الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمق الدرس الثقافي

جمال المظفر

2009 / 3 / 10
الادب والفن



بالرغم من اننا حديثو العهد في التطبيق الفعلي للديمقراطية، ولم نثقف مسبقاً على آلية تطبيقها، بل أرغمنا على ولوجها بالقوة العسكرية ، فالسرف التي دخلت إلى شرفات بيوتنا سحلت معها الديمقراطية، وبقينا ننظر لها على أنها مطرقة من العيار الثقيل هوت على رؤوسنا في لحظة طأطأة غير محسوبة..
المهم اننا دخلنا المعترك، ومارسنا التجربة بالانتخابات والمسيرات الاحتجاجية وإباحة الجدران لخط الشعارات (يحيا فلتان ويسقط علان) والموت لثقافة الهمبركر ولتولي الباسطرمة إلى الجحيم بعد أن توفر الكنتاكي ، وأصبح لدينا بدل الصحف التي تعد بأصابع اليد والمؤدلجة لشخصية القائد الأوحد أكثر من مائتين وخمسين جريدة، والعشرات من القنوات الفضائية والفضائحية ، وتبلورت منظمات المجتمع المدني (الفاعلة والوهمية) وأنشئت عدد من التجمعات والمنتديات الثقافية، البعض منها لبناء ثقافة عراقية رصينة، والبعض الآخر الهدف منها التغلغل في جسد الثقافة العراقية بعد إحداث شرخ فيها، والعبث في تكوينها..
وقد كان لنشوء بعض التشكيلات، والتي تنتمي شكلاً ومضموناً لخيمتهم الكبرى الاتحاد العام للأدباء والكتاب، كنادي الشعر الذي أسسه وترأسه الشاعر المبدع حسين القاصد، وأصبح أول رئيس يؤسس إمبراطورية شعرية غير مستقلة، بل أضفى عليها الشرعية بوضعها تحت هذه الخيمة ، وما أن مرت سنة حتى بوشر بانتخابات للهيئة الإدارية للنادي، وصعد لرئاسته الشاعر المبدع عمر السراي في انتخابات غاية في الروعة شهدتها قاعة ألجواهري ، وتم تبادل (السلطة الشعرية) سلمياً، فلم يتمسك القاصد بكرسيه كونه مؤسس النادي، بل سلم ولايته بكل تواضع، لا كما يخلع السياسيون بالقوة ..!!
توالي الدورات الانتخابية لنادي الشعر، وتغيير الوجوه يدعو إلى التفاؤل بأن مستقبل الثقافة العراقية بخير، وبذلك أثبت المثقف أنه نقيض السياسي بميزة التواضع والاعتراف بأن الكرسي لا تدوم خلافته وفق مبدأ (لو دامت لغيرك لما وصلت إليك)..
فالسياسي يرى ان الكرسي حق مختوم، وملك صرف باسمه لا يتركه مهما كان حتى في التداول السلمي يصطنع الأعذار، وتبقى عيناه على حضنه الوثير حتى لو يذهب الى دورة المياه ..
وأجمل ما شدني في رؤساء نادي الشعر انهم لا يجلسون في المقاعد الأمامية التي تسلط عليها كاميرات القنوات الفضائية، وانما ينصهرون مع الآخرين في المقاعد الخلفية كمستمعين متذوقين لما يطرحه الآخرون، وتبادلهم السلمي للسلطة يعكس قدرة المثقف على التفاعل مع كل ما هو حضاري ومتطور، ويخدم المسيرة التنموية في العراق عكس السياسي تماماً الذي يبحث عن الأمجاد وتعظيم أو تأليه الكرسي والاختفاء خلف أقنعةٍ مشوشة المعالم والتحلي بالأنانية السياسية، وكل ما نتمناه هو أن يمارس السياسيون دور المثقف، وأن ينظروا إلى الواقع لا إلى الكراسي، إلى بناء المشهد السياسي والاجتماعي لا إلى صناعة أمجاد على جماجم شعوبهم، وأن يعتمدوا الحوار لا الخطابات الانفعالية التي درجنا على سماعها، فقد مللنا لغة السيوف الصدئة وأغاني (المحرقة) والتي يكنيها البعض (المعركة) ورقص (الجوبيه)..









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز


.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال




.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا