الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أنا .. عميلٌ .. للموساد والسي آي إيه ؟

إبراهيم المصري

2004 / 4 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لنبدأ بقصة مضحكة ...
فقد تلقيت قبل فترة رسالة على بريدي الإلكتروني من تلك التي يوزعها المؤمنون بهداية البشر سِلماً أو حرباً ، وكان مضمون الرسالة يقول إن الملاكم الأمريكي الشهير محمد علي كلاي حينما أسلم ، حمل معه علبة كبريت وكان كلاي كما تقول الرسالة .. كلما شاهد امرأة ( جميلة ) أشعل عود كبريت ولسع أصابعه حتى يتذكر النار ويغض بصره ، ولم تقل الرسالة وماذا عن النساء غير الجميلات هل كان كلاي ينظر إليهن ، وتدعو الرسالة بالطبع إلى غض البصر وتذكـِّر بالجحيم وتضرب مثلا في الردع بحكاية كلاي الملفقة هذه .
رددت على من أرسل لي الرسالة قائلاً إن هذه حكاية مضحكة للغاية وفي ظني أنها لم تحدث وقلت إن كلاي كان يمكنه حمل ( قداحة ) أسهل من علبة الكبريت ، وسألت صاحب الرسالة إن كان يجب على النساء أن يحملن علب الكبريت ويحرقن أصابعهن إن شاهدن رجلا جميلا حتى يتذكرن النار ويغضضن البصر أيضا .. فما كان من صاحب الرسالة إلا رد باتهامي بأنني من أنصار شارون وجورج بوش .
تذكرت هذه القصة المضحكة حينما تلقيت على بريدي الإلكتروني ردودا على ما كتبته أمس عمَّا حدث في الفلوجة حينما قام مهووسون بدائيون بالتمثيل بجثث قتلى أمريكيين فقد اتهمني أحدهم بأنني أقبض من الموساد والسي آي إيه وهذا كلامه بالنص :
( أخبرني : هل تقبض من الـ (سي آي إي) و(الموساد) معا؟ وكم يدفعون لك مقابل كل خيانة .
حري بك أن تندد بجريمة احتلال العراق أولا .. وثانيا: من واجب العراقيين أن يقتلوا كل الغزاة والخونة والتمثيل بجثثهم )
أما ( أبو العبد ) وهذا توقعيه على رسالته فقد قال :
( أراهنك يا أستاذ إبراهيم المصري أنك لم تكتب مقالة واحدة تدين الاحتلال الأنغلو أمريكي وجرائمه وأراهن أنك من شعراء البلاط – الاحتلال / تحياتي للمقاومة العراقية البطلة / الخزي والعار لعملاء الاحتلال الأنذال ) التوقيع كما جاء في الرسالة : أبو العبد .
الملفت للبهجة أولا أن هناك عرباً يفيقون من تكاسل الجسد ويجدون في أنفسهم القدرة والنشاط على إبداء الرأي حتى ولو كان بشتيمة الآخر .. لكن الملفت للحزن والأسى أن يكون غياب الوعي فادحاً إلى هذه الدرجة من انعدام احترام قيمة الإنسان عدواً كان أم صديقاً ، غازياً كان أم محتلاً وإلى الدرجة التي نمثل فيها بجثته .
ليس هذا فقط ، فقد شاءت الصدفة أن أشاهد مثقفاً عربياً صباح اليوم ( الخميس ) على فضائية عربية يعلق على مشهد التمثيل بالجثث في الفلوجة ويقول لسكان الفلوجة الحق أن يفعلوا ذلك وإن الإعلام لا يظهر الجانب الآخر من الصورة وضرب المثل قائلاً إن الولايات المتحدة قتلت مليون طفل عراقي خلال العشر سنوات الماضية بالحصار الذي فرضته على العراق .. ويمكن بالطبع أن نناكف هنا ونقول إن صدام لو لم يرتكب جريمة غزو الكويت لما كان هناك حصار وإن الإعلام العربي ومنه قناة تلفزيونية أعمل بها لطالما تحدث وأظهر بالصوت والصورة والشهادة حالة الأطفال العراقيين تحت الحصار .. وإن من الواجب بالطبع إدانة الولايات المتحدة على سياسة الحصار التي دمرت شعوبا ولم تدمر قادة وأنظمة وهذه السياسة وجدت انتقاداً على المستوى الدولي وحتى على مستوى الداخل الأمريكي .. غير أن كل هذا لا يعطينا الحق في التمثيل بجثة قتيل مثلما حدث في المشهد البشع في الفلوجة ، ولكنه من جانب آخر مشهد يشبع غريزة الدم والثأر التي تتحكم بالإنسان العربي الذي لا يعطي نفسه الفرصة لكي يرتفع على نزعاته البدائية التي تخلط في هوس رهيب كل القضايا .
وحينما يعجز عن الرؤية يتهم ، كما اتهمني البعض بأنني عميل للموساد والسي آي إيه ، وليتني كنت كذلك ، على الأقل كنت سأحيا حياة كلها نساء وخمر مثلما عاش بطل العروبة المتوج .. رأفت الهجان .. هل تذكروا قصته في المسلسل الشهير .. وبالمناسبة .. رأفت الهجان هذا وبشهادة السيد أمين هويدي وزير الدفاع المصري الأسبق ورئيس جهاز المخابرات المصرية في فترة الهجان ، لم يكن أكثر من عميل دوره ثانوي ولم يكن كما أظهره المسلسل بطلا لا يُشق له غبار كما يقول العرب .
أقول لمن يتهمني بأنني عميل للموساد والسي آي إيه ، لا يا سادة خاب ظنكم لست عميلا لهما وإنما أنا عميل لقيمة الإنسان ولقيم الحرية والعدل والتحضر ، إن كان التحضر يعني لكم شيئاً حتى في التعامل مع أعدائكم.
إبراهيم المصري
شاعر وصحفي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عودة الصدر للسياسة تقترب.. كيف تلقى دعما من السستاني؟ | #الت


.. تونس..مظاهرة تطالب بتحديد موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية|#غ




.. الهجوم الإسرائيلي على رفح وضع العلاقات المصرية الإسرائيلية ع


.. تحقيق إسرائيلي يوثّق انتحار 10 ضباط وجنود منذ بدء الحرب




.. قوات الاحتلال تطلق قذائف على صيادين في البحر