الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قمة (المشمش) العربية ... جامعة في مهب الريح !

داود البصري

2004 / 3 / 31
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لم تكن التطورات الأخيرة والمتسارعة والتي توجت بتأجيل مؤتمر القمة العربي ( لأجل غير مسمى)!! ، لتنفصل عن العديد من المقدمات والعوامل والأسباب التي أدت لهذه النتيجة المعروفة سلفا منذ قمة العام الماضي في شرم الشيخ ومن ثم بروز مجموعة هائلة من المتغيرات الميدانية سياسيا وإقتصاديا وعسكريا وأبرزها سقوط النظام العراقي البائد والذي كان برغم كل جرائمه القومية الموثقة والمعروفة يشكل قوة لايستهان بها في النظام السياسي العربي القديم والذي تهاوى اليوم كورقة خريف يابسة أمام العالم المتجدد ورياح التغيير الهابة بعنف وقوة على العالم العربي وإن أبت نفوس قوم وصارعت الزمن ضد هذا الإتجاه ، فنهاية القمة ليست مجرد حدث عادي وروتيني بل هو تتويج لعقود طويلة من الفشل في بناء الذات وتحصين الجبهات الداخلية ، والإغراق في سياسات التخشب والجمود والإتكاء على العوامل والأسباب العاطفية في العمل السياسي بدلا من إتباع المناهج العلمية والواقعية والقراءة الدقيقة للمواقف والتطورات والإرهاصات السياسية بروح عصرية متقدمة عمادها وقوامها المصلحة وتبادل المنافع ، بعيدا عن لغة ( النخوة) الجاهلية!وتغطيةالأوساخ والقاذورات خلف السجادة بدلا من المبادرة للتنظيف الشامل والتخلص من كل الشوائب بشفافية وعمل صريح ، فمنذ الستينيات كانت مؤسسة القمة العربية ومؤتمراتها مجرد لقاءات بروتوكولية وتشريفية يتم خلالها إلتقاط الصور الجماعية التذكارية ، وتدبج البيانات الحماسية ، وتنشد أناشيد العروبة الملتهبة من أمثال ( وطني حبيبي وطني الأكبر) و( أمجاد ياعرب أمجاد) و ( أنا واقف فوق الأهرام وقدامي بساتين الشام)!!... برغم مخالفة صورة الخلافات العربية الحقيقية لحقيقة صور النفاق والخداع الإستراتيجي السائدة إعلاميا والتي بدلا من معالجتها وحلها على أسس من المصلحة القومية والوطنية يتم التغطية عليها لتترك للدوائر السرية تعقيد الأمور وفبركة المؤامرات وإستباحة الدماء فيما الصورة الخارجية ( عال العال)! ، فمثلا إستهلك النزاع حول اليمن في الستينيات طاقات هائلة إستغل الإسرائيليون الفرصة خلالها ليضربوا ضربتهم الإستراتيجية القاتلة في الخامس من حزيران 1967 ويحتلوا كل فلسطين التاريخية وأجزاء مهمة من مصر وسوريا ولبنان والأردن ومازلنا حتى اليوم نحاول ( إزالة آثار العدوان)!! ولم نوفق للأسف فمازال الرفاق في ( الشام) في حالة إنهماك مطلق للوصول لحالة ( التوازن الإستراتيجي) مع العدو الصهيوني وهم يحققون المنجزات التاريخية كل يوم عبر إحتلال لبنان أو عبر تصفية وتقتيل الأكراد أو عبر العصابات البعثية العراقية البائدة وحلفائهم الذين يثخنون في أجساد العراقيين ولحومهم المتعبة! ، أما الخلاف العراقي / السوري وهو أشهر خلاف على المستوى الدولي وليس الإقليمي فقد تسبب في قطيعة تامة بين البلدين المؤسسين لجامعة الدول العربية إستمرت لأكثر من عشرين عاما تخللتها حلقات دموية رهيبة من التآمر المتبادل والتخريب واللجوء لكافة الوسائل لحسمه دون جدوى! وكان خلافا منع حتى رسائل البريد والإتصالات الهاتفية من التواصل بين الشعبين اللذين لاعلاقة لهما بأصل وطبيعة الصراع الحزبي والشخصي بين حكومتي البلدين!! وكانت الجامعة العربية والنظام السياسي العربي في حالة عجز شامل عن إيجاد حالة توفيقية تهدأ وترطب من المواقف.. ولكن لاحياة لمن تنادي! ، أما مأساة وجريمة غزو النظام العراقي لدولة الكويت وإلغائها من الخريطة الدولية فكانت أكبر من الفضيحة وكانت بداية النهاية الحقيقية لمؤسسات العمل العربي المشترك رغم إشتراك أطراف عربية في مساندة الحق الكويتي إلا أن ذلك لم يتأت طوعيا بل نتيجة لسياسات وضغوط وإرادات دولية للأسف!! وهذه هي الحقيقة العارية بعيدا عن الرتوش التجميلية التي يصنعها الإعلام المجامل! ، ولولا الولايات المتحدة وحلفاؤها لظل الكويتيون حتى اليوم ينشدون الوطن المسلوب ولأضيفت للجاليات العربية اللاجئة في أوروبا والأمريكيتين شعب عربي آخر ولظل ( الحل العربي) المنشود والمطلوب هدفا ميتافيزيقيا تطارده الأجيال العربية المشردة؟ فأي نظام إقليمي عربي ؟ وأي جلمعة عربية !، ولعل حالة التوحد العربية الفريدة كانت في الموقف السلبي الشامل من مبادرة الرئيس الراحل أنور السادات والتي كانت رؤية متقدمة لم يفهمها الكثيرون للأسف ومن فهمها من القادة العرب تراجع عن دعمها نتيجة لإبتزاز وبلطجة الأنظمة العربية البائدة من أمثال النظام الصدامي المخلوع والذي تزعم الزفة التهريجية في قمة بغداد عام 1978 ليتم إرتكاب الخطيئة التي توحد حولها العرب للأسف!!.

واليوم حينما يتم الحديث عن التغيير وموجباته وضروراته للحفاظ على النفوس والأوطان ، فإن الصورة السوريالية من التردد والعجز تتكرر لتشكل مشهدا عربيا شاملا من العجز يجعل موعد القمة القادمة شبيها بالمستحيلات العربية كالغول والعنقاء والخل الوفي و.. التضامن العربي؟.. إنها قمة المشمش التي لوحت لجامعة الدول العربية المنتهية صلاحيتها قائلة:

{ باي .. باي .. ياباشا }

ولاعزاء للمهزومين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قطر: ننتظر موقفا إسرائيليا واضحا حيال مقترح الهدنة في غزة


.. بايدن: نتنياهو يطيل أمد حرب غزة لأسباب سياسية خاصة به




.. أكبر شريك في ائتلاف حكومة نتنياهو يؤيد -خطة بايدن-


.. العالم يشهد انقساماتٍ غيرَ مسبوقة.. والجميعُ فيها خاسر #بزنس




.. لماذا يصاب البعض بالحساسية تجاه بعض الأطعمة؟ | #الصباح_مع_مه