الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة العراقية في يومها العالمي

كاظم حبيب
(Kadhim Habib)

2009 / 3 / 8
ملف 8 اذار/مارس يوم المراة العالمي- 2009-اهمية وتاثير التمثيل النسبي (الكوتا) في البرلمان ومراكز صنع القرار في تحقيق مساواة المراة في المجتمع


"ليتعزز نضال المرأة العراقية في سبيل حقوقها المشروعة ومساواتها التامة بالرجل , ومن أجل أن تحتل مكانتها المرموقة في حياة المجتمع في اليوم العالمي للنضال من أجل حقوق المرأة , هذا هو الشعار الذي يفترض أن يحتل مكان الصدارة في النضال اليومي الدائم إلى أن تعترف الدولة ويمارس المجتمع حقوق المرأة كاملة , تلك الحقوق التي صودرت منها منذ قرون كثيرة وأن يتطور دورها وتستقر مكانتها في مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي حياة الأسرة وفي سبيل مستقبل أفضل للشعب العراقي بكل مكوناته القومية والفكرية والسياسية والدينية والمذهبية."
لم تكن للمرأة العراقية حقوق تمارسها في العهد العثماني المظلم سوى دورها في الإنجاب غير المحدود والعيش والعمل الدائم في البيت والمطبخ وندرة حقاً من كان منهن قد تعلم القراءة والكتابة , ولكن فيهن من تعلم أو حفظ القرآن عن ظهر قلب. وكان الرجل هو العلي القدير على المرأة وعلى مصيرها في البيت , إذ لم تكن لها حياة خارج جدران الدار. ولم يكن نصيب المرأة بالريف بأفضل من ذلك في ما عدا اضطرارها للعمل في الحقل أو المزرعة أو الذهاب إلى السوق لبيع بعض المنتجات الزراعية كالخضرة والفاكهة وبعض المنتجات الحيوانية.
وعلى امتداد فترة الحكم الملكي انفتح أفق جديد أمام المرأة حين تظافرت جهود القوى الاجتماعية المتطلعة نحو غدٍ أفضل للإنسان في العراق , امرأة كانت أم رجلاً , في نضالها المشترك والعادل في سبيل انتزاع الحريات والحقوق الديمقراطية , ومنها حقوق المرأة. وقد ارتفعت في سماء العراق وعلى أرض الواقع أصوات تنادي بحقوق المرأة وتحريرها من سجنها الظالم من العباءة السوداء الخانقة. وبرزت أسماء شخصيات ذكورية وطنية لامعة رفعت راية هذا النضال عالياً منذ العشرينات من القرن الماضي , رغم ضعف مشاركة المرأة حينذاك في هذا النضال الحساس جداً بالنسبة للمجتمع المتخلف الذي خرج لتوه من ليل الدولة العثمانية المظلم. ولم تقتصر هذه الأسماء اللامعة على طبقة أو فئة اجتماعية معينة , بل جاءت من مختلف الفئات الاجتماعية , وخاصة من بين صفوف المثقفين والسياسيين الديمقراطيين الذين أدركوا بمستويات مختلفة أهمية ودور المرأة في حياة المجتمع , وخاصة أولئك الذين احتكوا بالثقافية الغربية الحديثة أو الذين تعاملوا مع مع قوات الاحتلال البريطاني حينذاك , سواء أكانوا من حلفاء بريطانيا أم من المناضلين ضد الاحتلال.
ولعبت جماعة جريدة الصحيفة التقدمية ذات الفكر الديمقراطي الحر , ومنهم حسين الرحال ومصطفى علي ومحمود أحمد السيد , إضافة إلى الشاعر جميل صدقي الزهاوي والشاعر معروف الرصافي , ومروراً بحزب الإخاء الوطني ورئيسه جعفر أبو التمن وجماعة الأهالي في أوائل الثلاثينيات , ومنهم كامل الجادرجي وعبد الفتاح إبراهيم , ولجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار وتحولها إلى الحزب الشيوعي العراقي , ومنهم عاصم فليح وقاسم حسن ويوسف سلمان يوسف (فهد) وعبد الله وعبد القادر إسماعيل البستاني وحسين جميل وزكي خيري وعزيز شريف .... وفي الأربعينيات من القرن الماضي رفعت راية النضال في سبيل حقوق المرأة مجموعة أكبر من القوى والأحزاب السياسية , بما فيها حزب التحرر الوطني وحزب الشعب والحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال , إضافة إلى الحزب الشيوعي العراقي وقوى أخرى غير قليلة , بمن فيهم بعض الشخصيات من أنصار الحكومات المتعاقبة , وكذلك مجموعة طيبة من شيوخ الدين الأفاضل الذين أدركوا أهمية دور المرأة وتعرفوا على مظلوميتها , فشاركوا في النضال من أجل حقوق المراة في الخمسينيات من القرن الماضي ومنهم الشيخان الجليلان عبد الكريم الماشطة من الحلة ومحمد الشبيبي من النجف وغيرهما من شيوخ الدين. وقد سجلت هذه الفترة سجالاً غنياً بين المدافعين عن حقوق المرأة والمناهضين لتلك الحقوق وتجلى في الصراع حول السفور ومضار العباءة والعواقب السلبية لحبس المرأة في البيت والمطبخ. وقد أبدع المدافعون عن المرأة وحققوا تدريجاً الكثير من المكاسب المهمة التي لم يكن يعرفها المجتمع العراقي في العهد العثماني. ولا شك في أن الملك فيصل الأول كان إلى جانب حرية المرأة وتمتعها بحقوقها , ولم يكن أفراد عائلته من النسوة يرتدون العباءة , بل كن سافرات. وكان لهذا أهميته الملموسة على الناس , خاصة وأن والده الشريف حسين بن علي كان شريف مكة وسادنها.
مارست الصحف والمجلات العراقية دورها الإيجابي في هذا الصدد , ومنها جريدة الصحيفة ومن ثم القاعدة وجريدة الأهالي والبلاد ومجلة المثقف وفيما بعد الثقافة الجديدة , إضافة إلى دور المسرح والسينما ومجلة فنون والكثير من الشعراء وكتاب القصة والوراية والمثقفات والمثقفين في هذا النضال العسير..الخ.
ومنذ أوائل الخمسينيات برزت في الواقع العراقي رابطة المرأة العراقية التي تأسست بمبادرة جريئة من نخبة من النسوة الشيوعيات والديمقراطيات اللواتي أخذن على عاقتهن مهمة النضال لتوعية المرأة العراقية والمشاركة في مكافحة الأمية بين النسوة , إضافة إلى النضال في سبيل حقوقهن المشروعة. وقد حوربت هذه الرابطة بإصرار ظالم من جانب الفئة الحاكمة وخاصة نوري السعيد واعتبرها منظمة محرمة من خلال المراسيم الاستبدادية التي أصدرها في العام 1955 والتي منع فيها الكثير من المنظمات غير الحكومية كالطلبة والشبيبة والرابطة وأنصار السلام وما شاكل ذلك , باعتبارها أدوات بيد الحزب الشيوعي العراقي. وقد سمي في حينها هذا المرسوم القرقوشي "مرسوم ما شاكل ذلك" , الذي شمل الكثير من مجالات العمل الاجتماعي بحجة مكافحة الشيوعية التي أصبحت هاجساً يقض مضاجع الحكام في العراق حينذاك ودول حلف السنتو (حلف بغداد".
ورغم أجواء العداء للديمقراطية خلال العهد الملكي , أمكن انتزاع مجموعة مهمة من حقوق المرأة , وخاصة حق التعليم في مختلف المراحل تدريجاً وحق العمل وحق الحصول على وظيفة في أجهزة الدولة وحق المشاركة في الحياة العامة. ولا يمكن إنكار أن زوجات الكثير من حكام العراق قد لعبن دورهن غير المباشر في انتزاع المرأة لحقوقها , وكن جزءاً من نضال المرأة في قوى المعراضة السياسية العراقية دون أن يدركن ذلك. وعجزت المرأة في هذه الفترة , رغم تصاعد نضالها من ضمان الحصول على قانون يحرم تعدد الزوجات.
