الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا لنا جميعاً يا فهان كيراكوس

أحمد جان عثمان

2004 / 4 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


أخي فهان...
انطلاقاً من حقي في الجنسية، الذي يمنحني إياه الدستور السوري، ذلك الحق الذي يخولني الكلام في الشأن السوري، يمكنني القول إن سوريا وطن لأمثالنا، أنا الأويغوري الصيني وأنت الآشوري وفرزند عمر الكردي وحسين عجيب العربي، الذين تخطّوا آفاق وحدة العرق كالعربية والآشورية والكردية والأويغورية أو وحدة المعتقَد كالإسلام والمسيحية واليهودية والبوذية، نحو وحدةٍ أكثر انفتاحاً وتحقيقاً للكينونة السورية ألا وهي وحدة الحوار.

سوريانا ليست عربية كما تدّعيه الأيديولوجية البعثية، وليست إسلامية كما يدّعيه الإسلام السياسي، وليست "سوريّة" كما يدّعيه القوميّون الاجتماعيون إنما هي وطن يتّسع لجميع هذه النزعات الفكرية والسياسية بالإضافة إلى أطياف ممكنة تلوح في آفاق الحوار السوري. أستطيع القول إن التعصّب والعنف الإيديولوجيَّين كانا، وما يزالان، ظاهرتين غريبتين عن الشخصية السورية منذ الأزمنة السحيقة.

إن وحدة الحوار، التي ينضوي تحت لوائها السوريون، هي، قبل كل شيء، اعترافٌ عفوي وإقرارٌ واعٍ بمبدأ التنوّع. هذه العفويّة وهذا الوعي سمتان سوريّتان تكفلان حقّ الجميع، من مختلف الإثنيّات والمعتقَدات الدينية والفكرية والسياسية، في الشروع في الحوار وخوضه بشكلٍ يهب كلّ سوريّ هويّته، هذه الهويّة التي تتّصف بالحواريّة، وحدها، الهاضمة في جوفها الشفّاف كلاً من العرقيّة والعقائديّة الدينية الفكرية السياسية.

هكذا نعرف سوريا... نعرفها وطناً للمتحاورين، نعرفها المجال الجغرافيّ للجميع وليس للعرب وحدهم، كذلك للكرد، للتركمان، للآشور، للشركس... وللأويغوري الصيني مثلي... كما أنه ليس للمسلمين وحدهم، كذلك للمسيحيّين واليهود وعبدة النار والماء... وأنه ليس للبعثيّين أو الإسلامويّين أو السوريّين القوميّين وحدهم، كذلك للناصريّين والبروليتاريّين والديمقراطيّين والفوضويّين... إنها المجال الجغرافي للحوار الذي يهضم في جوفه الشفّاف كل الجغرافيا والتاريخ. هكذا نعرف سوريا... نعرفها وطناً منفتحاً، على الدوام، على الذات والآخر.

للحوار، وحده، انتماء السوريّين. وإلاّ فسوف يمسي وطنهم مجالاً جغرافيّاً للقوميّين البعثيّين أو القوميّين السوريّين أو الأُمَميّين البروليتاريين أو الأُمَميّين الإسلامويّين... كما أن سوريا ستمسي كردستان الغربية وتركيا الجنوبية والأردن الشمالية وإسرائيل الشرقية... ويصبح العَلَم الوطنيّ السوريّ ممسحة موائد بعدما يغادرها البعثيّون أو منديلاً لمسح الوسخ "المقدَّس" على وجوه العمّال والكادحين أو قماشاً يتدرّب الإسلاميّون كتابة كلمة الشهادة عليه... أو، كما حدث في الآونة الأخيرة في القامشلي، يحرقه الأكراد بهياج ثيرانٍ فرّتْ من الحظيرة!

سوريانا مشروع حوار وليس منجَزاً أبداً؛ مجال جغرافي للحاضر السوري بعفوية التنوّع ووعيه، وليس يوتوبيا للمستقبل "المشرِق" أو حائط مبكى على الماضي "المجيد"؛ طاولة مستديرة لجميع الإثنيات والعقائد من أجل الحوار في الـ"ما العمل؟" وليس من أجل "العشاء الأخير" لطرف بمفرده دون سواه.

إليك التحية، فهان كيراكوس، أيها السوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا