية. وقد وجدت، بين العشرات والمئات من هذه الرسائل، ما يصلح، أو ما يمكن نشره، نظراً لاحتوائه على مضامين سياسية وثقافية عامة. وسأعتذر سلفاً إذا ما تكرر ورود اسمي، أو شأناً من الشؤون الشخصية، في هذه الرسائل، فهي أصلاً رسائل شخصية الطابع وموجهة إلي، لكنها تنطوي على هموم عامة وقواسم مشتركة.
هذه مقاطع من رسالة وصلتني بتاريخ 29/8/1987 من الصديق، الشاعر والأديب المعروف، كاظم السماوي، الذي كان يعيش حينها في نيقوسيا بقبرص، والرسالة تشير إلى قصيدة شعبية عنوانها "مليّت" كنتُ نشرتها في ذلك الوقت فأثارت شجون الصديق السماوي:
أخي العزيز جمعة... تحية قلبية
قصيدتك الرائعة المدوية أشجتني، نزحت دمعة عصية من عيني رغم مغالبتي واهتزازي وارتجاجي.. هو الشعر إذن.. منذ سنوات وهو يمرَّ بي أنيقاً، متحذلقاً، ولكنه لا يرج ولا يثير.
أخذتني القصيدة، وأشهد أنك رائع يا جمعة، فلماذا تخنق هذا الدّوي العظيم؟ أنك تتجنى.. أكرر.. بأن لقصيدتك طعمها وأثرها، وهي من القصائد القليلة التي كُتبت بصدق هذه الأيام، التي كثر فيها ما يُكتب، من الغث والهش والعابر... والصدق، كما تدري يثير .. وقد أثارتني حتى لم أتمالك إلا أن أكتب لك.. ودوافع هذه الإثارة مشتركة ولكنك كنت المعبر عنها..
الحراس الأخيرون.. لآخر المواقع ـ كما تقول ـ هم القلة، الثاقبوا النظر، القابضون على الجمر، اؤلئك هم الغفاريون... الرجل الذي تنتسب إليه، حتى يومنا هذا، هذه القلة الصابرة، المرفوعة الرؤوس، وإن كانت تقف على أرض الرمال المتحركة.. المهزوزة.. يحيط بها المزورون والانتهازيون وسفلة القوم. غير مهم أن يظل الغفاري راية وحده.. يغرسها فوق رمال الربذة.. تتحدى العرش الأموي، وكتفاه تناطحان النجوم .. حتى يكفنه ثوبه البالي ويدفن وحده.. وحده دوماً، راية في الموت والحياة.. ولعل هذا هو سر خلوده على الدهر يردده الأباة وتُتخذ سيرته النضالية الشامخة، القدوة الفذة للقائد الغفاري الفقير.. المنفي.. الشامخ الرأس، العف الضمير واليد، والفكر والمبدأ.. المتحدي لدولة وسلطان وعرش مسروق. هو التأريخ وهؤلاء زبالته ولتكن لنا عينا صقر ترقبان، فوق القمم، ما وراء الآفاق البعيدة.
تحيتي لك ومزيدا من درر الشعر الرائع الحقيقي.
المخلص أبو رياض
نيقوسيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تفض بالقوة اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق بين حماس وإسرائيل




.. جيروزاليم بوست: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ا


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. فلسطيني يعيد بناء منزله المدمر في خان يونس