نساء طليعيات برزن خلال تلك الفترة من تاريخ العراق الملكي ناضلن في سبيل حقوقهن والتي يصعب المرور على كل تلك الأسماء المشرقة لكثرتهن , ولكن لا بد من ذكر أسماء مثل نزيهة الدليمي وروز خدوري وأم غصوب وباكيزة أمين زكي وبلقيس شرارة وحياة شرارة وزكية حقي وزكية خليفة وسعاد خيري والعديد من النساء الآخريات ...الخ.
ورغم أن العراق قد شارك في وضع وإقرار وتبني اللائحة الدولية لحقوق الإنسان التي أقرت في العاشر من شهر كانون الأول/ديسمبر 1948 من الجمعية العامة للأمم المتحدة , وفيها ما يؤكد على مساواة المرأة بالرجل وضمان ممارستها لحقوقها , فأن العهد الملكي لم يستجب لذلك , إذ أن ما تحقق حينذاك كان بفعل نضال عنيد وتضحيات غير قليلة من جانب المرأة والرجل في آن , والسجون العراقية شاهد على ذلك. فالنظام لم يمنع تعدد الزوجات أو يمنع العنف ضد المرأة أو قتل المرأة بذريعة غسل العار وتطهير الشرف , كما لم يصدر قوانين لحماية الأمومة والطفولة.
إلا أن أسوأ ما كان سائداً حينذاك هو موقف الرجل العام من المرأة باعتبارها موضوعا للجنس من جانب واحد وإنجاب الأطفال والمطبخ والإقامة في البيت , رغم أن بعض رجالات الحكم كانوا يتصرفون مع نسائهم بطريقة أخرى تختلف عما ارتضوه لمجتمعهم من نظرة دونية للمرأة. وهناك الكثير من الشواهد , سواء تلك التي عشناها أم التي سجلت في روابات وقصص وشعر المثقفات والمثقفين في العراق. فعلى سبيل المثال لا الحصر كتب الروائي العراقي الراحل الأستاذ غائب طعمة فرمان على لسان أحد شخوص روايته الموسومة "خمسة أصوات" التي كتبها في العام 1967 , ولكن أحداثها كانت تدور في الخمسينيات من القرن العشرين الحوار التالي حول مفهو الرجل عن المرأة وعن دورها في الحياة وعن الزواج بين الصوت الرابع , وهو المثقف والروائي "عبد الخالق" وبين عزيز الذي يعمل فراشاً في دائرته:
يتحدث عزيز عن رغبته في الزواج وما كانت تأتي به أمه من أوصاف للمرأة التي تريدها زوجة له فيقول:
" - ومرة جاءت لي (أمي) , ووصفت وحدة "ضفايرها بطولها". وما وصفت وجهها فقبلت. وعقدنا المهر , وانتظرت حتى جمعت ثلاثين ديناراً. وفي يوم أسود دخلت عليها.
قهقه عبد الخالق وسأله:
- وهل كانت ضفائرها بطولها؟
- ولا حتى النص ظهرها , إنت مثل أخويه . ولكن عليها عيون ..أويلي !
- وخدود .. يا عيوني يا أستاذ , أش أوصف لك؟
- أنا لا أريد أن تصف , ولكن لماذا لا تقضي سهرتك معها؟
- مع من ؟ مع الفِراش؟
- مع زوجتك.
- إنت اليوم يا أستاذ حاكم تحقيق أصلي . بس أريد اسألك سؤال.
- تفضل.
- إذا عندك في البيت مراية , تظل طول وقتك مقابلها وقاعد؟
- إنت نائب عريف ملعون.
- والكعبة ما أكذب. المرأة مراية. من تخش للبيت تصبح من أغراض البيت. بس ضرورية جداً. لا غرام ولا انتقام ولكن أطفال وطعام . ...
- هذه إذن نظراته إلى المرأة.
- فكر عبد الخالق مع نفسه – مرآة , من أغراض البيت. سرير , حلية و سوار ذهبي , ماءة ألف روبل كما أراد روغوتشين أن يشتريها في "الأبله" مليون دولار على حد تعبير الأمريكيين. فمتى ستكون المرأة مرأة فقط , قيمة بذاتها؟" (راجع: غائب طعمة فرمان. خمسة أصوات , رواية. كاظمة للنشر والترجمة والتوزيع. الكويت. 1985 ص 104/105).
بهذا الحوار القصير حاول الراحل غائب طعمة فرمان أن يقدم لنا لوحة واقعية حزينة واحتجاج واضح ضد موقف رجل المدينة من المرأة , وليس من رجل الريف الذي كان حين يذكر اسم المرأة يقرنه بكلمة "حشاك , وهي شتيمة قذرة وقاسية بحق الأم والأخت والزوجة والبنت والعمة والخالة , وهي لا تزال تمارس بصيغ مختلفة.
وفي الأربعينيات والخمسينات , رغم هذه النظرة السلبية إزاء المرأة , تخلص الكثير من النساء من عبائتهن وانطلقن سافرات في بغداد والبصرة والموصل والسليمانية وفي بعض المناطق الأخرى من العراق , أو رمين القطعة السوداء (البوشية) التي كانت تحجب وجه المرأة بذلك الحجاب القاهر. دخلن المدارس والمعاهد والكليات والوظيفة والعمل وأصبح لهن دور , وأن كان محدوداً في الحياة العامة. وشاركن بجرأة في النضال المشترك وفي وثبات وانتفاضات الشعب ودخلن السجن وقاومن الاستبدالد والاضطهاد رغم الحرمان.
وبرزت إمكانية أمام المرأة للحصول على الكثير من حقوقها في أعقاب ثورة تموز 1958 وصدور قانون الأحوال الشخصية , لولا التآمر على الجمهورية الأولى ولولا فردية قاسم ودور المؤسسة الدينية حينذاك في رفع راية العداء لقاسم بسبب قانون الأحوال الشخصية والإصلاح الزراعي , ولولا التآمر العربي والإقليمي والدولي على الحكم الوطني. لقد فتحت ثورة تموز عهداً جديداً للمرأة لضمان تطوير الحصول على حقوقها وتحسين دورها ومساواتها بالرجل , ولكن سرعان ما أغلق بوجهها كل ذلك بسبب القوى الرجعية والتقاليد والعادات البالبة ومقاومة الرجل المسند من شيوخ الدين حينذاك وثورة الردة في شباط من العام 1963.
وفقد المرأة الكثير من حقوقها في فترة حكم البعث الصدامي وعانت من مرارة الحرمان والترمل وتيتيم أطفالها والسجن والتعذيب والقتل وفقدان شخصيتها المستقلة نسبياً وحرمانها من السفر إلا بمعية "ولي أمرها الرجل". لقد حملت سياسات النظام الصدامي وحروبه الدموية الداخلية والخارجية والحصار الاقصتلدي الدولي الالمرأة على نحو خاص كثير من المآسي والمرارات , وهي لا تزال تعاني من التركة الثقيلة لتلك الفترة وما أعقبها بعد سقوط النظام.
واليوم , وبعد مرور أكثر من خمسة عقود على أفكار تلك الفترة عن المرأة , نلاحظ أن المجتمع قد ارتد قرابة خمسين عاماً إضافية , عاذ إلى عشرينيات القرن الماضي وليس إلى الخمسينيات منه. وإذا كانت الدكتورة نزيهة أول امرأة استوزرت في كل الدول العربية في أعقاب ثورة تموز 1958 , فأنها كانت في وضع أفضل من الفترة الراهنة رغم استيزار عدد من النسوة أو وجودهن في مجلس النواب ومجلس الوزراء بحصة معينة مقررة سلفاً , إذ أن النظرة الدونية إزاء المرأة اليوم هي أقسى بكثير مما كانت عليه في تلك الفترات بسبب هيمنة قوى الإسلام السياسي على مقاليد الحكم ومحاولتهم إرجاع عجلة التاريخ إلى الوراء.
