الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموظفون الأشباح وأشباح الموظفين

كاظم الحسن

2009 / 3 / 10
حقوق الانسان



تبيئة المفاهيم الحديثة ونقلها من حقل معرفي الى اخر، بدأت في العلوم الانسانية وعندما نسمع عن ما يسمى بالشبح، تتوارد الى مخيلتنا، السيارة الشبح، الطائرة الشبح، وهي تعني خفة الحركة والسرعة الفائقة والقدرة على التواري، ويبدو ان هذا المصطلح انتقل الى بعض الدوائر الحكومية وبتنا نسمع عما يسمى بالموظف الشبح او الوهمي وهو قرين (ضد مجهول) الذي يستعمل في الدوائر الجنائية التابعة لوزارة الداخلية.

والفرق بين الشبح الطائرة، والشبح الموظف و(المجهول) هو ان الطائرة لايرصدها الرادار، والشبح الموظف، لاترصده هيئة النزاهة و(المجهول) لايرصده البوليس والمشترك بينهم خفة الحركة والقدرة على الاختفاء.
فبعد ثلاث او اربع سنوات تكتشف بعض الوزارات عن وجود موظفين وهميين يتقاضون رواتب وهم باعداد متزايدة، وربما لاحقا يطالبون بشمولهم بقانون التقاعد!.

هذه الظاهرة الخطيرة التي ينفرد بها العراق تسرق قوت اعداد غفيرة من البطالة، الذين ينتظرون، استحقاقهم في العمل ناهيك عن السرقة للمال العام في وضح النهار، وهذا يثير اسئلة مريبة، من ضمنها من هو الموظف الحقيقي؟ وكم عدد الساعات التي يقضيها في الدوام الرسمي مادام الموظف الشبح يسرح ويمرح بلا مساءلة او محاسبة وما هي اهمية المفتش العام في الوزارات اذا كان غير قادر على رصد الاشباح في وزارته؟

في زمن النظام السابق كان التلفزيون بين فترة واخرى يعرض صور متهمين يطلق عليهم منتحلو صفة اقارب مسؤول وانهم حصلوا على امتيازات من جراء تلك الصفة ولكن السؤال الذي يثار هو ما شرعية اقارب المسؤول لكي يحظوا بالامتيازات والمغانم، وهل يعاقب المنتحل لهذه الصفة ام اقارب المسؤول على تعديهم وتجاوزهم للقانون؟.

ولذلك لاغرابة حين نسمع عن رصد او تخصيص اموال طائلة للمشاريع، من دون ان نلمس أي تاثير على حياة المواطن الذي يعتصم بالصبر والابتهال الى الرحمن.

بالاضافة الى ذلك نجد بعض المؤسسات الحكومية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني، تبقي الاموال في الخزنة على حالها ويتلبسها الخوف والفوبيا من الصرف بفعل سني الشحة والتقتير ولذلك على الدولة ان تقيم دورات مجانية من اجل اعدادهم وتأهيلهم لنمط جديد من الحياة.

ومن الملفت للنظر ان نظام العقوبات المعمول به لايتناسب وحجم الجرائم الاقتصادية التي تهدر فرص التنمية، وهنالك مشكلة خطيرة تجعل الجناة يهربون من الحساب، من خلال تسييس تلك الجنايات والاحتماء بالاحزاب او الطوائف ونقل الملف من السلك الجنائي الى السلك السياسي.

والمشكلة الكبرى التي واجهها القضاء العراقي في محاكمة اركان النظام المخلوع، هي تسييسهم للقضايا الجنائية أي انهم يتكلمون بمنطق السياسة وليس منطق القانون.

وهذا يشبه الى حد بعيد حال امرأة نمساوية دارسة للقانون وتحمل شهادة المحاماة، قامت بعزل بناتها الثلاث في منزل الاسرة لمدة سبع سنوات وظلت هذه السيدة تدافع عن نفسها امام القضاء وتقول انها فعلت ذلك حرصا وخوفا عليهن وسلامتهن ولضمان استمرار بقائهن بجانبها. وهي بذلك تحاول ان تدافع بمنطق الامومة المتطرف بدلا من القانون ولقد خضعت السيدة للعلاج في مؤسسة خاصة.

ان اخطر ما يواجه العراق الان، هو شرعنة الفساد سواء بالاحتماء بالسياسة او من خلال اتساع هذه الظاهرة مع وجود مافيات وميليشيات ترى فيها ديمومتها ناهيك عن محاولة البعض تطبيع هذا الهدر لممتلكات الدولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما هو الحل
عدنان عباس سكراني ( 2009 / 3 / 9 - 22:08 )
اعتقد ان افضل حل للقضاء على ظاهرة الموظفين الوهميين هو التعداد العام للسكان على اسس سليمه وعمل البطاقه المحده لكل سكان العراق وتقول الحكومه انها في سبيل عمل ذلك في تشرين اول هذه السنه

اخر الافلام

.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - كوريا الشمالية تعرب عن دعمها الكا


.. حديث السوشال | في الأردن.. معلمة تصفع طفلاً من ذوي الاحتياجا




.. مشاهد لاكتظاظ مدينة دير البلح بالسكان النازحين من رفح


.. تونس: متظاهرون يطالبون بتحديد موعد للانتخابات الرئاسية وإطلا




.. الجيش الإسرائيلي يخلي مراكز الإيواء من النازحين الفلسطينيين