الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدل ا لاد ب والسياسة

كاظم الحسن

2009 / 3 / 17
الادب والفن



اذا كانت صرخة الانسان الاولى هي لحظة الميلاد، فان صرخة الانسان الثانية قد توشحت بالادب واعادة صياغة الواقع على ضوء المعنى القيمة والخيال والجمال وكانت مجسات الادب، اللغة بكل عوالمها الفضفاضة نحو باتجاه امساك الواقع، وما الصور والرسوم والنحت والكتابة على الجدران في الماضي السحيق الا دليل على قدم الادب فكانت اسئلة الوجود القلقة قد جعلت الانسان يسعى الى انسنة الحياة لكي يخفف التوتر الذي ينتابه.
وما نزوع الاديب الى العزلة والتأمل والقراءة الا محاولة لاستكشاف اعماق الذات، ومن الطبيعي ان يتوحد مع عوالمه وليس مع الجمهور فضلا عن ان عالم المعنى والاحلام لا يتناغم مع (القوة الصلبة) التي تتمثل في المفهوم التقليدي للسلطة من سلاح وجيوش وما يتعلق باستخدامهما في القضايا الكبرى مثل النزاعات الحدودية وسباق التسلح الى اخر ما هنالك. والقوة الناعمة تشمل القدرة الحضارية والثقافة.
هذا التعارض بين الادب والسياسة، قد جعلت السياسي يعمل لحل ما بوسعه من اجل تجيير الرأسمال المعنوي والرمزي (الدين والادب) لصالحه، ولقد اشتط احد الطغاة وذهب ابعد من ذلك، فتقمص دور الروائي واخذ يصدر الروايات الواحدة تلو الاخرى ولكن على استحياء وتواضع مصطنع فكتب اسما مستعاراً لتلك الروايات المزيفة تحت عنون (لصاحبها)، ولقد وزعت وبيعت كأي كتاب حزبي! هذه الهيمنة من قبل السياسي على الادب هي التي فجرت النزعة الثورية ضد الاستبداد لانه لا يعترف بالمسافات المنفصلة او التعددية في الرؤى والتصورات والمفاهيم واصبح الفضاء الخاص الذي ينشده الاديب ضربا من الاوهام والاحلام.

ولهذا السبب وغيره ظهر الادب الملتزم وما يسمى بـ (لاهوت التحرير) وهي استعارة كما تشير الدراسات عن ذلك التيار الثوري الذي ظهر في امريكا اللاتينية في منتصف واواخر الستينيات في اوساط الكنيسة الكاثوليكية والذي وصف بانه انتقال من اللاهوت الى الثورة ومن اصلاح الذات والنفس الى اصلاح الواقع وتغييره وبان الخلاص لا يكون بالتحرر من الذنوب والخطايا بل بالتحرر الاقتصادي والسياسي.
وكذلك ظهرت نزعة (اللا إنتماء) في الستينيات بعد ان طرحه كولن ولسن في كتابه الشهير فكان صرخة ضد مراكز الالحاق السياسي والاجتماعي والثقافي. يصف احد الكتاب العلاقة بين الادب والسياسة، بانها علاقة توتر بين الفرد والجماعة وما بين السلطة والحرية الشخصية وما بين السلطات الاستبدادية والارادة الوطنية لتقرير المصير وفي النهاية انعكس استمرار التوتر العالمي ما بين الايديولوجية الاشتراكية والرأسمالية الليبرالية على الادب. هذا الجدل والتناقض يشكل روح الادب ولذلك يعتبر تماهي الادب بالسياسة هو نهاية للابداع وتلاشي كينونة الاديب. ولقد رثى احد الادباء، الادب، بعد سقوط جدار برلين عام 1989 لضياع الهدف وجوهر الباعث التاريخي حيث لم يعد الفنان يرى نفسه جزء اً من حركة المنطق العالمية وتراجع تاريخياً الى ما قبل التنوير حيث يجد نفسه في عالم لا يعاني من انشقاق في الرأي حيث لا توجد بدائل او خيارات او فرص متاحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صوته قلب السوشيال ميديا .. عنده 20 حنجرة لفنانين الزمن الجم


.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا




.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور


.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان




.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل