الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف سيوظف المالكي نتائج الانتخابات لخدمة الانتخابات المقبلة

جليل البصري

2009 / 3 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


نبدأ اولا بما قاله صالح عبد الرزاق، مدير الحملة الوطنية لقائمة ائتلاف دولة القانون التي يتزعمها السيد نوري المالكي، حيث اكد إن لديه إستراتيجية انتخابية بسيطة، وهي: "أن يكون التركيز على المالكي في الأساس" وهذا نهج واسلوب يتفق مع ما حاول ان يعكسه نوري المالكي من خلال سلوكه كرئيس وزراء وقائد عام للقوات المسلحة، سواء صدقا او تلميحا او لغرض ما، وهو التلميح بالمركزية التي تتلازم مع الشخصية الفردية (الكارزما التي ألفتها الثقافة السياسية العراقية) دون ان يكون صريحا في توجهه هذا، حيث اكد باستمرار على مبادئ الديمقراطية ودولة القانون لكنه سعى الى تفسير وتبرير ما فعله في هذه الاطر، بل انه كان قادرا على المزج بين هذه التوجهات وبين تحقيق مكاسب جدية على الارض وبين المحافظة على صورة غير كاملة التحديد عن هويته الدينية، وهو ما فعله تحت ظل التركيز على الدولة والقانون اللذان لا يملكان هوية محددة ولا يعنيان الديمقراطية بالتحديد.
وقد عمل المالكي لحملته الانتخابية حتى قبل اقرار الانتخابات بكثير حيث شن حملته في البصرة وبغداد ضد الميليشيات الدينية مما اعطاه مصداقية وتأييد لدى قطاعات واسعة من الناقمين على الحكومة الدينية وبات المالكي في نظرهم رجل الدولة المتميز عن التيار الديني، ولذلك كان اختياره لاسم (ائتلاف دولة القانون) اختيار ذكي يترابط مع ما عمل من اجله بل ويمثل استقراء صحيح لمزاج الشارع العراقي الناقم على الحكومة، وحصل المالكي على شعبية في بغداد ومناطق الجنوب دفعت الكثير من السنة الى ان يمنحوه اصواتهم وان يسحب البساط من تحت اصدقاء الامس من التيار الصدري والمجلس الاعلى وحتى ابراهيم الجعفري الذي تحول بفضل نتائج الانتخابات الى شريك صغير للمالكي، كما سحب البساط من تحت التيار العلماني واللبرالي الضعيف حيث كان حضوره القوي في السلطة والانتخابات عامل جذب للمواطن الذي يفضل ان يمنح صوته لقوي معتدل بدل ان يمنحه لضعيف اكثر اعتدالا أو عدلا.
المالكي فشل في ديالى ونينوى ولم يحصد نتائج فيها رغم ان حملاته العسكرية قد استمرت لفترة طويلة وبذل فيها جهودا كبيرة وهو ما يعود سببه كما نعتقد الى عدم قدرته على البرهنة على حياديته للبيئة المختلفة في هاتين المحافظتين، ففي محافظة صلاح الدين لم يحصل سوى على مقعدين ومثلهما في ديالى ولا شيء في نينوى والانبار، رغم ان البعض اعتقد وربما يشاركهم المالكي ذلك ايضا، ان قائمة دولة القانون سوف تحصد المركز الاول او الثاني في ديالى، وان تحقق نتائج جيدة في نينوى والانبار وصلاح الدين.
ولذلك فان المالكي سوف يعمل على توظيف نجاحه الكبير في تسع محافظات من ضمنها بغداد، للانطلاق في حملته المتواصلة من اجل التحضير للانتخابات العامة في نهاية هذا العام لانتخاب مجلس نواب جديد. ولعل المالكي سوف يحتفظ بتكتله الذي خاض به انتخابات مجالس المحافظات دون توسيع فهو لا يبدو متحمسا للشراكة التي قد يلجأ اليها مع هذا الطرف او ذاك مجبرا في ظل نتائج مجالس المحافظات لكنه سوف يحتفظ على الاغلب بهويته السياسية التي بناها. ولذلك فان الحديث عن اعادة لحمة الائتلاف السابق تبدو مسالة لا تثير حماسه، ولا تبدو خطوة واقعية ان يعود المالكي الفائز للتحالف مع حلفائه السابقين الذين هزمهم في الانتخابات. وقد اكسبت الانتخابات المحلية المالكي ثقة بنفسه للتنافس والفوزبشكل اكبر، واذا ما ادركنا ضيق الفاصلة الزمنية بين هذه الانتخابات والانتخابات المقبلة، فاننا سوف نعرف ان الاجواء التي رفعته الى المرتبة الاولى مستمرة وسوف لن يكون امامه غير ان يقدم خطوات ولو كانت محدودة على صعيد المحافظات وبالاخص على صعيد ملف الخدمات والفساد لادامة هذه الاجواء، وربما ستكون شركة نفط الجنوب ووزارة النفط والتجارة ميادين اساسية لحملات المالكي لتعزيز مركزه.
وربما سوف لن يغفل المالكي تحريك ملف مشكلاته مع اقليم كردستان لمغازلة المشاعر المعادية او غير الراضية عن الفدرالية لدى الكثير من الشيعة والسنة ورسم صورة بطل الوحدة العراقية لديهم وضمان تأييدهم له في الانتخابات المقبلة، والمالكي رجل ذكي في تحريك هذا الملف والسكوت عنه. لكنه بعد ان اطمأن الى قوته في الجنوب وبغداد، فانه سوف يتوجه حتما الى التحرك للضغط على اقليم كردستان في اطار المشكلات القائمة وسوف يعمل على اقتناص اي نقطة جديدة لاحراج قيادة الاقليم التي تواجه مشكلات داخلية قد تقف عائقا امام اجراء انتخابات فيه هذا العام، وهو ما يعتبره البعض خطوة الى الوراء مقارنة ببقية اجزاء العراق، واذا ما حصل ذلك فان المالكي سوف يحصل على فرصة مجانية في هذا النزاع، رغم قناعتي التامة ان اي من الطرفين سوف لن يوصله الى نزاع ساخن. كما ان المالكي سوف يستفيد من ابقاء هذه الملفات عالقة كوسيلة للمساومة وافقاد قيادة الاقليم لتأييد امتداداتها في بغداد وديالى وصلاح الدين ونينوى، والتي تراجعت في انتخابات مجالس المحافظات كثيرا. وبذلك يضمن المالكي الحصول على مواقع اكثر فيها خلال الانتخابات المقبلة.
ومن اجل ذلك سوف يعمل المالكي على تحريك ملف كركوك الحساس عبر مجموعات عسكرية ومدنية عربية وتركمانية باتجاه الضغط لتقليص التمثيل الكردي في المحافظة، كما انه سوف يعمل على استمالة عناصر البعث السابق من العرب والاكراد لتحقيق صورة اشمل لسلطته ولائتلافه، فقد قال المالكي أمام اجتماع لزعماء قبليين في بغداد "علينا أيضا أن نتصالح مع الذين كانوا مضطرين للعمل في مرحلة من مراحل الزمن الصعب من أجل أن نفتح صفحة جديدة تجتمع فيها طاقاتنا وتتوحد كلمتنا حتى لا نبقي ثغرات يتسلل من خلالها أعداء العراق." وتابع انهم سيتصالحون مع هؤلاء لكن شريطة ان يعودوا الى الصف ويقلبوا صفحة هذا الجزء المظلم من تاريخ العراق، وهذه خطوة استباقية واحتوائية للانقسام في الصف السني وهو ما يغري المالكي للدخول في هذه الارض الغريبة وزرع قاعدة له تمكنه في هذه الانتخابات او في لاحقتها من حصاد نتائج تعوض خسارته في الانتخابات المحلية فيها، وهو التعويض الذي سوف يطفو الى السطح كامتداد لنجاحاته السابقة، اي امتداد للصعود.
اخيرا نقول ان الاشهر التي تسبق الانتخابات المقبلة وهي مدة زمنية قصيرة في مقاييس التحضير والدعاية سوف تكون حاسمة، حيث ان من الصعب على القوى التي تراجعت ان تستعيد مكانتها على اقل مطمح، كما ان الحراك السياسي في العراق بات بفضل الانتخابات المحلية اكثر ديناميكية ويمثل تهديدا اقوى لكل التوجهات السابقة التي تعتمد اسلوب الدعاية الدينية او الايديولوجية او القومية، ولذلك هي ملزمة بالبحث عن حلول سريعة قبل فوات الاوان، حلول قد لا تحصل عليها هذه القوى من داخلها، لعقم العقلية الحزبية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في