الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من عصاها تهرب الحواسب الكونية

مهدي بندق

2009 / 3 / 19
الادب والفن



كتابة ٌ
ُطويت ْ كل ّ ُ الصحف ِ لكي لا تستقبلها ، في يدها الغـَمرُ ُيروّيُ أطنان َ الظمأ ِ المتراكم ِ
فوق الأسوار ِ، وتلك الأسوار ُ عليها أن تحمي ، من نزق ِ الدخلاء ِ ، مكاتبـَها القارة
كتابة ٌ
تحمل في شهقتها عيـّنة ً من فيروس ِ التحرير ِ ، فللصحف ِ الصحية ِ بعض ُ الحقِّ إذا ما رفعت ْ لافتة َ التحذير ِ من العدوى ، قيل : الخـَشية ُ ليست في موضعها ، فلقد ذهبت عنا روما ذات ُ السفه ِ وغفرت هامات ُ المصلوبين ِ الذنب َ ، وبقيت فينا الحدآت ُ الأذكى يترأسن المؤتمرات ِ بقاعات ِ الجُمّيز ِ يلاطفن القطط َ العاملة َ ويلقين إليها بعبوات ِ الكولا والماكدونالد ِ ، فمن أين يجئ ُ الخطر ُ وقد صار الشبه ُ
كبيرا ً بين ِ القطط ِ وبين الناس ِ القنطوريين َ [ 1 ] فكيف بنا – نحن الصحف َ المطوية َ- لا نزهو بملايين الأشباه ِ ترجـّح ُ عبر صناديق التصويت ِ الشفافة ِ فوز َ القيصر ِ هذا .. أو ذاك القيصر
*
هم القوم ُ
بل الأعداء ُ
هم النوّام ُ في كهف ٍ يسير بهم إلى ِبيد ٍ وليس برحلهم ماء ُ
هم الأموات ُ حين يراد ُ للإسراء ِ بالتاريخ ِ أحياء ُ
هم الأرقام ُ لا إصغاء َ ، لا أصداء َ ، فالآذان ُ بالأرماح ِ ُمرغـَثـَة ٌ ،
ومن صدأ ٍ على أبوابها ختـْم ُ
ولكني إذا ما اخترت ُ لا أرضي بغير ِهمو
خيارا ً متنـُه الجبرُ
علـِمت ُ به ، ولا أدري بماذا ينفع العلم ُ

*

كتابة ٌ
تجترح قوانين َ اللغة ِ المتهالكة ِ على أثداء ِ ترزياس َ [2] الخنثى المتنبئ ِ كذبا ً والشاهد ِ زورا ً في
وجه التين المغموز ِ الغافل ِ عن شنئان ِ الأرباب ِ ، لهذا فهي حروف ٌ تصدر ُ أحكاما ً بالحبس ِ على تلك اللغة ِ القاطعة ِ لألسنة ِ البوْح ِ الشجري ِّ ، المنـّاعة ِ للغوث ِ البحري ِّ القادم ِ لـُيرشَّ على أجسام ِ درافيل ِ الشعر ِ المغشي ِّ عليها في رمل الوحشة
*
من أجل هذه الكتابة
لتي تكنـَس ُ عن ِفنائها الغائط َ والجنابة
هجرت ُ قومي راحلا ً في غيهب ٍ
تتبعني ممحاتي َ العرجاء
لأشطب الفرق َ بين الأرض ِ والسماء
وبين الأقنان ِ وعلماء ِ الفيزياء
محوت ُ والدي َّ ،
وبني َّ
محوت ُ شانئي َّ ..
وأصدقائي َ المستريحين الِمراض
والحكام َِ الدناصير َ والمحكومين َ الصراصير َ في الأرباض
لكي أعود – ربما – بغـَرفـَة ٍ من َيمّها الفياض
فكيف عدت ُ مثلما ذهبت ُ
خاوي َ الوِفاض
*
بقائمتين ْ
هما الإثبات ُ والمحو ُ
أنا ُسجـّلت تحت اسمين ْ
وليد ٌ جنبه المرحوم
( فما أغنى عن الحالين ) [ 3 ]
وكان دليلي َ الأعمى يقود الخطوَ يزجرني
وكنت ُ أضِل ّ ُ عن رؤياه في بصري الحديدي ِّّ
تصادمنا بهذا الحندس ِ المألوف ِ لكنـّا بفضل الجهل ِ رائدِنا ،
قرأنا ما سنلقاه ، على الكف ِّ
فأغضبـَنا ، وقلنا نخسرُ الدارين ْ
ولا نغدو حروف َ اللهو ِ ينكرها زمام ُُ النحو ِ والصرف ِ
وينكرها عشاء ُ الأمس في موتاه ُ ، تنكرها هنالك وجبة ُ الإفطار ِ
أرغفة ٌ وحنطتـُها دماء ُ الغد ّ ْ
هتفنا : نحن نحتج ُ
ولا من رد
*
ولهذا فالكتابة ُ
تخرج ُ هائمة ً تبحث عن موطنها الأصلي ِّ بعيدا ً فيما وراء الرهبوت ِ ولكنِّ البيروقراطيَّ ، القابع َ في مكتبه في جمرك ِ درب التبانة ِ يوقفها ، التأشيرات ُ المطلوبة ُ ليست مستوفاة ً ، مطلوب ٌ توقيع ُ الأسياد ِالأنجم ِ نجما ً نجما ً ، من ثم تعاد الطالبة ُ إلى كوكبها حيث الأطفال ُ على مقلاة ِ الزيت ِ تقلـّبهم في بيض ِ النابالم ِ الأفيال ُ الفولاذية ُ، حيث رئيس ُ المرعيِ يرتشف ُ دماء َ القهوة ِ وهو يحدق ُ في أشداق ٍ صارت من سغب ٍٍ أحجارا ً يجهل ُ مصدرَها ثم يشيح ُ بيده في سأم ٍ للخـُشب ِ التابعةِ المنبهرة
*
لتشمتوا يا من لزمتم ملجأ َ الأسلاف ِ في العمارة
لتشمتوا بالعائد المخذول
يموت في ترنيمة ِ الخـَسارة
والصفرُ فوق ساعديه الكفن ُ
لأنه أراد أن يصير آية َ اعتراض
إجابة ً لكل ما يعـُن ُّ
لكنه استبان ما عسى أدركتموه
من دون أن تجنوا
وهاهو المخالف ُ الذي أعلى شئون َ نفسِه الأمـّارة
يذعن في الختام للإدارة
مسلـّما ً بأن هذه الكتابة َ افتراض
وذاته افتراض
وأنتم الثيران ُ والبرسيم في الثرى أو شقشقات ُ الطير ِ في الرياض
وكلنا بـ شاشة ِ الحاسوب
رهين ُ أمر ِ المحو ِ بالإشارة
*
فمن ترى أعادها إلى ّ
تكتبني بأحرف ٍ من خافقي ُتتلـَى
تقول لي : لم تكتشفني عندما انسكبت َ
كالديمة ِ التي تمطر ُ في البرّية
وعندما هتفت َ
" لتقتلوني يا ثقاتي
فمقتلي حياتـــــي "
لأجل هذا لم أجب مرادَك المختلا
لأنني لا أعرف القتلا
وإنما أريد للعظام ِ أن تهب من رميمها حية
أريدها .. بشرط أن تخاصم الرشيد
مسخـّر َ السحابة َ التي تجئ ُ بالخراج
أريد هذه العظام َ أن تخاصم المعتزلة
موظفي حكومة ِ الحوار ِ بالكرباج
أريد للعظام ِ أن تحاكم المأمون َ سيد َ الخلافة ِ العقلية
لأن دار َ الحكمة ِ الفعلية
بخلطة " البشمور ِ"[ 4 ] والدما
جدرانـُها مطلية


ملحق ٌ
يمحو بـَرنامج َ هذا المحو ِ ، ويبتكر ُ الأسماك َ الطائرة َ إلى جبل ِ الصحو ِ ، الألواح ُ هناك يفك ّ ُ
الطلـّسمات ِ بها شعراء ُ ذوو أجنحة ٍ تحملهم عبر بحور ِ الشوق إلى لغة ِ الألف ِ اللام ِ الميم ِ
ُتنقــّي منها يرقات ِ التحريم ِ ، وتبعد ُ ديدان َ التجريم ِ ، وتكسر ُ سلسلة َ التخويف ِ الملتفة َ برقاب ِ الأخلاف ِ ، وُتلغي كل َّ علامات ِ الإيقاف ِ الحمراء ِ أمام الأجنحة المنطلقة
... ... ...
فمن تكون هذه التي تحرر الأسرى
تطل من شرفتها .. بمنزل ِ الشـِعرَى
لعلها إشارة ٌ من خاطري .. لخاطري ُتبث ّ ْ
لأنها ليست من المكررين في طوابير ِ الجثث ْ
هتفت ُ : يا إلهي َ الذي أخفيه عن مسامع ِ المزيفين
لذي أخفيه في مكانه الأثير ِ بين خفقة ٍ وأخرى
يا رافع الـُضرّا
أريدها - إذا سمحت َ - جـَدتي
بوجهها النحيل ِ ذي التجاعيد الجميلة
يمامة ً بيضاء
يحلو بها القول ُ
ويفرح ُ الإصغاء
ومن عصاها تهرب الحواسب ُ الكونية
أريدها لكي أقول يا سيدتي
يا مبتدا البـَرِية
فلتكملي الحكـْى َ في الأماسي َ الطويلة
لعلني بحـِجرك الوسيع ِ أخرج بالكتابة
لشارع ِ الحرية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إحالات :
1- كائنات نصفها الأعلى بشر ، والأسفل أحصنة - الأساطير اليونانية
2- أسطورة أوديب
3- أبو العلاء
4- فلاحو مصر الثوار في العصر العباسي









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعة ديوك الأميركية ضد الممثل الكوميدي جيري ساي


.. المغرب.. إصدارات باللغة الأمازيغية في معرض الكتاب الدولي بال




.. وفاة المنتج والمخرج العالمي روجر كورمان عن عمر 98 عاما


.. صوته قلب السوشيال ميديا .. عنده 20 حنجرة لفنانين الزمن الجم




.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا