الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(الولاء) الذي يحكم حياتنا ... من فلسطين إلى العراق إلى السودان

ليث الحمداني
(Laith AL Hamdani)

2009 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


منذ قفز أول ضابط عربي إلى دبابته ليعلن ما أسميناه بـ (الثورة) تغلب (الولاء) على (الكفاءة) في الحياة العربية. وبدأت أزمة المواطنة تظهر في أسوأ أشكالها ومعانيها.. وانتقل هذا الفيروس كالنار في الهشيم. لم يعد حكرا على العسكر الذين اغتصبوا السلطة واوقفوا عملية التطور البطيء للحياة السياسية العربية. ولأن الأحزاب وليدة مجتمعاتها، فقد أصبح كل حزب يقفز للسلطة عبر (الدبابة) وحتى عبر (صندوق الاقتراع) - وهي حالات نادرة - يكرس مبدأ الولاء على حساب الكفاءة، فيلتف حوله نهازو الفرص والمصفقون ليقفزوا بدورهم إلى المواقع الأمامية في الدولة لأن الولاء هو الأسرع طريقا للتقدم في ظل الانظمة التي تخاف من شعوبها، ولتذهب الكفاءة إلى الجحيم.
هزم العرب شر هزيمة في الخامس من حزيران لأن (الولاء) للقائد جعل من عبد الحكيم عامر قائدا عاما لقوات أعرق دولة عربية امتلكت جيشا حديثا بالمفهوم العسكري، ولم يتعلم العرب من الدرس !!! بالعكس نخر تغليب الولاء على الكفاءة في الجسد العربي بعد أن تناسلت مدرسة (القفز إلى الدبابة) واحتلت كل زوايا الوطن المهزوم فكريا وأصبح (الجهلة) و (المتخلفون) وزراء وسفراء ورؤساء مؤسسات يتلاعبون بمصائر الاقتصاد والصناعة والتجارة والتعليم والثقافة فتردى كل شيء. صحيح أن بعض هؤلاء كان يحمل شهادة دراسية عليا ولكنه اختار الولاء لأنه يدرك بأن هناك من هو أكفأ منه من نظرائه حملة الشهادات العليا وأن اسهل طريق للتسلق للقمة في العمل الوظيفي والسياسي بظل هكذا انظمة هو (الولاء). والمشكلة الأكبر أن هذا الداء انتقل إلى حركات التحرر الوطني العربية ودخل منظمة التحرير الفلسطينية طليعة هذه الحركات كما دخل للأحزاب العربية، وجمع الراحل ياسر عرفات حوله جماعة (الولاء) على حساب أهل (الكفاءة) فنخر هؤلاء جسد المنظمة، وقبلها نخروا عمودها الفقري (حركة فتح) ,, الاستثناءات القليلة في العالم العربي لم تنج من الاتهامات والتشكيك. في العراق مثلا حين قرر الرئيس الراحل عبد الرحمن عارف تكليف الدكتور عبد الرحمن البزاز، الأكاديمي المستقل لرئاسة الوزراء هاجمه الجميع يمينا ويسارا، رغم أن البزاز كفاءة عراقية نادرة لم تتكرر في الحياة السياسية العراقية حتى اليوم .
الأمثلة العربية كثيرة وكثيرة وتحتاج إلى صفحات للحديث عنها.
ولأن أنظمة العرب وأحزابهم لا تستفيد من عبر التاريخ، بل إنهم لا يستحضرونه إلا لتوظيفه أيديولوجيا في تخدير العقل العربي وتوجيهه الوجهة التي يريدونها، فقد ظلت قضية (الولاء) هي التي تحكم خياراتهم.
في اجتماعات القاهرة التي جرت مؤخرا والتي انتظرها الفلسطينيون طويلا من أجل وضع حد للانقسام الذي يكاد يجهز على ما تبقى من نضالات الشعب الفلسطيني التي دفع ثمنها أنهارا من الدماء طرح المصريون على المتحاورين تشكيل حكومة تكنوقراط من الكفاءات الفلسطينية لمرحلة انتقالية بعيدا عن الفصائل المتناحرة، فجوبه الطلب بالرفض من (حركة حماس) كما ذكرت وسائل الإعلام وكأن الكفاءات الفلسطينية المستقلة (رجس من عمل الشيطان). وأن الموالين للفصائل وحدهم الفلسطينيون!! الان دخل الحوار مرحلة حاسمة ولا أحد يستطيع أن يعرف إلى أين ستتجه الأمور.
في العراق منح الكربلائيون أصواتهم بكثافة في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة لكفاءة مستقلة هو السيد يوسف الحبوبي، وهو مسلم طبعا ومن أسرة عريقة ساهمت في بناء العراق الحديث،ورمزها السيد محمد سعيد الحبوبي واحد من رواد النهضة الفكرية، ولكن (حزب الدعوة) المتستر برداء الإسلام يصر على تمسكه بمرشحه لمركز المحافظ لأن السيد الحبوبي الذي اختاره أبناء المحافظة لكفاءته ترشح منفردا وحصد اعلى الاصوات بينما طرح حزب الدعوة قائمة فازت بعدد من الأعضاء، يريدون التقاسم بالمراكز مع قائمة ثانية ولتذهب الكفاءة ورأي الشعب إلى الجحيم ما دام صاحبها لا يملك حزبا ولا ميليشيا مسلحة. وأن المهم هو (الولاء) .
في السودان تذكر عمر البشير التاريخ الوطني لبلده فجاءة فأمسك عصاه وتحدث عن تاريخ المهدية وصراعها ضد الآنكليز من أجل تحرير السودان، متناسيا بأنه قفز إلى دبابته للإطاحة بـ (ديمقراطية) كان يقودها أحد أحفاد الإمام المهدي. المهم أن السيد البشير بدل أن يعالج نتائج ما حصل من جرائم في دارفور ويسلم المتهمين فيها لينقذ السودان وشعبه تصلب بموقفه لأن ولاء احمدهارون ومن معه للبشير أهم من مستقبل السودان وشعبه، فأوصل الأمور إلى ما وصلت إليه معتقدا، وهو يمسك بعصاه، بأنها عصا سيدنا موسى وستصنع المعجزات بوجه المخططات الدولية التي تستهدف السودان ووحدته ومستقبله ولعل اولى معجزات عصا ( البشير ) اكتشافه بأن ماحصل في دارفور من جرائم ناتج عن تدخل الشيطان بين اهالي دارفور ..تخيلوا اي ماساة يعيشها العرب في القرن 21.. هي حالات ثلاث عشناها في الأسابيع الأخيرة تؤكد أن (الولاء) ما زال هو الذي يحدد مصائر الشعوب ويتحكم في العقل السياسي العربي. أما أصحاب الكفاءات في هذا العالم المهزوم فموزعون على أبواب سفارات الهجرة واللجوء، بينما تجتر الشعوب شعاراتها التي أوصلتها إلى الهزيمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اهلا بك في الحوار المتمدن
عبد العالي الحرك ( 2009 / 3 / 20 - 09:08 )
فهو موقع يساري يقرأه
الكثيرون ويحتاج صوتكم وصوت اليساريين الصادقين كالاخ احمد الناصري..لقد اطلعت على موقعكم الجديد اليسار العربي فوجدته خليط بين اليسار والقومية وفيه رتابة وجمود وتكرارلافكار قديمة..فعندما تعودوا اليه بكتاباتكم الواقعية تتقوى يساريته التي تطالبون ويخف تأثير الليبرالية الذي يتزايد..شكرا لعودتكم وتحياتي للاخ احمد الناصري

اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |