الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكوتة الانتخابية للمراة رشوة ام تعويض

فاطمه قاسم

2009 / 3 / 8
ملف 8 اذار/مارس يوم المراة العالمي- 2009-اهمية وتاثير التمثيل النسبي (الكوتا) في البرلمان ومراكز صنع القرار في تحقيق مساواة المراة في المجتمع


منذ ان اتسعت مساحة التجارب الديمقراطية في بلادنا العربية ،وتحديدا في السنوات الاخيرة ،والتي كان معظمها بضغط من قوى دولية عظمى ،كثرت معها ايضا حالات فشل المراة العربية في الحصول على حضور ولو بالحد الادنى في نتائج الانتخابات ،وكانت المفارقة الاشد قسوة ،هي ان النساء في بلادنا هن الاكثر مشاركة في هذه الانتخابات من الرجال انفسهم ،وان هذه المفارقة الحادة تكررت في بلاد تعتبر التجربة الديمقراطية جنينية في مراحلها الاولى ،وفي بلاد قطعت مسافة لاباس بها ،بل وتستحق الاشادة مثلما جرى في اليمن والكويت ،او حتى في مصر او المغرب او الجزائر ،الامر الذي طرح اسئلة صعبة ،ودفع باتجاه البحث عن حلول.

وهذه الاسئلة الناتجة عن المفارقة الحادة والقاسية هي :
لماذا المراة دائما الاكثر مشاركة والاقل حظا واستفادة ؟
وما هي البدائل الكفيلة بتسهيل وفتح الطريق امام المراة العربية للمشاركة السياسية عبر صناديق الاقتراع؟

وكانت احد ابرز الحلول التي تم الاتفاق عليها في كثير من البلدان ة هو الحل المتمثل في تخصيص "كوتة " اي حصة للنساء ،عشرة بالمئة او عشرين بالمئة ،بحيث يجري التنافس بين المرشحات في حدود هذه الكوتة او الحصة ،وقد ائار هذا الحل جدلا واسعا في اوساط المثقفين والسياسين والداعين الى الممارسة الديمقراطية عموما ،ويجب الاعتراف ان هذا الجدل توصل الى طرح قضايا في غاية الاهمية ،كما وانه كشف عن رواسب وعراقيل تجد جذورا لها تفسيرات دينية ،او تقاليد اجتماعية

،وكباحثة في علم النفس الاجتماعي والسياسي،اعتقد ان هذا الجدل سوف يستمر لفترات طويلة قادمة الى الزمن الذي تترسخ فيه الديمقراطية فكرا وممارسة في بلادنا ،تتعدى عن كونها استجابة قسرية لمطالبات دولية او بمثابة ديكورات محلية .
وبرايي ان من بين ما يؤخذ على الكوته "الحصة "انها تتعامل مع المراة وكانها اقلية قومية ،او طائفة دينية من الاقليات والطوائف التي تعطيها انظمتنا السياسية حلولا سطحية من هذا النوع ، مع ان النساء لسن هذه او تلك وانهن في معظم المجتمعات العربية يشكلن نصف المجتمع ،وفي حالات اكثر ،وان نشاطهن الانساني اتسع ليشمل كافة المجالات ،واستغرب كيف يتباهى المجتمعات بان النساء يشاركن بكثافة في العملية الديمقراطية حضورا وانتخابا ،حتى اذا افرزت النتائج ،وجدناها مخيبة للامال ،بل وجدناها متناقضة كل التناقض مع هذا التفاخر العلني المليء بالنفاق.

وكما نرى فالموضوع ليس سهلا ،ويستحق التعمق فيه الى قواعد وجذر بنية مجتمعاتنا العربية ـالتي في غالبيتها الساحقة هي مجتمعات مسلمة ،وكيف ان تفسير النصوص الدينية المرتكزة في كثير من الاحيان الى التقاليد والموروثات القديمة ،كيف اكسبت كل صفات القداسة لما هو غير مقدس،وجرى تفسير قوامه الرجل الواردة بالقران تفسير احادي الجانب ،لدرجة اننا اصبحنا عاجزين عن اقناع المراة نفسها بالوقوف مع المراة ،ولدرجة ان هذه المشاركة الواسعة واللافتة للنظر للمراة في عمليات الانتخاب والتصويت ،دائما ينتج عنها صورة عجيبة مشوهة على نحو ما ،حيث مشاركة المراة دائما تعبر طريقا واحدا وهو الرجل ولا تعبر طريقا مزدوجا حيث تتطلب المشاركة ذلك ،طريق العطاء والاخذ،وليس طريق العطاء فقط .

