الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة ألازمة الثقافية

صالح جبار محمد

2009 / 3 / 13
الادب والفن



في الزمن الغابر حين تشظت المفردات في المنافي ... كان الطريق إلى منابر الأصوات المرتفعة وعرا , ولايمكن الحراك من خلاله , لأنه يصب في بوتقة الرؤيا المسطحة , ومن الصعب الحياد عنها ...
ظل تداعي النظام العام يصب في تجلياته , يبحث عن عنصر واحد, ليس من السهل قلب المعادلة , لاضمحلال الثراء الإبداعي , وتساقط النصوص في شباك الصورة الثابتة والتي تأبى التغيير ..
فكان المعبر إلى الشتات , يلم هم الغربة والتنافس لأجل البقاء متسمرين , حتى لاتتداعى الأشياء في نقطة اللاعودة , أو الانزواء في ركن قصي بعيدا عن أعين المتربصين بانتظار الفرج المأزوم ....
وحين بزغ الفجر الملتاث بكل الصدف المتناثرة بوله المجانين والعابثين.. طفا على السطح المتصيدون في الماء العكر ... فسطعت أسماء مسكت زمام المبادرة وأخذت تدير المفاصل الإبداعية ...
لتناغي الحرمان والقطيعة , فقد طال زمن الاغتراب , وعليهم أن يضعوا ثوابت العملية برمتها , لان النهج قد تغير والموازين انفلت عقالها , ولم يعد هناك سوى وضع المسميات في الصحف والمجلات , التي عبرت المائة .. بحثا عن مجدا زائف وبطولات صنعت في نسيج الخيال ... لتؤكد أحقيتها في التشبث بقوة على تقاليد السلطة الرابعة ...
وأصبحت صناعة الجرائد مهنة تدر الإرباح , سعيا وراء نفوذ الأحزاب التي أسست مقراتها على أنقاض هياكل بائدة ..
وتدافع الباحثون عن لقمة العيش للحصول على وظيفة , تنمي قدراتهم المهدورة في زمن صعب عليهم النوم تحت غلالة ألاماني الوافدة بلا ملامح محددة وإلغاء وزارة الأعلام ..
وحتى يترعى المستور توزعت المناصب القيادية للأهل والأقارب .. ولأبأس لبعض العارفين أصول المهنة , لان لديهم الحظوة في مجتمع المتهافتين ...
فصارت بوصلة الصفحات الثقافية , تشير لمن يملك النضال المزعوم , وعالج مهارة الغربة بداء الحزن واللوعة , وامتلأت الساحات الثقافية ,بالحاملين رايات الوجع المتسرب نحو الغرف الوثيرة ,والصالات المكتظة بجموع ترتدي افخر البدلات , لان الوليمة ( دسمة )
لم يمض وقت طويل بدأت بعدها الصحف تختفي بهدوء وتتقلص المسافات بين المناضد لتتراص بنسق يحاكي الزمن الغابر ...
ونكتشف ألازمة الحقيقية في الثقافة , لان الإبداع لاينمو في القاعات المغلقة .... لابد من براري واسعة تلعب في أدراجها الرياح وتتصافح مع أشعة الشمس سنابل التكوين , حين تكتوي بمرارة الواقع المر ...
وحتى نضع الإصبع على الجرح , ندرك جيدا إننا لا نعاني من كم الإنتاج .. بل بالفاصل بين المتحقق منه وبين القيمين على بوابة النشر , في البحث عن القياسات التي ترتديها الأشعار والقصص القصيرة ومقالات الذم !
فبرزت جرائد تجمع تحت ردائها الفضفاض عناوين لاحصر لها وصارت متميزة رغم انف كل من نبش الحرف في الداخل والمهجر ..
وامتلكت الصحافة الحزبية الجانب الأخر من المعادلة ,فألقت في أتون الإبداع العراقي زخارف من بضاعة بائرة.
لكنها بقيت جميعا , تعاني من نفس العلة , لابد من أدلجة النص في الجرائد ( الحزبية ) لخدمة الهدف المركزي لقضيتهم التي تعني لهم نهاية العالم , ولا مجال للمناقشة ...
حتى الصحف حاملة علم الليبرالية , لاتخلو من هذيان العري تحت وابل التراشق على أسس الطموح المشروع بأن يكون له مكان تحت الشمس رغم سخونتها ...
واصطفت صحف التيار الإسلامي تتناوب الزعامة , وتكشف عورات النص في التغريب بعيدا عن وجع الحداثة , وتعطي خلاصة التشتت بين التدافع والتوقف البائس عند نقاط الخلاف ....
وبين هذا وذاك كان بعض مسئولي الصفحات الثقافية يؤكدون بصورة واضحة على آن القنوات التي تصب في هذا المجرى قد اعترتها الرغبات والنزوات الشخصية والخاضعة للمزاج السلبي ... للذين يسيطرون على مفاصل الإبداع من خلال الموقع الوظيفي ...
وابرز من جسد ذلك بعض محرري الصفحات الثقافية فقد كانت ماكينتها تدار من غرف مغلقة محصورة بالعلاقات الخاصة , لتطالعنا مانشيتات عريضة تحوي نصوص سقيمة وبائسة , لأسماء حددت سلفا ولا مجال للآخرين فيها , لأنها حكر عليهم ...
وهكذا تحاك أزمة الثقافة ... لتعطي لونا باهتا من ألوان الطيف العراقي الذي مافتئ يخبو .. وما أشبه اليوم بالبارحة !!
******************










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال