الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نحن على الطريق الصحيح؟!

جان كورد

2004 / 4 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يبدو أن جملة من المسائل المتعلقة بالنضال من أجل الديموقراطية في بلادنا سوريا لا تزال غير واضحة في أذهان الكثيرين من الكوادر التي تعتبر نفسها ديموقراطية السلوك ومتحررة من ظلام النظم الشمولية التي سيطرت أمداً طويلاً، لا على حياة البشر فحسب، وإنما على عقولهم وطريقة تفكيرهم أيضا.
ولابد من الإسهاب – أحياناً- في شرح مختلف الموضوعات التي لا بد لنا من معالجتها الآن لكي لا نضطر مستقبلاً لمواجهة الكثير من العقبات وتخطي الأزمات التي سنتعرض لها بسبب إهمال ما نراه ضرورياً للتوضيح الآن.
ومن هذه المسائل:
- كثيرون ممن يدّعون بأنهم ديموقراطيون لايزالون يرفضون أن يكون للفرد رأي خاص ونظرة معينة للحياة والأحداث الجارية حوله وأن يبني لنفسه طريقة للتفكير، ظناً منهم بأن العمل الحزبي يعني الانصهار في بوتقة نظرة حياتية معينة دون غيرها. فكل إنسان مختلف عن سواه من البشر من حيث التركيب الجسمي والنمو العقلي ودرجة الثقافة والمحيط الذي نشأ وترعرع فيه والقيم التي يحملها والفئة الاجتماعية التي ينتمي إليها، لذلك فلا يمكن أن يكون الجميع على رأي واحد أو لهم فلسفة معينة.. وهذا طبيعي جداً يجب أخذه بعين الاعتبار وإلا فإننا سننشىء تركيبة حزبية من طراز النظم الشمولية التي نعمل على إنهائها وازالتها..
- موضوع رفض العلاقة مع العنف والقوى والمنظمات والأشخاص الداعين للعنف تحت إسم النضال الديموقراطي أو العمل من أجل سورية ديموقراطية، فالعلاقة مع الذين يدعون للعنف أو يؤكدون باستمرار على دوره الهام وضرورة ممارسته هو بمثابة تقديم التنازل للاتجاه الذي يستهين بدور الحوار الديموقراطي الهادىء ويلجأ إلى استخدام القوة لاملاء شروطه وتحقيق أهدافه وتقليم أظافر الخصم عن طريق القهر والإكراه.
إن هذا يبعدنا كثيراً عن اساليب النضال الديموقراطي الذي يرفض نهج القوة وفرض الرأي عن طريق القسر، ولكن هذه الأساليب المرفوضة تختلف في كثير عن مبدأ "الدفاع عن النفس" الذي تقرّه سائر التشريعات ولا ترفضه الديموقراطية أيضاً، بل هي أساس متين وثابت من أسس الحفاظ على النظام الديموقراطي، فهجوم النازية والفاشية والعسكريتاريا اليابانية تم رده بقوة وحزم من قبل النظم الديموقراطية. وعلينا التوضيح بشكل جيد والتفريق بين مبدأ الدفاع عن النفس والالتجاء إلى العنف كوسيلة عن التعبير وأداة للتغيير.. والخلط بينهما يلحق أفدح الخسائر بالحركة الديموقراطية وبأسلوب "العصيان المدني" الذي ندعو إلى ممارسته في وجه الطغيان الحكومي و"إرهاب الدولة" المتزايد ضد الديموقراطيين والحركة الديموقراطية في بلادنا.
- إن النضال من أجل تحقيق الديموقراطية في أي بلد من البلدان مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمجمل الحركة الديموقراطية العالمية، مثلما كان نجاح الاشتراكية مرهوناً بمدى دعم البلدان الاشتراكية لها. وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها أو نسيانها في ميدان اقامة العلاقات مع البلدان الديموقراطية، فإن الحركة الديموقراطية العالمية لن تقبل منا الدخول في أحلاف مع القوى والمنظمات والشخصيات المتطرفة أو المعادية للدول الديموقراطية أو المساهمة بشكل أو آخر في الأعمال الارهابية أو تلك المنظمات الداخلة في اللائحة السوداء من قبل القوى الديموقراطية العالمية، سواء اعتبرنا نحن تلك المنظمات إرهابية أو حركة تحرر أو تنظيمات ثورية، فالمقياس هنا ليس بأيدينا وإنما بأيدي من هم قادرون على التأثير في معظم الحراك الديموقراطي في العالم، ولهم القوة الكافية لاحداث التغييرات الجذرية في السياسة الدولية. وغمض العين عن هذه الحقيقة سيوقعنا في مطبات نحن في غنى عنها. إن تظاهراتنا وتجمعاتنا واحتجاجاتنا في الخارج والداخل لن تؤتي بثمار مالم نكتسب ثقة القوى الديموقراطية العالمية، ورفضنا العمل على نيل هذه الثقة هو خرق لفكرة "التحالف من أجل مجتمع عالمي حر وديموقراطي" .
