الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار .. الأزمة و الفراغ السياسي

إلهامي الميرغني

2009 / 3 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ياسيدنا القادم من بعدي
الصبر تبدد
واليأس تمدد
إما أن تدركنا الآن
أو لن تدركنا بعد
صلاح عبد الصبور
منذ سنوات ونحن نتحدث عن أزمة اليسار عقدنا عشرات الندوات وورش العمل وكتبت مئات المقالات حول أبعاد الأزمة وكيفية بناء يسار جديد . وبدلا من الخروج من النفق المظلم وبناء تنظيم بمستوي المهام المطروحة الآن ، فشل مشروع اتحاد اليسار المصري ، وتعثر التحالف الاشتراكي ، وظلت الحلقات الشيوعية السرية تكافح من اجل الاستمرار يدخلها العشرات ليخرج منها المئات وكأنه قدر سيزيف.وراح فصيل ماركسي يتحالف مع الأخوان المسلمين بينما يردد البعض أنهم يسار ويبشرون بالحوار مع النظام ويستهجنون مقاومة حزب الله وحماس ويرفضون قيام إمارة إسلامية علي حدودنا الشرقية بينما يفسحون المجال لتحويل مصر كلها لإمارة إسلامية بعدم طرح بديل مقنع ومتماسك ، يستنكرون التحالف مع الأخوان ولكنهم مع التحالف مع النظام وإصلاح الرأسمالية التي سنضار جميعاً من انهيارها!!!!!
عندما طرح الزميل خالد الفيشاوي منذ عامين فكرة عمل مؤتمر سنوي لليسار لم نتفاعل مع الفكرة بالقدر الكافي وعجزنا عن تنظيم الحوار ، واستمر افتقادنا لمنبر فكري للحوار ،استمر الانفراط هو السمة السائدة بين صفوفنا والتنظيم هو الصفة الأضعف. وظل تأملنا للصراع بين الرأسمالية الطفيلية التابعة وجماعات الإسلام السياسي دون أن نقدم البديل الثالث .
بعد أن شهدنا صعود حركة كفاية وقضاة مصر مع انتخابات 2005 سرعان ما تراجع هذا الزخم وعاد الفراغ السياسي في ظل مبارة تكسير عظام بين النظام والأخوان وفي ظل عدد من الأحزاب الشرعية العديمة الفاعلية والتأثير والتي أصبحت جزء من لعبة الرأسمالية السياسية رغم كل الجهود التي يبذلها بعض المخلصين للإصلاح في أحزاب منتهية الصلاحية. ولكن ظهور أحزاب جديدة متحررة من الكثير من ميراث الأحزاب القديمة مثل حزب الغد وحزب الجبهة الديمقراطية وحزب الوسط الذين بدأوا التحرك في اتجاه بناء بديل جديد وملئ الفراغ السياسي وكسر ثنائية الصراع بين النظام والأخوان من خلال طرح بديل ليبرالي رأسمالي في جوهره .
توجد عدة متغيرات علينا تأملها منها:
ـ اشتداد أزمة الرأسمالية العالمية وفشل الليبرالية الجديدة في الحفاظ علي التوازن الرأسمالي واختلاله مما اضطر الدولة للتدخل بشدة لإنقاذ النظام الرأسمالي برمته من الانهيار .وشهدت دول الرأسمالية الكبري أكبر حركة تأميمات من أجل الحفاظ علي التوازن الرأسمالي العام والتضحية ببعض المؤسسات الكبيرة من أجل استمرار الرأسمالية كنظام عالمي.
ـ توحش الرأسمالية المصرية التابعة وسطوة رجال الأعمال والتوجه لبيع كل مصر بدلاً من بيع الشركات بالقطعة حيث خرج علينا مشروع صكوك الملكية العامة وخصخصة المرافق والخدمات العامة بكل ما يعكسه من إهدار للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، وتسليع المجتمع واعتماد الربح قيمة عليا لا يعلوا علي صوتها أي صوت . ويكفي مثال صناعة الدواء كنموذج تراجع التصنيع المحلي من 90% في السبعينات إلي 30% الآن وسيصل إلي الصفر عام 2017 . باعت شركة المراجل البخارية بمبلغ 15 مليون جنيه وتسعي الآن لشراء مصنع مراجل من فرنسا تصل تكلفته إلي 3 مليار جنيه . باعت شركات الحديد والاسمنت لنغرق في احتكارات مصرية وعالمية تضاعف الأسعار وأصبح 17 مليون مصري يعيشون في العشوائيات و43% يعيشون دون خط الفقر.

ـ استنزاف الموارد الطبيعية حيث أصبحنا نستورد النفط ونصدر الغاز لإسرائيل ، وسمحت الحكومة بالبناء علي الأراضي الزراعية بينما راحت تستصلح الصحراء بملايين الجنيهات وتعطي المنح لأمراء الخليج وشيوخ النفط ، وسمحت بتملك الأجانب للعقارات لتفجر الأسعار بل وضاربت الدولة نفسها علي الأراضي لتساهم في تعميق الأزمة . كما دخلت مصر نطاق الفقر المائي وأصبح سكان وادي النيل يخرجون في مظاهرات العطش ذلك بغض النظر عن مستوي نقاء المياه وصلاحيتها للشرب وانتشار الأمراض الفيروسية التي تنخر أجسام المصريين حيث يوجد 15 مليون مصر يعانون من فيروسات الكبد.
ـ انتهاء دور الأحزاب القديمة علي اختلاف تلاوينها ومسمياتها. وانتهاء زخم حركة كفاية والبحث عن صيغ جديدة لتجاوز أزمة الحركة . تواكب مع ذلك ظهور أحزاب جديدة استطاعت جذب قطاعات حقيقية من الجمهور خاصة في صفوف الشباب . ولعل ما حدث من شباب 6 إبريل لخير دليل علي ميلاد قوي جديدة تبحث عن البديل .
ـ تفجر حركة احتجاجية واسعة في صفوف الطبقات الشعبية لم تقتصر علي الطبقة العاملة بكل قطاعاتها الإنتاجية بل وامتدت لموظفي الحكومة علي امتداد محافظات مصر وأخرها إضرابات موظفي التعليم .وامتداد احتجاجات الفلاحين والسكان من الدويقة إلي طوسن ومن مساكن الحرية إلي دار السلام ومظاهرات العطش والخبز وإضرابات سائقي المقطورات وميلاد مصر جديدة تنمو من بين تجارب هذه الحركة المتصاعدة.
عكست كل تلك المتغيرات عمق الأزمة التي نعيشها وعندما كتبت مقال في احتفالات مايو الماضي بان الطبقة العاملة لن تنتظر اليسار غضب بعض الرفاق من هذه التشاؤمية. ولكن ذلك لم يمنعني من إنهاء الدراسة التي أعدت عن 6 ابريل من العام الماضي بالفقرة التالية:
" لقد وضع إضراب 6 إبريل الشيوعيين المصريين في اختبار حقيقي ، فالأوضاع الطبقية وصلت لحالة من الاحتقان لم نشهدها من قبل ، والاحتجاجات العمالية والفلاحية والجماهيرية تتوالي كل يوم ، بينما يغيب الحزب العمالي القادر علي طرح رؤية لمصر الاشتراكية . لقد تمت كل مقدمات التغيير وبقي من يقود التغيير.
لقد ضبطنا 6 إبريل ونحن عرايا من ورقة توت تستر عوراتنا أمام الطبقة العاملة والفقراء في مصر. الوضع الذي تعيشه الحركة منذ سنوات وصل لذروته وأصبح لزاماً علينا أن نحدد هل سيكون لنا مكان في مصر الجديدة أم سننزوي إلي مزبلة التاريخ؟!!! هل نحن علي مستوي اللحظة ومستوي طموحات الطبقة العاملة أم إننا أصبحنا خارج الزمن؟!"
ورغم مرور عام علي هذه الصرخة لم أجد مجيب وكأني اعوي في الصحراء .هاهم شباب 6 إبريل يدعون لإضراب عام جديد . ويومياً نشاهد جولات الدكتور أسامة الغزالي حرب والدكتور أيمن نور بين المحافظات لطرح " البديل الليبرالي " والدخول كطرف فاعل في الحركة السياسية . أين اليسار المصري ؟ وهل سنظل نتأمل كثيراً؟!!!

إلهامي الميرغني
17/3/ 2009
[email protected]










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى الباكالوريا- مراجعات في برنامج العربية: الحماسة- التوح


.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي




.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق


.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را




.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض