الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق السياسي والرقم الأصعب

محمد قاسم الصالحي

2009 / 3 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


راهنت الكثير من القوى المحلية والإقليمية والدولية على إن معركة النجف 2004 سوف تكون جولة الحسم في تغيير الخارطة السياسية في العراق خاصة فيما يتعلق بالإقصاء الجذري للتيار الصدري من الواقع السياسي العراقي, ولكن النتائج أشارت فيما بعد الى إن حساب الحقل جاء مغايرا على التمام من حساب البيدر, بل جاءت معاكسة على أرض الواقع حيث عزز التيار من إمتداده الجماهيري وأدى بمعظم أطراف الحملة المناوئة الى خسارة مواقعها السياسية وتقلص نفوذها الشعبي تدريجيا وبالتالي لم تحصد تلك المراهنات سوى الفشل الذريع. وكثيرة هي الأطراف التي لم تفلح و(الى الآن) في تقدير العمق الجماهيري للمدرسة الصدرية والبعد الفكري والسياسي لها والتي إستندت في تكوينها على الثروة الفكرية والجهادية للشهيدين الصدرين الأول والثاني والخيار الستراتيجي الحضاري الذي أكسبها البعد الإجتماعي التضامني المتجدد غير القابل للنفاذ والنضوب.

كما دأبت أغلب وسائل الإعلام في فترات سابقة, وما فتأ البعض منها, على إقحام تصور نمطي ينطوي عل أحكام مسبقة في المخيلة الجمعية للمتلقي أينما وجد, ضد المدرسة الصدرية في العراق ولكنها أيضا لم ولن تفلح. لما تتمتع به هذه المدرسة من جوانب علمية وإخلاقية وإجتماعية وفكر سياسي متجدد يشكل اليوم البوابة الرئيسية للمشروع الوطني العراقي ولايسع المتصدي للعمل السياسي القيادي في العراق إلا العبور منها. خاصة بعد أن خمدت جذوة المشاريع السياسية العقيمة القادمة من خلف الحدود, نتيجة لتبني الوريث الشرعي للمدرسة الصدرية السيد المقتدى لمبدأ الإصرار والتحدي في إلتزام دائرة الحق وعدم الخروج منها, والذي يعد أهم مقومات النجاح للحركات الإصلاحية الستراتيجية فقد إستطاع وبجدارة فائقة في النأي بالمدرسة الصدرية وحركتها الإصلاحية عن متاهات المداهنة السياسية والجدل الإستهلاكي.
المدرسة الصدرية كانت ولازالت الصوت الذي ترجم مظلومية الشعب العراقي في الوقوف بوجه الدكتاتورية والطغيان والإستبداد والمتجسدة في صرخات الصدرين, فقد كان صوت ليث العراق الأبيض مُحَمَّدٌ مُحَمَّدٌ صَّادِقُ الصَّدْرْ (قـُدِّسَتْ نَفسَهُ الزَكِيّة) في خطب الجمعة وهو يرتدي الكفن (كلا .. كلا .. للباطل) مصدر رعب للطاغبة وأعوانه وأسياده كلما تردد صدى صوته الهادر في أروقة قصورهم, كما أفتى من قبله صدر العراق الأول مُحَمَّدٌ بَاقِرُ الصَّدْرْ (رَضيَ اللّهُ عَنْهُ) في نيسان 1979 ( إن الانتماء لحزب البعث حرام), ليؤكد وبصريح العبارة حرمة هذا الحزب وتأثيم المنتمي إليه ولو شكليا مالم يبادر الى إعلان البراءة من هذا الحزب الفاشي الهدام. فاليوم ومع الإنحراف التدريجي للبعض عن ثوابت هذا النهج حري بالصفوف الصدرية التي إبتعدت بدرجات متفاوتة عن هذه المدرسة الأصيلة بالتلاحم مع وريثها الشرعي السيد المقتدى, فإن تباطؤ القيادات قد ينتج عن عودة أسرع للقواعد الجماهيرية بشكل يسبق قياداتها الى كهفهم الكوفي الأصيل.

لايخفى على المراقب لعملية إنتخابات المجالس المحلية الأخيرة في العراق, عزوف مايقارب نصف الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم رغم التحسن الأمني الكبير الذي رافق عملية الإنتخابات والتحضيرات الأكثر تنظيما والتعبئة غير المسبوقة لمعظم القوى السياسية, وبعيدا عن الخوض في أسباب مقاطعة الناخب إلا إن الحالة بشكل عام تشير الى الوعي الجماهيري الذي بدا منهمكا في مراجعة ترتيب أولوياته وإعادة تقييم الولاءات إتجاه قوى المجتمع التي لم تنجح في تغذية المضامين الأساسية للحياة السياسية والدينية في العراق والساعية بقصد أو دون قصد الى تفريغ القيم الأصيلة من محتواها وزحزحة وتذويب ثوابت المنظومة القيمية في الواقع العراقي المعاش. من جانب آخر وفيما يخص العملية الإنتخابية ومدى إرتباطها بالإنتخابات النيابية القادمة, فيمكننا تصنيف الأصوات الإنتخابية التي دخلت صناديق الإقتراع الخاصة بمجالس المحافظات الى أصوات ثابتة وأخرى متغيرة, وبغض النظر عن النسبة التي حصدتها القائمة المدعومة من مكتب الشهيد الثاني (قـُدِّسَتْ نَفسَهُ الزَكِيّة), إلا إنها تعد من الأصوات الثابتة والنسب غير القابلة للتدني, التي لاتحكمها المصالح الآنية أو تسيرها عناصر التشويق والإثارة والوعود المعسولة لأنها لاتحكمها المتغيرات, بل على العكس تماما فهي آخذة بالتزايد لأسباب منها ماتطرقت اليه سلفا وهي, عزوف الناخبين وإعادة تقييم الولاءات والأخرى الإلتحام الجماهيري المتوقع للصفوف الصدرية المتفرقة مع المدرسة الصدرية الأم بقيادة صدر العراق الثالث.

أخيرا وليس آخرا.. إن تهميش التيار الصدري والمحاولات العقيمة لإقصاءه من الطيف السياسي العراقي هو تهديد للتوازن السياسي في ظل احتياج مبدأ التعددية الذي نص عليه الدستور العراقي إلى قوى وطنية فاعلة ذات تمثيل حقيقي لإرادة الشعب. وكما ورد على لسان رئيس الهيئة السياسية أبو شجاع الخفاجي في تصريحه الأخير لوكالة أنباء الكوفة " ستكون نتائج غير متوقعة لكل من يحاول تهميش دور التيار الصدري سياسياً "... ببساطة وكما ذكرت آنفا كون التيار الصدري بوابة العراق التي لايسع (الحل الوطني) سوى المرور بها والعبور منها ليتحول مستقرا فيما بعد من فضاء التنظير الى أرض الواقع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن وإسرائيل.. خلاف ينعكس على الداخل الأميركي| #أميركا_الي


.. قصف إسرائيلي عنيف شرقي رفح واستمرار توغل الاحتلال في حي الزي




.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف حرب إسرائيل على


.. ما الذي حققته زيارة مدير الاستخبارات الأمريكية في مفاوضات وق




.. إسرائيل تبلغ نهائي يوروفيجن 2024 وسط احتجاجات على مشاركتها ب