الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كابوس الفساد المالي والاداري

محمد صادق عبود

2009 / 3 / 11
الادارة و الاقتصاد



عندما بدأت أحلامنا تكبر بعراق جديد يشهد حملة اعمار واسعة و تخصيصات ضخمة تجعلنا نلحق بركب الدول التي سبقتنا كثيرا وسخرت كل طاقاتها لخدمة مواطنيها وها نحن أصبحنا قريبين من تحقيق الحلم.
. ولكن يظهر لنا كابوس الفساد المالي والإداري ليقف عائقا كبيرا فشلت الحكومة في هزيمته والقضاء عليه بعد ان نجحت في هزيمة الإرهاب الذي كنا نظن انه العائق الأكبر أمام رفاهية الشعب العراقي ونجحت الحكومة في إزالة كل العوائق التي واجهتها وبقي الفساد المالي والإداري حجرة عثرة أمام كل الأحلام العراقية.. ونجد أن معايير حفظ الحقوق في المجتمعات المتقدمة حالياً قد أصبحت ذات سلطة تتفوق على أية قوة أخرى وأصبح الناس يتابعون تقصي الحقائق التي تهمهم عن النزاهة عبر مختلف وسائل الاعلام. وبالتأكيد فإن للمجتمعات المتقدمة تجاربها التي أوصلتها إلى هذا المستوى من الشفافية ومن اجل ذلك اهتمت الحكومة بموضوع النزاهة للحد من الفساد الإداري والمالي حيث نرى استحداث هيئات ولجان ومؤسسات وتوفير كل أنواع الدعم لتلك الهيئات للعمل بحرية واسعة ولكن كل ذلك لم يكن كافيا للحد من انتشار وباء الفساد الإداري والمالي المتفشي في البلد والذي كان إرثا ثقيلا ورثته الدولة من النظام السابق الذي جعل الفساد مصدر عيش لكثير من الناس في ذلك الوقت لتدني مستوى المعيشة والذي اتخذه البعض عذرا لتقبل المال الحرام والاعتماد عليه كمصدر رئيس للعيش ..ولكن مع تحسن الوضع المعيشي والاقتصادي للمواطن العراقي كان يجب ان نشهد تغيرا ايجابيا كبيرا في موضوع الفساد الإداري .ولكن ما حصل هو العكس فلقد شهدنا تقدما كبيرا في تطور أنواع الاستغلال والفساد وبأرقام مخيفة وميزانية أضخم وأرباح طائلة تدخل في جيوب أولئك الفاسدين بدلا من أن تصرف لخدمة المواطن الذي يتطلع بشوق كبير لوصول تلك الخدمات التي حرم منها منذ عقود طويلة فلقد كان النظام السابق يعلق أسباب عدم وصول الخدمات للمواطن على شماعة الحصار والحروب .والآن وبعد سقوطه وانتهاء الحروب وانفتاح العراق على العالم وبعد نجاح الدولة في إزالة شبح الإرهاب الذي كان يعمل على تدمير مقدرات الشعب ويحاول إعاقة وصول الخدمات للمواطن بعد إزالة كل تلك العوائق يظهر لنا شبح الفساد الإداري والمالي الذي لا ننكر انه من مخلفات النظام السابق ولكنه مازال ينمو ويكبر على حساب المواطن العراقي ويعيق بشكل أو بآخر إيصال الخدمات للمواطن ومع الزيادة الكبيرة التي طرأت على الموازنة والأموال المخصصة للمحافظات والتي يسيل لها لعاب الجشعين من ضعاف النفوس والذين اخذوا يحاولون التأثير حتى على الأشخاص المعروفين بالنزاهة والخوف من الله من خلال ترغيبهم بل وتهديدهم إن لزم الأمر ليكونوا شركاء معهم في سرقاتهم للمال العام فمن خلال حديث احد الأصدقاء وهو من المهندسين الذين هم على تماس مباشر بعمليات الفساد والسرقات التي تحدث من خلال تلك المشاريع التي ينفذها أشخاص وشركات .