الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأمين التقاعد: معركة لضمان شيخوخة كريمة!

جهاد عقل
(Jhad Akel)

2004 / 4 / 1
الحركة العمالية والنقابية


* ماذا يخفي "الكرم" الحكومي بتسريع "قانون تأمين التقاعد الإلزامي؟ * هل القانون يضمن الأمان للعاملين؟ أم هو ضريبة أخرى تفرض عليهم؟ * أكثر من مليون عامل أجير بدون تأمين تقاعد، لكن قانون التقاعد الالزامي المقترح لا يؤمن لهم العيش الكريم * عامل إشتغل 35 عاما ودفع هو وصاحب العمل مخصصات تأمين تقاعد وفقا للقانون المقترح يحصل بالكاد على 30% من اجره تأمين تقاعد (اليوم 70%) * حكومة شارون - نتنياهو - لبيد تتخذ قرارات تحمي مصالح الاغنياء فقط على حساب حقوق العاملين والشرائح الضعيفة *
*مليون عامل بدون تأمين تقاعدي*
تشير الاحصائيات الرسمية في اسرائيل الى ان نسبة العاملين الذينلا يتمتعون بالتأمين التقاعدي في اماكن عملهم تصل الى 40%، اي اكثر من مليون عامل وعاملة. وهذا الرقم بحد ذاته هو فضيحة لحكومة اليمين الحالية وما سبقها من حكومات. لأن هؤلاء العمال عندما يصلون الى سن التقاعد لن يجدوا مصدر دخل سوى مخصصات الشيخوخة التي تدفعها لهم مؤسسة "التأمين الوطني" ، وهي مخصصات لا تضمن لهم امكانية العيش الكريم، مما سيؤدي الى انضمامهم لاحقاً الى جيش الفقراء الذي يزداد تعداده من سنة الى اخرى. ونلحظ ان السياسة الحكومية الحالية تعتمد محاربة حقوق العاملين، بما فيها قضية التأمين التقاعدي. وكنا شهدنا المعركة العمالية بهذا الخصوص ضد مصادرة - تأميم - صناديق التقاعد من قبل الحكومة، بادعاء ان خطر الافلاس يلوح في الافق. لكن الهدف الحقيقي من هذه الحملة واضح كالشمس الساطعة، وهو خصخصة هذه الصناديق وتقديمها على طبق من ذهب لأرباب الرأسمالية العالمية، من خلال عرضها كأسهم للتداول في البورصة. هذا من جهة. ومن جهة اخرى، تهدف هذه الحملة إلى تقليص حقوق العاملين المؤمّنين في هذه الصناديق، عن طريق اقرار نظام موحد يسمح لصاحب هذا الصندوق او ذاك (الحكومة او غيرها) بتغيير طريقة حساب المخصصات التي يستحقها العامل المؤمّن وفقا لوضع الصندوق المالي.
الامر المثير للقلق نجده في الأساليب الملتوية التي تستعملها حكومة اليمين عندما تقوم "بتسويق" موقف من جانبها، يُجمع الخبراء على انه موقف غير صحيح، بينما يردده الناطقون بلسان الحكومة بلا تأتأة من أجل كسب الرأي العام. هكذا هاجموا الهستدروت كاتحاد نقابات وصناديق التقاعد واداراتها "الفاسدة" ـ على حد ادعائهم ـ رغم ان التقارير المالية المدقـّقة حسابيا تصلهم سنويا ويصادقون عليها. بل هم لا يتوعون،حتى، عن شن هجوم كاسح على العاطلين عن العمل، والامهات أحاديات الوالدين والمسنين والمعوقين والاولاد. فجميع هؤلاء "يستغلّون" الموارد الحكومية بحصولهم على مخصصات من "التأمين الوطني". وبذلك، تحاول حكومة شارون ـ نتنياهو التغطية والتمويه على سياستها القائمة على اساس زيادة عدد العاطلين عن العمل وتوسيع دائرة الفقر وتعميق الفجوة ما بين الاغنياء من جهة والفقراء من جهة أخرى.
نعم، "تتجاهل" حكومة اليمين مسؤوليتها تجاه العاملين خاصة، والمواطنين عامة، من خلال اتباع سياسة دعم وحماية قوى الرأسمالية ليزداد غناها الفاحش، وبالمقابل النهش بحقوق العاملين والشرائح الضعيفة. وتتنكر هذه الحكومة ايضا الى الموقف الدولي الذي اتخذته منظمة العمل الدولية المتفرعة عن هيئة الامم المتحدة والذي جاء ضمن تقريرها السادس بعنوان: "الضمان الاجتماعي، القضايا، التحديات والآفاق". فقد نبّه التقرير المذكور إلى أخطار "عالم العولمة" على حياة العاملين وأمنهم الإجتماعي، داعيا الحكومات الأعضاء (اسرائيل عضو) الى توسيع سياسة الضمان الاجتماعي، وليس الى تقليصها كما يحدث لدينا: "وفي عالم تسوده العولمة ويزداد تعرض الناس فيه للمخاطر الاقتصادية العالمية، هناك وعي متزايد مفاده ان من شأن سياسة وطنية للحماية الاجتماعية تقوم على قاعدة واسعة ان تكون بمثابة مصدر قوي يقي من العديد من الآثار الاجتماعية السلبية الناشئة عن الازمات". (ص 11 من التقرير). والسؤال الذي يجب طرحه هو: هل تلتزم الحكومة بهذا التوجه العالمي؟؟! طبعا لا، وألف لا!
انها تشن هجوما متواصلا على كافة المؤسسات العمالية والمواثيق والمؤسسات الاجتماعية، بما في ذلك مؤسسة "التأمين الوطني"،بعد أن حرمت العاملين من صناديق التقاعد وحاصرت حقوق العاطلين عن العمل الذين يستحقون مخصصات البطالة و"ضمان الدخل" وغيرها. اي انها تحطم أسس "دولة الرفاه" عامة. وكان الهجوم الأخير الذي شنته هذه الحكومة طرح اقتراح قانون سيؤدي الى فقدان حق أساس متوفر للعاملين اليوم الا وهو: حق الاضراب.

*لماذا قانون تأمين التقاعد الإلزامي*
كتلة الجبهة البرلمانية، ومثلها الكتلة النقابية في الهستدروت، كانتا تطالبان دائما بضرورة تشريع قانون تأمين تقاعدي إلزامي، بحيث يضمن هذا القانون التأمين التقاعدي لكافة العاملين في البلاد، شرط الا يكون هذا القانون على حساب حقهم في الحصول على مخصصات "التأمين الوطني" بل يكون تأمينا اضافيا يضمن لكل متقاعد العيش الكريم ومستوى الحياة اللائق بعد خرجه إلى التقاعد.
حكومة اليمين الحالية قامت، من خلال وزير ماليتها بنيامين نتنياهو، وبشكل مفاجئ، بطرح مشروع قانون، سوية مع اقتراح الميزانية لسنة 2004، والذي أقرته الكنيست بالقراءة الاولية يوم 03/12/31. ويجري بحثه هذه الايام في لجنة المالية في الكنيست.
للوهلة الاولى، قد يبدو للقارئ - خطأ - أن الحكومة تعمل على اصلاح الوضع وضمان تأمين تقاعدي لكل انسان عامل من خلال قانون تأمين إلزامي للجميع. فما العيب في هذا؟!
لا.. لا تستعجل أخي القارئ. فهذا "الكرم" الحكومي المفاجئ لا يضمن لنا الخير بتاتا، بل هو ضريبة اضافية تفرض على العاملين، وخاصة أصحاب المداخيل المنخفضة. لأنه عندما تدفع مخصصات تأمين تقاعدي على مدار 35 عاما من العمل وتحصل في النهاية على 30% مما تستحقه، فهذه ضريبة اضافية تدفعها مع انها تأمين او توفير كان من المفروض ان تدفع لك لضمان مستوى معيشي لائق وضمان الأمن الإقتصادي ـ الإجتماعي خلال فترة التقاعد. وهذا ما يؤكده البروفيسور آفي سفيباك، نائب عميد بنك اسرائيل، في محاضرة ألقاها يوم 2004/2/23 : "... التأمين التقاعدي المقترح لا يشكل حماية للعاملين وعائلاتهم، كما كنا نتوقع من قانون هدفه اقتصادي واجتماعي ايضا.." (من بيان صادر عن بنك اسرائيلي2004/2/23).
هكذا اذن، لم يكن هذا "الكرم" الحكومي لوجه الله، كما يقولون، بل هو وسيلة اضافية لمواصلة مد اليد الحكومية الى جيوب العاملين واقتطاع اموال لا تعاد اليهم بتاتا.

