الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخائفون، ممن؟

سعدون محسن ضمد

2009 / 3 / 12
كتابات ساخرة


كنت، وما أزال، أرفض أن يكون لمجتمع ما، أو دولة أو أي كيان آخر القدرة، منفرداً، على التأثير بالواقع والتاريخ، تأثيراً جوهرياً أو كبيراً. لأن التاريخ البشري تصنعه مجموعة مؤثرات ومتحكمات لا يمكن حصرها أو التنبؤ بنتائجها. وهذا ما يتفق عليه جل باحثي العلوم الإنسانية. على هذا الأساس لم أكن أفهم إيمان الكثير من المثقفين والساسة بقدرة أمريكا المطلقة على التأثير بالمجتمع الإنساني، خاصَّة بعد أن تحوّل هذا الإيمان إلى رهاب، فما أن يجري انقلاب أو تمرد أو اغتيال في مكان ما حتى تشير الأصابع إلى (الشبح) الأمريكي. نعم يمكن لدولة قوية أن تستخدم جواسيسها لقتل عدو، أو تحرك جيوشها لتغيير نظام حاكم، لكنها لا تستطيع أبداً أن تتحكم بنتائج هذه التحركات، فضلاً عن جعلها تصب بصالحها بشكل تام، أحداث العام 2003 كشفت هذه الحقيقة بشكل جلي.. وأمريكا التي تحركت لتغيير أنظمة الإقليم، تحاول الآن الخروج بأقل خسائر تنتج عن التصالح مع هذه الأنظمة.
أتذكَّر هذه المفردات وأكتب عنها لأنني أراقب بدهشة طبيعة التعامل العربي والعراقي بشكل خاص، مع (الظاهرة) الإيرانية، التي تحولت إلى (بعبع) لدى بعض الساسة العرب والعراقيين، فلم يعد ممكناً لهؤلاء أن يتصوروا حدوث أي شيء بعيداً عن تدخلات إيران، وهذا لا يعني نفي التدخل الإيراني، ولا المطالبة بالسكوت عنه، بل يعني وضعه بحجمه الطبيعي، من أجل أن لا نخلق، ومن دون أن نشعر، عفريتاً شرق أوسطي يبسط هيمنته على المنطقة، وهو لا يستطيع بسط هيمنته على أرضه هو، وهنا ومن هذا المنطلق أريد أن أسأل:
ما الذي تمتلكه إيران ولا يمتلكه مجموعة الخائفين منها؟ وهل تمتلك إيران في العراق ما يبرر كل هذا التهويل من شأن قدرتها على التأثير فيه؟ من وجهة نظري كان لدى إيران في العراق ورقتان، الأولى أحرقتها بين المفخخات والعبوات وصواريخ الكاتيوشا، والثانية أحرقتها بالاستخدام السيئ للخطاب الديني في الانتخابات الأخيرة، وبالنتيجة هاهو رفسنجاني يتجوّل بين أروقة النجف والمنطقة الخضراء باحثاً عن أوراق جديدة.
لكن، ومن جهة أخرى، ربما تمتلك إيران ما لا نستطيع مواجهته، فلدى إيران رئيسها الواثق بنفسه وشعبه والذي استطاع أن يخرج بدولته من زاوية الدفاع عن النفس إزاء هجوم الجميع، أيام خاتمي، إلى فضاء الهجوم على هؤلاء الجميع. ولم يكن لهذا الخروج أن يكون حقيقياً لولاً أنه حظي بالظروف المناسبة، وأهمها أنه أحيط بمجموعة من الحكومات التي لا تمتلك الحد الأدنى من الثقة بنفسها وبشعوبها. وانعدام الثقة أو الخوف ظروف تؤدي لخلق طبقة العبيد مقابل طبقة السادة. لأنك تجد دائماً أن السيد واحد، لكنه يستغل جمعا غفيرا من العبيد، الذين يستطيعون، لو امتلكوا الشجاعة، أن يقتلوه بزعيقهم عليه أو بصاقهم فوق رأسه، لكن أنى لهم ذلك وحناجرهم مخنوقة وأفواههم جافة من الخوف؟
تستطيع أن تتحقق من صدق ما أقول عندما تراقب مقدار الثقة بالنفس التي تميزت بها جولة رفسنجاني في العراق. فقد تجول ـ وهو يعلم بأنه غير مرحّب به لدى ربع الشعب العراقي في الأقل ـ بين القصور والمزارات والحوزات، ولم يبق أمامه إلا الفضائيات والجامعات والصحف، وكان المفروض أن يرتبك هو بوصفه ضيفاً غير مرحب به، لكن الذي حصل أن ارتبك صاحب الدار، والذي يمتلك ثلث القرار السياسي في البلد. وهذا تكرار لما حصل عند اشتراك نجاد بالقمة العربية في قطر، فقد حضر وسط خوف وارتباك الجميع إلا هو، مع أن اشتراكه بهذه القمة كان غريباً وغير مرحب به.
إذن، السلاح الإيراني الخطير الذي تهدد به سلامنا الداخلي (عرباً وعراقيين)، ليس ثقتها الزائدة بنفسها بل خوفنا المبالغ به، من هذه الثقة، الأمر الذي ينعكس سلباً على أدائنا السياسي والإعلامي والأمني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -من يتخلى عن الفن خائن-.. أسباب عدم اعتزال الفنان عبد الوهاب


.. سر شعبية أغنية مرسول الحب.. الفنان المغربي يوضح




.. -10 من 10-.. خبيرة المظهر منال بدوي تحكم على الفنان #محمد_ال


.. عبد الوهاب الدوكالي يحكي لصباح العربية عن قصة صداقته بالفنان




.. -مقابلة أم كلثوم وعبد الحليم حافظ-.. بداية مشوار الفنان المغ