الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصا البشير وضربات الجزاء

مهدي النجار

2009 / 3 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


عصا البشير وضربات الجزاء

مهدي النجار

لا يستهوينا الحديث في السياسة لأن كفاءتنا في هذا المجال ضعيفة ونمتنع كثيراً من دس أنوفنا في حقولها ولكن حين يدفعك واقع الحال الى جمر السياسة لابد ان تكون ردود افعالك تتناسب مع وهج الجمر وحرارته. يستفزك وأنت تعيش الالفية الثالثة من خلال شاشات التلفاز منظر هذا الزعيم الذي يصعد اكتاف الجماهير وهي تهتف له هتافها المعهود والمكرر والمطبوع على السنة اهل المشرق كما اهل المغرب: "بالروح بالدم نفديك يا البشير" ينتفخ الزعيم ويلوح بعصاه في الهواء جذلاً، نسأل: ترى لمن يلوح السيد البشير بعصاه؟! بالتأكيد لا يكش بها غنمه، ولا يلوح بها لشعبه لان شعبه أستكان مثل كل شعوب الارض الاسلامية التي عرفت زعمائها جيداً قبل قرون، منذ ذلك التاريخ الغابر الذي زمجرَّالحجاج بوجه اهل الكوفة وصاح بهم : " أما والله لألوحنكم لحو العود ولأعصبنكم عَصب السَّلَمَة ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل". هكذا عرف الاستبداد العربي/الاسلامي كيف يمسك بتلابيب الحُكم حتى لو اقتضى الامر رفع المصاحف على أسنة السيوف واول مايفعله بعد ما يتمكن من الحكم ان يصنع من الشعب عجينة يلوكها في قبضته، يجعله يستسلم كما ان الامر قد نزل من السماء، بالتأكيد لا يلوح السيد البشير بعصاه للأمبرياليين لانه يعرف كم هي حديدتهم حارة ويعرف جيداً معنى جبروتهم وقسوتهم ومن المعروف ان المُستَبد على استعداد لخلع ملابسه حتى الداخلية منها من اجل ان لا يُقوض سلطانه ليظل هو وحده الآمر القهار.
اذا كان السيد البشير لا يلوح بعصاه لشعبه ولا يلوح بها للأمبرياليين، اذن ياتُرى يلوح بها لِمن؟! يقول النفسانيون ان بعض الناس يَخفّون توتراتهم وهلعهم بالطقطقة في خرزات مسابحهم، او بمداعبة شحمات آذانهم وأرنبات أنوفهم...ترى هل يلوح السيد البشير بعصاه في الهواء من باب طرد الهواجس من نفسه، هواجس فقدان السلطة!...هذا جائز لانه على مستوى العصور السالفة وعلى مستوى عصرنا الراهن لاحظنا ان المستبدين في ارض العرب والاسلام لم يتخلوا يوماً عن سلطانهم لانهم يعتقدون ان السلطة مثل قميص البسهم اياه الله، لا يمكن ان يتزحزحوا قيد أًنملة عن مواقع الحُكم إلا بعزم من الخارج، أما ان يرسل الله لهم عزرائيل فيقبض ارواحهم او تأتيهم ضربة قوية من العُقب الحديدية وهذه فهمها البعض وفقاً لنصيحة الزعيم اليمني عبد الله صالح: " أحلقوا ذقونكم قبل ان يحلقها غيركم " وطبعاً الضربات الجزائية التي يسددها الخوارج (أمريكا وأوربا ) لزعماء الاستبداد ليس المقصود منها سواد عيون الشعوب الاسلامية إنما على الاغلب خوفاً من هذه الشعوب ان تتململ وتُنفس عن غضبها وهي تعيش داخل مجتمعاتها عيشة مذلولة، محرومة من اللقمة والنسمة، خوفاً من هذه الشعوب ان تسخط فتحرق اليابس والاخضر، خوفاً من التحرش بحضارتهم وافساد مباهج حداثتهم. وحين تتحقق ضربات الجزاء ويُرمى الاستبداد في القمامات وتعم الفوضى الخلاقة ( كما يسميها منظرو الامبريالية). تنطلق الشعوب من أقفاصها مثل طيور في سماء البرية، وَجلة وخائفة، لا تعرف ماذا تفعل، ولا أين تتجه وهي التي ضعف عندها جهاز المناعة وقد يفترس الناس بعضهم البعض، تُرى هل يُتاح للشعوب، بعد ضربات الجزاء، ان تقوى وتجدد اجهزتها المناعية وتشم نسمات الحرية، أم انها تنتظر عصا جديدة تلوح لها في الهواء!!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صلاة العيد بين الأنقاض في قطاع غزة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. البيان الختامي لقمة سويسرا: تحقيق السلام يستدعي إشراك جميع ا




.. هدنة تكتيكية تثير الانقسامات في الحكومة الإسرائيلية | #رادار


.. محادثات التهدئة بين شروط هنية وضبابية نتنياهو | #رادار




.. جدل واسع بإسرائيل إثر إعلان الجيش توقفا تكتيكيًّا للعمليات ج