الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في سبيل ائتلاف واسع للديمقراطيين

بدر عبدالملك

2002 / 6 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية



حركت نتائج انتخابات البلدية الخمول الفكري والتكاسل واللامبالاة السياسية والجمود الميداني بين قوى المجتمع المختلفة فها هي تندفع عجلة الأسى تبحث لها عن مساحة من المكان السياسي الجديد وتستجيب للسؤال الاستراتيجي من هو الخطر الفعلي على قوى المجتمع وما هو التناقض الرئيسي بين قوى المجتمع في هذا الاصطفاف وأين يكمن الخلل السياسي في الأداء العام للقوى الديمقراطية بكل أطيافها؟ وبما أن نتائج انتخابات البلدية تحولت إلى دافع حيوي ومحرك فعال لإعادة قراءة المشهد السياسي فان ما نراه من تصور متواضع كان مشروعنا منذ بداية الانفراج والإصلاح السياسي حيث كانت رؤيتنا الشخصية للعمل المشترك تنطلق من معطيات جديدة خلقتها شروط التحولات وتفاعلات الشارع السياسي البحريني الذي بدأ مع لولب الميثاق يتحرك بصورة سريعة للغاية لم تكن القوى السياسية التاريخية قادرة على تجميع صفوفها ولا هي قادرة على تحديد مساراتها وطبيعة عملها فقد اندفعت تلك القوى محاولة تكملة مشروع لجنة العريضة الشعبية واعتبرت نفسها الوريث الشرعي والامتداد السياسي الطبيعي لها في الظروف المستجدة اللاحقة في الوقت الذي كانت فيه حركة الشارع وتنامي المسئولية وحجم الأسئلة أكبر من قدرة الآخرين على استيعابها وهضمها والانطلاق من صيرورة مختلفة مرهونة بفترة جانبية وشخصية مع أطراف عديدة بشكل تم فيه إقصاء آخرين وفق مشيئة ورغبات البعض والذين داهمتهم الأحداث المتلاحقة فلم يتمكنوا من السيطرة على قواهم وقدراتهم التنظيمية. وكانت جمعية العمل الوطني مولودا مشوها وعاجلا لتلك الثمار التي لم تنضج وتم قطفها قبل الأوان بحجة أن الوقت والظروف لا تحتمل الانتظار. وجميعنا تابع كيفية ولادة الكائن الجديد والطريقة المعبرة عن نزعات التفرد والأنانية فتم خنق الأسس الواضحة للعلاقات الجماعية وللوضوح في سلوكيات العمل المشترك الأخوي دون التلاعب من وراء الكواليس بل والأكثر فجيعة موت الديمقراطية والحوار المعلن المفتوح والحر كأساس للتأسيس المفترض مع حركة المشروع الديمقراطي في البلاد. وبدلا من أن تكون جمعية العمل نموذجا حيا للتعاون الواسع والمرن تحول إلى بيت من زجاج بارد لا تدخله شمس الحقيقة وبدلا من تعزيز وصياغة برنامج وطني وديمقراطي ورؤية جديدة للواقع السياسي الذي بدت تتشكل وتتضح ملامحه لدى كل سياسي يمتلك منهجا واضحا وخبرة سياسية طويلة بحيث كان من المفترض أن تتزامن وتترافق رؤيتنا الوطنية والديمقراطية مع التوجهات الجديدة ترفد المشروع دون نسيان المسافة النقدية لكل الظواهر السلبية السياسية والمجتمعية غير أن البحث عن القيادة والريادة والأنانية السياسية عطلت ذلك التجمع الحيوي والهام. ما حدث عشية التحضير والانتخابات لولادة جمعية العمل الوطني كان يحمل في طياته وكوامنه ومكامنه انطلاقته العاجلة وموته وتراجعه أيضا فلم تقدم الجمعية نفسها كتشكيل وبديل لمشروع ائتلافي وتكتل ديمقراطي واسع ومرن إلا في الشكل والمظهر بحيث تتقبل رئته السياسية جميع الأنفاس الوطنية والمجتمعية سواء كان على صورة أشخاص أو مجموعات أو مؤسسات وجمعيات مجتمعية ومدنية وبما أن المولود الأول لم يقدم نفسه للشارع السياسي كنموذج للمثال والقدوة الديمقراطية فبالسرعة ذاتها وجدنا حالة انكماش في الإرادة الشعبية ونخبها المتنوعة نتيجة الاستحواذ والتشظي العاجل. فأين كان مكمن الخطأ وفي من تكمن العلة؟ ربما الصورة كانت واضحة منذ بدايتها، غير أن النتائج هي أفضل أشكال البراهين للتأكيد على المصداقية التي نطرحها وبأن هذا النوع من الجمعيات سيكون في المستقبل القريب معرضا أما للانشقاقات أو للانتكاسات أو الانغلاقات والعمل المحدود وغير الفعال وفي النهاية سيكون المصير التاريخي للجمعية متأرجح ما بين حضور شكلي ومحدود أو تآكل داخلي يدفع بالضرورة ـ مستقبلا تلك الجماعات أو غيرها للتفتت أو الاندماج أو الدخول في كهف العزلة والتشرذم. وأمامنا نتائج تؤكد ما نقوله دون أن ندخل في الملامح والتفاصيل وأسبابها وخلفياتها فرجل الشارع البحريني المهموم باحتقان الماضي والباحث عن خلاص فعال باتت لديه خصوصيته وحساسيته السياسية وسوف تزداد تلك الحساسية مع تعمق التجربة الديمقراطية في بلادنا فقد لمس كيف تتحرك جميع الجمعيات السياسية وشاهد ولادة مجموعات سياسية جديدة جاءت أما نتيجة لتلك الظاهرة السياسية المستعجلة والطارئة وإفرازاتها أو لكونها عاشت مرحلة المراقبة والتمحيص والتريث لصياغة مؤسساتها ولكل من هؤلاء الناس دوافعهم المختلفة أشخاصا وجماعات بل وشاهدنا كتابات لأفراد يحاولون لعب دور المقاول السياسي فتارة يتحركون بصفة الوصي والواعظ وتارة يتحركون بصفة أبوية تتطلبها حسابات موزونة مثل معايير الذهب وموازينه المهم أن لا تلعب تلك العناصر ـ المقاولون الجدد ـ بطريقة تخسر فيها أوراقها وأسهمها في بورصتنا السياسية. وهناك مجموعات وجدت في غرامشي ضالتها فانخرطت تكتب عن الكتلة التاريخية ونست أن البحرين في عام 2002 ليست إيطاليا ما قبل الحرب العالمية الثانية وما بعدها. ومع ذلك هناك بالطبع في اللوحة الاجتماعية فئات وشرائح تفتش عن ذاتها داخل الكتلة التاريخية ولكنها توزعت ما بين نوعيات بتاريخ شريف وأخلاقي ونوعيات مفلسة لا تمتلك هذا التاريخ وتحاول تبييض السواد. ولكي لا تتحول الكتلة التاريخية من كتلة أشبه بالموازييك السياسي المتنافر البشع والرخو والمتسيب نميل إلى نوعية الكتلة التي كتب الدكتور هاشم الباش عنها وأطلق عليها تسمية الكتلة التاريخية الفاعلة (والفاعلة مفردة سحرية وعملية وهامة وهي مربط الفرس فبدون الفاعلية تتحول العناصر البشرية إلى أرقام ميتة في جمعيات تحتسي القهوة والشاي وما ينقصها حاليا غير لعب الورق في بعض الأحيان وهي الكتلة التي سنعتمد عليها مستقبلا كقوة تاريخية جديدة تشكل ثقلا نوعيا وكميا داخل عملية الائتلاف الديمقراطي الواسع وينبغي تحت شروط وعوامل محددة أن تلعب دورا قياديا في ذلك الائتلاف الديمقراطي (الكتلة الديمقراطية الجديدة) الواسع كجبهة سياسية واجتماعية محددة الأهداف والآليات والعمل. ولكي ننطلق من أرضية وطروحات عملية ينبغي القيام بما يلي: الدعوة إلى حوار وطني واسع يضم الجمعيات السياسية ومنظمات المجتمع المدني الصغيرة قبل الكبيرة والأشخاص والمجالس الشخصية من أعيان البلاد التي ترغب في الدخول في حوار وطني واسع ينطلق من أهداف مركزية تتعلق بمشروع الديمقراطية التي يحاول التيار الديني (ولا ينبغي أن نخلط ما بين التدين الشخصي كمسألة إسلامية وبين التيار الديني كإسلام سياسي) إجهاضها وابتلاعها بطريقته المتنافرة وبين التيار الديمقراطي الذي يحاول أن يقف خلف المشروع الديمقراطي الذي طرحه عاهل البلاد كخيار استراتيجي وفي الحوار الوطني الواسع يتم مناقشة عدة محاور مركزية أهمها أولا: اعتماد واستلهام مواد وأفكار ومبادئ من الميثاق كمشروع وأرضية للتكتل الديمقراطي. ثانيا تحديد مبادئ أساسية كضرورة الحفاظ على الحقوق المتساوية ما بين الرجل والمرأة ووضع ضمانات للحفاظ عليها بحيث لا يتم عزلها عن المكان والوظيفة في المستقبل المنظور وغير المنظور. ثالثا: أهمية التأكيد على خصوصية الواقع الاجتماعي والسياسي البحريني والذي ينطلق من قضية جوهرية هي عملية التنوع والتعددية الثقافية والتسامح الديني كجزء لا يتجزأ من موضوع الحريات والحقوق المدنية للأفراد والمؤسسات رابعا: ضرورة فهم التوازن ما بين الهوية الثقافية والاجتماعية للبلاد والمرونة المتناهية مع متطلبات العصر والحداثة كصيغة حقيقية لا يمكن إغفالها في ظل التغييرات الدولية ودخول العالم في الألفية الثالثة للنظام العالمي الجديد الذي ملامحه بدأت تأخذ أشكالها وتجلياتها في ميادين بارزة من أهمها الديمقراطيات وحقوق الإنسان وممارساتها في كافة أنحاء العالم، بحيث باتت دول محدودة معزولة عن تلك الظاهرة العالمية ولن يكون طريقها إلا طريق مسدود وستجد نفسها عاجلا أو آجلا تفتح أبوابها لذلك الطوفان الجارف وإذا ما ركبت رأسها ستظل ضعيفة وتموت في عزلتها.

 


 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة