الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتبهوا.. إنهم يسرقون الحلم!

إكرام يوسف

2009 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


أخبرني شاب من أبنائنا الأنقياء، الذين لم تلوثهم بعد حسابات المكسب والخسارة، أن "بعض" أصدقائه من النشطاء المعارضين، تلقوا دعوات من مؤسسة أمريكية تسمى "فريدام هاوس" للحصول على دورات تدريبية في الإصلاح. وذكر الشاب أنه سمع بالصدفة عن أصدقاء وصلتهم هذه المنح لكنهم يعتبرونها سرا ولا يتحدثون عنها. وفي الأعوام القليلة الماضية،سمعنا عن حالات مماثلة تزايدت على نحو ملفت، يظهر فيها تعمد إغراء شباب المعارضين بمنح دراسية أو فرص عمل مغرية في بعض مؤسسات ما اصطلح على تسميته بـ "المجتمع المدني".. واستفحل الحال على نحو بات يستدعي انتباه من كل من يهمه مصلحة هذا الوطن.
ونعلم جميعا ما روجت له الإدارة الأمريكية السابقة، من ضرورة ضمان أمنها عبر نشر الديمقراطية في الدول "المعادية". وتبنت الوكالة الأمريكية للتنمية (إيد) هذا الموقف، فأصدرت في يناير 2003 تقريرا تحت عنوان "المساعدة الدولية باسم المصالحة الدولية"، الذي تحدث عن دعم برامج "الإصلاح" التي تطبقها المؤسسات غير الحكومية في البلدان المستهدفة. وشرح التقرير كيفية استغلال هذه المؤسسات، لفرض قيادات إصلاحية (وفق المصلحة الأمريكية)، موضحا أن " مساعدة كهذه تعد استثمارا لأجل المستقبل، عندما يسفر عن تغييرات سياسية تمنح السلطة الحقيقية للإصلاحيين." وهي في واقع الأمر ليست سوى محاولات لشراء ذمم المعارضين، أو غسل أدمغة الشباب لإلهائهم عن مطالب التغيير الحقيقية، والاستعاضة عنها بديكور إصلاحي يهدف لاستبدال حكام فاسدين وعملاء، بحكام آخرين لا يقلون فسادا ولا عمالة، لكنهم يتسترون وراء أقنعة براقة، سرعان ما ستنكشف ولكن بعد أن تكون الفأس وقعت في الرأس.
والطريف أن الولايات المتحدة لا تخفي مخططاتها بهذا الخصوص، ليس بداية من حديث كولن باول عن "إعادة رسم خريطة المنطقة"، ومشروع "الشرق الأوسط الكبير" الذي طرحه بيريز عام 1994 وتلقفته الإدارة الأمريكية لتروج له باسم "الشرق الأوسط الجديد" الذي تنتفي معه هوية العالم العربي والمواطن العربي والدول العربية، لتحل محلها هوية شرق أوسطية تضمن تكريس الوجود الصهيوني وهيمنته على المنطقة، مرورا بالدعوة إلى "الفوضى الخلاقة، وليس انتهاء بإعلان الخارجية الأمريكية عن مخصصات بعشرات الملايين من الدولارات لدعم وتمويل وسائل إعلام عربية بهدف تجميل الوجه الأمريكي القبيح. ورغم أن واشنطن لم تشغل نفسها بتبرير مخططاتها، فقد تولى عنها المهمة أصدقاؤها المحليون، محاولين الترويج لتقاطع، يزعمونه، بين المصالح الأمريكية ومصالحنا الديمقراطية!
وليست محاولات استقطاب أبنائنا النشطاء عبر إغرائهم بالمنح والسفريات بدعة جديدة ضمن وسائل الهيمنة الثقافية والسياسية. فهي تكرار لما تم في جورجيا 2003 من استقطاب مجموعات من الشباب تحت سن العشرين، وتمويل حركتهم "كاراما" والإنفاق على احتجاجاتهم واعتصاماتهم، لحين قيام ما أسموه "بالثورة القرنفلية"، وتنصيب ساكاشفيلي المرضي عنه أمريكيا، والذي كانت مؤسسة "المجتمع المفتوح" لصاحبها الملياردير جورج سورس ( وثيق الصلة بالمخابرات الأمريكية) تكفلت بتمويل دورة تدريبية له في بلجراد، لدراسة "كيفية إقامة ثورة مخملية". وهي تشبه ما وقع في صربيا ضد ميلوسيفيتش عام 2000 من حركة"أتبور" التي تلقى نشطاؤها أيضا دورات من أجل تكوين "أطر مستقبلية للثورة غير العنيفة" مدعومة أيضا من جورج سوروس.
وظهر اسم "سوروس" أيضا في دعم ما أطلق عليه "الثورة البرتقالية" في أوكرانيا، التي نجحت في تنصيب "فيكتور يوشنكو"، الحائز على لقب "إصلاحي" ايضا وفق التعريف الأمريكي، وكان ضمن أعضاء المجلس الاستشاري لمنظمة "المركز الدولي للدراسات السياسية" الممولة من قبل الحكومة الأمريكية عبر "مبادرة التعاون بين بولندا وأمريكا وأوكرانيا"وهي مؤسسة تدعمها الوكالة الأمريكية للتنمية، وتشرف عليها مؤسسة "فريدوم هاوس"، التي تقدم المنح الآن لأبنائنا النشطاء!
ورغم أن التجربة أثبتت خطأ إطلاق لقب "ثورة" على ما حدث في أوكرانيا أو جورجيا، لأنها لم تسفر عن تغيير حقيقي، لصالح الشعبين، وإنما عن مجرد تغيير شخص الحاكم بشخص آخر حليف لواشنطن، سرعان ما كشفت الأحداث أنه ليس أقل فسادا من سابقه؛ إلا أننا مازلنا نسمع دفاعا مستميتا من البعض، وتبريرا لمد اليد خارج الحدود والحصول على تمويل أجنبي بدعوى الإصلاح! ولكنها في الحقيقة محاولة لخنق براعم الثورة الحقيقية، باستغلال معاناة شباب غاضب على ما يعانيه من أوضاع قاسية، ومحاولة سلب وعيه ، قبل أن ينضج ويهتدي لطريق التغيير الحقيقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حلم إيه يا ست إكرام!
سلام فؤاد ( 2009 / 3 / 20 - 22:14 )
حلم إيه يا ست إكرام اللي إنتِ بتقولي عليه.. هو بقى في حلم في ظل حكم العكسر المصري!! السياسة - يا ست إكرام - ما فيهاش حاجة إسمها كراهية.. السياسة فيها مصالح وبس. فإذا كانت مصلحة الديمقراطية، في مصر، تقتضي الحصول على ضغط أو مساعدة خارجية، فكان بها..وأرجو تصدقيني لما أقولك، مصر لوحدها مش حتقدر أبداً تعرف حاجة إسمها (( ديمقراطية )).. طب قوليلي، هو حصل في تاريخ مصر أن تنازل أحد الفراعنة عن الحكم لحالو أو من حالو؟ الجواب ببساطة : ده محصلش أبداً في تاريخ مصر.. وعشان كده مصر محتاجة للضغط أو المساعدة الخارجية حتى تقدر تحقق الإصلاح الديمقراطي.