- يجب أن لا تخيفنا التهم والادعاءات الباطلة حول "العمالة للأجنبي" و"الاستقواء بالخارج" فهذه التهم أطلقت من قبل على غيرنا في الحركة الوطنية الكردية وغيرها، وكان وصف " الملا الأحمر" يلاحق البارزاني الخالد مرافقاً لوصف "عميل الامبريالية والصهيونية" في نفس الوقت، وليست هناك حركة تحرر وطني لم يتم نعتها بالعميلة للأجنبي. وهناك من يرى بأن لا تحرر داخلي دون مساعدة خارجية، والذين هم مطلعون على تاريخ الأحزاب الشيوعية يعلمون ماذا كان يوجه لكوادرها أمام محاكم أمن الدولة في مختلف بلدان العالم، حتى في الدول المتقدمة وعياً وسياسة..
واليوم فإن القوى المعادية للديموقراطية وتلك التي تفسر الدين تفسيراً دكتاتورياً ومعادياً لمبدأ "التعارف" الحضاري وتخدم بمجمل تصوراتها المتخلفة للمجتمع المدني وبحراكها المحدود الأفق النظم الدكتاتورية بحجة حماية "الوطن والدين" ليست لديها سوى اتهامات بحق الديموقراطيين والأحزاب الديموقراطية بالعمالة للدول الخارجية واعتبار أي خطوة باتجاه اقامة علاقات مع الحركة الديموقراطية العالمية "خروجاً عن الملة" في حين أن بعض هذه القوى تحاول تصوير ذاتها كبدائل عن النظم الدكتاتورية وتعمل على اقناع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي بذلك وتقيم الاتصالات بها سراً.
إن معظم التشبيهات التي يقوم بها هؤلاء بين أحداث عصرالإسلام الأول وشخوصه وبين ما يجري في عالمنا المعاصر والمليء بالتعقيدات الكبيرة هو مجرد تبسيط ومقارنة خاطئة تماماً بين عصرين مختلفين عن بعضهما اختلافاً جذرياً من حيث التحديات والمواصفات والتشابك في العلاقات الدولية، ويعبر عن حقيقة فهمهم الخاطىء للدين ورسالته العالمية الأممية.
- بعض قصيري النظر يعتقدون بأن مجرد الخروج إلى ساحة النضال ببرنامج ديموقراطي كاف لأن يقنع الحركة الديموقراطية العالمية بأن أصحاب هذا البرنامج ديموقراطيون يجب مناصرتهم ودعمهم مادياً ومعنوياً. إن تجربة الديموقراطية الكردية منذ قيام جمهورية كردستان في مهاباد عام 1946 وحتى إسقاط النظام الدكتاتوري البعثي في العراق مؤخراً تجربة غنية بالدروس وتثبت بأن بناء الثقة يتطلب عملا دؤوبا وطويل الأمد وعلى دعاة الديموقراطية تحمل الكثير من المتاعب وحل سلسلة من الاشكالات والتحلي بالصبر. وإن الثقة بالديموقراطية الكردية في جنوب كردستان لم تبن بين ليلة وضحاها، وهذا يستدعي توضيح منهجنا الديموقراطي وبناء علاقاتنا مع الديموقراطيين والحركة الديموقراطية العالمية وكذلك ممارسة العمل الديموقراطي في داخل تنظيماتنا وفي مجتمعنا الذي نعيش فيه ونعمل ضمنه.. فلا ديموقراطية دون منهج ديموقراطي وعلاقات مع القوى الديموقراطية وممارسة ديموقراطية...
- الديموقراطية تحتاج إلى أداة ديموقراطية وهي التنظيم ولذلك فإنها نهج للحياة التنظيمية لا يمكن أن تمارس في القاعدة دون القيادة أو على العكس، لذا من الضروري بناء مؤسسة حزبية ديموقراطية بكل معنى الكلمة، وهذا يتطلب تكوين منظمات شعبية ديموقراطية واتحادات تشارك الحزب في تنفيذ مهامه وتشرف على حركته من خلال هذه المشاركات العملية الفعالة والتأثير في مساره بحيث يخضع باستمرار لانتقادات ومطالب القواعد الشعبية كما أن هذه المنظمات التي من المفروض أن تمارس أعمالها بشكل ديموقراطي نظراً لطبيعتها المختلفة عن الحزب ستهيء له الكوادر المستقبلية من خلال التعامل والتفاعل اليومي مع الحزب.
- وأخيراً: لا بد من توعية دائبة ومستمرة على كافة المستويات الحزبية من أجل بناء كادر ديموقراطي واع يدرك حجم المسؤوليات الجسام الواقعة على عاتق الحزب والمنظمات الديموقراطية، ويملك الذخيرة الثقافية التي تؤهله لتوعية القواعد ونشر الديموقراطية في محيطه وتسيير الأمور بصورة متحضرة، بحيث يتحول الحزب كونه أداة سياسية للتغيير الديموقراطي الصحيح في المجتمع إلى مدرسة حضارية للأجيال الناشئة بحيث تمتزج بروح الحزب وتسير معه وتعمل من أجل اغنائه وتطويره ودفعه على طريق مهامه الوطنية الديموقراطية العظيمة.
وبدون هذا الوضوح في الرؤية لا يمكن بناء حركة ديموقراطية ولا نستطيع السير خطوات جادة على طريقنا الذي اخترناه، طريق البديل الديموقراطي الذي ندعو الشعب إليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاتس: تركيا رفعت العديد من القيود التجارية المفروضة على إسرا


.. واشنطن تفتح جبهة جديدة في حربها التجارية مع الصين عنوانها ا




.. إصابة مراسلنا في غزة حازم البنا وحالته مستقرة


.. فريق أمني مصري يتقصّى ملابسات حادث مقتل رجل أعمال إسرائيلي ف




.. نزوح الأهالي في رفح تحت القصف المستمر