الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عرض كتاب

كاظم الحسن

2009 / 3 / 9
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


كاظم الحسن
يحلق الشاعر ادونيس عبر كتابه “الهوية غير المكتملة” في فضاءات مغلقة ومتخمة بالتابوات، لاسيما الثلاثي المحظور (الجنس، السياسة، الدين). ومن الطبيعي ان تمتد هذه الاسوار او السلاسل لتطبق على الابداع ومن يوغل في هذه الحقول البكر يستشعر مناطق الخطر ويصطدم بسدنة العقل والحرية.
ولذلك يطلقون عليه بالشاعر العدمي: ينظر البعض اليّ بوصفي عدميا لانني اضع موضع التساؤل كل شيء وحتى التاريخ. ويرى ادونيس في هذا الكتاب عبر الحوار الذي جمعه بالروائية شنتال شوان سر هذا التساؤل يعود: انني اعيش في هذا المجتمع كما لو كنت اعيش في درجة الصفر، اجتماعيا وسياسيا بالمعنى الذي يحتاج كل شيء الى اعادة تحديد والى اعادة نظر واعادة عمل.

ويشكك في اخلاقية هذا العالم: انه لمن المشين على الصعيد العالمي ترك الاطفال يموتون، ومن المشين على الصعيد العربي ترك شخص دنيء يقود هذا البلد المسمى العراق، لقد قتل صدام الوف المعارضين ولم يكف عن القتل يوما. قتل كل من يشتبه به دون دلائل قتلهم مباشرة وعلى الفور.
ويصل جبروت الدكتاتور وعنفه الى مرحلة ما بعد موت الضحية، ويشمل ذلك كل من يتصل به بالقرابة او الصداقة، ففي رأي الطاغية يتوجب تطهير المجتمع من الاشخاص الذين يوجهون اليه نقدا.
العراق هو خطيئة الاب. الاب الذي يتجسد في المسؤول لم يعد الاب يرى سوى ذاته. لقد نصب نفسه ابا مطلقاً.
ولفرط ما يحب ابناءه المزعومين لم يعد يراهم لقد مزقهم شر ممزق. والخلاص يمر عبر احد العناصر الجوهرية والذي يتمثل بتدمير هذا الحضور الكلي للابوة الكيانية داخل المجتمع العربي.
وعندما يأخذ لبنان كنموذج للطائفية المقيتة، حيث يرى ان الدستور يصنف الاشخاص حسب الانتماء الطائفي وهذا هو الاسوأ فالكائن الانساني بما هو كائن انساني في ذاته غير معترف في لبنان، فاذا كنت مسيحياً فلن تنال قط وظيفة مخصصة لرجل مسلم، لان مزايا المواطن يجري تحديدها في لبنان من خلال طائفته لا ثقافته.
وماذا يعني انسان لا يملك قيمة وجودية خارج طائفته او عشيرته؟
ويفرق في نقده للعرب بما هم افراد وبما هم كائنات انسانية وبين العرب بوصفهم مؤسسة او بوصفهم نظاما... الخ. وهذا يصح على اي شعب من الشعوب يجري الحديث عنه ونقده. ليس النقد للفرد واذا ما نقدنا فنحن ننقد كل ما هو ممأسس. خلاف ذلك فأنني اذا ما نقدت العرب كبشر اكون معاديا لنفسي.
ويرى في جذور العنف المستشري الى ان كل دين يزعم بان الهه هو الافضل. كما يشن كل دين الحرب دفاعا عن الهه. غير ان الله قادر وحده كما اعتقد على الدفاع عن نفسه لذا فهو ليس بحاجة الى جنود ودبابات وحاجته اقل الى انتحاريين وفدائيين للدفاع عن نفسه.
يغدو المرء بالغ العنف حينما يقال له باسم الاله لا تفعل هذا، لا تقل هذا، لا تفكر في هذا ذلكم هو جذر العنف وبدايته وبعد ذلك يأتي العنف السياسي والاجتماعي.
وفي اعتقاده، ان الابداع الموشى بالكونية والذي يشتمل على الشعر والفن والفلسفة فان الحدود تنمحي بين ما يسمى الشرق والغرب هذا ان وجدت يوما.
ويتساءل اذا كان رامبو شرقيا او غربيا؟ ان الابداعات العظيمة من امثال ملحمة كلكامش للسومرية والحضارة المصرية والمبدعين القدماء كانوا كونيين.
لقد تغير العالم، كما تغير معنى الفلسفة والشعر والسرد الحكائي. استولت عليه الصحافة ووسائل الاعلام.
اننا نشهد تحالفا بين السوق والسلطة.
يمكننا ان نقرأ قصائد هي مجرد صناعة، انتجها تقني، لقد جرى نقل الالة ووضعها على الصفحة بواسطة الكلمات فغدت القصيدة الة اخرى. كما غدا الشعراء والكتاب اشبه بآلات تصور فوتوغرافيا تجرد الانسان من انسانيته، هذا الفقد لانسانية الانسان، لا يمكن انسنته من خلال الوصف بل لابد من تجاوزه والحب هو المدخل الى ذلك.
ان تحب فهذا يتطلب منك سورة عارمة من الاحتدام فالحب ثقافة حقيقية. ولابد للمرء من ان يكون موهوبا كي يحب. لذلك فان كثيراً من الناس لا يحبون.
ونحن نعيش في عالم يتظاهر بالحب ونعيش في مجتمع يقتل في كل لحظة، كل ما هو انساني وحينما يقتل الانساني يقتل الابداع.
انني ازعم بان جسد امرأة او جسد رجل يظل لغزا فلا فرويد ولا يونغ ولا لاكان قد لامس السرقط وهذا افضل لان فهم الجسد على نحو حاسم يتناقض مع الجسد ذاته.
وظل جسد المرأة في رمزيته، صورة للشر او ملاحقا له بينما ظل الرجل الى جانب الخير، ولست ادري كيف يمكن لهذا الشر ان ينجب الخير!.

الكتاب: الهوية غير المكتملة
المؤلف: ادونيس بالتعاون مع شانتال شواف
الناشر: بدايات للطباعة والنشر، سوريا ــ جبلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتدي ضربا على مسيرة مؤيدة لفلسطين في فلوريدا


.. كيف تحايل ترمب على قرار حظر النشر في قضية شراء الصمت ؟




.. حركة نزوح عكسية للغزيين من رفح.. 30 ألفا يغادرون يوميا منذ ا


.. جذب الناخبين -غير المهتمين-.. مهمة يسعى لها كل من ترمب وبايد




.. العملات المشفرة.. سلاح جديد لترمب لجذب الناخبين -غير المهتمي