*35 سنة عمل ـ"يوك"!*
اقتراح القانون يبحث هذه الايام، كما ذكرنا سابقا، في لجنة المالية التابعة للكنيست، لاعداده للقراءات القادمة. واذا تم ذلك وفقا للاقتراح المطروح اليوم، فإن العاملين المؤمّنين لن يكونوا قادرين على ضمان حقوقهم التقاعدية، خاصة وان الاموال التي يوفرونها سيتم التداول فيها في سوق الأسهم - البورصة - وهم معرضون الى فقدان توفيراتهم/ تأمينهم.
عن ذلك يقول البروفيسور آفي سفيباك، في مقال نشره في صحيفة "هآرتس" ( يوم 2004/3/4) : "يحصل العمال على مخصصات تقاعد بنسبة 30% فقط من الراتب الأخير الذي حصلوا عليه". ويضيف: "العامل الذي كان راتبه الأخير 3000 آلاف شيكل في الشهر، وعمل من سن 30 وحتى سن 65 بشكل متواصل دفع هو وصاحب العمل خلالها رسوم تأمين ... سيحصل، لدى خروجه إلى التقاعد، على مخصصات تقاعد بمبلغ 900 شيكل فقط". مع انه ، ووفقا للتأمين التقاعدي القائم اليوم، يستحق العامل نسبة 2% عن كل سنة عمل، أي ان المبلغ الذي كان من المفروض ان يحصل عليه هو2،100 شيكل. اذن، الهدف الحكومي ليس تأمين الاستقرار المعيشي للمتقاعدين من العاملين، بل العكس من ذلك: سلبهم أموالا قاموا بتوفيرها ضمن هذا التأمين".
لن ندخل في كافة التفاصيل الحسابية المالية وطريقة استثمار الأموال في البورصة ونسبة الأرباح وفوائد السندات المالية الحكومية، لكن بنك اسرائيل يقترح حلولا مناسبة لذلك من اجل ضمان تأمين تقاعدي حقيقي لكافة العاملين، بل وحتى للمستقلين ممن لا يضمنون دخلا في فترة التقاعد، بسبب فقدان هذا التأمين.
تمنح الحكومة، بواسطة التخفيضات الضريبة للأغنياء من العُشر الاعلى، مبلغا يتراوح بين 7 - 8 مليارات شيكل للسنة الحالية فقط. وبذلك تواصل نهج دعم الاغنياء على حساب الأكثرية الساحقة من العاملين والمواطنين. تقليص هذا "الدعم" للأغنياء، وفقا لاقتراح نائب عميد بنك اسرائيل، يضمن "دفع تأمين تقاعدي لائق للعاملين". لكننا نعرف،جميعا، ان سياسة هذه الحكومة اليمينية، والتي لا تضيع أية فرصة لضرب فرص احلال السلام مع الشعب الفلسطيني ايضا، تستغل كل الامكانيات والفرص لدعم قوى الرأسمالية المحلية والعالمية. ويكفي ان نذكر ما جاء في البند السادس من تقرير بعثه صندوق النقد الدولي التي قامت بفحص "البرامج الاقتصادية" الحكومية في إسرائيل: ".. نعبّر عن تقديرنا الكبير لما قامت به الحكومة من خطوات في مجال التقاعد والرفاه".. وان هذا "التقدير الكبير" ينبع من "خطوات" خصخصة التأمين التقاعدي ونقله الى "ايدي" اصحاب رؤوس الاموال، حيث تصدر الحكومة هذه الايام "المناقصات" لبيع صناديق التقاعد لمستثمرين أجانب (انظر صحيفة "غلوبس" 2004/3/3). وبالمقابل، تقوم بتحطيم خدمات الرفاه الاجتماعي للفئات الضعيفة والمسحوقة.

*نعم لقانون تأمين تقاعدي يضمن حقوق العاملين*
هناك ضرورة لتشريع قانون تأمين تقاعدي شامل يضمن تأمينا لكل عامل في هذه البلاد ويكون مضمونه، حقا، تحسين المستوى المعيشي للمتقاعدين. وينبغي التحذير من محاولات الحكومة الحالية الهادفة الى تقويض مؤسسة "التأمين الوطني" والخدمات التي تقدمها كحد ادنى للمواطنين، وفي مقدمتهم المحتاجون من المسنين والعاطلين عن العمل والمعوقين وغيرهم. وندعو الى تشكيل اوسع جبهة كفاحية علىجميع المستويات، البرلماني والنقابي والشعبي، من اجل التصدي للمحاولات الحكومية الهادفة الى نشر تصريحات ديماغوغية متواصلة وكأنها "تهتم بحقوق الانسان العامل" لكنها في الحقيقة تخدم مصالح الرأسمالية وتبطش بهذه الحقوق. لأن اقتراح اي قانون، اذا كان فعلا يخدم مصلحة المواطنين، وفي حالتنا هذه العاملين، يجب ان يبحث ويدرس مع الجهات المعنية باشتراك كافة الشرائح التي يعنيها، وفي حالتنا هذه النقابات العمالية. ولو كانت نوايا الحكومة صادقة ومخلصة للمصالح العمالية لطرحت الاقتراح للبحث والتداول مع النقابات اولا، ومع الكتل البرلمانية ذات الاهتمام بالموضوع وعلى رأسها كتلة الجبهة التي كان اعضاؤها من اوائل المبادرين لهذا الاقتراح، كي نصل الى ضيغة قانون تضمن، وبشكل حقيقي، تحسين ظروف العامل المتقاعد وليس فرض ضريبة جديدة عليه.
الموقف الذي طرحه نائب عميد بنك اسرائيل نابع من رؤية مهنية خالصة حاول فيها وضع النقاط على الحروف في قضية تهم قطاعا واسعا وكبيرا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لا?ول مرة - فيديو لفرقة العمال المصرية أثناء الحرب العالمية


.. بصوت منى الشاذلي.. قصة العمال المصريين الذين شاركوا في الحرب




.. وجه سياسي جديد لبريطانيا.. العمال يسحقون المحافظين في نتيجة


.. زعيم العمال -ستارمر- يصل إلى قصر باكنغهام ليُكلف من الملك تش




.. نايجل فاراج: الحكومة العمالية المقبلة ستكون في ورطة قريبا