وانا شخصيا أؤيد مكرهة الحل القائم حاليا ،وهو حل الكوته شريطة ان يرافق هذا الحل رؤية واسعة وعميقة من قبل النخب الثقافية والسياسية ،من اجل ان تعزز المنافسة بين النساء في حدود الكوتة "الحصة"نساء من نوع جاد ،يستطعن تحقيق النجاح المطلوب ،حتى يستطعن من خلال عرض جدارتهن تكسير الحواجز ،وخلقن جوا من الثقة العميقة ،مما يضاعف من ايمان المراة بنظيرتها المراة ليستطعن معا التحرر من ذلك الموروث القائل ان المراة لاتصلح للسياسية التي هي عمل الرجال.
مع ان تاريخ هذه المنطقة القديم يشهد مثل اي منطقة اخرى بنساء وصلن الى قمة السلطة وكن ناجحات باعلى درجات النجاح ،فهناك نفرتيتي وحتشبسوت في مصر ،وهناك بلقيس واروى بنت احمد في اليمن ،وهناك زنوبيا في تدمر بلاد الشام ،وهناك نماذج كثيرة بالمئات بل بالالاف اللواتي لعبن ادوارا سياسية هامة جدا ،بشكل مباشر او من وراء ستار في تاريخ هذه المنطقة ،والمهم هنا هو اعادة استحضار هذه الثقة من ضبابية الذاكرة السياسية التاريخية المتداخلة مع الاساطير والحكايات لى حضور الواقع بكل متطلباته وتداعياته وصراعاته .
قد تكون قضية الكوتة لنسائية في الانتخابات العربية حتى الان هي مجرد رشوة ،ليست للمراة العربية بقدر ما هي رشوة للضغوط الدولية ،ولكنه في التاريخ الانساني هناك ملايين النماذج التي بدات في حدود معينة ،وفي ظل تصورات ،ضعيفة المستوى الا انها تفاعلت مع عوامل التاريخ والحضارة والجهد الانساني ،الى ان اصبحت بعد ذلك حقائق ومسلمات محورية في تاريخ الانسانية .

وانا هنا اطالب النساء ان ينظرن الى نظام " الكوته "على انه اعتذار مبدئي لهن عن دهور من الظلم والتجاهل ،وعلى انه تعويض رمزي لهن عن الخسائر التي تعرضن لها ،وتعرض لها المجتمع العربي في اقطاره المتعددة ،بسبب عدم اتاحةالفرص المتساوية لهن في مجالات الديمقراطية والعمل النسائي وحقوق النساء في هذا كله .

ولكن هذه الاشكاليات جميعا ،تبقى هي المهمة الاكبر والاعلى شانا لدى المثقفين ،وهنا اعني المثقفين الحقيقين ،حيث المفروض في المثقف او المفكر او الاديب ان يكون" سكرتير " مجتمعه كما قال الاديب الفرنسي الشهير "انوريه دي بلزال"وهو يعرف اوجاع مجتمعه ،نقاط الموت والاختناق،ومبررت المل ،ويدعو الى الافضل ،والى المستقبل بكل ما يملك من قوة .

فالمثقف العربي يعرف ان هناك فجوة لم تعد محتملة بين تاريخ المجتمعات العربية وحاضرها ،بين امكاناتها وقدرتها الكامنة وداوفعها الحالية ،بين ما تستحق وبين ما هو قائم ،بين مقاصد الشريعة الاسلامية وتطبيقاتها الحالية المحدودة الافق، بين سلطة لماضي الميت وحقوق الحاضر الحي،
والمثقف بصفاته كلها ،وموهبته التي منحها الله له ،يجب ان يكون الداعية للتقدم والتطور ،والعمران ،وليس ان يبقى سجينا في زنازين الامر الواقع .

واطالب النساء ان يجعلن ذكائهن دائما حاضرا حتى لا تتحول الكوتة "الحصة "لساحة حرب ضد النساء بدل ان تكون نموذجا يحتذى به للعملية الديمقراطية والتنافس الشريف والحقيقي وكل عالم وانتن بالف خير وللمراة بشكل عام كل عام وفي العالم كل عام والمراة قد حققت مزيدا من الحضور والمشاركة بقدر ما تستحق ،لكل النساء ولكل مناصر للمراة ومؤمن في نيلها لحقوقها العادلة لكم جميعا "وبمناسبة يوم المراة العالمي .
كل عام وانتن وانتم بخير.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عليكة المواصله فى هذا الاتجاه
R ( 2009 / 3 / 7 - 21:18 )
اعتقد انك اكثر النساء ذكاءا فى تحمل مسئولية نيل المرأه لحقوقها العادلة , لذلك عليكي مواصلة مقالاتك فى هذا الاتجاه وكل عام وانتى بخير دكتورة فاطمة

اخر الافلام

.. إعلام: شبان مغاربة محتجزون لدى ميليشيا مسلحة في تايلاند تستغ


.. مفاوضات التهدئة.. أجواء إيجابية ومخاوف من انعطافة إسرائيل أو




.. يديعوت أحرنوت: إجماع من قادة الأجهزة على فقد إسرائيل ميزتين


.. صحيفة يديعوت أحرنوت: الجيش الإسرائيلي يستدعي مروحيات إلى موق




.. حرب غزة.. ماذا يحدث عند معبر كرم أبو سالم؟