لقد تمكنوا من ذلك حقاً وأعادوا عجلة التاريخ إلى الوراء في العراق , وهذا ما يعيش في ظله العراق بالنسبة للمرأة منذ قرابة ست سنوات. ولكن سرعان ما سيسحق نضال المرأة الفكر المناهض لحقوق المرأة ومساواتها بالرجل لأنها مخالفة لسنة التطور وعجلة التمدن الدولي , ولا يمكن أن يستمر واقع المرأة العراقية على حاله الراهن , إذ أنه الظلم بعينه لا بحق المرأة وحدها , بل بحق الرجل أيضاً وبحق المجتمع كله , والظلم إن دام دمر. وإذا تسنى لبعض قوى الإسلام السياسي الهيمنة التامة على الحكم , كما في حالة التيار الصدري أو المجلس الإسلامي الأعلى أو قوى الأخوان المسلمين المتمثلة بالحزب الإسلامي مثلاً , دع عنك قوى إرهابية مثل القاعدة وأنصار الإسلام السنة وجماعة حارث الضاري المتطرفة وحليفة القاعدة في العراق ومن لف لفهم , فعندها سيكون وضع المرأة في العراق حتى أسوأ مما تعاني منه المرأة اليوم في القسم من أفغانستان الذي تهيمن عليه قوى طالباني المنطرفة أو في إيران حيث الحرس الثوري هو الحاكم والمستبد بأمره , وفي بعض محافظات العراق حيث لا تزال تسود بعض القوى الإسلامية السياسية التي تجاوزت ولا تزال تتجاوز على المعقول من الأمور وعلى حقوق المرأة على نحو خاص.
لا تشكل المرأة نصف المجتمع من حيث الكم الحسابي فحسب , بل وبالأساس هي نصف المجتمع من حيث القيمة الحقيقية للمجتمع , فالمجتمع من دون دور المرأة وفعلها وفكرها وعملها ومكانتها وتأثيرها يفقد المجتمع نصف قيمته الأساسية والحقيقية وتتوقف عملية إعادة الإنتاج. فالمجتمع من دون دور المرأة يصبح فقيراً وبائساً وقبيحاً بكل معنى الكلمة , كما هو حال المجتمع العراقي وكل المجتمعات العربية والإسلامية في الوقت الحاضر تقريباً. وحتى في تلك الدول التي منحت المرأة بعض حقوقها , لا تزال المرأة مسلوبة الإرادة وخاضعة للتقاليد والعادات البالية المناهضة للمرأة ودورها في الحياة العامة. إن المرأة في العراق الراهن تواجه عقلية مستحكمة من مخلفات الماضي البعيد وتعاني من تركة الفترة الفاشية في الحكم وعواقبها المرضية على المجتمع. ولا يمكن أن يتحقق لها ما تصبو إليه من خلال الحصة المحددة بـ 25% فقط , بل المهمة أكبر بكثير من هذه النسبة , المهمة تتحدد في كيف يمكن غسل دماغ الرجل العراقي بشكل عام من ترسبات الماضي القديم والراهن أيضاً, من مقولات الكثير من شيوخ الدين التي تتواطأ على حقوق وحريات المرأة بشكل مباشر وغير مباشر.
نحن بحاجة إلى أن تلعب رابطة المراة العراقية دوراً أكبر مما لعبته حتى الآن من أجل أن تصبح تجمعاً نسائياً يتجاوز حدود الحزبية الضيقة بحيث يجمع في صفوفه النسوة التي تشترك في الوعي بحقوق المرأة وحريتها ومصالحها الأساسية واستقلالها الاقتصادي وترفض الانسياق وراء إرادات الرجال مهما كانوا طيبين ووراء الأحزاب الذكورية مهما ادعت العقلانية.
