الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو حملة واسعة ضد الانتهاكات ومن أجل التغيير

جاسم الحلفي

2009 / 3 / 6
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


تسعى الدول الديمقراطية الى اشراك المواطن بالشأن العام، وهذا جارِ منذ دولة المدينة في اثينا، وما سواها من تشكيلات دولة المدينة في بلاد الاغريق الى يومنا هذا. وبطبيعة الحال ان طرق مشاركة المواطن في شؤون الدولة عديدة ومتنوعة، وتاتي الانتخابات والمساهمة فيها كاحد الاساليب المهمة، بل هي الاسلوب الامثل لسهولة حساب وتحليل اصوات المشاركين والمقاطعين، واتخاذ ذلك كمعيار يبين قناعة المواطنين في مدى اهمية مساهمتهم لإحداث تغييرات ملموسة.

وعند النظر في انخفاظ نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في 31/1/2009 يتبين بوضوح ان هناك نسبة كبيرة لم تقتنع بها اصلا، ولم تكترث لنتائجها، وجرى التعبير عن ذلك في حقيقة عدم مساهمة ما يقارب نصف الذين يحق لهم التصويت في هذه العملية. وتعددت مبررات عدم المشاركة. ولكنها تركزت على كون القوى التي ظهرت بقوة وتصدرت الحملات الاعلامية، قد انفقت المال السياسي بشكل واسع، وسلكت طرق غير ديمقراطية، منها الوعود غير الحقيقية وشراء الاصوات. فكان من الطبيعي يتكون الانطباع لدى جمهرة واسعة من المواطنين ان من يسلك هذا السلوك الشائن، وغير الشرعي، لا يمكن ان يحقق التغيير المنشود، خاصة بعد ما شهدته السنوات الماضية من نقص الخدمات وتراجعها، في وقت لم يقدم المتنفذون شيئا، لريفٍ ِتراجع، ومدن عطشت، وصناعة وطنية تعطلت، وبطاقة تموينية تنتشر فضائح عدم صلاحية بعض موادها للاستهلاك البشري، اكثر مما يسمع بتوزيعها بكامل مفرداتها بالوقت المحدد!.

هذه القوائم التي، بدلا من ان تقدم برامج محلية، تفصّـل فيها عدد المدارس التي ستبنى، وعدد الاطباء لكل مستشفى، وكم محطة تنقية مياه ستنصب، وكم أمبير كهرباء سيحصل عليه كل بيت، بدلا من ذلك وسواه قدم الكبار في مسؤولياتهم الحكومية شعارات عامة، تصلح لكل زمان ومكان، لكنها لا تصح اطلاقا لتنمية المحافظات. فيما مر المرشحون الاشباح، هم ووثائقهم المزورة، تحت عبارة "الاقوياء الامناء" في وقت سبات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي لم تقل شيئا حول ذلك حتى هذه اللحظة. وفي هذا الصدد يكون التساؤل ملحا حول هدف المفوضية من تجاهل ذلك.. هل هو ترسيخ اليأس عند المواطنين، خاصة المتشككين في احداث التغيير وتأكيد تغييب دورهم بالمشاركة في اي فعل للوقوف ضد الانحرافات والانتهاكات، بعد ان قاطعوا الانتخابات، في الوقت الذي يكون هدف الانتخابات هو بناء الثقة عند المواطنين وتعزيزها، من اجل تفعيل مشاركة المواطنين ورفع نسبة مشاركتهم في الانتخابات اللاحقة!

يتحدث الكثير، بحق، عن انتهاكات وثغرات كثيرة حدثت في هذه الانتخابات، منها محاصصة المفوضية، واستخدام المال السياسي، وعدم حيادية وسائل اعلام الدولة واستخدام وسائل ومناصب الدولة ومؤسساتها، وقانون الانتخابات الجائر، وعدم تنظيم الحملات الانتخابية، وغياب قانون الاحزاب، وغياب البرامج المحلية، وتمرير المرشحين الاشباح، وفضيحة الشهادات المزورة، وهذه بطبيعة الحال انتهاكات كبيرة، ستخلف احباطا وجزعا شديدين عند المواطنين، وستترك تأثيرات سلبية على نسبة الاشتراك في الانتخابات اللاحقة، ليس للذين لم يشتركوا في هذه الانتخابات أصلا، بل سوف لن يتحمس للاشتراك في اي انتخابات قادمة من اكتشف انه انتخب "الاشباح المزورين"، لذا يجب ان لا تمر هذه الانتهاكات بصمت، وان مرت بدون مناهضة قوية سيكتب على اي انتخابات قادمة الفشل! وهنا يكمن التهديد ليس للديمقراطية واهمية بنائها وترسيخها، فقط، بل العملية السياسية برمتها.

فإذا كان تواضع مشاركة المواطنين التي عدها المراقبون موقفا سلبيا، مكن الاقلية من التحكم في مجالس المحافظات، فالمطلوب اليوم وبشكل ملح اطلاق حملة لمعالجة كل الانتهاكات، ومنها الموقف من قانون الانتخابات الجائر، والموقف من "الاشباح المزورين".
حملة واسعة الاطار واضحة الاهداف، تستقطب حتى العازفين عن المشاركة في الشأن العام، فان العزوف عن العمل ليس هو الحل، انما الحل يكمن في المشاركة المسؤولة واختيار البديل الاصلح من اجل احداث التغيير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يكون قانون -الحريديم- في إسرائيل سببا في إنهاء الحرب؟ | ا


.. فيليب عرقتنجي ولينا أبيض: رحلة في ذكريات الحرب وأحلام الطفول




.. مصر: مشروع قانون الأحوال الشخصية.. الكلمة الأخيرة للمؤسسات ا


.. هآرتس: استعداد إسرائيل لحرب مع حزب الله بالون أكاذيب




.. إسرائيل تؤكد على خيار المواجهة مع حزب الله وواشنطن ترى أن ال