الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في المربد عرس واوية حقيقي

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2004 / 4 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا أشك للحظة في أن البعثيين العفالقة لم يكونوا أغبياء في تعاملهم مع الشعراء ( المتشاعرين) و المثقفين ( المتثاقفين) ، فقد درسوا و محّصوا نفسيتهم جيدا ، و فراستهم فيهم لم تخطئ ، فعرفوا كل الطرق و الأساليب لتدجينهم و توظيفهم في تحقيق مشاريعهم الفاشستية الشوفينية . و مثلما وزع الطاغية الظلم بشكل عادل فقد عمم الفساد و الابتذال على اكبر مساحة من العقل و النقس ، فيبرر الزائف مساهمته في انتاج و اعادة انتاج الزيف وفق مبدأ " حشر مع الناس عيد" ، لكي يرتاح، و ميزوا البعثيون فيهم الوتر الحساس ليضربوا عليه فيرقّصوهم على هواهم و لحنهم ، كل سرب على هوى ، وكل قطيع على لحن. فاستساغوا الذل و الهوان فحسبوهما كرامة و عزة ، واصبحوا يقتادون على الزيف و الكذب ، فاعتادوا الظلام واستأنسوه حتى بات جزء من تركيبتهم النفسية و الجسدية . و قد جبل البعثيون بعض المستثقفين ساديين في إيذاء أهل العراق ، يرفلون في هبات الرذيلة ، و بعضهم كان يرى في منافيهم جنانا و حياة سعيدة نعمة ّ من الطاغية فارس أمتهم . و هؤلاء الأخيرين كان لقُيائِهم الشعري وقعا تدميريا أشد على العقل والروح في العراق مما كان للأولين ، لأنهم كانوا و لا يزالون يستميتون في إثبات انهم شعراء مبادئ لا عطايا الطغاة ، و انهم بعثيون حقا و إن لم ينتموا. فالطاغية جردهم حتى من التباهي بالهروب من صفه ، بطرد بعضهم و المساعدة لبعضهم بالخروج الذي يسمونه كذبا ونفاقا خروجا على النظام و نضالا لا هوادة فيه في سبيل " الوطن".
و السؤال الآن هو : لماذا اختار العفالقة مفردة " المربد" التي تعني " مربط البهائم" و موضعا كان يقع في البصرة، لتطلق على مهرجانات العار للشعراء ؟ ألم يصفح العفالقة معجما من المعاجم العربية ليدركوا معنى هذه الكلمة ، أم انهم ثبتوها عمدا رغم معرفتهم أن الشعراء شئ و البهائم شئ آخر ـ مع احترامي الشديد للبهائم ـ إمعانا في إذلال هؤلاء" المثقفين" .
لقد جاء في القاموس المحيط : (ربَدَ ُربُوداً: أقام، و حَبَسَ. و كمِنْبَرٍ: المَحْبَسُ، والجَرينُ، و موضع في البصرة. و الربْدة، بالضم: لون إلى الغُبْرة، وقد اربَدّ و اربادّ. و الرَّبداء: المنْكَرَة، و الربداء من المَعَز: السوداء المنقطة بحُمْرة. و الأربد: حيّة خبيثة، والأسد، كالأربد المتربد، وابن ضابئ، و ابن شُرَيْح، وابنُ رَبيعة: شعراء . و تربّد: تغير ، و تربّدت السماء: تغيّمت، و تعبّس. و الرَّبيد: تَمْر منَضَّد نضَح عليه الماء، و بهاءٍ: قمطر المَحاضِر. و الرابد: الخازن. و المُرَبَّد: الموَلّع ُبسواد ٍ وبياض. و قد ارْبَدَّ و اربادَّ ، كاحمرَّ و احمارّ. و أرْبَدَةُ، أو أرْبَد التميمي : تابعيّ. و مِربَدُ النَّعَم / كمنبر: موضع قرب المدينة).
إذن فثمة مربدان ( أو بالأحرى مربطا بهائم) كان واحد في البصرة و آخر في المدينة. و قد قبل جل الشعراء أن يستحيلوا إلى بهائم صدام بكل فخر و اعتزاز.
فأية وقاحة هذه التي يبديها أناس يحتفظون بعروش الطغاة في قلوبهم حين يواصلون هذا التقليد البعثي البغيض !
إن النربية البعثية ستظل متغلغلة في وعي و لاوعي كثيرين تغلغلا عميقا لا يمكنهم التغظية عليها ، و تظهر للسطح حالما يبادرون بالقيام بنشاط ( سياسي أو ثقافي؟ !) .
فأية إهانة هذه التي يهينون بها أهل العراق حين يوجهون دعوات لشعراء شاركوا الطاغية بقيائهم في اذلال العراقيين !
لقد كان الأجدر بهؤلاء الشعراء الكبار أن يبادروا إلى تنظيف شوارع البصرة وطرقاتها و حدائقها من النفايات المتراكمة فيها ، و التي باتت تهدد بكارثة بيئية . كان الأشرف لهم أن يوفروا وسائل الدراسة للتلميذات و التلاميذ في مدارس البصرة بعد أن اصيحوا بدون رحلات للجلوس و سبورات للكتابة و حتى الطباشير اصبحت مفقودة .
تلك الصورة المأساوية شاهدتها في فلم فيديو صورها أحد الزملاء لنا بعد زيارة الى البصرة المبتلاة بارهاب الإسلام السياسي و طغيان البعثيين – وإن لم ينتموا- .
هؤلاء الشعراء لم يعبروا حتى اللحظة عن موقف إنساني من اضطهاد المرأة في البصرة التي يقع فيها مربدهم .
فإلى من سيكون هذه المرة – مديح الظل العالي ؟ و كيف تكون المباهاة – بأوتاد عربية للثورة ؟ و أية ثورة ! ؟
ومن سيكون وزيرهم ، وزير الشعراء ؟
و هل سيلتقي شاعر أم الجمارك الكردي شعراء أم المعارك؟ فأكثر الظن أنه سيهينهم ، و سيحطم كبرباءهم .
وما أصدق الشاعر الراحل جان دمو حين قال إن الشعراء الشعبيين يتحملون مسؤولية تدمير العراق .

إنه سيكون عرس واوية من صدك !
" خير للإنسان أن يموت على يد الفاشيين من أن يتحول هو إلى أحد الفاشيين " هيرمان هسة

" إن يكن مبتغاكم أن تنزلوا طاغية عن عرشه فاعملوا أولا على تحطيم ذلك العرش الذي أقمتموه له في قلوبكم " جيران خليل جيران
فخذوا قيحكم أيها الشعراء الكبار و ابحثوا عن بالوعات في بلدان أخرى ! فجراحات العراق لن تتحمل الملح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يؤيد قصف منشآت إيران النووية: أليس هذا ما يفترض أن يُض


.. عاجل | المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: هذا ما سنفعله مع إيران




.. عاجل | نتنياهو: لم نستكمل تدمير حزب الله وهذا ما سنقوم به ضد


.. قصف مدفعي إسرائيلي وإطلاق للصواريخ أثناء مداخلة مراسلة الجزي




.. نائب عن حزب الله للجزيرة: الأولوية لدينا حاليا هي لوقف إطلاق