الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو تقويم مسيرة الحزب الشيوعي العراقي / قطب لليسار العراقي

ثامر قلو

2009 / 3 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا ينجح الحزب الشيوعي في الدولة المعنية ، عندما ينهج في برامجه وممارساته السياسية نهج الاحزاب الاخرى ، فيقتضي أن يكون للحزب الشيوعي سياسة واضحة مفهومة تستمد من الفكر الماركسي ، والفكر الاشتراكي وكل الافكار التقدمية التي انتجها الفكر الانساني على مر العصور ، وفي بعض الاحيان يفرض على الحزب الشيوعي اتخاذ مواقف سياسية معينة لاتخدم قضية الفكر الذي يتبناه ، ففي العراق كما صار معلوما للجميع يشترك الحزب الشيوعي في التجربة العراقية السياسية الحالية اشتراكا رمزيا ، لا يقوى حتى على فرض نسبة معينة من أهدافه السياسية ولا أي نسبة من برامجه الاخرى في الحياة العامة للجماهير التي يفترض له الدفاع عن مصالح فئات معينة منهم ، فقد ولى الزمن الذي كان ينظر للحزب الشيوعي بانه يمثل كل طبقات المجتمع ، ففي الدولة التي تسير على خطى الرأسمالية تتبلور طبقات وفئات عديدة للجماهير ، لا يستطيع أي حزب سياسي مهما يكون شأنه من التعبير عن مطامح جميع فئات الشعب ، ويعد هذا الامر من أهم اسباب انتكاسة الحزب الشيوعي العراقي في الفترة الزمنية التي أعقبت سقوط النظام الدكتاتوري البائد في العام 2003.

الحزب الشيوعي العراقي أراد أن يكسب ود كل فئات المجتمع في آن واحد ،اراد أن يكون قريبا من الاسلامي ، والقومي ، والليبرالي ، وقريبا من الاخرين بنفس الدرجات أو بتفاوت محدود ، ففي زمن الديمقراطية الحقيقية والمشاركات الانتخابية يبحث الناخبون عن صور للحزب المعني لهم ، أو صور للرجل الرمز ، وهذه توفر لها نماذج في العراق ، فقد تكون تجربة السيد آياد علاوي مثال حي للبرنامج السياسي الناجح ، وللمثال الرمز الذي يدغدغ طموحات الشارع السياسي ، كما شكل مثال الالوسي تجربة البطل أو الرمز فاتخذ منه فئات من الناخبين مثالا يحتذى ، بينما كان قائد الحزب الشيوعي العراقي الذي يفترض أن تكون له قيمة معنوية أعلى ، على الاقل بالنسبة للجماهير الشيوعية واليساريين عموما يتودد الجلوس خلف هذا الزعيم أو هذاك النائب مما حجر على قيمته المعنوية بالنسبة للفرد الشيوعي العراقي ، وبالنسبة للجماهير العراقية ايضا .