حيث تعرض هذا المهندس للتهميش والإبعاد عن المناصب لكونه من الأشخاص المعروفين بالنزاهة ولضرورة قصوى استلم منصب يؤهله للتوقيع والاطلاع على المشاريع ويتوقف الصرف على توقيعه وموافقته ولقد اكتشف هذا المهندس مدى الغش والإهدار في المال العام حيث يكتبون على الورق حفر مسافة 1000 كيلومتر وفي الحقيقة أنهم حفروا 50 كيلومتر وأشياء مشابهة كثيرة وعليه أن يوقع على هذه الأكاذيب ليتم صرف الأموال لهؤلاء الأشخاص وعندما رفض تم إغراؤه بالمال ولما رفض تم تهديده فلجأ إلى مسؤوله الأعلى فما كان من ذلك المسؤول إلا أن يشجعه على التوقيع ويخبره إن الموضوع كبير وخطير وان الأموال المسروقة ملايين الدولارات وإنها بنظر هؤلاء السارقين تستحق القتل (فاستر على نفسك وعلى أطفالك ) ووقع لهم . وآخر ما قاله ذلك المهندس ان ذلك المسؤول الذي كان يمثل دائرة فرعية صغيرة اشترى في غضون عام واحد بيتين كبيرين وسيارتين و صار له رصيد ضخم في البنك.ولو أخذنا هذه القصة مثالا لقصص كثيرة تحدث كل يوم وفي مختلف المجالات لعرفنا كم هي كبيرة الأموال التي تهدر ولا تصل إلى المواطن كما خططت لها الحكومة ..ويرى البعض إن من أسباب تفشي الفساد هو عدم تهيئة كوادر مناسبة ذات خبرة لتسلم المناصب الإدارية العليا لدوائر الدولة .ومع قلة الخبرة للكوادر الجديدة وعدم أهليتها استغل ضعاف النفوس من الموظفين في تلك الدوائر ومن أصحاب الخبرة الطويلة في معرفة طرق الفساد الإداري الذي كانوا يمارسونه على مدى عقود طويلة .استغلوا الوضع لممارسة ما كانوا يمارسونه سابقا حيث لا يدخل المواطن دائرة ما حتى يواجه صعوبة وعقبات كثيرة لانجاز معاملته ويصل في النهاية إلى قناعة مفادها انه هناك شخص ما سيذلل كل تلك العقبات وينجز معاملتك بعد ان تسلمه المقسوم وهذا المقسوم يبدأ من كارت موبايل وينتهي بعشر أوراق أو أكثر وحسب نوع المعاملة وهذا الشخص طبعا له شركاء سيشاركونه المبلغ ..وهذا المشهد يتكرر دائما وفي اغلب الدوائر الحكومية..
ويعتقد البعض إن غياب الوازع الديني والأخلاقي هو سبب مهم آخر من أسباب الفساد ويلزمنا وقت طويل لبناء الإنسان الجديد الذي يكون ضميره هو الرقيب ..إنسان يؤمن بان النزاهة خلق وليس قانون يفرض عليه وحتى ذلك الحين يلزمنا رقيب عتيد يضرب بيد من حديد على هؤلاء المفسدين ويجب ان يكون القانون وقوة فرضه متناسباً مع الميزانية الجديدة التي تحتاج إلى قانون قوي لحمايتها من الطامعين المتربصين.. ونرجو من هيئة النزاهة والتي هي أمل العراقيين اليوم أن تطور عملها وتستعين بالمواطن في الحصول على المعلومة ومن خلال تحديد الوزارة التي يتم التفتيش فيها وتلقي اتصالات المواطنين حول تلك الوزارة لكي تحصل على معلومات كافية تمكنها من كشف المخالفات. ونطالب بالإعلان عن نتائج عملها وإنزال أقصى العقوبات بالمقصرين ليكونوا عبرة لأمثالهم ممن أمنوا العقوبة فأساؤواا التصرف والخلق وخسروا دينهم وآخرتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - متى نسمع بالقضاء غلى الفساد؟
عبد العالي الحراك ( 2009 / 3 / 11 - 07:32 )
يفترض ان يكون شعار المالكي(القضاء على الفساد) كي يفوز في الانتخابات القادمة, والا دولة القانون التي ينتشر فيها الفساد لا يمكن ان تسمى دولة قانون ..اتمنى على المالكي ان يبدأ حملته للقضاء على الفساد والا فهناك ثلم في وطنيته..مع تحياتي

اخر الافلام

.. كل يوم - - كل يوم - يفتح ملف الدعم أيهما أفضل للمواطن العيني


.. النائب أيمن محسب: الدعم النقدي هو الأفضل للفقير والدولة والط




.. كل يوم -د. أحمد غنيم : الدعم النقدي لن يؤدي لمزيد من التضخم


.. د. أحمد غنيم لخالد أبو بكر: كلما تقدمت الدول كلما تحولت من ا




.. كل يوم - د. أحمد غنيم :الدولة تقدم الدعم النقدي لأصحاب المع