نحن بحاجة إلى مبادرة تهدف إلى تشكيل اتحاد للمنظمات النسوية ذات الاتجاهات الفكرية المتعددة , والذي يفترض فيها أن تتفق في ما بينها على وحدة النضال المشترك في سبيل حقوق المرأة ومساواتها التامة بالرجل, وربما يمكن للرابطة أن تلعب هذا الدور التجميعي والتوحيدي أو التنسيقي في ما بين المنظمات النسوية لتشكيل الاتحاد المنشود , إذ أن حقوق المرأة لا تعطى من جانب الرجل بأي حال , بل سيبقى الرجل يتشبث بحقوقه الإضافية على المرأة التي اغتصبها خلال القرون المنصرمة ومصادرة حقوق المرأة وفرض هيمنته التامة عليها ويرفض القبول بها على قدم المساواة معه , ويدافع عن هذا الواقع المُر الذي تعاني منه المرأة بكل السبل المتوفرة لديه بما فيها ممارسة أساليب العنف والقسوة. ولهذا , لا بد للمرأة أن تنتزع تلك الحقوق من بين أسنانه التي يعض عليها ويتمسك بها منذ قرون طويلة , حتى لو أجبرت المرأة على اقتلاع تلك الأسنان الضارية. إن انتزاع حقوق المرأة وحريتها ومساواتها بالرجل تشريعاً وممارسة هي الثورة الاجتماعية بعينها التي نحتاجها في عراقنا الجديد , إذ لا يمكن أن يتقدم العراق ويتطور حضارياً بالرجال وحدهم , بل بالنساء أيضاً وبالتضامن الفعال مع الرجال. إن تغييب حرية وحقوق المرأة هو تغييب لحرية وحقوق المجتمع بكل معنى الكلمة , وهو تجاوز على حقوق الإنسان. وبكلمة مكثفة: "لا يمكن اعتبار أي مجتمع حر ومتحرر حين يضطهد ويصادر حقوق المرأة". وكم كان صحيحاً ذلك القول الجميل المنسوب إلى الصحابي والخليفة الثاني عمر بن الخطاب حين قال "متى استعبدتم الناس وقد خلقتهم أمهاتهم أحرارا"ً , والناس هنا لا تعني الرجال فقط , بل تعني النساء والرجال معاً. فهل يعي المؤمنون مضمون هذا القول ويتخلون عن الفتاوى التي تقود إلى خنق المرأة في البيت والمطبخ وتحت العباءة؟
من الغريب والعجيب حقاً أن نلتقي بنسوة يرفضن ممارسة حقوقهن كاملة غير منقوصة أو حتى يكافحن المرأة الأخرى التي تطالب بحقوقها وبحقوق بقية النساء. ومثل هذه السلوكية لدى البعض الكثير من النسوة نجده في صفوف بعض الأحزاب الإسلامية السياسية , وليس بالضرورة كل النسوة العاملات في هذه الأحزاب , ولكن هذه الظاهرة تشكل الغالب الأعم بينهن. وهي المشكلة التي واجهت ولا تزال تواجه المرأة في العراق , بما في ذلك في مجلس النواب. وعلينا متابعة مواقف بعض النسوة العاملات في صفوف قوى إسلامية سياسية وفي مجلس النواب , سواء أكن شيعيات أم سنيات المذهب , سنجد الخبر اليقين عن مواقف الكثير منهن المناهض لحرية وحقوق المرأة كاملة غير منقوصة , تلك الحقوق والحريات التي نصت عليها اللائحة الدولية لحقوق الإنسان أو القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة والخاصة بحقوق المرأة على الصعيد العالمي.
يعتبر الثامن من أذار من كل عام عيداً تحتفل فيه المرأة على الصعيد العالمي ورمزاًً للتضامن في ما بينها لمواصلة النضال من أجل تأمين حقوقها وحريتها ومساواتها , إضافة إلى التحري عن حلولً عملية للمشكلات التي تعاني منها المرأة , ومنها الحلول المطلوبة لمشكلات المرأة في العراق حيث يشار إلى وجود أكثر من مليون امرأة أرملة ومطلقة , كما يوجد ملايين من الأطفال الذين يتمتهم الدكتاتوريات الماضية وحروبها والإرهاب الدموي الذي مورس في العراق في أعقاب سقوط نظام البعث الصدامي , والذي لا يزال مستمراً ولم ينته تماماً حتى الآن. ويستحيل انتزاع هذه الحقوق ما لم تسع القوى الديمقراطية والتقدمية إلى تعبئة المزيد من النساء للمطالبة بحقوقهن عبر الإضرابات والمظاهرات السلمية والمطالبات المستمرة وتقديم الاحتجاجات ضد معاناتهن , كما يفترض أن تجري تعبئة الرأي العام العالمي والمنظمات النسائية العالمية والإقليمية والأمم المتحدة لصالح المراة في العراق ولصالح حل مشكلاتها وانتزاع حقوقها وتأمين مساواتها بالرجل.