الجماهير العراقية تلهث وراء القائد البطل كما يقول السيد داود امين في مقالة له قراتها بالصدفى لاني لا احب قراءات المتملقين ولا قراءات الصفاقين مما يعني أنه هناك في قيادة الحزب من يفقه لمزاج الساحة السياسية في بعض شئونها ، والامر سليم جدا ففي بلد كالعراق يتعرض الوطن كل يوم للتهديد من دول الجوار، فيستطيب العراقي ، البطل الذي يهددهم بالوعيد ، ويستطيبهم أكثر حين يكون الاقدام مبدئيا ونزيها وهكذا على المنوال ذاته يتم الدفاع عن حقوق العامل والفقير والمراة وغيرهم .
كل هؤلاء تركهم الحزب خلفه ، فلعلهم في القيادة تصوروا كل الناس هاضمون للفكر الشيوعي ، فحينها تنتفي الحاجة لاشهار المثل والمبادي ، ونسيوا أن الشيوعيين وانصارهم ، كما المواطنين الاخرين يبحثون عن طوق للنجات ، ويبحثون اكثر عن البحار المنقذ لهم من الظروف العصيبة التي ألمت بهم في السنين الماضية ، وقد يكون البحار على شاكلة حزب أو بطل ، وقد يكون المالكي مثالا ناجحا في هذا الامر فقد كسب ود جماهير غفيرة من العراقينن في ظرف بضعة أشهر، بعد أن قرأ مزاجات العراقيين وهمومهم ومطامحهم .
لانريد للحزب الشيوعي ان ينافس قدرات الحكومة في كسب ود الجماهير ، لكن التحول للحزب الجماهيري الفعال ليس مستحيلا في ظروف العراق الحالية ، ففي مثل هذه الظروف العصيبة امنيا واجتماعيا ومعاشيا ، يتوفر للحزب الشيوعي العراقي ساحات كثيرة للدخول منها والوصول الى الجماهير ، لا سيما وان للحزب قواعد حزبية مهمة وانصار عديدون في كل المدن والقصبات العراقية من الجنوب الى الشمال ، ومثل هذه الميزة يفتقدها حتى احزاب الحكومة عينها ، فهل استغل الشيوعيون هذه الظروف لكسب الجماهير ، أم حدث العكس ؟

لم تضيع كل الاوراق بعد ، فما زال أمام الشيوعيين العراقيين مسيرة طويلة لبناء حزبهم من جديد ، رغم اني على يقين مطلق ان الضرورة الاولى لنهوض الحزب هو قناعة قيادة الحزب ، بفقدان قدرتهم على انهاض الحزب وفق مسيرتهم وبرامجهم الحالية ، وقد اتناول موضوع أزمة القيادة في الحزب بصورة مفصلة أكثر في حلقة خاصة مقبلة ،ورغم هذا وهذاك ، فما زالت للحزب أوراق كثيرة ، وما زالت الجماهير الوفية للحزب تنتظر من يقود مسيرتهم ويجمع شملهم من جديد ليعيدوا بعضا من أمجاد الشيوعيين ونضالاتهم في الساحة السياسية العراقية .

الحزب الشيوعي قطبا لليسار العراقي :

أمران لا ثالث لهما يقتضي من قوى اليسار العراقي المسير وفقهما ، وهما الاعتراف عن قناعة مطلقة بقيادة الحزب الشيوعي العراقي لليسار العراقي ، والنظر لكل نجاح يحققه الحزب كما لو انه يشكل نجاحا لهم جميعا ، والامر الثاني هو بدء المحاولات من قبل الحزب الشيوعي ليطرح برنامج لليسار العراقي ، برنامجا يستند الى الارث اليساري والاشتراكي ، فاليسار العراقي يحتاج في هذه الظروف الى مناضلين ومناضلات يزخر بهم الحزب الشيوعي العمالي العراقي ، ولو خيرت انا لاختيار قيادة للحزب الشيوعي العراقي لاخترت مناضلين من الحزب الشيوعي العمالي لقيادة الحزب الشيوعي العراقي ، بعد أن يتحرروا من بعض اصولياتهم العقيمة التي لا تصلح للزمن الحالي ، ولكن اقدامهم السياسي الجريء وبطولة كادراتهم النسائية هي مفخر لليسار العراقي عموما وهو ما يحتاجه الحزب الشيوعي في هذه المرحلة .
لا أعرف ان كان الحزب الوطني الديمقراطي الذي يقوده الجادرجي حزبا يساريا ، ولا الحركة الاشتراكية العربية ، فكلما يستجد جديد يهرع قادة الحزب الشيوعي للتحالف مع الحزبين المذكورين في المشاركات الانتخابية ، للدرجة التي يفرضون اسم جديد للتحالف بعيدا عن اسم الحزب الشيوعي العراقي ، وبذلك يتعرض الحزب لخسارة معنوية كبيرة دون مقابل ملموس ، وعندي لا يبرر دخول الحزب تحت أي مسمى اخر في أي استحقاق انتخابي اطلاقا مهما كانت مكاسبه الآنية ، فمن الافضل في مثل هذه الحالات أن يتخلى الحزب عن مقاعده الانتخابية ، أي يمنح لشركائه من الاحزاب اليسارية والوطنية الاخرى الفرص الامامية في القوائم الانتخابية مقابل دخولهم في القوائم الانتخابية المعلنة رسميا باسم الحزب .

كل المؤشرات تؤكد ، أن بلورة يسار عراقي جديد سيتم في السنوات القليلة القادمة ، يسار يمثل قطبه الاساسي الحزب الشيوعي العراقي ، وتصاغ برامجه من قبل كل فئات اليسار العراقي ، فمثل هذا اليسار سيكون ضرورة ملحة للمنافسة مع الاحزاب الدينية والقومية التي تغص بها الساحة السياسية العراقية حاليا .

ثامر قلو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تفاؤل
عدنان عباس سكراني ( 2009 / 3 / 16 - 06:53 )
اعتقد ان تفاؤلك في محله تماما لشخص يرصد الشارع العراقي لا يوجد يسار في العراق حاليا سوى الحزب الشيوعي العراقي اما ما عددته من احزاب وحركات فلا وجود لها يذكر في الشارع العراقي اما حركة اياد علاوي فهي تضم اعضاء البعث السابقين ذوي الدرجات الدنيا في الحزب المقبور وبعض افراد العشائر المتنفذين وعلمانيين لا يلتقون مع طروحات الشيوعي السابقه


2 - يسار حقيقي
زامل عبد الرحمن ( 2009 / 3 / 16 - 11:08 )
نعم انا مع بلورة يسار عراقي جديد يشمل كل تيارات اليسار العراقي التي لها موقف حقيقي مناهض للاحتلال بما فيها الحزب الشيوعي العراقي ولكن !!!! ليس بقيادته الحالية فهي لاتصلح لقيادة اليسار او حتى تمثيله وبالتالي على كل شيوعي حقيقي ان يعمل على كنس تلك القيادة المتخاذلة وانتخاب قيادة جديدة تتمكن من تصحيج مسار الحزب باتجاه يساري حقيقي
مع التقدير


3 - تحية للاخ ثامر قلو
عبد العالي الحراك ( 2009 / 3 / 16 - 14:23 )
تحليل متوازن ورؤية واقعية وحرس وطني يساري عالي وتفاؤل يبشر بالخير..اتمنى لك التوفيق ولوحدة اليسار التحقيق ودمت سالما


4 - لم شمل
ناصر عجمايا ( 2009 / 3 / 16 - 15:16 )
ارى من الضروري جدا لم البيت الشيوعي العراقي وتوحيد القوى ومن ثم التوجه الى اليسار الوطني الديمقراطي وبناء تحالف متين لمواجهة التيارات الاسلامية والطائفية والقومية المتعصبة وتحويل شعار الحزب العملي في مواجهة الطائفية وتسييس الدين وادلجته الى واقع ملموس
مع ايجاد روابط واواصر مع الجماهير والوصول اليها يوميا في كل المجالات
مع التحية لكل الآراء المختلفة والمتباينة ضمن التوجهات والافكار


5 - ضرورة وحدة اليسار العراقي
bashar kaftan ( 2009 / 3 / 16 - 19:14 )
من المسلمات الاساسيه في تحقبق النصر في مساله او قضيه معينه لابد من توحيد بعض القوى والعناصر المؤمنه بتحقيق النصر لتلك الاهداف.ولس عبثا جاءت مقولة الفيق الخالد فهد (قووا تنظيم حزبكم قووا تنظيم الحركة الوطنيه) فعلى اليسار العراقي بكل تلاوينه ان يتخذ خطوات جريئه في انجاز او الاتفاق على برنامج وطني للنهوض بمجمل الوضع السياسي في العراق

اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم