الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غرفة 14

سعيد حسين عليوي

2009 / 3 / 18
الادب والفن


غرفة 14
تشاكسني لعبة الحظ في كثير من الامور خلال مجرى حياتي وغالبا ما تكون توقعاتي مظابقة لهذه اللعبة .في احدى المرات مكان لا يمكن اعتباره صالحا للعيش او حتى لا يمكن اعتباره سجن باربعة جدران انه مكان تحت مدرجات ملعب متروك لكرة القدم ولم يكتمل بنائه وكنت امني النفس دائما بالخلاص من هذا المكان لعلي انتقل الى افضل منه ولكن يراودني هاجس باني سوف اعود لهذا المكان ولن ابارحه ابدا وعندما نقلنا جميعا نودي باسمي ومعي مجموعة حوالي ثلاثين فردا طلبوا منا الرجوع فتحققت النبؤة وهنا في مكان اخر يعود نفس الهاجس كنت اظن اني سوف اكون مستقرا فيه بعض الوقت ولكن تعاد اللعبة وقلبي يحدثني بحدوث ما اتوقعه واذا باحدهم يحمل ورقة لعينة وينادي ---كل من يسمع اسمه يحمل امتعته ويقف في الطابور ولكن هذه المرة كان الحظ اسوا مما توقعت فبعد ان ابتعدت مسافة قليلة مع اربعة وعشرين شخصا اخرين نحو المكان الاخر وقفنا امام باب مشبكة بالاسلاك نودي علينا الواحد تلو الاخر وعندما جاء دوري وسمعت اسمي تقدمت ولم اتصور ان هناك جمهور لاستقبالنا ولكن ليس كزائر مرحب به فدخلت واذا بكلمات تصدمني ولم اتوقعها ولكني ابتسمت لتفاهة هذا العمل ولم التفت الى مصدر الكلام لاني اعرف ان القوم لا يرددونها بقناعة وانما بدافع الخوف او المحابات مشيت بخطوات واثقة غير مبال وانا احمل حقيبتي المحشوة باسمال بالية الا من بعض القطع النظيفة التي حصلت عليها من بعض الاشخاص لقاء مقايضة بالسكائر ووضعت خطوتي الاولى على عتبة البناية بعد اجتيازي الحشود الغاضبة وكان بعضهم يرشدنا الى الاتجاه المطلوب فوجئت بوجوه غريبة تحمل زيغ الانسان المنفصل عن رحم الانسانية وترتسم على محياها قسمات باردة تحمل معان كثيرة تتوزع بين الصرامة والاستهزاء والالتصاق بالروح المخربة . لم استوعب الموقف وظننت ان هذه العيون التي تثقب كياني انما هي نوع من الاساليب للتاثير على المقابل وللنيل منه قبل ان يعرف ماذا يريدون منه .عدت بذهني الى الجمهور خارج المبنى وتسائلت لماذا هم هكذا --هل هو استقبال عفوي فقلت كلا الظاهر انهم اناس غير ودودين ولم اتصور ان البشر اللذين من حولي يمكن ان يتحولوا الى وحوش كاسرة بنزعون عنهم غطاء الانسانية بهذه السهولة ولم يكن هنالك دافع قوي يمكن ان يجعلهم بهذا الانحدار الى هذا الحد المرعب مع العلم اننا لم نقترف ذنبا يذكر بادرني سؤال وجيه عن هذه الحالة التي امامي -- هل هي بعض الكلمات تلقوها عن تفكير معين في الحياة مخلوطة ببعض الفبركة المقصودة تصور لهم الاشخاص الاخرين بانهم يستحقون العقاب حتى الموت هل هي تحريك غرائز مكبوتة بوخز الافكار المريضة المنغلقة تطلق لديهم عنان الانفلات الجاهل في خامة لم تحصل على اي نوع من البرائة الانسانية وهل ما يجري في بلدنا الان هو صدى الاصوات العفنة تلك ام ماذا .بحركة واحدة والجميع يزعق - ما هذا الذي تحمله وبسرعة غنموا كل شي منا بلمح البصر حتى انهم جردوني من ملابسي وتركوني بالملابس الداخلية وحتى صوري العائلية التي وصلتني من الاهل اخذوها وقالوا انها غنائم اسمعوني كلمات لا يمكن ان ينطق بها انسان سوي وانهالوا بالظرب وعلى جميع الاماكن وباي شي وسحبوني الى غرفة قريبة مكتوب عليها رقم 14 . لم اميز في البداية ما في الغرفة والمهم عندي كنت احاول ان الوذ الى اقرب مكان لاتخلص من المازق الذي انا فيه ورميت بنفسي على احد الاسرة واذا بكومة بشرية مكدسة لاذت قبلي الى هذا المكان لقد ادخلوهم قبلي وبنفس الاسلوب فاندفعت الى مكان فارغ وتخلصت من الضرب المباشر وبعد ان اكتمل الجميع داخل الغرفة واخذ كل واحد منا نفس القسط من الضرب تركونا لفترة وجيزة .ان هذه المعاملة تنم عن حقذ دفين والملاحظ انا كنا غبر متشابهين في الصفات ولا في الفكر ولا في الاخلاق ولا في الدين وكاننا الوحيدين في هذا العالم اللذين ارتكبوا جرما او قامو بعمل لا يمكن ان يسامحوا عليه .لم استطع حتى ان اختار المكان وامامي مجموعة من الاسرة الخشبية ذات الثلاث طوابق والتي لا يوجد عليها اي فراش . اذهلتني اللحظة البائسة وشلت قدراتي العقلية وادخلتني في ذهول لم اعهده سابقا كانت كل كلمة تصدر مني تزيد الامر تعقيدا فاثرت الصمت وانتظار النتائج القادمة . تكدس الجميع كل واحد منهم يحاول ان يجد مكانا يحمي فيه نفسه من الاذى ولكن هيهات لان الشاخصون امامهم ليسو عاديين وانما مسخ من الكراهية والانتقام يضربون بكل شي تقع عليه ايديهم ولا يبالون بصغير او كبير السن او متوسل وكانهم حيوانات جائعة وكانوا يتقاسمون الادوار بشكل عجيب ومنظم لم يفلت احد منا وتوزعت الضربات علينا بالتساوي . احدنا انتابته هستريا ورعب فوق العادة فاقحم جسمه تحت السرير وانزوى بركن بعيد فكانت العاقبة وخيمة وكان كبير السن حيث حصل على حصة اضافية من الضرب والتنكيل بعدها وصل احد اللذيت ساهموا بالوليمة مرتديا كامل زيه العسكري وكانه يتهيا لحضور استعراضا عسكريا فوزع لكل حصته بالتساوي ضربة واحدة لكل واحد ولم يفته احد ابدا وحتى المكان الذي يقصده بالضرب كان نفس المكان لكل نفر وعندما وصلني التسلسل مسك بالحديد الذي وراءه وبكل ثقل جسمه وجه لي ضربة بقدمه اليمنى فاحسست ان راسي ليس في مكانه الصحيح وتذكرت حينها صورة الحذاء العسكري التي وضعت على غلاف روابة ( العقب الحديدية) ثم تحسست راسي لاتاكد من راسي انه لازال فوق كتفي فاحسست برطوبة فاذا الدماء تنزف من فوق حاجبي ثم استمرت المسرحية واذا باحدهم يطلقون عليه لقب الشيخ ولكنه ليس معمم ويتنافسون على تقبيل يديه وينفرجون عنه سريعا مع العلم انه كان شخصا فيه من القمائة وعدم الهيبة الكثير ولكن الظاهر ان له حضوة وسطوة كبيرة نتيجة ولوغه بالخسة اكثر من غيره فاذا نظرت اليه لاول وهلة له عيون كعيون الثعلب ويقدح منها حقد غزير انه ابن اؤى بعينه وكان الماثلين تحت يديه قد سلبوا منه حياته فاختار احدنا صيدا ثمينا وكان رجل كبير السن يدعى ابا عدنان متزوج وله اربعة ابناء يتمنى ان يعود الى بيته ومتع نظره بهم .رجل بسيط لا يمتلك الا ثقافة شعبية بسيطة وهو محبوب من قبل الجميع وكان دائما يسالني عن الاخبار وهل هناك املا بالعودة الى الاهل والوطن فاعطيه ما يشفي نفسه وينمي امله بالحياة حتى لو اظطررت للكذب عليه .بدا الشيخ الثعلب ينهال عليه باسئلة ليس لها جواب وبتهم لم يفقه منها الواقف امامه منها شيا والى ماذا يهدف هذا الماكر . كان ابو عدنان مذهولا وتصدر منه ابتسامة توحي للمقابل انه لا يعلم عماذا يتكلم هذا الشيخ فقال له يا ابو عدنان هل ترى ماذا البس في قدمي وكان لابسا حذاءامطاطيا (بوت) وكعبه من الكاوجك القوي متابعا كلامه لابي عدنان مع العلم انك تدري ان الفصل ليس شتاء وانما صيف فلم ينبس ببنت شفه الرجل وظل مسمرا كالتمثال والظاهر انه قد عرف المقصود والمصير الذي ينتظره ولا حاجة للكلام والدفاع عن نفسه فانهالوا عليه جميغا بالضرب المبرح وسقط ارضا وتسلق الشيخ المبجل عواميد الاسرة الثلاث المصفوفة الواحد فوق الاخر ورمى بجسمه فوق الرجل وفي بطته بالتحديد واعادها ثلاثا . انتفظ الجسد الواهن وتبخرت اخر انات الرجل المسكين واغمظ عينيه والابتسامة لم تفارق وجهه .ترى هل يمتلك الانسان ناصية الغيب حتى يهرب من مصيره المرعب -- هل كان ابو عدنان يعلم انه سيغادر الحياة بهذه الطريقة وفي هذا المكان وكيف نفسر ابتسامته التي ظلت مرسومة على شفتيه اهي عتاب على الزمن الردي ام هي براءة الروح الانسانية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب


.. كلمة أخيرة - صدقي صخر: أول مرة وقفت قدام كاميرا سنة 2002 مع




.. كلمة أخيرة - مسلسل ريفو كان نقلة كبيرة في حياة صدقي صخر.. ال


.. تفاعلكم | الفنان محمد عبده يكشف طبيعة مرضه ورحلته العلاجية




.. تفاعلكم | الحوثي يخطف ويعتقل فنانين شعبيين والتهمة: الغناء!