الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بالروح بالدم نفديك يا بشير

احمد القاضي

2009 / 3 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


في بدايات تكوين ما عرف بالتجمع الوطني الديمقراطي بالقاهرة في النصف الاول من التسعينات و الذي ضم كافة الاحزاب والحركات والتنظيمات المناهضة للنظام الثيوقراطي الديكتاتوري في السودان اطلق رئيس التجمع آنذاك السيد محمد عثمان الميرغني قولته الشهيرة موجهآ اياها للضابط عمر حسن البشير الذي كلفته الجبهة الاسلاميةبقيادة تنفيذ الانقلاب علي النظام البرلماني الديمقراطي :( سلم تسلم )..وبعد توقيع اتفاقية نيفاشا وتضعضع مكانة التجمع وانتهائه الي شريك صغير في برلمان النظام غير المنتخب سخر الجبهجيون الاسلاميون ايما سخرية من تلك المقولة فرحين بريح مكرهم التي بددت تحالف المعارضين الذين سلموا انفسهم للنظام عوضآ عن يحدث العكس...ودارت الايام فاذا بمقولة ( سلم تسلم ) تنفض عن نفسها الغبار قادمة هذه المرة من لاهاي تلبس حلة قانونية: ( سلم نفسك للعدالة الدولية حتي تقول كلمتها فيك )..ومن يضحك اخيرآ يضحك كثيرآ وان كان الامر ليس في مقام ضحك... فالبشير الذي يكمل هذا السنة عامه العشرين ممسكآ بصولجان الحكم كواجهة لسلطة حركة الاخوان المسلمين السودانية المشؤومة يجلس فوق تل من جماجم الابرياء بدأ يتشكل بعد اشهر قليلة جدآ من انقلابه بقتل اول ضحايا القمع الاسلامي بحجة انه لم يسلم دولارته الي السلطات المصرفية بعد اعلنت حكومة الجبهة الاسلامية عدم جواز احتفاظ اي مواطن بالعملة الصعبة في حوزته...وتأمل كيف يسفك الاسلاميون الذين جاؤوا ليلآ لاعداد الناس للدارة الآخرة وقيادتهم الي الجنة الدماء ويقتلون بلا رحمة من اجل الدولارات الامريكية..كان القتيل الذي اعدم بلا شفقة ولا مبرر قانوني واخلاقي بعد ستة اشهر فقط من انقلاب الجبهة الاسلامية هو الشاب مجدي محجوب ابن رجل اعمال معروف...وبنفس المبرر الدولاري قتلوا الطيار جرجس وابن جنوب السودان اركانجلو في مدة حسابها الاسابيع....وتوالت بعد ذلك قطف الرؤوس التي عدوها قد اينعت وحان جزها حيث قتل تحت التعذيب في بيت من بيوت الاشباح الطبيب الدكتور علي فضل احمد رئيس نقابة الاطباء وآخرون..وبعد تسعة اشهر ونيف من الانقلاب الاسلامي الدموي اي قبل ان يكمل العام الاول من عمره المشؤوم صادق البشير علي اعدام 28 ضابطآ في ليلة واحدة ووجبة واحدة وهم ضباط المحاولة الانقلابية في ابريل 1990..ومضي تل الجماجم يكبر حتي ضم بين جوانبه جثة ثلاثمائة ألف قتيل من دارفور خلال ثلاث سنوات فقط وفوقه يقف مهاويس الجبهة الاسلاميةوهم يرددون نشيدهم ((( الوطني ))) الاثير { .. فليعد للاسلام مجده اوفلترق منهم دماء او ترق منا دماء و ترق كل الدماء }
ولكم ان تضربوا كفآ بكف متعجبين ان هذا البشير الذي يجلس فوق هذا التل من جماجم الالاف قد صدق مقالة اجهزته الاعلامية والامنية بان جماهير العاصمة المثلثة قد خرجت عن بكرة ابيها بتلقائية وبمبادرة ذاتية منها لتحيته ولتهتف باستعدادها لتفديه بدمائها من ملاحقة المدعي العام في محكمة الجنائيات الدولية بلاهاي السيد اوكامبو..ولكن كيف خرجت الجماهير ولماذا خرجت؟؟..عاد بي هذا السؤال الي ما ذكره في سياق مختلف وزير الخارجية السوداني الاسبق منصور خالد في كتابه ( النخبة السودانية وادمان الفشل ) حيث قال ان مظاهرة طلابية ضد نظام جعفر نميري في اواخر السبعينات من القرن الماضي كانت تهتف ( الشعب جعان ولكنه جبان )..وان كان هذا الهتاف الذي عبر عن دهشة الطلاب لصبر الجماهير رغم كل مظالم عهد النميري غير صحيح جملة لان نفس تلك الجماهير هي التي اقتلعت نظام النميري من جذروه الا انه يستحق وقفة تأمل لاكتشاف المكانيزمات التي تجعل الجماهير مرة تنتفض ضد جلاديها وتقتلعهم ، وفي مرة اخري تجعلهم يساقون كالقطعان..لسنا الان في مجال بحث وتحليل عمل تلك المكنيزمات ولكن لابد ان نعرف كيف خرجت تلك الجماهير بتلك (( التلقائية !)) و (( العفوية !)) المزعومة لتحي (( قائدها )) الملهم وهاتفة بفدائه بدمائها ضد اوكامبو...كي يحدث هذا كان لابد للوحة الدموية الوحشية لنظام العصابة الاسلامية ان تكتمل..ففي عشية اعلان قرار محكمة الجنائيات الدولية بتوقيف البشير صرح الفريق صلاح قوش رئيس جهاز الامن الوطني بان رجال جهازه سيقطّعون اوصال كل من يؤيد قرار المحكمة سرآ او علنآ ، صراحة او مواربة..ولكم ان تعملوا خيالكم لتحسس ابعاد مثل هذا التصريح لرجل تشهد له بيوت الاشباح بـ ( مآثره ) الاجرامية الكبري التي سارت بقصصها الركبان...اما ما يسمي بقوات الدفاع الشعبي وهي في الاصل مليشيات من مهاويس الطلاب الاسلاميين ، الحالمين بأكل الاعناب من قطوف دانية وهم في احضان الحور العين ، عرفوا بــ ( الدبابين ) فقد اعلنت بعد ان اعطت لعصبجيتها لقبآ جديدآ وهو ( المجاهدون الاستشهاديون ) بان استشهادييها سوف يصفون تصفية جسدية اي حزب او تنظيم او فرد يؤيد قرار محكمة لاهاي الجنائية الدولية.
وما حدث يوم خروج المظاهرات (( الشعبية! )) للتنديد بقرار محكمة لاهاي لايختلف عما درجت عليه الانظمة الشعبوية في تحشيد الجماهير ورصها رصآ باعتبار يوم التظاهرة اجازة مدفوعة الاجر ..وباصدار الاوامر للمدارس بارسال الطلاب الي ميدان الشهداء وللموظفين والعمال بان يتوجهوا من الدوائر الحكومية او من الشركات التي يعملون بها الي ذلك الميدان عن طرق حافلات معدة لذلك الغرض..والامر لا يتوقف عند هذا الحد والا لكان قد تحول الي ملهاة...فكي يضمن الفريق صلاح قوش رئيس جهاز الامن الوطني ان لا احد سيذهب الي بيته بعد الخروج من المكاتب والمصانع دون المشاركة في التظاهرة اشاع رجاله جوآ من الرعب في الدوائر الحكومية والشركات والمصانع والمدارس ...ذكّروهم بتهديد تقطيع الاوصال..سربوا تهديداتهم بان هناك من سيرصدون اسماء من ( يزغون ) عن التظاهرة وسيعتبرون خونة و سيكون مصيرهم ( الصالح العام ) ..والصالح العام هو اسم تقشعر له ابدان الاسر السودانية عند سماعه حيث قامت الجبهة الاسلامية بفصل ستين الف موظف خلال اسابيع قليلة بعد اغتصابها للسلطة تحت بند الصالح العام فاضحت مئات الاسر بلا مورد رزق وذلك من اجل احلال كوادر الجبهة الاسلامية علي جهلها وانعدام الخبرة في الوظائف القيادية.
وبعد كل هذا يتحدثون بلا حياء ودون ان يرف لهم جفن كيف ان الجماهير السودانية رفضت قرار المحكمة الدولية والتحمت في لحمة واحدة خلف قائدها البشير...البشير يجلس فوق تل من جماجم الابرياء بدأ بمجدي محجوب وانتهي بالالاف من الدارفوريين ومع ذلك يردد ابواق الجبهة الاسلامية ان محكمة لاهاي الجنائية مسيّسة وان اوكامبو اداة استعمارية وان السودان مستهدف بمؤامرة اسرائيلية امريكية..الفريق صلاح قوش رئيس رئيس جهاز الامن الوطني يهدد بتقطيع الاوصال مذكرآ الناس ببيوت الاشباح ، ومع ذلك تشيع ابواق الجبهة الاسلامية بان التظاهرة كانت ( تلقائية ) وان الجماهير خرجت بـــ ( عفوية ) لافتداء رئيسها......عمر البشيروصلاح قوشه وكل عصبجية الجبهة الاسلامية لا يعون ان نظامهم وممارساتهم في التحشيد وخداع الذات ليس سوي صورة مكررة من حيوات انظمة توليتارية بائدة حيث انتهي هتلر منتحرآ وصدام حسين في حفرة وميلوسوفيتش مكبلآ الي لاهاي..وكانوا اشد مراسآ من البشير وعصبته واكثر مالآ وسطوة.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط