الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قمة الانهيار العربي

جبريل محمد

2004 / 4 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


لا يشك أحد ممن يعايشون الوضع العربي الآن، أن قمة العرب في تونس لم تكن تحظى بذلك الاهتمام الشعبي الذي اهتمت به وسائل الإعلام العربية من فضائيات وغيرها، فقد خبرت الشعوب العربية بيانات القمم المختلفة ولم تجد أي تغير ملموس في حالها بناء على قرارات القمم المختلفة، لا بل بات الكثير يشعر أن هذه القمم غير ذات فائدة حتى على الأنظمة الرسمية، وأن الجامعة العربية التي تشكل جوهراً تكريسا للقطرية العربية، قد استنفذت مهامها باعتبار أن كل قطر قد استطاع تشكيل ذاته ومؤسساته الراسخة ولم يعد بحاجة إلى رابطة أوسع. فمنذ تشكل المجالس الإقليمية العربية المختلفة والتي لم يبق منها غير نادي ارستقراطية الخليج والذي هو في طور الاحتضار، لم يعد من الضروري وجود جامعة عربية بالنسبة لهذه القطريات المتشكلة.
من جهة أخرى، فإن متغيرات ما بعد حرب الخليج الثانية، ومتغيرات ما بعد غزو العراق واحتلاله، قد كشفت عري النظام الرسمي العربي وعجزه، كما كشفت وقائع العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني ارتهان كل هذا النظام بإرادة الإمبريالية الأمريكية، وفقدانه لأي إرادة مستقلة.
لقد باتت كل الأنظمة العربية تحت سطوة الترهيب والترغيب الأمريكي، وبات أي موقف لأي قطر في أي مسألة حتى في المسائل التفصيلية الداخلية، مرهون بالموافقة أو الرفض الأمريكي له، وبالتالي، تجري الآن عملية استعمار يتحكم عن بعد بمستعمراته، ولم يعد هناك أي هامش لأي قطر ليتحرك فيه بشكل مستقل.
الإدراك الشعبي لهذا الأمر لم يعد سراً، وهو يشكل الحقيقة العيانية، وليس مجرد لمح للتناقضات، بل هو غوص في أعماق لم تعد بعيدة جداً، وإنما قريبة وعليه فإن كل أسباب تأجيل القمة، وكل تذرعات الأطراف المختلفة لا تعدو كونها شكليات في إطار الجوهر العام وهو التحكم الأمريكي في مجرياتها، سواء انعقدت أو لم تنعقد.
في المقابل وحتى الآن لا نرى مبادرة شعبية عربية حقيقية وجدية تقف مجتمعة، وتقول إذا كنتم أيها الرسميون الفاقدون للشرعية السياسية والقانونية والشعبية أسرى الترهيب والترغيب الأمريكي، فنحن ممثلي الشعوب الساعية نحو الحرية والديمقراطية، نقف الآن لنعلن على الملأ العربي أننا نشكل بديلا حقيقيا لهذا التردي المريع ونعلن جامعتنا (جامعة الشعوب العربية).
فانهيار النظام الرسمي العربي، لم يقابله حتى الآن صعود في القوى الشعبية العربية قادر على أن يملأ الفراغ، فالقوى الشعبية حتى الآن لم تستطع اجتياز حاجز الرعب والخوف من قوى قمع الأنظمة، ولم تمتلك بعد الجرأة الأدبية والسياسية والشخصية لدى قادتها، لتقوم بتحريك الشارع، وطرح البديل الديمقراطي الشعبي الذي يتجاوز مسألة الإصلاح باتجاه ثورة يعقوبية تقتلع كل الأنظمة الفاسدة والتي باتت جداراً متعفناً سهل السقوط، ثورة تقيم مرحلة جديدة قائمة على المشاركة الشعبية الحقيقية في صنع القرار السياسي، وبناء نموذج حكم ديمقراطي نابع من إرادة الشعب، لا من املاءات كولن باول، وكونداليزا رايس. ومطابخ الإدارة الأمريكية.
وليس غريبا أن نرى بعض القوى التي تدعي أنها شعبية تخرج الآن لتطبل بشكل مباشر أو غير مباشر لمشروع بوش حول الشرق الأوسط الكبير، وتديم وضعها الانتظاري معتمدة على ضغط الامبريالية الأمريكية على الأنظمة لتوسع لها دائرة المشاركة، تماما كما أعفت بعض القوى العراقية نفسها من النضال الديمقراطي ولحقت بالراكبين على ظهر الدبابة الأمريكية، لهاثا وراء فتات من قسمة السلطة في عراق ما بعد صدام لتعض اليوم على أصابعها ندماً. حيث ترى عمليات التفتيت والتقسيم للعراق بعينها فيما لا زالت واقفة على الجدار لا تحسم أمرها في أمر مقاومة هذا الاحتلال الجديد.
لذا علينا أن نكف عن أية مراهنة على النظام الرسمي القائم، وأن لا تنتظر منه حتى تلك المواقف اللفظية والضريبة الكلامية التي يدفعها للشعب الفلسطيني، فيما يجب أن نعمل لاستنهاض القوى الشعبية العربية، ودفعها باتجاه سياسات وبرامج أكثر تصادمية مع أنظمة باتت متعفنة وآيلة للسقوط.
إن اللحظة الراهنة هي لحظة مواتية، رغم كل الجبروت الأمريكي، لحظة يمكن فيها تحريك الشارع العربي على قضاياه المختلفة من رغيف الخبز إلى احتلال العراق فالميدان هو الذي يحسم الصراع مع هذه النخب الحاكمة وليس انتظار هبات الإصلاح المقننة أمريكيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -