الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاهي الادبية

ضياء الاسدي

2009 / 3 / 15
الادب والفن


المقاهي الأدبية صومعة الثقافة ومنجم الإبداع
شكلت المقاهي الادبية،ذاكرة للثقافة العراقية وموسوعة لها،لأنها المنجم الذي تخرج منه ألمع المثقفين العراقيين الذين اثروا المشهد الثقافي بابداع خلاق ومؤثر.وقد لاتكتمل شخصية المثقف ونضجه المعرفي،

مالم تكون له محطات في تلك المقاهي التي تتعالى فيها اصوات النقاشات والسجال،حول آخر ماأنتجه الشارع الثقافي العالمي وأصدرته دور النشر.لذلك نجد اغلب مثقفينا ومبدعينا تخرجوا من صومعة هذه المقاهي الادبية التي لها نكهة خاصة في ان تكون ملاذاً ممتعاً لقراءة ثقافات العالم ومخرج للكلمات .فلا نجد يوميات الا والمثقف العراقي قرأ كتابا في المقهى البرازيلي الذي يقدم القهوة والنسكافية أو كتب مقالة في مقهى البرلمان الذي يعج بنظرائه المثقفين أو أحتدم نقاس في مقهى حسن عجمي الذائع الصيت أو شذب ذائقته الموسقية في مقهى أم كلثوم أو بلور فكرةٍ ما في المقهى البغدادي الأنيق المكتنز بالتراث الاصيل غرفة الدرس ،
الكاتب خضير ميري الذي قضى ردحا من الزمن يتنقل بينها يكتب ويفكر ويبلور شخصيته الأدبية يقول : يشكل المقهى البداية الفعلية لولوج الحياة الثقافية وأذكر في نهاية السبعينيات من القرن المنصرم كان يصطحبني القاص حميد المختار الى مقهى البرلمان وهو واسع ومحاط بنوافذ زجاجية فارهة . وكان شكله من الداخل أنيقا ومرتبا . كنا نجلس معا لساعات طويلة يكون فيها الحديث قليلاً فأما أن نقرأ أو نكتب . وعندما أصبحت رائدا مزمنا لهذا المقهى كنت أودع أحيانا كتبي وأوراقي عند صاحب المقهى وكان يمثل هو نوعاً من البريد المباشر لمعظم الأدباء الذين يأتون من المحافظات ولا يصادفوننا .لم استمتع بهذا المقهى كثيرا فسرعان ما قامت السلطات البعثية بغلفة في محاولة لالغاء تأريخنا !فانتقلت على بعد خطوات الى مقهى حسن عجمي , وهو ضيق وأكثر تواضعا من مقهى البرلمان . وفوجئت بأن عادات مقهى حسن عجمي لا تشبة عادات مقهى البرلمان اطلاقا لأن البرلمان كان مرتعا للقراءة والكتابة والفكر بينما حسن عجمي تحول فيه الادباء لاعبي الدومينو مقابل النقود والمقامرة بكل شيء . وهم يضيقون ذرعا بنا نحن المثقفين الجادين الذين ما زالوا يعتبرون المقهى غرفة للدرس.
الحرب والسلام
أما القاص والشاعر علي خصباك يقول عن ذكرياته مع المقاهي : كانت الثقافة العراقية تعيش نهارا في المقهى وليلا في البارات ! وغالبا ما يكون المقهى داراً للسلام والبار داراً للحرب والاختلاف والغريب بالامر ان معارك الليل يبددها دخان مقهى النهار !! والادباء بشكل عام في ثمانينيات القرن الماضي يمتهنون ارتياد المقاهي وكنا نقلد الوجوديين الفرنسيين في الكتابة داخل المقهى ونتبجح في القول أن سارتر كان يكتب في المقهى أيضا !!المقهى في حياتي الان تكاد تكون معدومة . فلم أعد منذ سنوات طويلة ارتادها . بسبب اتساع مسؤولياتي الأدبية ومشاغلي اليومية التي اغتالت المقهى في حياتي . لكنها ظلت هاجسي الخاص في العودة الى الماضي . أمرق أحيانا على مقهى الجماهير وحسن العجمي والشابندر . فأرى شبابا جدداً يتحدثون فيما بينهم وهم ينتظرون مجدا جديدا . لكن عندما أراقبهم بتأمل أرى أننا كنا أكثر صخبا وقراءة ومشاكسة منهم . وكنا نحرج كبار السن أمثالنا ونحاول أن نطرح عليهم أسماء كتب جديدة لم يقرؤوها . أن ذكرة الثقافة العراقية هي ذاكرة المقهى وهي المكان الديمقراطي الاول الذي جمع الجميع وفرقهم بنفس القوة .
مكان يتداعى
اما الشاعر أحمد عبد الحسين العائد توا من منفاة يحكي عن ذكرياتة العبقة في المقهى والتي يفوح منه رائحة النقاء والثقافة فيقول : كمعظم أبناء جيلي الشعري . كان المقهى المكان الاول الذي أتسع للهاثي . فيه قدمت أولى قصائدي لشعراء كانت اراؤهم محرضا على تطوير تجربتي . لا أعرف و لم أتذكر الأن لقائي الاول بالشاعر الراحل رعد عبد القادر .
كان ذلك في مقهى حسن العجمي كنت قد أعطيته نصا شعريا أعقبه نقاش مثمر مازلت أستذكرة بحب عميق .ومن المقهى نفسه خرجت قصائدي لترى النور على صفحات المجلات الادبية . أرى أن المقهى لم تكن مكانا تجمع المثقفين فحسب . بل أسهم في خلق أعراف ثقافية ميزت فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم .
وهي أعراف شكلت الضد الكامل لما كانت المؤسسة الرسمية تريد أشاعته وترسيخه . ألاحظ الأن أنحسار دور المقهى في صياغة أعراف ثقافية كهذة . ربما بسبب فضاء الحرية النسبية الذي بات يكشف هذه الثقافة . عدت الى وطني وكان أول مكان أخرج من البيت لزيارته مقهى حسن العجمي . كنت أفتش عن الفتى الذي كنته في مقهى عجوز . لم أجد سوى رجل متداع يدخل مكانا يتداعى!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا