الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سهر الشجرة وعطورها المنذرة

نصيف الناصري

2009 / 3 / 12
الادب والفن



ماذا أبقت لنا صاعقة حبكِ يا ليليت بين الأشجار التي تحاصرها
التغضنات المشتعلة لحشرة الزوال على لحظتنا الحانية ؟
في القنديل الأزرق المتصالح للشمس . مالك حزين القصيدة ، يعانق
ثمرة الكستناء في وثبتها المدندنة صوب حبل الشنق المنير للتراب
وتتوهجُ صخرة الغفران الوسنانة لاحتضاركِ ، بين تموجات تضرعاتنا
وتواتر رصائع رحمتكِ الغفيرة . لا وميض الآن لأسلحتنا التي يتعذر علينا
حملها في الطريق الى الحلم ، ولا انجذابات لصلواتنا المترنحة صوب
النعمة الجريحة لآلهتنا ، ولا ايناع لثمار صيفنا عبر البوابات
العتيقة لأضرحة موتانا وشواطئها المغلقة . كتائب من الأمطار المسمومة
يستدرجها العويل الطويل للهفتنا الى سهر الشجرة وعطورها المنذرة .
في حيوات قادمة أخرى ، وفي معابد تنتظر مجيئنا . لن نقدم تقدمات
ولن ننحت ذبائحنا على الأعمدة المتثائبة للينابيع المتعانقة لسيدتنا الشفيعة .
كل شرارة حبّ . قصيدة ومجالدة مع الضجر العظيم في العالم
ومع الكينونة والماضي والحاضر . مع الأحلام والقلق الذي لانارته
يقوّض الانسان الهذيانات اللامتناهية لرغيف حياته ، من أجل الظفر
بأشواك النعمة المعفرة بالانزلاقات الرخوة للرجاء .
ليليت فيض نعمتنا عبر الأروقة القرمزية للقرون المقنعة بالقناديل
وقمح صلواتنا المنحني على الركيزة الخفيفة لصحراء حياتنا .




التحالفات الصلبة مع الشرائع الجليلة للسنبلة

ينسدلُ الظل المتغضن لذكرى الذين رحلوا في صمت أعماقنا
وتحجبُ عنا أبواب الغياب ، الينابيع المردومة لنومنا .
لكن مراكب الصيف بحجارتها الحادة ، تتلوى مترهلة في
احساساتنا المنوّمة .
هل الضعف والضعة هما ما يجعلان الانسان . يلهث في أحلامه
الملحية المهيّجة ، خلف الماوراء ؟
جيش من الإبر تمرّ كراديسه في أرض حياتي ، وما مِن قنديل
يعينني على انارة المفتاح الأسود لمصيري .
في مدن جرداء يتحطم فيها نيزك الفعل والكلمة . أضعتُ إلهي ونقيضه
وأفرطت في التحالفات الصلبة مع الشرائع الجليلة للسنبلة
وقلتُ للوردة :
أنتِ مرفأ ألمي
وظهيرة عوسج أيامي
لا الوهية تحت أهدابكِ
ولا سهر للعظمة وتضوعاتها المرصودة في نسيم الفاجعة الأبدية
ولا مجد للانسان الواقف تحت ليل أجنحة الفراشات المتصدعة
في الرماد وانهياراته التي تغطي الشواطىء المنثنية للنجوم .
البذرة المتنفسة للموت والمنعكسة على الاغماضة الرخوة للزمان
تكبر وتتقدم في كل آنٍ صوب الفتحات الحرّة لمصائرنا العليلة .
لماذا لا يتحركُ الهواء بين جدران أحلامنا المحمومة والمدوّية ؟
ولماذا لا تطن فيها اليعاسيب العتيقة ؟
نتوءات بعلو السهاد تصعد صوب وجوهنا وتهدم البراثن الخائرة لأحزاننا
التي يرصعها المساء بولائمه الجنائزية .
كيف لنا أن نحلّ اللغز المبعثر للثمرة الفظيعة للهاوية التي ستنجدنا وتنجد
شقائنا في النسيم المتقوس والمحمول في الصخور الصلدة للأرض ؟
النداءات العالية التي تحيّي موتنا
وتروّض تماثيل آلهتنا
أضعناها في طريقنا الى الموت
وفي الميزان الصافي في الطريق الى طروادة
وقفنا وعرّتنا الشهادة المصفحة بالرأفة
لكن ، لا الشرارة المتحفزة للوعد الإلهي
ولا بروق التمزقات الكبيرة لعصرنا
تهدىء الخوف المتوالد دائماً في الفوران العظيم لأسرارنا .


ميراث الانسان

ليست المقابر لأحد .
تتلاشى الروح في ضفة مرآة تعانق الظلمة وشحنتها المحظورة
وتنغلق الأبواب الخاوية بعصف أسود على لفائف وصايا آبائنا .
خشخشة أوراق تسقط من الأشجار في المنحدرات الشاطئية لسنواتنا
المضطرمة التي عشناها بين الغلالات الشفّافة للألم الطويل.
ينبغي أن نصعد الشعلة الصافية للتاريخ ونحمل قرابيننا الأكثر
ترنحاً من التقديس الخائر لصلواتنا المروضة .
وحدها الثمرة المتعفنة تنضج وتكلل بالرماد ميراث الانسان
ميراثنا الذي يحجّر دائماً لحظته المثقلة بطعم الزوال .
هل لنا وفاق مع العفة المتأرجحة
ما بين الطبيعة وما بين اللاوجود ، لزهرة الحلم ؟
لماذا لا يحصد الفجر في ارتواء حيواتنا المتململة
سنابل توحشاتنا الفولاذية في الأرض المنفتحة على العظام
والروائح الكريهة ؟
التنفسات في أسرتنا. نهر عتيق يسترجع نفسه ويسير
بمحاذاة المسلات المحطمة للزمن .
لا قرص العسل في الشجرة ينعطف على جروحنا
ولا الومضة الرصينة في القيثارة
ينبغي لنا أن نتقدم في امتنان عظيم صوب الأريج المصفوف لموتنا
ونفتح مزاميرنا المتلألئة على خلجان الأرض وعلى القناديل .
لا أشرعة في اضمحلال لحظتنا الأسيرة في الملح
ولا صمغ ، ولا علامات مقروءة تسهر في الجبين
أمضينا أزمان طويلة نتحرك على الحجارة الغريبة للشواطىء
وتحالفنا مع هياكل الأمطار في الزرقة الملائكية للمراكب .
الحاضر والمستقبل ينبوع احتضار طويل يقتلع الشرارة
المرفرفة في مرايا حيواتنا ، ولا يقدم لنا إلاّ ثقل ضجرنا الذي
يتعدد ويتمدد في اللهفة المدوخة لتحركاتنا وصرخاتنا المتلاشية .
معصم صاعقة كبيرة يلّف مصائرنا منذ بدء الخليقة
وما من محارات إلهية نعقدُ تحت ظلالها هدناتنا مع الكلمة
ولآلىء غفراناتها المظلمة .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -من يتخلى عن الفن خائن-.. أسباب عدم اعتزال الفنان عبد الوهاب


.. سر شعبية أغنية مرسول الحب.. الفنان المغربي يوضح




.. -10 من 10-.. خبيرة المظهر منال بدوي تحكم على الفنان #محمد_ال


.. عبد الوهاب الدوكالي يحكي لصباح العربية عن قصة صداقته بالفنان




.. -مقابلة أم كلثوم وعبد الحليم حافظ-.. بداية مشوار الفنان المغ