الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نتانياهو الطامح لأكثر من تشكيل حكومة!

ماجد الشيخ

2009 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


لا يبدو أن نتانياهو سوف يتخطى أجواء الأزمة والشلل في حكومته التي لم تر النور بعد، في ظل انسداد العديد من الطرق، وفشل محاولات إيجاد تشكيلة حكومية مستقرة ومنسجمة على برنامج عمل سياسي شبه موحد، سواء إزاء القضايا الداخلية الشائكة المحفوفة بمخاطر الوقوع في أزمة ركود اقتصادي عميقة، يمكنها أن تستفحل أكثر في غياب المنقذ المأزوم هو الآخر في أوضاعه الاقتصادية المشابهة، أو إزاء قضايا الصراع والمفاوضات مع الفلسطينيين والسوريين، أو حتى إزاء الملف النووي الإيراني وكيفية التعاطي معه، في ظل معطيات أميركية جديدة، تدفع نحو الحوار، وتستبعد حتى اللحظة إمكانية شن ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية، في الوقت الذي تجهد فيه طهران للتأكيد على سلمية برنامجها النووي، وإن لم تستطع الإفصاح عن طموحاتها المضمرة، فيما تلح إسرائيل من جهتها على التلويح بخطورة هذا البرنامج على أمنها الإستراتيجي.

وبعد كل تلك المشاورات والاتصالات بالكتل الأساسية في الكنيست، يبدو أنه بات من الصعب الوصول إلى اتفاق ائتلافي موسع، رغم المحاولات المحمومة للاتصال ثانية بالكتل التي رفضت دخول الحكومة حتى الآن، ما يضع نتانياهو على حافة اليأس من إمكانية تشكيل حكومة موسعة ومستقرة، خصوصا في مواجهة التحديات الكبرى التي سبق له وأن حددها، وما يني يحددها ويؤكد عليها منذ العام 1999، عام خروجه مدحورا من رئاسة الحكومة أمام إيهود باراك.

من هنا اعتبار عوفر شيلح (معاريف 23/2) أن نتانياهو أمام قرار مصيري، ففي عهده ستواجه إسرائيل التهديد الأكثر تعقيدا الذي يقف أمامها منذ أيامها الأولى: ماذا نعمل وماذا لا نعمل، من يعمل أو لا يعمل إزاء التهديد النووي الإيراني، أي قرار سيتخذه نتانياهو سيكون قرارا غير مسبوق، وهو من جهته "يأمل في أن تساعد إدارة أوباما في حل المسألة من أجلنا ومن أجله، إذ أن الأمر أكبر كثيرا من كونه مشكلة تخص إسرائيل".

في مطلق الأحوال لا يبدو أن نتانياهو بائتلافه الحكومي الوليد، سوف ينجح في تبني برنامج سياسي واضح، للتعاطي مع ملفي التفاوض مع الفلسطينيين والسوريين، رغم وجود توجهات أميركية تحاول تحريك أوضاع التفاوض عبر مبعوثها الخاص للمنطقة جورج ميتشل وإقامته أو فتح مكتب دائم له في القدس.

وفي حين أكد المبعوث الأميركي أن واشنطن لا تزال ملتزمة شروط الرباعية الدولية، وأن الموقف سيبقى على ما هو عليه مع تشكيل حكومة وحدة فلسطينية، إذا ما نجح الحوار ولجانه في التوصل إلى إقامة مثل هذه الحكومة، اعتبر نتانياهو أن استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ستؤدي إلى التطرف في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولذلك يجب عدم تشجيع حصول ذلك. ولهذا استبق تشكيل مثل هذه الحكومة كثمرة للقاءات الوحدوية الفلسطينية، ليعيد التذكير بالاشتراطات الدولية السابقة، قائلا بأن تلك الحكومة عليها الالتزام بشروط الرباعية الدولية، وذلك بمقابل التزامه هو وحكومته العتيدة بكل الاتفاقيات التي التزمتها الحكومة الإسرائيلية السابقة، الأمر الذي اعتبرته التقارير والتحليلات الإعلامية الإسرائيلية رسالة إلى الإدارة الأميركية وإلى رئيسة حزب كاديما بشأن موقفه مما يسمى بالعملية السياسية مع الفلسطينيين.

وإذا كانت التشكيلة الحكومية تمثل أحد أول وأبرز التحديات التي تواجه نتانياهو، فإن التحديات الأخرى التي تواجه إسرائيل، لا تقل مصيرية، حيث يواجه نتانياهو قائمة أولويات سوف يكون من الصعب الاختيار أو المفاضلة بينها، بدءا من الملف النووي الإيراني الذي يعتبره التهديد الأكبر على وجود إسرائيل منذ ما أسماها حرب الاستقلال عام 1948، والأزمة الاقتصادية الأشد منذ 80 عاما تهدد أماكن عمل مئات آلاف الإسرائيليين.

وفي هذا الصدد يوضح رئيس هيئة الأمن القومي السابق الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند، أن هناك أربع مسائل خلافية بين الحكومة الإسرائيلية القادمة وإدارة الرئيس باراك أوباما، الأولى تتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، والثانية بشأن الملف النووي الإيراني، والثالثة تتعلق بعلاقة واشنطن بسوريا ولبنان، فيما تكمن المسألة الخلافية الرابعة بالأزمة الاقتصادية.

وإذا كان نتانياهو لم يتطرق إلى عملية التفاوض مع الفلسطينيين أو السوريين، فإن مواقفه المعارضة للتنازل عن أية أراض للفلسطينيين أكثر من معروفة، وهو في دعمه للاستيطان، يفضل التركيز على دعم اقتصاد الضفة الغربية بدلا من التعامل مع قضايا التسوية والمفاوضات الشائكة. وهو هنا سيدخل في تعارض واضح مع الإدارة الأميركية الجديدة التي أوفدت مبعوثا خاصا منذ بداية عهدها، تعبيرا عن أن "عملية التفاوض وإقامة دولة فلسطينية يتصدران أولوياتها".

وسط كل هذه المصاعب، يبدو التمنّع من دخول الحكومة من جانب ليفني وحزبها، وحزب العمل، وحتى اشتراطات ليبرمان التي استجيب لها نظرا للحاجة الليكودية الواضحة لتشكيل حكومة يمينية بأي ثمن، هذا التمنّع يحمل أكثر من طموح رؤية الانتخابات القادمة وقد حان أجلها، وذلك في محاولة للقفز إلى موقع رئاسة الحكومة، وهذا ليس طموح ليفني أو باراك وحدهما، وإنما هو طموح ليبرمان أيضا.

أما هوس البقاء في صفوف المعارضة لدى ليفني، فهو نابع من محاولة التأكيد على التمايز السياسي عن برنامج الليكود، وبالتالي عن برنامج الحكومة القادمة، فهي لا تريد أن تسجل على نفسها أو على الحزب الذي باتت تقوده، أنهما يمكن أن يتماهيا أو يتطابقا برنامجيا مع حزب خرجوا من صفوفه، ليشكلوا حزبهم "الوسطي" الذي أرادوه مختلفا ومتمايزا عن أحزاب اليمين الديني أو أحزاب اليمين القومي المتطرفة، لا سيما إزاء المسار التفاوضي الفلسطيني أو حتى السوري.

من هنا رهانها على عدم مقدرة نتانياهو تشكيل حكومة يمكن أن تعمّر طويلا. حتى باراك نفسه يأمل أن تكون حظوظه أعلى في الانتخابات المقبلة، أقله لجهة التأثير على التشكيلة الحكومية التي يمكن أن تأتلف على برنامج هو أقرب إلى برنامج حزبه، من ذاك البرنامج الذي يمكن أن يكون نتاج ائتلاف قوى اليمين الديني والقومي، في إطار حكومة تفتقد للوضوح السياسي، في ظل ليكود نتانياهو الساعي للتمايز جديا هذه المرة عن حلفائه من اليمين، نظرا لطموحات احتفاظه بالسلطة، من أجل تنفيذ دور أناطه نتانياهو لنفسه ولائتلافه الحكومي الذي لم ير النور بعد، يتخطى فيه ذاته الكاريزمية في استعلائها ورؤيتها "الخلاصية" نحو قيادة إسرائيل للخروج من أزماتها القانونية ومآزقها السياسية والاقتصادية وعلاقاتها بالعالم الخارجي، وضمن ذلك حسم الملف النووي الإيراني، في ظل قيادة جديدة تتحكم بمصادر القرار في البيت الأبيض، وتدفع نحو الحوار حتى الآن، نظرا للمخاطر الجمة التي يمكنها أن تلحق أضرارا أوسع بإسرائيل ومن كل الجهات، إذا ما اعتمدت الخيار العسكري، كما كانت تمني النفس حتى عشية رحيل جورج بوش الابن من البيت الأبيض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن