الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حالمة حد الأشتعال !

يوسف ابو الفوز

2009 / 3 / 12
الادب والفن


الشهيدة احلام ، هي "عميدة عذبي الخميسي " . مواليد بغداد 1956 . طالبة في كلية الزراعة . قطعت دراستها وغادرت العراق عام 1978 أبان الحملة الارهابية للاجهزة الامنية للنظام الديكتاتوري المقبور . عادت مع زوجها الى الوطن ، الى كوردستان العراق ، والتحقت بصفوف الأنصار في 28 / 5 / 1982. أستشهدت ببطولة في الأول من أيار 1983 ، في احداث " بشت ئا شان" الاولى !
للقلب شكل القنبلة .
وللرصاص هجس الأصابع ،
لم يعرفوا ــ ولن يعرفوا ــ أن المبادئ وقوفا عن موقعها تدافع !
كان دجلة شاهدا حين عرفت أن تلك الغادة التي يتناثر الليل على كتفيها اسمها ( عميدة عذبي الخميسي) ، وكانت بنادق الأنصار شاهدا وهي تلمح قامتها الرهيفة تخطر بين نساء قرى منطقة " روستي" (1) تنثر المحبة وشموسا صغيرة . وعبر تضاريس الايام ظلت تلك الغادة حالمة حد الاشتعال ، راحلة أبدا في شموس الأماني ، في تويج الروح ، في شرايين الفرح ...
كان ليل عدن الساحر يلمنا في شرفة مقمرة . زوجها يسترخي قريبا منا ، " ناظم حكمت " وأشعاره ، وحبيبته منوّر، يشاركونا جلستنا ، التفتت عميدة إلى زوجها ، وفي عينيها بريق حالم أخاذ :
ـــ اذا صار لدينا طفلة سنسميها منوّر !
هل لي ان أتبارك من عيني منوّر ؟ ان اجدل شرائطها ، وارتب لها حقيبتها المدرسية ؟ ان اسهر لاجل عينيها مرة ؟ ليلة واحدة اسأل فيها النجمة التي أريد ، ليلة اسهر، ارسم لها الأماني عصفورا لجناحيه شواطئ دجلة والفرات ؟
الحمى تحرق جسدي ، وأمي بعيدة ... بعيدة ، وحزن المنفى له ملمس الحجر، حين أفقت ، كانت أمي تجلس عند سريري ساهرة والليل يتناثر على كتفيها !
كل ليلة تراني النجمة ساهرا مع بندقيتي، أوقد هواجسي شموعا و( حلومه ) المتألقة على خافي الوميض تتقد شموسا ، وذات يوم سأزهر عند مفرق شعرها ورد رازقي له عطر الأماني وسيكون ناظم حكمت ضيفنا !
ان من يستهين بامرأة تحمل بندقية ، يشتبك زنادها أحيانا بالضفائر، في (بشت ئاشان) عرف ان أمراة كـ "أحلام" يمكنها بسهولة ان تترك خلفها امشاطها ومرآتها وأن تتفجر بعنفوان الفرات ، وان يكون لاصابعها قوة الصخر وهي تضغط الزناد دفاعا عن شرف المبادئ !
في معارك الأنصار، حين ينحني الرصاص متكسرا عند الصخور، ويهوم صداه في الوديان وحنايا الروح، أراك يا عميدة ، على خط التسديد ، عند كتفي " الفرضة " ، تسندين ذراعيك وتبتسمين .
لرصاصي سيكون استدارة شفتيك ، وبريق بسمتك . ومنوّر ستأتي ، وسأضع صورتك وخصلة من شعرك في حقيبتها المدرسية !
أحلام ...
قد نلتقي وأضع بين كفيك الرصاصة التي ستحولني الى "سر الليل" (2) ، وقد انتظر لأجدل ضفائر منوّر، واهمس لها عن امرأة يتناثر الليل على كتفيها ، حالمة حد الاشتعال ، ظلت الشموس تتناثر من بين أصابعها حتى اخر لحظة من حياتها !

6/ 3 / 1988
كردستان / مقر مراني

ملاحظات اضافية :
* النص كتب في حينه لعدد من مجلة انصارية خاص بعيد المرأة .
1 ـ روستي : منطقة تابعة الى محافظة اربيل ، كان فيها مقر لسرية من الأنصار ، عملت الشهيدة أحلام هناك لفترة ، وقدمت خدمات مشهودة في التوعية والتمريض لنساء قرى المنطقة .
2 ـ دأب الأنصار عادة على اختيار أسماء الشهداء ككلمات لسر الليل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل