الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أشعار جليلية
نمر سعدي
2009 / 3 / 13الادب والفن
أوتوبيا أنثى الملاك
1
كانَ يحلمُ مستيقظاً جمرهُ في دمِ الكونِ
أنْ ولدتهُ الحياة مغطىًّ بدمعِ مشيمتها
والدمِ الأنثويِّ المقطَّرِ من جنةِ الرحمِ
عبرَ رمال الشتاء الأخير بروحي
وعبر بحار الضحى المتدَّفق في جسمها
يغسل الماء من جاهلِّيته بابتسامتها.. والظلام بتوبتهِ
عن شذى شعرها المتناثرِ في زرقتي
الظلام الذي كان يصرخ في نقطة الضوءِ
مستوحشَ القلبِ في جوِّهِ شاعري / آخري
علِّقيني على ما تبقى من الغيم في زمن ممطرٍ بأُحبكِ حتى البكاءِ
أُحبكِ حتى البكاءْ
2
كان يبكي بلا سببٍ عند حدِّ سماءٍ خلاسيةٍ
كانَ يصرخُ مستسلما لعذاباته ولألوان رمبو : شتائيةٌ هذهِ الروحُ
يا من تربيّن رؤياكِ في كلٍّ قلبٍ حزينٍ كفرخِ القطا
كمْ أحبكِ كمْ
عندنا تملئين نوافذَ حريتّي بالحنين إلى كلِّ شيءٍ
أما كان يمكنُ تأجيلُ هذا الألمْ ؟
إلى موعدٍ آخر وغدٍ شاغرٍ
من تثّنيكِ في الماء والمفردة
أما كان يمكن يا شهرزادُ ولو مرةً واحدةْ
تبّني الطيور التي ترجئيّن بغير صباح. . . . لليل القمم؟
أما كانَ يكفي من الحبِّ حتى نحيّي الهواءَ القديمَ على رئتينا
على ضفةِ النيلِ في غرب أرواحنا... النيلِ في شفتينا
أما كانَ يكفي لنصعدَ هذا الخريفَ الأخيرَ ونخزنَ ما ظلَّ
من برق شهوتهِ في يدينا
3
كانَ ينظرُ لي عبر بلورِ دمعٍ شفيفٍ يحُدّثني عن ضمير المدنْ
كان يحلمُ بامرأةٍ لا تمشِّطُ أحزانه في الصباحاتِ
إلاَّ بما يترقرق في روحها من حنينٍ إلى شفقٍ أزرقَ في فضاءِ الزمنْ
هي من صيَّرتْ قلبه سادناً للجمالِ الذي ظلَّ
يبكي بدمعِ سيوفِ العربْ
هي من صيَّرتْ روحه قبلةً لأهلة نيسان باحثةً عن رياح المصب
آه , أنثى ملاكٍ تنام على نوم سجني هنا في تراب السماءِ
يصلِّي لها الماءُ.. يرفعُ من ساعدي حفنةً من شذى نبويٍّ
غدي حنفة من ضياءِ المقيمين في ليلِ أعضائها
وغدي حفنةٌ من عذابٍ سيبذرها في دمي حبُّها. . . .
4
كنتُ أحببتها عندما أمطرتنا أنا وأبا الطيِّب المتنبي مصائبنا
كنت أعرفها جيِّداً حين تبكي بلا سببٍ مثل عصفورةٍ في حديد الجسور
معلقة مثلَ حلمٍ صغيرْ
كنت أعرفها كلُّ أنتروبولوجيا الطبيعيةِ فيها وسرُّ الصفاتْ
صارت اللغةَ.. الطاقةَ المستحيلةَ للحظة المشتهاة
5
لا يماثلها أحدٌ حيث تنظرُ في قاعِ روحي
وأشعار رمبو التي لم يقُلها
ولكنَّها – حين تنظرُ – مأخوذةً بالشواظ الإلهيِّ مغسولةً بالبرَدْ
في ظهيرة آبٍ يماثلها آخري
ويضيءُ لها قمرُ الدمع فوقَ رصيفِ الأبدْ
6
ربّما ربّما في اليوتوبيا غداً أتقمصها حينما يتبلورُ في ذاتها
صبحها الأزرق الزنبقي
وأنا لا نبيٌ لأشرح معنى مزاميرها
حين تعبر في الروح برقاً. . . . يجرِّدني
من أنوثةِ آبٍ.. أنا لا نبيٌ
لأصنع من حزنها ظبيتين / وعصفورتين
7
ربَّما ربَّما في أوتوبيا بلا كلمات
ألتقيها اذا فرَّقتنا الحياة
فيغمرني ضوءُ نجمتها
ربمَّا ربمَّا ألتقيها أنا في أوتوبيا المماتْ
نرتدي شفقاً ازرقَ ونطيرُ بأجنحةٍ من
دموعِ الحريرِ لأنثى الملاكْ
8
في اليوتوبيا أكَذِّبُ ماءَ الحنينِ العموميِّ في رغبةٍ
تتأصَّلُ أو صفةٍ تتأرجحُ ما بيننا
وأصدِّقُ ما فيكِ من عسلٍ جارح ٍأن عينيك لوزيتانْ
وعيناي في غمرةٍ منهما فيهما تسبحانْ
9
في اليوتوبيا أنا بالمجاز أقيسُ جمالك... أو بالصباح الخريفيِّ
يشعلنا بالغموضِ الضبابيِّ والعاطفةْ
لقراءة عينيك في صيف أرواحنا. . . . أن نعرِّي حنينَ الظلامِ. . . .
ونمشي على حدِّ قبلتك النازفةْ
10
ستوافيكِ أمطارُ روحيَ أنَّى ذهبتِ فحزنك بوصلةُ القلبِ في الريحِ
يلمع مثل دموع غصون الغمام العتيقِ التي تتقطَّرُ من عالمٍ ما. . . .
توافيك ذكرى ورائحة الوطن المتسلِّل وقت الظهيرة فينا
يوسِّعُ دربَ المساءِ إلى قبلةٍ ضيقة
11
مريضٌ بأسطورةِ الذئب أو بكِ. . . . قلبي
يعلِّق أنفاسه فوق حبلِ الحياة
مريضٌ كألبير كامو بالمحبةِ واللعناتْ
مريضٌ بما تتركُ الذكرياتْ
على القلب من وجعِ الصبحِ أو تترك الكلماتْ
على فمنا من رحيقٍ توزّعه الشمس في دمِ كلِّ نهارٍ بشرياننا
ناوليني مسدس أحزاننا / ناوليني مسدس أحزاننا
12
في اليوتوبيا نطير بأجنحة الروح متحدّين كزوجيْ يمامٍ
بعيدينَ عن حافةِ الأرضِ. . . عن جسدِ الهاوية
في اليوتوبيا نسبِّح لله باسمِ الحياة
نُدبِّج مدحاً رقيقاً له
/كم نحبك كمْ يا الذي أنت فينا
وأقرب منَّا إلينا
إلهاً نصدِّقه ونكذِّب أنفسنا
ونصادقُ رغبته . . . .
ما تخليت عنَّا غداة اشترانا يهوذا الرجيم
وساق قوافلنا في سدوم الجميلةِ . . . . لا
نريد سدوم الجميلة بل فسحةً في ربى جنتكْ /
13
في اليوتوبيا نذيبُ الحجابَ الذي بيننا والإلهْ
بدمعٍ ضعيفٍ ونمشي على حافةِ الصلواتِ . . . .
إلى الأبدية . . . . لا ننحرفْ
14
قال لي مرةً شاعرٌ :
القصيدة أنثى تراودني في العشيَّات عن نفسها
ولكنني ساقولُ : القصيدة غيبِّية الروحِ
حسِّيةٌ في تشكُّلنا.. أحرقتْ نفسها قبلةً قبلة ًفي مهبِّ الصدى
القصيدة خلق المجرَّدِ في ذاتنا. . . . سرُّ معنى نبيلٍ لعشقِ الحياةِ سُدى
والقصيدة عشبٌ جريحٌ على هامةِ الأبدية ينـزف أحزاننا والندى
قال لي آخري
15
أتلاطم بالحبِّ أو باشتهائي الجمال الممضِّ كزهرة أفعى. . . .
تهدهدُ جسمي بحيراتُ من لذةٍ لا تُسَمَّى
الأعاصير تملأ رأسي تخضُّ دمي
يتوَّسلُ قلبي بشعر سفوكليس أو بنشيدِ سليمان أو يتسوَّلُ بالحبِّ
أو بالجمال الممضِّ كزهرة أفعى... ويسعى
على وجههِ في دهاليزِ قصر الأميرةِ في عالم ٍثالثٍ للمجازِ.....
16
في اليوتوبيا. . . .
تستحمُّ النجوم بعينيك إذ يستحمُّ بعينيَّ عبَّادُ شمسكِ
والمفرداتُ. . . . تصيرُ نوارسَ أعلى فأعلى تطيرُ
على ساحل الروحِ في الزمن الكوكبيِّ الفضائيِّ حتى الحريرُ
استحمَّ بكفيك من غدِ ماضيهِ حتى الحريرُ
17
في اليوتوبيا. . . . أستعيدُ غموض الشعور / الحنين الممضَّ
إلى زمن لاحقٍ كنت فيهِ......
توزَّع وجهك في الأبيض المتوسِّط مثل زهور الشتاء المحمَّل ِ
بالفتيات الجميلاتِ.......
لا زمني يستطيع الخروجَ ولا زمنكْ
من دوائر دمّي ودمّكِ في زرقة العاطفة
....................
أستعيد البروقَ التي أينعت فيَّ من قبلُ
والزمن الكهربائيُّ يملئني بالرؤى الخاطفةْ
أستعيد الهواءَ الذي كنت عبَّأتهُ أمس بالقبلاتِ.. وأودعته طعمَ حرِّيتي
الهواء الذي صار يبكي بدمع قطيعِ الطيورِ المهاجرِ عن جنة وارفةْ
أستعيد بحرفين سرَّ الحياة ولذتها المرّة الخائفةْ
أستعيد الحنان الأُنوثيَّ في شبقِ العاصفةْ
18
سأجلس يوما وحيداً على شرفة الأبدية دون رجاءْ
ودون حراكٍ... أفكرُّ فيكِ... أحدّقُ فيما
تكسرَّ في قلبنا من زجاج الهواءْ
أحدّقُ في زمن هاربٍ مثلَ قيصرَ دون مساءْ
إلى أن يجىءَ الشتاءْ
بدموعٍ نسائيةٍ ينحني تحتها قلبنا
قلبنا واحدٌ واحدٌ واحدٌ في دموعِ الشتاءْ
19
تتراكم فوقي سماواتُ لا طعم لي ولها.. يتوَّضأ سرب ملائكة ٍ
طيّبين بحزني. . . . يضيئون ظلِّي بنرجس أحلامهم وبليل المجاز الشتائيِّ
يأتي ابن عمار طيفاً لماء القصيدة. . . . أندلسٌ فيه عطشى ومسجونة ٌ
مثل روحك في جسدي
يأتي ناظم حكمت. . . . يشرب قهوته بالنبيذ ويذهبُ
برقاً خفيف الأماني على القلبِ
يأتي غرامتشي يشاطرني غرفتي والفراشَ وقنديل حرِّيتي الذهبيَّ
إلى الصبحِ..... أما أنا... فسأنفضُ عن شِعر نلسون مانديلا دمع الندى
المتحدِّرِ من عالمٍ آخرَ للبنفسجِ نحو فضاءٍ بلا قبلاتٍ
وليلٍ بلا شرفاتٍ
تنامين وحدك فيهِ
وأنثى ملاكٍ تنامُ على نومِ سجني هنا . . . .
قمرٌ أحمرُ في أصابعها كان يركضُ مغرورقاً
بنشيدِ الأناشيد. . . .
آن لنا أن نهذِّبَ ما فاضَ
عن ليلنا من كلامٍ
لنظرة إلسا. . . . وآن
لنا أن نرّتب ما فاض
عن روحنا من خزام ٍ
أليفٍ على أيطليْ ظبيةٍ أو حمامْ
20
تمشين أنتِ على الأمواج حافية ً
والبحر مشتعلٌ بالنرجس الكابي
وترجعين وصيفُ الحبِّ زنبقة ٌ
ينمو سنا الثلج فيها فوق اهدابي
غسلت بالنارِ عن قلبي أناملها
وراح ينزعُ عنها الماءُ أنيابي
21
فسحةٌ أرى صوتَ أوريديس فيها...
أرى ملء قلبي الهبوبَ المقفَّى لطيرِ خطاكِ
على حيرتي في القصيدة ِ
أو عزلةِ اللونِ فيها على قمر ٍ من هلامْ
******
تحوّلات لمرايا نرسيس
1
يدورُ الفراشُ كأزهارِ عبَّادٍ شمسٍ عليكِ
بلا جاذبِّية عينيكِ
فيَّ... وحولي أدورُ
2
معرّىً أنا من قرنفلةٍ لصباحكِ تومضُ في ليل روحي
أصابعها.. كلما اغرورقتْ بيديكِ جروحي
معرّىً أنا من حنيني إلى صيفك المشتهى
من ينابيعَ تركضُ مكسوَّةً بعيون المها
في شوارع ذئبيةٍ لا تسيرُ
آه يا تعباً يتحدّرُ من جنة الأنبياء ليرفعَ صوتي الحريرُ
الذي يتحدّرُ مما تربيّن من وجعِ الأغنيات الطليقةِ
تحمل منفايَ فيكِ عصافيرُ من شبقٍ أبيضَ لسوادِ الحقيقة
عذابيَ نهرٌ تعلّقهُ الريحُ في خصرها في نجومٍ سحيقةْ
يضيءُ لها جسدُ الوردِ في جنةٍ مرجأةْ
كيف أغلقتِ ليلَ البحارِ عليَّ وأسكنتني شمعةً مطفأةْ ؟
3
آه يا سيّدي إنَّ حزني يضيءُ باصبعها
غير أني كجميزةٍ أشتعلْ
في مرايا الجبلْ
ولا شيءَ لا شيءَ يا سيِّدي
إنَّ مملكة النحلِ في الروح غاصتْ
وعامتْ على جسدي كالقُبَلْْ
4
سلامٌ على ما يشفُّ بجسم القصيدةِ عن جسمها
ويمسُّ الثوانيَ من شغفٍ لاختزال الأزلْ
سلامٌ على قلبيَ المتهدِّج ِفي ليلها الكستنائيِّ
خلفَ البلادِ التي غمستها الشُعلْ
بندى الضوء فيها.. ولا شيءَ لا شيءَ يا سيِّدي. . . .
غير ما يصلُ القلبَ من حلم المعمدانِ. . . .
وما لا يصِلْ
5
فسحة ٌ لعذوبة مشيتها. في نهاري الذي صفدَّتهُ شياطينُ إنسية ٌ
وأتى راكعاً. خاشعاً. ناصعاً. دامعاً
بالوشاح الذي يتهدَّلُ من شفقٍ زنبقيٍّ عليها
ويرشحُ بالعطر أو بدموعِ الخصَلْ
6
أحاولُ رسمَ نوارسِ قامتها
إذ تهبُّ على لوعتي العربيةِ
أن أفتدي قمرَ العاجِ في أمسها المتردِّدِ مثلَ الحجَلْ
فلا أستطيعُ.. هنا ألفُ لون ٍتوَحدَّ فيما تناثرَ من ظلِّها
في الفضاءِ الغريبِ على رئتي
وعلى لغتي
آه لا أستطيع تنفسَّ ما شاع من صوتها في دمائي
وتأثيثَ أحلامها بالأملْ
...............
ربّما أستطيعُ تمّثلَ أشواقها مرة ً
واحتضان سراب الأعالي وحيداً على قمةٍ للفشل
******
الرؤيا
إلى بابلو نيرودا
1
رأيت نيرودا على حصانه الأبيضِ مجروحاً بزهرٍ استوائيٍّ. بلونِ امرأةٍ . . . .
أمرُّ في غنوةِ فلاحٍ يرشُّ قلبها الأعمى بماءِ الذهب الأزرق ِ
كي يضيءَ عينيها لنيرودا الذي ماتَ على ذراعها البيضاءِ
في المرقصِ من سنينَ
والجالس ِ عبرَ البحرِ طفلا ًيشحذُ الأنفاسَ بالحنينِ
أو مخزونِ عطرٍ ذاقه منها بأرض الشام ِ
أو بأرض مصرَ قبلَ ألفِ عامْ
... في هجرته الأولى وفي ثورته الألفِ
أمرُّ وتراً من فضةٍ يربط جسمَ الكرة الأرضيةِ الطفلَ
بحبل سرَّةِ الشعرِ.. بعَينيْ قمرِ البكاءْ
2
الشعر لعنتي/ التي / قد أنعم الله بها عليّْ
رؤيايَ مفترسة ً عينيْ
يقول نيرودا ويمضي كلهيب السيفِ. . . .
يأتي كعبيرِ الصيفِ في القصيدة / البلادْ
3
يروِّضُ البحارَ في الطريق مغمورَ الحنايا بشذى الغزالِ
قال شاعرٌ : صديقتي زنبقة ٌ بيضاءْ
توَضأتْ بدمِ لوركا قبلَ هذا الصبحِ يا بابلو
وكلُّ البشر الفانين لي أعداءْ
قال آخرٌ : صديقتي نورسةٌ زرقاءُ
تستحِّمُ أنثى الشمس في عيونها. . . ...
أقولُ ما من مرَّةٍ أبصرت فيها وجهك النابتَ في أجنحة الفراشِ
إلاَّ رقصت فيَّ غزالاتٌ بأعلى الفرح المنهارِ كالجبال فوق
جسدي الضعيفِ. . . .
ما من مرةٍ أبصرتُ فيها برقك المخزونَ بالجنة والنار المغطىَّ
بحفيف الحزنِ... إلاَّ استيقظت أطياف شهرزاد من حرائق العنقاءِ
ما من مَرةٍ قرأتُ ما كتبتَ الاَّ هطلَ المساءُ فوق لغتي
بكلِّ زهر اللوزِ في نيسان. . . . ما من مرةٍ. . . .
..................
إلاَّ وطارتْ كالعصافير لقوس القزحِ الأسماءْ
4
لن ينقص النشيدُ
مما أبدعَ الله ولن يزيدَ
في جسم التي أحببتُ
يا تزاوجَ الأنهار ِبالروح التي تهمي من السماءِ
كالقرنفل الأحمر فوق وجهها الضائع في مملكة الطير ِ. . . .
يمرُّ طيفكَ الضوئيُّ مغسولاً بحزن ٍ أسود ٍيسألني عنهُ. . . .
هنا قلبكَ في الليل شعاعٌ غيرُ مرئيٍّ
وقلبي قوسُ عينيها... النشيدُ الخاصُّ والعامُّ وما تشاءْ
5
أسألُ هل يغسلني ضبابك الهاطلُ
من وردتك الأنثى من النبوءة / العذابِ
في برِّية الصين ِ
وفي حوض الأمازون
وفي تشيلي ؟. . . . فلا يجيبني الصباحُ. . . .
مأخوذاً أعضُّ. . . . إصبع القطنِ/ أناديكَ :
أنا جذرُ شموسٍ غربتْ في بحرِ عينيكَ
انا أمطار شوقٍ شربتْ من وجع ٍ كفيكَ. . . .
ليس في يدي قلبي. . . . ولستُ انتَ. . . ./
هل يغسلني ضبابك الهاطل من وردتك الانثى من النبوءةِ / العذابِ
مأخوذا أعضُّ في براريكَ سنى ثلوجها السوداءِ
يا آخرَ ما يحمله الطيرُ إلى المنفى
من اللوعة أو من زرقة الاضواءِ....
في شعرك صيادونَ
يبحرون في أواخر الرؤيا بلا نرجسةٍ..... ولا يعودون
إلى الميناءِ... أو غزالةٌ ترودُ دربَ التوت في مجرَّةٍ عمياءْ
********
يغنّي المغنّي
1
يغنّي المغنِّي : " على هذهِ الأرض ما يستحقُّ الحياة "
الطفولة ُ والحبُّ والفرحُ المرُّ. . . . طعمُ الضحى
في القلوب الضعيفةِ وهي تحثُّ الخطى للشمال ِ
أناشيدُ هوميرَ في الحربِ والحبِّ.. شعرُ سفوكليس ....
ما تتركُ النسوةُ المتعباتْ
على القلب من حزنهنَّ المضبَّبِ والقرمزيِّ الثقيلْ الجميلْ
يغنيِّ المغنيِّ على شفةِ الموجِ زنبقة ً داميةْ
بعطرٍ خفيفٍ. . . .
ولم يفرغِ القلبُ من موته بعدُ
ما زال في الوقتِ متسعٌّ كي يعيدَ البحارَ إلى لونها. . . .
وأنا شرَّدتني الأغاني الشقيَّةُ مذْ كنت طفلاً
تعشِّشُ عوسجةُ الصبحِ تحت رموشي وتحت رموشِ الصهيلْ
وأنا سحقتني الأماني على ساحلٍ ضائع ٍ
في القصيدِ. . . . أحالت زهوري فتاتْ
2
" على هذه الأرض ما يستحقُّ الحياة "
وأضحكُ سرَّاً وأبكي... فينبجسُ القلبُ .... تخرج منه الفراشاتُ
يستسلمُ اللاعجُ الأبديُّ ويطلع حلمُ الحبيبْ
من قرون الوعول القديمة في أرضِ جلعادَ
من زبدِ البحر في ذكريات جليليةٍ
من مراثي أرميا النبيِّ .... ومن جهةِ القلبِ . . . .
يطلعُ من فلقةِ البدرِ حمراءَ شفافة ً
تقطرُ الدمَ ذوبَ عذابٍ على السنديان الكئيبْ
يغني المغنيّ ..... / وينسى بأنيّ
الذي قتلته الحياة ُ
على صخرة الشهواتِ . . . .
ولم يفرغ القلب من موته بعدُ... ما زال في الوقتِ
متسعٌّ كيْ يعيدَ السماءَ إلى ذاتها في المغيب ْ
******
الحياة ُ تعلِّمني
_________
الحياةُ تعلِّمني اللامبالاة َ في كل شيءٍ. وفي الحبِّ أيضاً
تعلِّمني رغبة َ الآخرينَ. الحلولَ بما يشتهونَ
وحاجتهم للتخلُّصِ من زهرِ أحلامهم فهو يجذبهم نحو بئر الخطايا
الحياة تعلِّمني أن أرى
ما يُرى بالقلوبِ.. وما لا يُرى
بالمجاز ِ المراق ِ على ليلها قمراً قمرا !
********
كيف يأوي الى نارها القلب
__________________
كيف يأوي إلى نارها القلبُ مستسلماً
للوجوه التي تتناثرُ في جوِّ برِّيتي كالخلايا ؟
سوف تُولدُ ممَّا يفيضُ على الليل من وحمِ الأغنياتِ
وأولدُ ممَّا يهبُّ على ناطحاتِ السحابِ البعيدةِ
من دمعِ عشتارَ.. كي يتناسلَ فينا حنانُ المرايا
على صدر نيسانَ.. واللانهائيُّ في البحر والناس ِ
يا رغبة ً صنعت من خطايا
طيوراً لأحزانها في نهار ٍ بغير خَطايا
كيف تأوي الى نارها الروحُ من دمعةٍ في غيومِ الوصايا ؟
******
تشبهين النساء اللواتي أحب
__________________________
1
تشبهين النساء اللواتي أحبُّ. . . .
فمٌ مثل غمغمة الطائر الأنثويّ على زرقةِ الروح ِ
عينان من لازوردٍ جريح الرؤى
يستحمانِ بي أو بماءِ الشموس ِ
ذراعان / صفصافتان تعانق حرِّيتي فيهما نفسها
في المكان الأخير على ضفةِ الغيم ِ. . . .
........................
2
تشبهين النساء اللواتي سأنزعُ عنهُنّ ماءَ الاساطيرِ.. أو زهرَ اللوز ِ
يا شهوةَ الأزرقِ اللانهائيِّ.. يا قُبَلاً تتناحرُ مع نفسها في فضاءِ القصائدِ
يا نهَرا ظامئاً للجمال ِ الجريحِ بفسحةِ غردينيا
يا انحنائي الأخيرَ على حاجبيْ قمر ٍ في نشيد أناشيدنا /
شقَّ عطركِ في الروح مجراهُ.... والقلبُ يصرخُ لا ينتمي عالمي
آهِ لا ينتمي
للذي مات في الكهف حُرَّاً / وحيداً / بعيداً
كما أهرقتْ نفسَها وردةُ الغيمِ بين يديكِ المعذَّبتين ِ
كما طلعتْ عينُ شاعرةٍ في نهارك من ورق الحورِ...
كم ذا أحبُّ الغزال يراقص روحيَ حين تقومينَ. . . .
ردفاك لا أيطلا ظبيةٍ سيّداك ِ
هنا في البهاء المقدَّسِ.. فوق الرمادِ الملوَّن ِبالقمرِ المعدنيّْ
وهو يصرخ في روح بودلير : ماذا تريدْ
من سماء ٍمعذَّبةٍ باسمها
آهِ بودليرُ : ماذا تريدْ ؟
******
إلى أرتور رمبو
جبالٌ من القطن ِ يا سيد الكلمات المضيئةِ بالأبنوس العتيقْ
جبالٌ تعانقُ حرَّيتي في الطريق إلى لا مكانٍ
جبال تردّدُ الله أكبرُ الله أكبرُ في غلسِ الفجر ِ
تقرأ مزمورها الرَعويّْ
أما كان يمكنُ أن نشتري
أمننا / خبزنا / حبَّنا المنتظرْ
بسيف عليٍّ ودمعِ عمرْ ؟
قبل أن يحرقَ الأوكسجين دمانا
أما كان في وسعنا أن نؤجِّلَ هذا السفرْ ؟
******
إلى جيرار دو نرفال
أوريليا ما ضاع من صباك َيا جيرارُ
ما بخّرت الأوهامُ من وردكَ... هل تذكر تلك
الصرخة البكماءَ للانثى التي فيك المغطاةِ بهالات انتظاري ؟
وفما يفترس الاقمارَ هل تذكر يا جيرارُ...؟
حبا غامضاً كان / وليلاً حامضاً
أوريليا قامتها من قزح ٍ برجٌ على الماءِ
وعيناها كدمعتين للشعر كبيرتين ِ
عيناها تضيئان ظلامَ روح هذا العالمِ المنهارْ
******
لحظة حرِّية ميِّتة
لحظةٌ حيَّةٌ هيَ أم لحظةٌ شبهُ ميتةٍ تلك حين ذهبنا معاً
آخرين إلى ما وراء الطبيعةِ
يملئنا البرقُ بالذكريات الخفيفةِ ؟!
كُلٌّ على حدَةٍ يتحسَّسُ آخرَهُ :
إنَّ نفسي معي/ وحنيني الذي لا يُفسرُّ
كلٌّ يرشُّ على القمر الفارسيِّ ندى الروح والشاعريةِ
في عصرِ حربِ الكواكب ِ
- ما الشاعريةُ ؟ قلتِ
- سماءُ المجاز الغريبةُ
- ذهنٌ عميقُ الخطى
- وشعورٌ أقلُّ انخفاضاً
صدى الروحِ. . . . قلتُ
وتأثيثُ أحلامنا بالوجوهِ التي رسمتنا
بماء البنفسج فوق الهواءِ / بما تشتهينَ. . . بما تشتهينْ
لحظة حيَّةٌ هيَ أم هيَ حرِّيةٌ شبهُ ميتةٍ من عذابِ السنينْ ؟
******
مرثيَّة الفارس الأخير
إلى ياسر عرفات
1
مات في ليلةِ القدر مستسلماً للسماء التي عرفته طويلاً
كما تعرفُ الروح توأمها
مات مستسلما لقصائد ما كُتبت بعدُ عن ضجعةِ تشي جيفارا
وعن ذكرياتٍ بلا زمن قمريٍّ
تُلوِّحها الشمسُ فوق يديه كأوراق فضيَّةٍ
ذبلت في مهبِّ الحنينِ إلى وطنٍ نائمٍ مثل عصفورةٍ
فوق فوَّهة لبراكين أحزاننا. . . .
كنت أسألُ :أيُّ مدى للكواكبِ في مقلتيهِ؟
وأيُّ التفاصيل أقربُ فيه لأرواحنا ؟
كان ينظر من فرجة اللامكان ِلما لا يُرى
كان يسمع موسيقى مرئيةًً
في الطريق لرؤيا يوحنا النبيِّ
ويمسحُ جرح المسيح بما فاضَ عن قلبهِ من ندى الزنبقةْ
كان ينهض في روحنا من تراب الأغاني
فتنهارُ مملكةُ الشرِّ مشنقة ً مشنقةْ
2
فارسٌ عربيٌ أخيرٌ على مهرةٍ من غضبْ
يذرعُ الليلَ لا يرعوي للبروق التي هطلتْ حولهُ
من سيوف الأجانبِ
كيما يوافي أبا ذرَّ في نزعهِ.... وحدَهُ بردُهُ / وردُهُ
المتدَّفقُ من سِدرة المنتهى فوق قفرِ العربْ
( فوق قبرِ العربْ )
لا يروِّضُ حرَّية المعدن الحرِّ في زمن ٍ من خشبْ
******
يثربُ محمَّدٍ / جليلُ عيسى
_______________
1
يا سيّدي تيبَّسَ القلبُ وما مدَدتهُ لخطفِ نهرِ الريح ِ
في مشيكَ أو عصفورة ً خضراء ْ
2
هل كنت محمولاً على أجنحة ِ الرؤيا
أدورُ خارج الزمانِ والليلكِ حينها.....
أقبِّلُ التراب بالدموعْ
مسَّ رذاذُ الكأسِ من شفاهي
فأورقتْ مياهي
وأزهرت قبلةُ عينيها على فمي
وفي دمي
3
أصابعُ النبيْ
ترشق وجه قلبيَ اليابس ِبالماء فتعلو نخلة ًباسقة ً ( زنابْ )
وجدولاً يضحك في دمي لدنيا من عيون الحور في الثيابْ
تفتحَّتْ أحداقُها. . . .
أمشي على الليلكِ حتى آخرِ الأوتار في سماوة الأهداب ْ
4
سلَّمني يوضاسْ
لقدَميْ راقصة ٍفي غزوةِ الأحزابْ
قلبيَ مغشِّيٌ عليهِ من عطورِ الشام ْ
من شمس برتقالةٍ تعبى بظلِّ كرمةٍ تنام ْ
على الترابِ الربذيِّ
قلبها اطمأنَّ بالملاكِ
عصفوران في أهدابها تنضحُ من ريشهما سكينةٌ بيضاء ْ
5
تفلتُ من صوتي عصافيرٌ / غزالاتٌ تهّزُ مهدَهُ الصغيرْ
تفتحَّت في جسدِ النومِ رؤىً
تصدحُ في سريرِ أقدام العذارى وحصى الحريرْ
6
بيني وبين وجهها شمسٌ تشفُّ عن حجابٍ
أزرقَ فيها... كتاب ٍ
لبحار الرومِ... ليس بيننا حجاب ْ
سوى دموعِ آب ْ
وشارةِ العائد من معركة اليرموك ِ
بالرذاذِ والضوءِ وبالقرنفلِ / الضباب ْ
لا بدَّ من ذكرى لكي تحملَ عنَّي
الوجع المنسيّْ
في الهجرةِ الكبرى إلى نفسي....
قليلاً من حنان الوقتِ
كي تزهرَ عينُ القمرِ الشمسيِّ
في الركاب ْ
7
تخفق أقدامي على الماء ِ
وعيناها فراشةٌ على الرمضاء ْ
لعنكبوتِ قيصرٍ عشاء ْ
...........
طاشت سهامُ الخيل في جسمي
وكلُّ مجدِ كسرى زهَرُ الصحراء ْ
..........
يثربُ كلُّ وقتها صبح ٌ
وكل صبحها جرح ٌ
تدَّلى عنبُ الجليلِ من سمائهِ العذراءْ
...........
يثربُ وجهُ الشمسِ في نخيلها غناء ْ
8
على زجاجِ الماء ْ
تندى شفاهُ القُرشيَّات ِ
وفي بدر ٍأنا أجاهدُ الشمسَ
بسيفي - رحمة ً صديقتي الشمسُ -
تقوسَّتُ كما تقوَّسَ الغمام ْ
على شفاهِ القرشيَّاتِ
تسلَّقتُ على وجهيَ بئراً تُنبتُ الفضةَ والعظام ْ
للقمرِ المكيِّ يسَّاقط من أجنحةٍ مبتلَّةٍ
بعطشِ الصحراءِ في أقبيةِ الحمامْ
9
من دوس أقدامكَ.. من عطرهما اللجوج ِ
تنمو جنة أخرى هنا. . هناكَ. . . .
لكنَّ ملوكَ الأرض يزحفونَ في الجحيمْ
على وجوههم. . . .
وأنت من عل ٍ تنظر ُ
من رذاذِ زنبقِ السماواتِ
وأنهارٍ شربتُ بعيوني برقَها الورديَّ في الغيومْ
10
يثربُ حكَ الظبيُ فيها ظلفه بظبيةٍ
توزِّعُ الصحراء فينا ذهباً أو تعباً
يكرزُ في برِّية الصبحِ الجليليِّ :
إذا ضعفتَ. . ايمانك يشفيك َ
بروح قوة الله التي فيك َ
وفي السماء ِفأكنـز فعلكَ الصالح َ
تدخلْ ملكوتَ اللهْ
11
ملقىً على قارعة الليل ِمن الفسطاط للمدينةْ
يشعلُ عظمي بردُ قسطنطينة
........................
أوَّاهُ سيفٌ خشبيُّ الصنع ِ
لا يأكلُ من أسوارها اللعينةْ
12
أحفنُ هذا الرطبَ الجَنيَّ من نظرتها
يا لحنين الضوءِ فيها للنبوَّات ِ
التي تقطرُ من أغصان نومها ومن أمسي. . . .
كما يهطلُ زهرُ اللوز من حنَّاء ِشمسها النسائيةِ
من شفقها المطلولْ
13
أقول يا أنصعَ من حبةِ ثلج ٍ
في جبين الشمس ِ
يا حمرة وجهِ الشفقِ
العاتبِ والغاضبِ لله
أنا أغسلُ أقدامكَ - لا كالمجدليَّةِ - بعطر نفسي
وبحرير موجةٍ أمسحُ عنهما غبارَ غزوة الخندقِ
قوسي بيدي. . . .
يا بأبي أنت وأمي وحنوِّ قوسي
14
رأيتهُ يرجع راكبا على ضرغام ْ
من رحلة الصيدِ. مُعلمَّا بريش السيف والنعام ْ
في صدره البحريِّ. . . .
كان دائما يطوف بالكعبةِ قبل بيتهِ. . . .
كان يشُّجُ جبهة الشيطان بالقوس. . . .
اذا أغضبهُ يوماً. . . . جميلا ً كان ْ
15
مبايعاً وحاضناً سيفي أجيءُ
أثرُ الوضوء ْ
ينضحُ من جبينيَ المضيء ِ
قوسَ قزحٍ مددتهُ لخطفِ
نهرِ الريحِ في مشيكَ.. أو عصفورة ً خضراء ْ
********
هي ليس تسألُ ما الحياة
________________
هي ليس تسألُ ما الحياة ُ
ألحظة ٌ فلكيةٌ لا غيرَ ؟
أم شخصية ٌ مجهولة ٌمسكونة ٌ بالريح في سفر المراثي
ليس تبصرُ ما وراء ضبابها الأبديِّ من معنى
لأوجاعي التي تصطكُ في البرية الأنثى وتعوي باسمها
في زرقة الوردِ المتمِّمِ للبلاغةِ. . . . ؟
قبِّلي شفتيَّ كي تتناثرَ الكلماتُ من عينيَّ هوميريةً
تصلُ المجراتِ التي لا ماءَ فيها بالمسافةِ بيننا
******
سأصدِّقُ السيَّاب
__________
سأُصدِّقُ السيَّاب بعد اليومِ حينَ يقول ُ لي
ما قالهُ لنجوم نهر بويبَ أو لربيع ِ جيكور ٍ
..........................
أُصدِّقُ ما يقولُ عن الثريَّات / المجرَّاتِ
الحنينِ لشاطئِ الأبدية ِالمكنون ِ في صدفِ الحياة ِ
وحين يركضُ في سهوبِ الموتِ بحثا ً عن سنا امرأةٍ
صدى للشعرِ مرئيٍّ
تلاحق ُ ظبيهُ عينا يهوذا أو كلابُ السامريِّ...
أُصدِّقُ السيَّابَ حينَ يموت ْ
******
أوتوبيا السراب
__________
وجهٌ من الأبنوسِ / ضوءٌ نافذٌ في جلد هذا الليل ِ
عطرٌ موصلٌ للحبِّ والماضي
يوزِّعُ ما تناثرَ من شفاهِ الأقحوانِ على شفيرِ الأرضِ. . . .
نهرٌ طافح بدموعنا الأولى تعلِّقهُ الغيوم عليكِ. . . .
يَسبحُ في فضائكِ وجهُ أفلاطونَ
تكتبني رؤاكِ قصيدةً رعويةً مائية َالألفاظ مرجانيةً. . . .
وجهٌ من الأبنوس في جلد الظلامِ
يشعُّ عطراً موصلاً للحبِّ والماضي. . . .
امتشقتكِ من بروقي. . . .
والبروق طفولة ٌ أخرى... كتاب ُالروح والأبنوسِ
أوتوبيا السراب ْ
**********
الروح جغرافيا اليوتوبيا
_______________
الروحُ جغرافيا اليوتوبيا / قبلة ٌحسِّيةٌ في الريحِ / بوصلة ٌ
تُشيرُ إلى معاني الحزنِ في قمرٍ توضأَ لونُهُ بدمِ القصيدةِ والدموع ِ
هشاشةُ الشعراءِ إذ يتساقطونَ على الطريقِ إلى قصائدهم
سماواتٌ بها تحيا المزاميرُ القديمةُ والجديدةُ والنساء ْ
********
صرخة أوديب / معطفُ القلب
_________________________________
أمشي على حدِّ الخسارة مثقلا ومتوَّجاً بالذكرياتِ المرَّةِ البيضاءِ
لا ألوي على ما ضاع َمن وردِ الزمان على رصيفِ العمرِ. . . .
كُلُّ مدينةٍ ذكرى تقوِّضها عيون البحرِ في إلياذةٍ. . . .
قلقٌ وجوديٌّ كأني ثاقب ُالأوزونِ
باللغةِ انتبهتُ إلى شعورٍ دائمٍ بالذنبِ من أمنِ الحقيقةِ
آهِ....... وليذهبْ أوديب إلى الجحيمْ
عيناه قنديلانِ من فحمٍ يضيئان النهار بغير ألوان ٍ
وصرخته انتحاب ضميركِ البشري ِّ
آخرُ معطفٍ للقلبِ يحرسُ وردَه ُ الناريَّ
ثلجُكِ في سَدومْ
******
مثل حصى البروق
_____________
لمظفَّرِ النوَّابِ صرختُهُ
ولي قلبٌ يرِّنُ بها من الجهتين مثل حصى البروق ِ
- مهرِّجون مهرِّجون مهرِّجون -
وآخرون هم الجحيمُ
وراقصونَ على وليمة موتنا العربيِّ كالديدان ِ
من أقصى المحيطِ إلى الخليجِ
مهرِّجون / على الفضائياتِ / أو متفرِّجونَ
بكاؤهم ضحكٌ وضحكهمُ بكاءْ. . . .
******
تقاسيمٌ على ماءٍ جريحْ
______________
1
لمشي الغزالةِ في جسد المتنبي أقول ُ:
ستصبحُ خطوة روحي جناحاً يطير إلى. . . .
آهِ من ذهبٍ أزرقَ يتدَّفقُ عندَ الصباحْ
على كتفيها.... ليملأَ صحراءَ قلبي بدمعِ الأقاحْ
- أنتَ لا تستحقُّ ضحاها المعطَّرِ بالأقحوانْ
- أنتَ لا تستحقُّ نداها المشبَّعَ بالأرجوانْ
أيُّ رائحةٍ فيكِ تفجأني
أيُّ رائحةٍ لحليبِ الحنانْ
2
أُطوِّفُ في عتمةِ الذاكرةْ
بقنديلِ عينيكِ والقبلةِ الخاسرةْ
فلا أتقرِّى بعينيَّ غيرَ خيوطِ الدخانْ
3
فرسٌ أنتِ من لوعةٍ بجناحين من سبأٍ أقبلتْ
لونها قزحٌ من جروح الحضاراتِ في أرضها. . . .
لونها تعبٌ معدنيٌّ لفارسها المنتظرْ
ضوءُ تفاحةٍ في دمٍ قمريٍّ
لجسمكِ. . . . عطرٌ لحزن الغجرْ
كل ما كانَ صاحبتي كانَ فلتبدأْ الأُغنيةْ
لأمسحَ عن وجهكِ الموجَ في جزرٍ نائيةْ
4
أفي مثل هذا الصباح النسائيِّ يستسلمُ القلبُ كالعرَبةْ ؟
لحصانينِ فيكِ يجرَّانهُ في شوارعِ غرناطةِ المعشبةْ ؟
أفي مثلِ هذا الصباحِ النسائيِّ نبكي على قرطبةْ ؟
رذاذاً على زهرة الآس في روحنا المتعبةْ ؟
5
تملئين ستائر نومي الشفيف المضبَّبِ باللوز والأقحوان ْ
بدخان الكوابيسِ. . . . تنحل ُّ فيه الدوائرُ حول الدوائرِ
يا نغمَ المطرِ الموسميِّ الموّقع ِ في جنةٍ للهوان ْ
6
أحتويكِ أنا من زهورِ الضبابْ
وبودليرُ ينظرُ من فرجةِ القمر المعدنيّْ
شعَّ ملحك ِ في كل جسمي... وغاب ْ
في بحيرة نرسيس وجهُكِ
مليونَ عامٍ وعامْ
يُقَبلُّ نرسيسُ في نحركِ القمرَ البابليْ
7
للتي شعَّ في دمها الحرِّ حبرُ النجومْ
للتي شاع في دمها الحرِّ عطرُ الكروم ْ
للتي. . . .
انكسرَ الليلُ في ضوءِ اصبعها الهشِّ
واستسلمت فرس العاشقِ الجاهليِّ لمشيِ الغيومْ
في معلَّقة تحملُ القلبَ حتى سماءِ سدوم ْ
..............
للتي توقظ الوجعَ الساحليّْ
تغني البلابل في جسدي الغزل العذريّْ
ونشيدَ أناشيدها الأزليّْ
8
تقولين لا لحليبِ البنفسج ِ
لا لمنافي النبيينَ في الأزرق اللازورديِّ... لا
لشتاءٍ خضيرٍ ينامُ على عظمك الحجريِّ
لسوسنةٍ رفعت وجهها للضياء الأخيرِ. . . .
تقولين لا.. ألفُ لا.. ألفُ لا
9
لنا ما لنا من حنينِ الرخامِ الايزيسيِّ في شِعرِ أحمد شوقي
لنا ما لنا فيكِ..... مصرٌ وشام ْ
لنا شمسُ أندلسَ المقمرةْ
ولوركا الذي قفزت روحه ُ
إلى زرقة ِ البحر كالقبرَّةْ
لنا ما لنا. . . . ولسعدي بن يوسف نجمته المزهرةْ
في دمائي..........
10
بكاؤكِ مُرٌّ يندِّي صليبَ الجراح القديمْ
أفيءُ إلى ظلِّ نخلة قلبيَ منه......
وملحُ جبالِ الحديد بكاؤك. . . ! أم غيمةٌ في الجحيم ؟
تعرِّي يديَّ من العُشب القمري ِّ
ووجهيَ من زهرةٍ ضائعةْ
وللأفق المتناهي إلى دمنا غابة ٌ
من الضوء والكلمات... وبوَّابةٌ سابعةْ
لزرق الغيوم ستأتين منها إلي ََّ
لنكتبَ سفرَ الخلودِ على صدر طروادة الرائعةْ
11
هنري المليونيرْ
يصادر نومي الصباحيَ والأقحوان النثيرْ
ويسرقُ منيِّ العشاءَ الأخيرْ
هنري المافيونيرْ
يحنطُّني في نيويورك في عرباتِ الثلوجْ
ليهوذا الذي باعَ من أجل ِجيتارةٍ ربََّهُ وكتابَ مزاميرهِ. . .
من أنا ؟ ؟
- أنا فأرٌ صغيرٌ بقبرِ الحياة الكبيرْ -
يجاوبني ماسحُ الأحذيةْ
عند منعطفِ الجادة الثانيةْ
12
يعبرونَ. . . .
هنا وقعُ أقدامهم فوقَ جلدِ المساءِ
هنا طعمُ أيامهم في فمي
يعبرونَ. . . .
ويملأني السكسفونُ
بأحلامهم واحداً واحداً مثلما يملأ الدمع غصني وواحدةً واحدةْ
في رتابة أعيادهم وجنازاتهم يعبرونَ
على طرفِ النجمةِ الشاردةْ
لا مبالين بي وبفرجينيا وولف التي سقطتْ ( دون عمدٍ ) ببركتها الباردةْ
لا مبالين بماياكوفسكي المعلَّقِ في غيمة القرمزِ الساجدةْ
يعبرونَ...... ولا ينظرونَ
إلينا نموت ُ
نموت ُ
نموت ُ
ولا ينظرونَ إلى دمنا المتحجرِّ كالوردِ في الشاهدةْ
13
آهِ جون كيتسَ فيَّ لماذا تموتْ
بقرون الوعول الجميلةِ أو بجناحِ الفراشةِ في زهرةِ التوتْ ؟
آهِ جون كيتسَ هل كلُّ شيءٍ يفوتْ
ودمعُ الحصان الأشوريِّ باقٍ على صبحكَ الحجريّْ ؟
أين صيفُك في أيِّ بحرٍ سجينْ
كنت بالقلب أسمعهُ... كنتُ أُبصر ألحانهُ بالعيونْ. . . .
سلامٌ لجون كيتسَ في العالمين
14
سأرقى الى آخر السلَّمِ الحلزونيِّ في شعر رمبو
المؤدِّي إلى خيمةٍ في سحابِ اليمنْ
سأرقى على خصل الموجِ. . . .
مأهولةٌ أنتِ باللازوردِ المشعِّ بماء المجرات فيَّ
ومسكونةٌ بسماءِ الزمنْ
15
لوركا ليمونةٌ غجرِّيةْ
لوركا زيتونةٌ قرطُبيةْ
أرضعته وربَّتهُ في حِجرها.. أسلمتهُ إلى قمرٍ أخضرَ وإلى غجرٍ طيبِّينْ
يكرهون البنادقَ والجنرالاتَ
ها هو ينـزلُ من هالةٍ بضّةٍ للعروسِ ينقطُّهُ الدمُ
لوركا أنا. . . . نحنُ أبناءُ عمْ
16
كنتُ أمشي غريباً بلا حبِّها
فتنهارُ فوقي سماءُ الندمْ
عرفت سماءَ الخصوبةِ في حبِّها
وعرفتُ العدم ْ
********
كربلاء
كربلاء مناديلُ دمعٍ سماوية ٌتبذرُ العطرَ في وجهِ سيِّدها
كربلاءُ انتصارُ الصلاةِ على الظالمين
كربلاء سماءٌ من الوجع الأزليّْ
كربلاءُ مواجهةٌ صرفة ٌلجمالِ قطامٍ وسيفِ عليٍّ
إلى أبد الآبدين ْ
كربلاء حمامٌ عنيفُ الحنينِ
يوافيكَ من مقلتيْ زينبٍ إذ تنامْ
على جسدِ الرملِ مجروحةَ الأقحوانِ
بشمسٍ تلملمُ أذيالَ غربتها في الظلامْ
كربلاءُ فضاءٌ لغيمِ الغزالةِ
نسبح فيه كلانا بأذرعةٍ لملائكةِ الخيلِ من فضةٍ وخزامْ
كربلاءُ محاولةٌ لاستلالك من قمرٍ عاشقٍ في عيونِ الرخام ْ
بيننا من صباحِ النبوَّاتِ ما يجعلُ الصخرَ قطناً خفيفاً
يضيءُ مواجعنا في النجومِ. . . . وقوسَ غمامْ
كربلاءُ احتفاليةٌ وسيوفُ يزيدَ تسيلُ قرنفلةً بضةً
في دمانا وعِرقِ الكلامْ
******
فريدا كالو
آه فريدا كالو أيتها العاكستي على حريرِ الواقعِ في الفترةِ العذبة المعذبَّه
يا صرخةَ القمر المذبوحِ بسيف الشهوة
فريدا كالو الطازجةُ الشهيَّةُ كغناء نورسٍ جريحٍ
أيتها الأنثى اللانهائيةُ خلف البحر الأزرقِ الممتدِّ حتى سماء ملوَّعة
أيتها اللابسةُ قميصَ عشتار على جسدكِ المحاريِّ البضِّ
يا ذاتي التي انفصلت عني قبل آلاف السنينْ
لتتوزَّعَ امراةً في كلِّ زمانٍ ومكانْ
كما يتوزَّعُ سربُ القطا في روح شاعرٍ مغمورْ
فريدا كالو
أيتها الغامسةُ أصابعك بماءِ الأسطورة الفضيِّ
آه فريدا كالو هل أنتِ أنا أم أنا أنتِ ؟
هل لي أن أحسو كأسَ تاكيلا في أيامكِ الممطرةِ كروحكِ ؟
هل لي أن أتسكَّعَ في بريَّتك المغمورةِ بسحرِ النبوءةْ ؟
هل لي أن أستشرفَ البعدَ الخامسَ للأشياءِ في قاموسِ رسوماتكْ. . . .؟
هل لي. . . . وهل لي. . . . يا امرأة تتنفَّسُ الهواءَ الطرواديَّ
الملحميَّ في عصر الذرةْ
يا عنقوداً من تعبٍ يتلألأُ في شمسِ الحرَّية
يا صوتا مرئِّياً يتفجَّرُ من أعماق فرجينيا وولف ليغمرَ القارة اللاتينية
بدخانِ حرائقِ بابلْ
تركت نفسي تبحث عنكِ وعن وجهِ ايزيس
في غابة الظلام المضيء بغيابكِ الأبديِّ
تركت نفسي في الآبار الخضراءِ.. وفي مساءاتِ الزيتون المقمر بدمائك الوردِّية .
تبحثُ عن جسدكِ / جسدي المعفرِّ بالرماد المزهرِ الحارِّ فوق كوكب أصفر
تبحث عن أنوثةٍ جارحةٍ تكتبني بماءٍ قزحيّْ
عن أصابعَ ناريةٍ ترسمني على ورق الهواء المعدنيّْ.. تبحثُ عنك. . . .
في الضباب البشريِّ الأسودِ الهاطل علينا من شجرِ الليل ْ
آه فريدا كالو المحمولةُ على أجنحةِ الأكاليبتوس المهاجرِ
من خطِّ الاستواء إلى القطبِ الشماليّْ
المشدودةُ كالوترِ المائيِّ فوق صحراءِ أرواحنا
الموزّعةُ في صباحاتنا كالزنبقِ الجريحِ بشوكِ الحبِّ. . . .
المزروعةُ فينا والطالعةُ كمرجان البرقِ من أعماقنا. . . .
آه . . . . . . . . . . . . . !
********
ثنائيَّة الروح
إلى ممدوح عدوان
ثنائيَّةُ الروحِ محمودُ / ممدوح ُ
لا. . . . لن أكفكفَ دمعَ الضباب ِ
المؤدي لقلبيهما في الصباحِ المجردِّ باللازوردِ وحسَّيةِ الأغنيات ِ
الصباح الذي كان يمشي على ما تبقَّى من الروح ِ
كالأخطبوطِ الجريح ِ
ويصرخُ بالعابرين العجالى للاشيءَ في سفرٍ لسدوم ْ
ثنائيةُ الروح تكتبني برمادِ الصدى
وتنثرُ عنقاءَ حرِّيتي في مهبِّ الندى
قزحاً من جراحِ الرياح ْ
*********************
عذابات وضَّاح آخر
" الحياة حلمٌ يوقظنا منهُ الموت "
مثل فارسي
" للناسِ حجٌ ولي حجٌ إلى سَكَني
تُهدى الأضاحي وأُهدي مهجتي ودمي"
الحلاَّج
فهرس
مقدمة : أضواءٌ في نهرِ الجسدْ
عذابات وضَّاح آخر
إشارات
وضّاح اليمن – شاعرٌ أمويٌّ تشبب بأم البنين فدفنه الوليد بن عبد الملك حيّاً.
روضة – حبيبة وضّاح اليمن .
دعبل الخزاعي – شاعر هجَّاء كوفي الأصل . سكن بغداد . تشيَّع للعلويِّين وهجا العباسيِّين .
له بيتٌ مشهور
ﺇني لأفتح عيني حين أفتحها
على كثيرٍ ولكن لا أرى أحدا
مقدمة :
أضواء في نهر الجسد:
كلمات مضيئة مزهرة في جسد وضَّاح الليليِّ في زمن الردة والهزيمة الروحية .
تعكس الحلم / الكابوس .
والتناقضات المرَّة . التي يتشَّكل في أفقها الأزرقِ الكونيِّ جوهرُ الشعر الحقيقي .
واللوعةُ المزهرةُ على عينيه .
هذه الصرخةُ الداخليةُ ذاتُ الأبعادِ اللانهائيَّة . يهطلُ برقها من عوالم اللا وعي على أرضِ النبوءة . ليطلعَ حدائق وضَّاح الساكن في فصولِ الموتِ السبعة والمقنَّعِ بسريالية يانعة متجدِّدة . كأزهار قمرِّية بابلِّية غامضةٍ... وضَّاح المتحجِّرِ الخطوةِ في تجلِّيات الأفقِ الأزرقِ المنفيِّ في عيونِ روضةَ وأخواتها.. المحمولِ في نهر الموتى على جديلة نارِّية .
عذاباتُ وضَّاح هي تعميقٌ لهوةٍ سحيقةٍ بين روحه وجسده.. وعذاباتُ وضَّاح أيضاً زهراتٌ شعريةٌ نبتتْ في رماد التأمُّلات الحارِّ .
ومن ﺇنكسارات سيزيفيةْ على صخرةِ الزمن .
وهي خروجٌ على موروثات روحيةٍ حياتيَّة جامدة في عالم بحاجةٍ إلى من يصهرُ زيفَهُ وزخرفَهُ بنار حقيقيةٍ . ويغسلُ صدأ دماء شموسه القديمة .
ويطلقُ القمر الآخرَ في فضاءاتِ السنونو والزنبق . في محاولةٍ لجمعِ أطياف الرؤى الكونيةِ لرسمِ قوسِ قزح حيٍّ واحدٍ على حديقةٍ من حدائقِ الموت الوضَّاحيةِ الرائعة .
منذ زمن ووضاح بذرة حالمة بالضوء الأسود الجميل . وفكرة مجنَّحة لمشروع قادم .
وضَّاح الذي سكب ماء جماله على أقدام حبيبته . وأنشب أظافره في الحرير السماويِّ القاسي. مشعلاً المسافة بين صوت الأنا وصوت الآخر بالنار المقدَّسة . وزارعاً فمَ القصيدة ألف ألف سؤالٍ وجوديٍّ . لا إجابة عليهْ ! .
نمر سعدي
( 1 )
روضة في شجرةِ الموتى غناءُ بلبلٍ حبيسْ
يشعل أجراس الندى الليلي ّ في الغاباتْ
تركض مثلَ القمرِ الهاربِ
من حوتِ السماوات بلا ثوبٍ ولا حذاءْ
تنهشُ جسمها الحليبيَّ الكلابُ السودُ في الغيومْ
( 2 )
يا بجعَ البحيرةِ السوداءِ في لياليَ الربيعِ
باكياً بلا دمعٍ... وحاملاً ليَ الأنهارَ في الضلوعِ
حارقاً كما البهارِ في أشهى المساماتِ...
كلسعةِ الجمالِ الصِرفِ في أنوثةِ المكسيكْ
هل كان مكتوباً عليكَ الموتُ في حضارةِ الأزتيكْ
والدفنُ في مقابرِ الأزتيكْ
يا وجهَ من ترحلُ في أسطورةِ الغيابِ
أو في زرقةِ الجحيمْ
( 3)
.... في الشاطىء الآخرِ من دمي تناسلينْ
وفوقَ صبَّارِ الدجى المضيءِ تُصلبينْ
يا وجهكِ المزروعُ في الغيوم زنبقةْ
وفي رمادِ القمرِ المنفيِّ في غياهبِ الجليدِ....
يا وجهي الذي تسقطهُ في الحلمِ مشنقةْ
( 4 )
أعمدةُ الدخانِ تنهارُ بحضرموت
وتحتها معصَّبَ العينين يا - دليلتي - أموتْ
غنِّي انتحارَ البحرِ في عينيَّ
واخضرارَ شمسِ الليلِ في التابوتْ ! !
( 5 )
حرائقُ الآلهةِ الحمراءْ
تصبُّ في جسمٍ من الرذاذِ والورقْ
حدائقُ الآلهةِ الخرساءْ
تقرعُ أجراسَ نجومِ الليلِ في الحلَقْ
فيهطلُ الغناءْ
( 6 )
يخرجُ من بحيرةِ الرمادِ والزنبقِ أوزيريسْ
وأنتِ يا روضةُ... يا إيزيسْ
فراشةٌ بيضاءْ
تتبَّعَتْ دمي إلى ممفيسْ
أوفيليا تتبَّعَتْ دمي إلى صنعاءْ !
( 7 )
خمسةَ آلافٍ من السنينْ
أعيشُ في قمقمِ حضرموتَ
أو أُرجمُ في دروبِ أورشليمْ
أُحرقُ بالشعرِ الذي بالنارِ تكتبينْ
أُودعُ - رغماً عنهُ - وجهَ الملَكِ الحزينْ
أجنحةَ الفراشِ أو... حدقةَ التنِّينْ !!
( 8 )
فراشةً أتيتِ تنفضينَ كحلَ الليلِ في عينيّْ
وما عرفتِ أنَّ هذا الزمنَ المجنونَ
يغتالُ الفراشاتِ بكلِّ شيءْ
بزغبِ العشبِ الخريفيِّ
بضوءِ الشارعِ المخمورِ قبلَ الفجرِ بالدماءِ....
بالوقتِ الذي يركض للوراءِ مذعوراً
إلى الكهوفِ... بالمسدسات السودِ / في هوليودَ ....
بالهواءِ... بالماءِ... بما يفكرُّ المارون فيهِ....
بالذي يغيبُ عن ذهني... بكلِّ شيءْ
( 9 )
فراشةً أتيتِ تكنسينَ بالضياءْ
عناكباً ميِّتةً سوداءَ في حدائقِ النجومْ
أُحسُّ بالصيفِ الذي افتقدتهُ يلسعُني
أوَّاهُ يا حبائبَ الليمونِ إذ تغطسُ
في جسميَ أو تعومْ....
.... عبَّادَ شمسٍ تشرئِّبين إلى النجومِ في اللياليَ الزرقاءْ
( 10 )
جسمكِ في جسمي ... وللفصولِ في القدَحْ
سبعةُ أوجهٍ.... ألا من ينجبُ الثاني....
أنا أم أنتِ ؟ !
من يموتُ أوَّلاً بهذا السُمِّ في الفرَحْ ؟!
( 11)
أراكِ يا روضةُ في رحيلِ هذا الصيفْ
إلى حدائقِ الكلونيا.... ألثمُ الغبارْ
بلا فمٍ من شدَّةِ الوجدِ...
أدورُ مظلمَ القلبِ على طاحونةِ الأقدارْ
( 12 )
أراكِ في العصرِ تواكبينَ شمساً أنضجتْ قلبي
ومنكِ القمحُ والأنهارْ
أراكِ في جحيمكِ الأرضيِّ تشرَبينْ
من راحتيَّ الألمَ المفضي إلى بوَّابةِ الأسرارْ
( 13 )
وأنتَ يا وضَّاحْ
قطرةُ ماءٍ أنتَ في البحرِ... وفي الفضاءْ
ذرةُ رملٍ لم تزلْ تبحثُ في السديمِ عن أضواءْ
عن جُرعةٍ من عطَشٍ الأمطارْ
تهطلُ من أهدابِ شمسِ عمركَ الصفراءْ
لتزرع العالمَ - هذا العالمَ المدفونَ تحت الزمنِ المنسيِّ
في رمادهِ الحارقِ- بالأشجارْ
( 14 )
قلبُكَ نعلُ المرأةِ الأخرى إلى الصباحْ
في عالم الليلِ الذي ينضحُ بالدماءْ
قلبُكَ أوراقُ مؤسساتِ شهريارْ
تحتَ رذاذِ الليلِ والغبارْ
( 15 )
غسلتُ وجهي بالندى الحامضِ
في عوالمِ الغربةِ والتجوابْ
في الليل أو في وضَح النهارِ
إذ تدَّثرُ الذئابُ بالغيومِ أو تدثِّرُ الغيومُ بالذئابْ
. . . . . . . . . . .
أين تُرى صكوكُ غفراني ؟ !
وهل يطلعُ ذاكَ الفارسُ المقتولُ من شقائقِ الغيابْ ؟ !
. . . . . . . . . . . ..
أيا ذئابُ فانهشي روحي
اتبعي ظلِّي إلى مكبَّةِ العذابْ
( 16 )
وعدتُ راكباً على جرادةْ
تخرجُ من جمجمةِ الخليفةِ المشقَّقةْ
من ظلموتِ الموتِ... من صندوقِ أحلامي الجحيميِّ...
أرى يا روضُ في عينيكِ جنَّةً معلَّقةْ
في سقفِ بئرٍ مظلمٍ.....
أوَّاهُ يا روحي التي تخنقها هناك زنبقةْ
( 17 )
.... على فراشِ الندمِ الأعمى أُرحْ رأسي على وسادةْ
محشُّوةٍ بغبشِ الصبحِ الطفوليِّ....
بريشِ الصيفِ في صدرِ سماءٍ حاملٍ في ساعةِ الولادةْ....
على فراشِ الندمِ الأعمى تنامينَ كما
ينامُ جلجامشُ في نفسي إلى الأبدْ
ينام في نفسي ويرعى ورقَ القمرْ
وحنظلَ المطرْ
ينامُ... لا توقظهُ مئذنةٌ تشرقُ في أرضِ سمرقندَ....
ولا صراخُ دمعِ جرسِ الأحدْ
( 18 )
تهرَّأتْ حبالُ أعصابي تشدُّ السفنَ الشمسيةَ الغرقى إلى القرارْ
موجٌ على موجٍ بلا موجٍ ووردٌ أسودٌ يطفو على الليلِ....
عظامي تشعلُ الظلامَ كالحبَّارْ
تهرَّأتْ حبالُ أعصابي.. وضاع البحرُ والبحارْ....
في قدميها....
( 19 )
خمريَّةٌ شواطىءُ الأحلامِ والقصورِ والأشعارْ
يا أيُّها الضاربُ في لعنتهِ الحمراءِ كالإعصارْ
يا أيُّها الطالعُ من شفاهِ جرحِ امرأةِ النوَّارْ
من برقها المبتلِّ بالأشجارْ....
خمريَّةٌ شواطىءُ القلبِ التي
تبحثُ في ثلوجها السوداءِ عن منارْ....
( 20 )
فاوستُ دمعةٌ تنادينيَ في الريحِ
وحقلُ حنطةٍ ينـزفُ في الجدارْ
فاوستُ سيزيفُ الذي
يكفِّرُ اثمَ الغيرِ تحتَ السوطِ....
من لوعتهِ يُقبِّلُ الحجارْ
فاوستُ تموزُ الذي ماتَ بلا جدوى
ومن ذرَّى رمادَ الكونِ
في قلبي وفي كلِّ بحارِ النارْ
وأنتِ في منامكِ المطلولِ تحلمينَ بالربيعِ يا عشتارْ
( 21 )
لا تسحقي الكواكبَ الحمراءَ في ظهري
بكفٍّ تخمشُ الضبابَ في الصباحِ..كي يزهرَ باللبلابِ
كفٍّ يشعلُ العذابَ شوكُها الحريريُّ....
فقد رجعتُ منفيَّاً إلى روحكَ من روحي
على رذاذِ أقحوانةِ البحارْ
( 22 )
تفاحةٌ فاسدةٌ دنياكَ
ليست روضةٌ أفعاكَ
يا وضَّاحْ
وأنتَ لستَ آدماً.. وقمرُ الشهوةِ لا
يبرقُ في جسمكَ أو في شجرِ التفاحْ
الملكُ الضلِّيلُ فيكَ لاحقٌ بقيصرِ الرومِ
ولم يغنمْ سوى الإيابِ
خبِّىءْ زنبقَ الثيابِ في سحابِ كفَّيكَ...
العذارى تلبسُ الندى وغيمَ أوَّلِ الصباحْ
على ذرى الكتفينِ... ولتشتعلُ السماءُ بالصهيلْ
( 23 )
أكلُّ من تزهر روحهُ بعينِ الشمس والزرقةِ....
في مزبلةٍ يموتُ بالمجانِ
أو في وحشةِ الصندوقِ... في ظلِّ بلاطِ القصرِ
مرمِّياً على جثةِ هذا العالم المنتنِ
أو يكونُ مخصيَّاً لدى السلطانْ
مُلمِّعا مساءَ مومساتهِ بعرَقٍ
من فضةِ الموتِ....
وبالنباح في سماءِ روما....
..... آهِ يا وضَّاحْ !
( 24 )
قلتُ وداعاً للذي يأتي
وداعاً للتي تغتسلُ الآنَ بناري من غبارِ الماءْ
لسنواتِ الحربِ والحبِّ.. لدمعٍ زنبقيٍّ
فوق خدِّ الشمسِ ربَّى طحلبَ الدماءْ
لكلماتِ السِحرِ في بابلَ....
والفجرِ الذي يطلعُ من عرائشِ الرمادِ....
من ندىً على أجنحةِ العنقاءْ
لعاشقينَ في أقاصي الشرقِ يغفونَ....
فتغفو الأرضُ فوق ركبةِ السماءْ
( 25 )
روحُ قصيدةٍ غريبةٍ تقمَّصتكَ في المنفى
وراءَ زرقةِ المدى على شرفةِ هذا الكونِ....
لا تمشِّطُ الفضاءَ بالقبَّرةِ المجروحةِ الغناءِ....
بل بعزلةِ القلبِ الذي صلَّى على صُبَّارِ شمسٍ
مُرَّةٍ سوداءَ في قاعِ البراكينِ الجليدِّيةِ....
.......... شمسٍ مُرَّةٍ سوداءْ
( 26 )
يصعدُ مدُّ الشوق من صوت انفجارِ الحزنِ في جسمكَ....
محمولاً على أبخرةِ النارنجِ في شوارعِ المدينةِ / المرأةِ
في شوارعِ المدينةِ / العنقاءْ....
يصعدُ من برزخكَ الفضيُّ مدُّ الشوقِ
.... من باطنكَ الغيبيِّ ....
من كواكبٍ تمشي على الأرض إذا أثقلها حزنكَ....
من ذاكرةٍ تنـزفُ كالسحابةِ الحمراءْ
( 27 )
روضةُ ها نحنُ على قمةِ هذا الليلْ !
نبكي وحيدينِ بلا عيونْ
نهزُّ ذاكَ الجرسَ المسروقَ من أولمبَ
تسَّاقطُ من رنينهِ الدموعْ
نبحرُ في فجاجِ هذا اللازوردِ الشفقيِّ الماءْ
بلا انتهاءٍ... ورمادُ اليأسِ في فضائنا يزهرُ
والشموسُ في عروقنا تجوعْ
( 28 )
أبحثُ عن نفسي وتبحثينَ عن
جوهرةِ الخلودِ في أطلالِ شمسِ نينوى وأورَ.....
حيثُ تستوي الأشياءُ
ذرَّاتُ الهيولى الأمِ تنحلُّ....
وتُخلطُ العناصرُ.. الهواءُ....الماءُ ....
والترابُ.... والنيرانُ....والرجولةُ ....
الأنوثةُ.... السعادةُ.... الحزن....
الغنى.... الفقرُ.... مذاقُ الجسدِ البحريِّ....
والموتُ على ضفةِ كوكبٍ بعيدٍ... حيثُ لا أحدْ
يذرفُ دمعةً.... وحيثُ تستوي الفضةُ
في أيدي نساءِ الزمنِ الآخرِ.... والزبدْ
حيثُ دموعُ الأنبياءِ نرجسُ الزرقةِ.... للأبدْ
( 29 )
الحُبُّ أن نسبحَ في مجرَّةِ الرحيقِ والحليبِ
أن ينـزعَ عنَّا شبقُ الضوءِ الندى وورقَ الأسرارْ
والموتُ أن نَحِلَّ في غريبِ كائناتنا عنَّا
وأن نصبحَ طائرينِ آخرينِ
لا يجمعْهُما مدارْ
( 30 )
وضَّاحُ وضَّاحُ يا وجهاً تطلَّعَ لي
من خُضرِ آبارِ
من شمسِ نافورةٍ حبلى بأزهارِ
صراخهُ يحملُ الليلَ العقيمَ إلى
حقل من القمح في قلبي... يدحرجني
على شواطىءِ بحرٍ.... فوقَ... أقمارِ
وضَّاحُ قطرةُ دمعٍ.... أو دمٍ.... بقيتْ
على زجاجِ ثلوجٍ.... فوقَ أسواري
وعادَ يحملُ في كفَّيهِ جيتارةْ....
إلى شوارع أمريكا.... وأعمدةٍ
من الرمادِ ومن ريشِ الحمامِ على الأضلاعِ منهارةْ
يا روح فلتتمرِّي في أسرَّتهِ
وعانقيهِ عناقَ الريحِ للنارِ
( 31 )
رغبةٌ لصباحِ الخريفِ المطَّعمِ بالنارِ والأقحوانْ
تذرِّي رمادكَ في بحرِ قلبكَ....
سُخريةُ العابرينَ إلى سجنكَ الأبديِّ الجميلِ
تحيلكَ نهرَ أغانْ
تعلِّقهُ بذيولِ الغيومِ جفونُ خُطى
الغجرِ الراحلين إلى لا مكانْ
ما وراء حدودكَ نورسةٌ من ورودكَ طارت إليكَ....
ولا شيءَ يركضُ فيكَ على حافةِ الكوكبِ المتأرجحِ
ما بين موتكَ هذا وبينَ فضاءِ الزمانْ
( 32 )
رغبةٌ لصباحِ الخريفِ البعيدِ
المهاجرِ في سنةِ القحطِ والشعراءِ....
............... الرياحْ
علكتْ نعشَهُ مرَّتينِ وقائته فوق سهوبِ الصباحْ !
لحظة أم سيوفٌ من العطرِ علَّقها الأرجوانُ النبيلْ
على حبلِ صوتكَ....
يندى لها حجرُ الليلِ في أُخريات الصهيلْ
وردتان غيابكَ عن مشرقِ الشمسِ
عن منبعٍ للفراشاتِ صفراءَ من كلماتي تَسيلْ
ومن جسدي وهو ينـزفُ في نجمةٍ ذاويةْ
على قمةِ الهاويةْ
( 33 )
يومُكِ من زنبقِ حلمِ الملكِ المخلوعِ
والمخدوعِ بالأزرق من نارِ وجلَّنارِ
عينيكِ تشعَّانِ كجمرتينِ في دمي إلى الأبدْ
وليلكِ الفضيُّ من مركبِ ايزيسَ
شراعٌ قمريُّ اللونِ في مهجةِ بحرٍكُرويِّ الشكلِ...
... أو أيقونةٌ تفتَّحَتْ في صدفِ الجسدْ
عن أوجهٍ من زهرِ اللوزِ
تضيءُ القمرَ المعجونَ بالزَبدْ
في الشاطىءِ الثاني
لأحزاني....
( 34 )
يُغنِّي ويجري على رسلهِ نهرهُ / قلبهُ
" حجراً أخضراً في البيوتِ القديمةِ...
في كلِّ أرضٍ حملتُ القرابينَ للمرأةِ الراحلةْ
قمراً تحتَ أسوارِ هذي المدينة غافٍ
أُحاول أن أبتدي من جديدٍ مشاويرَ سُنبلةٍ حالمةْ
طائراً جاءَ من نهرِ بابلَ
ينضحُ بالسحرِ والضوءِ والشهوةِ الهائلةْ
لكي يغسلَ الناسَ بالذكريات الحزينةِ واللوعةِ الهائمةْ "
يغنِّي.... ويجري....
ويجري....
ويجري.... !
( 35 )
أُقلِّبُ نجمي وأغمسُ حلمي بنارِ السنينْ
وأمشي إلى اللحظةِ الفاصلةْ
أنا الصارخُ الأبديُّ الذي شقَّ أصدافَ أيامهِ
أحبكِ حبَّينِ لا واحداً
وقد نورَّ التوتُ في شرفاتِ الخيالْ
أحبكِ حبَّين لا واحداً
وقد نقَّط القمحُ وجهي بماءِ الهلالْ
أحبكِ حبَّين لا واحداً
وقدَّاحُ ليمونةٍ في ليالي حزيرانَ
يقضمُ قلبي وأثوابَ أحلامهِ
( 36 )
وجهها والقمر الأسودُ عن بعدٍ يضيئان الطريقْ
بفتاتِ الصدفِ الأزرقِ في جسمي العميقْ
بنباتٍ غجريٍّ لامعٍ تحتَ ندى الصبحِ كتموزِ الغريقْ
طالعاً كنتُ من الفكرةِ من جوفِ المساءِ الحجريّْ
عارياً إلاَّ من الشوقِ إلى كواكبِ الماءِ
على شواطىءِ الغربِ... ومن عينيّْ نبيّْ
( 37 )
فرساً من زمنِ العتمةِ والحزنِ المضيءْ
وجهها كان يجيءْ
في مرايا الأفقِ الناعمِ في أيَّارَ يزهو كحريقْ
من دموعِ القمرِ الأسودِ....
- قضبانِ حديدْ -
خلفها تذوي زهورُ القلبِ في كهفِ جليدْ
( 38 )
ما الذي يخرجُ من نافورةِ الليلِ
ومن نارِ الكتاباتِ الخبيئةْ ؟
ما الذي يطلعُ من أصابعِ الصخرِ المضيئةْ ؟
ما الذي يتركنا فوقَ رمالِ
القمرِ البحريِّ في الليلِ شظايا ؟
لوصايا انكسرتْ داخلنا يا سامريّْ
داسها حافرُ عجلٍ ذهبيّْ
( 39 )
كأنكِ من عذابات الليالي
بقلبي قد فتحتِ به كتابا
ألا تبّاً لهذا الحُبِّ.. تبّاً
وتبَّاً يوم فارقَني وثابا
يغالطني لينسيني وقلبي
من الأشواقِ يلتهبُ التهابا
ويعطيني من الفردوس أفعى
رشفتُ بخافقي منها لُعابا
أيا أنثى تجسِّدُ لي بلاداً
أقبِّلها وأحيانا.. غيابا
أحبِّيني بعنف أو ذريني
على صخرِ الأسى أقضي عذابا
نشدتكِ إن أتيتكِ فاقتليني
هناك.... ولا تروِّيني سرابا
ألا لا بدَّ من حواءَ تأتي
تكونُ لكلِّ فردوسي خرابا
( 40 )
أنزف من شقوقِ ثوبها وعينيها
كما ينـزفُ سحرُ وجهها من وجعِ القطيفةْ
أنزفُ ....من يعصبُ بالندى وريحِ الصيفِ والشقيقِ
هذا القلبَ أو... نزيفةْ ؟
أنزفُ منها من دمِ المرجانِ في
بلَّورِ ليلٍ جرحَتهُ اللمسةُ الخفيفةْ
أنزفُ حتى الموتِ من أوَّلِ خطوةٍ مضيئةٍ
على طريقيَ الضريرِ والعائمِ في بحرٍ من اللَّذاتِ
حتى ظلِّها النابتِ... كالعوسجِ في قلبي....
... فما شأنكِ بالنحلِ الذي يسبحُ في حليبِ أعصابي...
وما شأني أنا بامرأةِ الخليفةْ ؟!
( 41 )
- وأنا أنا وضَّاحُ إن أقبلتُ يشتعلُ
الفضاءُ الأزرقُ الورديُّ في ريشي....
افتحي يا روضُ لي
أبوابَ أزمنتي وأمكنتي ليتحدَّ الأمدْ
بكِ أو بلوعتيَ التي طُعنت بزهرةِ هُندباءْ
( 42 )
صُبِّي يديكِ على يديَّ أو المدينةَ فيَّ أو في لا أحَدْ
لأرى اشتعالَ الوردِ في ماءِ الجسدْ
أسماكُ روحي أنتِ من ذهبِ الصباحِ القرمزيِّ....
ومن سواكِ وراء غيمِ الشمسِ يكسرني اشتهاءْ
( 43 )
يا مهرجانَ الظلِّ والألوانِ
والنهرِ المعبأِ بالكواكبِ والسماءْ
. . . . . . . . . . . . . . .
.... صبيهما لأرى اشتعالَ الوردِ. . .
ماءً منكِ ...مصبوباً على جمرِ الأبدْ
( 44 )
عنقاءَ هذا الليلِ نامي في خيامِ الأنبياء
لا تسحبيني من رمادِ مواجعي ومن الزبدْ
. . . . . . . . . . . . . . .
دمعٌ رمادُ قصيدتي
وتشرُّدي دمعٌ على حجرٍ فضائيٍّ....
. . . . . . . . . . .
وهذي الأرضُ خَدْ
( 45 )
يا دعبلَ العربيَّ إن تفتحْ عيونكَ
لا ترى أحداً ولا عدداً ولا بلداً
مفارقةٌ حياتكَ كلُّها
فاذهبْ وفتِّشْ بين أرمدةِ انتصاركَ عن حياةٍ.. أو بلَدْ
. . . . . . . . . . . . .
" إني لأفتح قلبي حين أفتحهُ
على بحارٍ ولكنْ لا أرى زبَدا "
( 46 )
- وأنا أنا . . . . . . . . . . . .
لا نجمةٌ عذراءُ في نهرٍ سحيقِ القاعِ قد شربتْ ندائي
لا غيمةٌ خضراءُ مرَّت فوق تينٍ يابسٍ فينا
شربتُ حليبها الليليَّ واستمطرتُ أحجار الشموسِ
بنينوى القمراءِ..... لا. . . . . .
لن تنهضَ العنقاءُ من هذا الرمادْ
( 47 )
هيهاتَ شاختْ شهرزادٌ في ليالي لا تشيخُ
سمعتُ صوتَ الديكِ - ديكِ الدهرِ -
يعلو في سكينةِ شهريارَ
وفي الرقادِ على قتادٍ مالحٍ. . . .
. . . . . هيهاتَ شاختْ شهرزادْ
( 48 )
لا شيءَ يبرقُ فيكَ يا شجراً
على أطرافِ أرضِ الروحِ يصعدُ من غنائي
ستفيضُ روحي من دموعي....
في عيون الليلِ....
فوق الكوكبِ المكسوِّ بالعشبِ السماويِّ النبيلِ. . .
تنـزُّ مرجاناً تهدَّلَ من ثقوبٍ ليس تُحصى
في سماوات مكسَّرةٍ......
..............دمائي!
( 49 )
روحكِ في جسمي تضيءُ النفقَ الأسودَ....
بالنوارس البيضاءْ....
. . . . . . . . . . . . . .
تصعدُ من حرائقِ الوردِ على الأرض....
إلى حدائقِ السماءْ...
. . . . . . . . . . . .
حطَّ اسمكِ / الماءُ
على شفاهِ قوس القزحِ الرمليِّ....
فاخضوضَرتْ الصحراءْ
( 50 )
مخبِّئاً من حرسِ الخليفةِ الأسودِ
أحزانيَ في محارةٍ وردِّيةٍ / ثلجِّيةٍ
يدورُ نحوَ الشمسِ في أهدابها العبَّادْ
فيخرجونَ... من صباحاتِ اشتعال الفلِّ
من هوائها المكسورِ في الليلِ....
من الأسواقِ....
من جنائنِ العشَّاقِ....
من عبيرها القاسي....
ومِنْ...
مِنْ مهج الناسِ
التي يشقُّها الجلادُ كالجوزِ
من السيفِ الذي يقطعُ رمَّان شفاهٍ فجَّةٍ
ليطعمَ الجردانَ والجرادْ
( 51 )
....مطرٌ أنثويٌّ أخيرٌ يداعبُ وضَّاح....
عشبٌ على قدم الشمسِ يبكي....
....أحبكِ ...يصرخُ من قاعهِ سمكٌ طائشٌ
- أنتِ منفايَ في جسَدي....
.... مطرٌ أنثويٌّ غزيرٌ على نرجسٍ مُقفلٍ في غدي
- من سيفتحُ بحرَ سمائكِ أنتِ....
إذا أنزلونيَ في جسَدي....
- من سيشربُ ملحَ عذاباتِ وجهِ قرنفلةٍ في يدي....؟!
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
( 52 )
البحيراتُ في آخرِ الأرضِ تكملُ دورةَ مرجانها....
قمرٌ ينطفُ الشهدُ منهُ
يرى في ندى زهرةٍ وجههُ
فيصيح " لديني على صخرةٍ مرَّةٍ
بين موجٍ يهبُّ طيورَ اشتهاءٍ علينا
وموجٍ يصبُّ بنا فوق نجمٍ على حافةٍ للسماءِ
أزاهيرَ بيضاءَ في كوكبِ الماءِ....
سوداءَ....... تحلم.... أنهارُه.... "
وأنا حالةٌ لضحى العشبِ في عالمٍ آخرٍ ... للبحارْ
( 53 )
رأيتكِ في التماعِ البرتقالةِ في دجى روحي
سماءً من حليبِ النارِ مرميَّةْ
على بحري الموزَّعِ في دمائكِ....
أشعلي جيتارةَ الريحِ....
وثلجَ الأقحوانةِ في جروحي....
..........زهرةُ الأفعى
تفتَّحُ في جفونك طيّةً.... طيّةْ
فأسمعُ من يمدُّ يديهِ من وردِ الجحيمِ يصيحُ..... لا
لا بدَّ من صَنعا....
....أحبِّيني لأبقى... نجمتينِ على ذرى كتفَيكْ !
( 54 )
أقولُ سأستبدلُ الجُبَّ بالحُبِّ
والقبرَ بالقصرِ.... أستبدلُ العاصفةْ
بصباحاتِ آبٍ وبالوردةِ النازفةْ
من قميصِ الرذاذِ المعطَّرِ بالشمسِ.... والعاطفةْ
.....................
....................
وكلابَ الأميرِ الجميلِ
- التي حلَّلتْ ضوءَ وجهي بليلِ اللهاثِ الطويلْ -
بكلابِ البحارِ الأليفةِ.... من نمشٍ نرجسيٍّ
على وقعِ طلِّ الأصيلْ
( 55)
للغريبِ / الحبيبِ
المغيَّبِ في درَّةِ القهرِ أيقونةً
والمضبَّبِ في شبهةِ الزهرِ في ملكوتِ الحنانْ
زوجهُ في انتظارٍ طويلٍ على حدِّ أشواقها
وعلى حدِّ هذا الهلالِ المدَّمى على غابةِ السنديانْ
للغريبِ / الحبيبِ - إذا ما انتهينا -
أقولُ : سنولدُ من فرحٍ سابقٍ لمجيءِ الزمانْ
ونلبسُ من عرينا نجمتينِ من الزعفرانْ
ونمشي إلى موتنا واثقينِ....
كما المعمدانْ !
( 56 )
خطى الجندِ خيطُ حريرٍ من الدمعِ
شُدَّ إلى نبضِ قلبي...
الليالي وجوهٌ من الآسِ
تطفو بصحنِ النبيذِ وفي أعينِ السابلةْ
وموجٌ.... شهيٌّ من الأغنياتِ
وحقلُ ندىً لحزيرانَ
ينحلُّ في عتمةِ الضوءِ قافلةً قافلةْ
- دقَّتْ الساعةُ الثالثةْ –
تحتَ جسرِ السماءِ
الليالي محمَّلةٌ بالليالي
وبالعبثيةِ.. والشوقِ.. والسرِّ
في وردةٍ ذابلةْ
( 57 )
دقَّتْ الساعةُ الفاصلةْ
وأنتِ تقيسينَ معنى الحياةِ على الجسدِ البضِّ
- تبتلُّ منهُ استوائية في دمي هاطلةْ
بدموعِ الأنوثةِ....
.....................
يا فقمةً تزلقُ الأرضُ عن جلدها نازلةْ
إلى قاعِ أسطورةٍ في الخريفِ النحاسيِّ....
....................
آهٍ لكَمْ سرَقَ الجندُ وجهي ووجهكِ
من وردةٍ ذابلةْ
( 58)
لخصلةٍ مُزدانةٍ بالتعبِ الأصفرِ
في أجنحةِ الحمامِ والقمحِ....
لهذا القمرِ النابضِ بالبنفسجِ المائيِّ والكلامْ
لشعلةٍ زرقاءَ في روحي تضيءُ اصبعكِ الإبهامْ
فتحتُ بابَ البحرِ كي تعبرَ أسرابكِ
حتى آخرِ الدنيا
- من الرأسِ إلى الأقدامْ -
( 59 )
السببُ المفضي إلى مقصلةٍ ندِّيةْ
بدمهِ... كصبحِ نيسانَ... أنا الصارخُ في البريةْ
" ترينني .... - إن غبتُ - في بؤبؤِ بندقيةْ
أشعُّ كالزئبقِ في أحلامكِ السوداءِ..."
ألفُ شرفةٍ خضراءَ دلَّت شعرَكِ الليلكَ
حولَ القلبِ.... يا مشنقةَ الحرِّيةْ
( 60 )
تطلعينَ إذنْ من تصدُّعِ روحي على ثبجِ الصخرِ
يا شفةً آثمةْ
بتقبيلِ نحرِ الفتى البابليٍّ ولمِّ كواكبهِ العائمةْ
في دماءِ البجعْ
أنتِ يا وجعَ الموتِ... والموتُ لا يوجع اللوعةَ النائمةْ
تولدينَ من التعبِ النبويِّ الجميلِ... ومن كلِّ غمضةْ
لعينِ الحصانِ المطَّهمِ بالضوءِ......
لي قمرٌ آخرُ.... خطوتانِ على شفقٍ أزرقِ المرتقى....
نجمتانِ اثنتانِ... وللنفسِ صوتانِ... صوتٌ لروضةْ
( 61 )
ومرآةُ أقدامٍ رأيتُ بمائها
وحوشاً وظبياً خائفاً طائراً يعدو
حبيسَ دموعِ الأرضِ – أرضي وأرضها –
ومنفلتاً منها وأنفاسُها صهدُ
......................
حواريةٌ فتَّحتِ أزهارَ جوعها
بنا.... وعلينا آهِ ينهمرُ الرعدُ
فلا عبقُ الرؤيا يضيعُ شميمهُ
بكفِّي ولا دربٌ لوجهكِ ينسدُّ
فرادى على أشجارِ رملٍ وفتنةٍ
أصابعَ ماءٍ كيفَ علَّقَنا الجندُ ؟
( 62)
أقسمتُ بالصمتِ الذي يجرحُ
صبحَ السبتِ في هالاتكِ الشفافةِ البيضاءِ
عصفوراً يفضُّ الماءَ بالغناءِ...
لن يفضَّكِ الموتُ...
ولن يفضَّني الموتُ...
كلانا أبداً
بكارةٌ للموتِ والحياةْ.
كتبت هذهِ القصيدة من أيَّار عام 2002 إلى حزيران عام 2003
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. بلا قيود يستضيف الروائية والأديبة المصرية ميرال الطحاوي
.. عوام في بحر الكلام | مع جمال بخيت- الشاعر صلاح فايز - الأحد
.. عوام في بحر الكلام - محمد صلاح فايز عن بداية حياة والدة الشا
.. عوام في بحر الكلام - علاقة اولاد الشاعر صلاح فايز بأغاني وال
.. عوام في بحر الكلام - أغنية أنقذت شاب من الانتحار.. شوف أغاني