الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الماركسية ماتت وحان دفنها؟

شاكر النداف

2009 / 3 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لم ينل اي فكر في عصرنا الى الهجوم والتشويه ومحاولات التنكيل بقدر ما تعرضت وتتعرض اليه الافكار الماركسية باعتبارها طريقة في تفسير التأريخ وكنموذج لحلول المعضلة الانسانية, كمسالة النظام الاجتماعي الذي يمكن ان يحقق للانسان وجوده ويظمن له عيش خالي من التعسف والاستعباد. ان مثل هذه الحملات اضحت كتراتيل دينية لمن يناصب العداء للفكر الاخر دون ان يعطي بدائل ناجعة.

كان انجلس يقول في معرض حديثه عن نفسه وعن صديقه الشهير ان مذهبهما ليس بمذهب جامد, وانما هو مرشد للعمل, ان هذه الصيغة الكلاسيكية تبين بقوة وبصوره اخاذه هذا المظهر من الماركسية الذي غالبا ما يغيب عن البال في كثير من الاحيان, واذ يغيب هذا المظهر عن با لنا و نجعل من الماركسية شيا"
وحيد الطرف, عديم الشكل, شيئا جامدا لا حياة فيه وتفرغ الماركسية من روحها الحية وتنسف اسسها ونعني مذهب التطور التاريخي المتعدد الاشكال والحافل بالتناقضات وبالتالي نضعف صلتها بقضايا العصر المعقدة والدقيقة والتي من شأنها ان تتغير لدى كل منعطف جديد في الـتأريخ.

ففي عصرنا هذا نجد كثير من اعداء الماركسية والمزمرون لفشلها يربطون فشل تجربة النظام السياسي في الاتحاد السوفييتي بفشل الماركسية متناسين من ان الماركسية دخلت في مختبر صعب هو بالاساس غير مؤهل تأريخيا لتطبيق النظام الاشتراكي الذي تناوله ماركس, واعني بهذا المختبر هو روسيا رغم البناء والانجازات الكبيره التي حصلت على الصعيد الداخلي واثرها في دعمم حركات الشعوب المستضعفه من اجل تحررها وانعتاقها في اسيا وافريقيا.

ان التجربة الاشتراكية تجربة نوعية وعظيمة ذات دلالات تاريخية, حيث انها تجربة لكل البشرية ولكن افسدت وابتعدت عن منهج الماركسية الخلاق و تحولت الى واحة من البيروقراطية وكبت الحريات وغياب ابسط الحقوق الانسانية التي ينادي بها فكر ماركس. وهذا يجعلنا نستذكر مقولة الفيلسوف الالماني هيغل القائلة من ان كل نظام يسقط لابد وان هناك اسباب موضوعية لسقوطه.

حينما نتحدث عن الماركسية لايعني التحدث عن كل ماقاله ماركس, فلقد عالج ماركس قضايا متعددة وبمستويات مختلفة وفي اطر ومراحل زمنية متنوعة ولم تتشكل دفعة واحدةو بل تمت وتحددت عبرة خبرات طويلة من المعرفة العلمية والفلسفية والممارسات العملية والنضالية, حيث علاقتها بالسياقات الاجتماعية والثقافية, فهي ليست صيغة جامدة جفت منابعها فماتت وينبغي دفنها كما يدعي اعداءها.

ان الدفاع عن الماركسية لايعني خلوها من ثغرات وبعض الاستنتاجات الخاطئة والتي ربما كانت صحيحة في زمنها لكنها لاتصلح لعصرنا الراهن.

من الواضح ان من يجهل الفكر الماركسي او ينصب العداء له باعتباره نتاج العمل الفكري الجمعي, لايستوعب الاهمية الانسانية لهذا الفكر باعتباره فكر انساني يرمي الى تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية ويرفض اضطهاد الانسان تحت مختلف المسميات, فهو إما قليل المعرفة او ذات اهداف سياسية يبغي من وراءه تخويف وابعاد الناس صاحبة المصلحة بالانتماء الى قوى الطليعة وبالتالي تكريس الجهل من خلال استغلال عواطف الناس وتخويفهم وبث روح الشعوذة والغيبيات وجعلها مرجعية للبعض للتحريم والتحليل ولاضفاء المشروعية على الوضع, وهذا ما نشاهده في بلداننا, حيث ان تجهيل الانسان اصبح افضل اسلوب للسيطرة عليه.

ان من الاشياء التي لايختلف عليها اثنان في بلداننا العربية هو ان الماركسية لم تترجم ترجمة كاملة شاملة في لغتنا, اي انه حتى اليوم لم يدخل في ثقافتنا العامة فضلا عن انها لم تجد طريقها بشكل موضوعي في اعلامنا, وتعليمنا ومدارسنا وجامعاتنا وحتى مجلاتنا وكتاباتنا العلمية الا قي صورة مشوهه, عدائيه في اغلب الاحيان, حيث تكرس عملية التجهيل وقرع طبول العداء لفكر تجتمع قوى الظلام لعداءه متناسية من ان حركة التأريخ لايمكن ايقافها بالتزيف والتزوير, والشعوب دائما تختار شجرة الحياة الخضراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فندق فاخر في أبوظبي يبني منحلًا لتزويد مطاعمه بالعسل الطازج


.. مصر تحمل إسرائيل مسؤولية تدهور الأوضاع الإنسانية بغزة | #راد




.. نتنياهو يزيد عزلة إسرائيل.. فكيف ردت الإمارات على مقترحه؟


.. محاكمة حماس في غزة.. هل هم مجرمون أم جهلة؟ | #حديث_العرب




.. نشرة إيجاز - أبو عبيدة: وفاة أسير إثر قصف إسرائيلي