تحية للمرأة العراقية المناضلة في عيدها السنوي , والذكر الطيب للشهيدات الللاتي سقطن في سوح النضال من أجل حقوقهن وحقوق الشعب وضحايا الحروب والسياسات الاستبدادية والشوفينية والطائفية.
أوائل أذار / مارت 2009 كاظم حبيب










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا للذكرى
عدنان عباس سكراني ( 2009 / 3 / 8 - 06:49 )
كانت الحرب في اوج استعارها وكان الجيش الايراني قد احتل جبل كردمند ولان ثمن الحرب القذره ان يموت الجنود من اجل ان نمنع الايرانيين من التوغل اكثر في حرب قد بدئها المعتوهين العراقيين والايرانيين فقد تحرك فوجنا نحو كردمند في الطريق رايت منظرا لم انسه طوال حياتي منظر امراه في حوالي الخمسين من عمرها جالسه امام بيتها تكفكف دموعها وهي تنظر الى اغراض البيت البسيطه الموضوعه امامها وهي ربما تنتظر رجل البيت الذي ذهب لجلب سياره لنقل الاغراض من الاتون المشتعل فقد كان القصف على اشده والايرانيين على الابواب تاتيني هذه الذكرى الاليمه لامراه عراقيه وهي تنتظر وتنتظر ودموعها تجري عسى ان تغسل ذنوب المجرمين القتله المتحاربين فيما بينهم من اجل مجد غابر واطماع شيطانيه حقيره


2 - رأي
رياض ألصفار ( 2009 / 3 / 8 - 12:13 )
ألآستاذ كاظم حبيب تحيه وتقدير
أن تصدي ثورة 14 تموز ألمجيده وألزعيم ألوطني عبد ألكريم قاسم لآصدار قانون ألآصلاح ألزراعي وقانون ألآحوال ألشخصيه ,وأيضا وحتى لا ننسى, ألقانون ألرقم 80 لاتؤشر بالمجمل فردية من عبد ألكريم قاسم ,وألآ فالموضوعيه تستدعي ألاشاره بأسلوب قريب أو بعيد ,أو بشكل أو أخر ألى فردية لينين خلال حقبه حرجه مكتظه بألآحداث ألجسام ألمتسارعه,في ألتنظير وفي أدارة ألتنفيذ.على أية حال,أنك لم تضع عند تحليلك ألسريع هذا لهذه الحقبه تحديدا, رأيا أو نقدا لمواقف وسياسات ألحزب ألشيوعي ألعراقي ونسبة أسهامها في ما صار أليه ألحال لاحقا ... أن ماتسميه بأجحاف للآسف فردية عبد ألكريم قاسم وتضعها أولا في أسباب أغتيال ثورة 14 تموز,هي ذاتها ألتي ركز ويركز عليها من تأمر على ألثوره وألشعب وألوطن ألعراقي ,ألذين أستندوا على ألدول ألآجنبيه ذات ألمصالح ألقائمه في ألعراق وألجيل ألمستحدث أنذاك من ألحكام ألعرب ألذين توائمت أهدافهم وتنظيراتهم وألمستعمرين نحو ألجمهوريه ألعراقيه ألفتيه(مش كده يابيه..؟) وعلى أية حال فالحديث طويل وأن أهميته تقع في أننا لم نزل نعاني ألتداعيات ولايزال مهما أستباط ألدرروس لبرمجة ألتفكير وألتدبير لآنشاء ألعراق ألحبيب مدنيا ماضيا في ألتقدم ألحضاري بموازاة نظرائه من ألآم

اخر الافلام

.. ناشطون في كندا ينظمون مسيرة تضامنية مع فلسطين


.. روسيا تجري تدريبات لإطلاق صواريخ في شرق البحر المتوسط




.. مظاهرات للمعارضة في كوريا الجنوبية أمام مقر البرلمان بعد فرض


.. رئيس كوريا الجنوبية: سأتحرك لرفع الأحكام العرفية التي أعلنته




.. عاصفة ثلجية تاريخية تُغرق البحيرات العظمى في الولايات المتحد