2 - طواغيت ×طواغيت
حسين علي الحمداني ( 2009 / 3 / 21 - 11:49 )
على ما يبدو فان الست اكرام تخشى على مستقبل مصر من الضياع وتحاول جاهدة اقناع القارىء بان الذي سيحصل بعد عام او عامين بالكثير هو من تدبير أمريكا والغرب وأؤيد التعليق السابق بان التغير لا ياتي من الانظمة بل الشعب العربي بالذات لا يستطيع ان يغير لا بالثورات التي تقع قبل اندلاعها ولا بصناديق الاقتراع المحسومة سلفا لهذا يلجأ المثقف والسياسي المعرض العربي الى طاغوت يزيح طاغوته


3 - خراب مصر
انجي توفيق ( 2009 / 3 / 21 - 12:20 )
خراب مصر منذ اربعين عام متأتي من وجود اعداء ودائما اي اصلاح يحدث يقابله اقلام تحاول لصق صفة العمالة على المصلحين لهذا نطالع يوميا عشرات المقالات في الصحف والمواقع التي تحذرنا نحن من مغبة اي تغيير في هرم السلطة في مصر لان التغيير كما يقولون سيجعلنا مش ح نقدر نحصل على رغيف !!لهذا فان فراعنتنا يوفرون لنا الرغيف ويسلبوننا الكرامة


4 - وماذا بعد
علي ديوان ( 2009 / 3 / 21 - 14:36 )
سيدتي العزيزة
تحية لك وللجهود الطيبة التي تبذلينها في سبيل بذر جهود التغيير من اجل مستقبل افضل لمصر وللعالم اجمع ولكن, لا يستطيع القاريء الا ان يفهم من مقالك لهذا اليوم الا معارضة لكل ما يصب في اتجاه الاصلاح في مصر عن طريق النضال المدني السلمي. اذ ان المقال يعمم كل من يعمل في هذا المجال يقع تحت طائلة --محاولات لشراء ذمم المعارضين، أو غسل أدمغة الشباب لإلهائهم عن مطالب التغيير الحقيقية، والاستعاضة عنها بديكور إصلاحي يهدف لاستبدال حكام فاسدين وعملاء، بحكام آخرين لا يقلون فسادا ولا عمالة، لكنهم يتسترون وراء أقنعة براقة، سرعان ما ستنكشف ولكن بعد أن تكون الفأس وقعت في الرأس.-- ويصعب على المواطن ان يتصور وضعا اسوا مما نحن فيه الان، ولا اعتقد ان القاريء يميز كذلك طريق اخر واضح مقترح ،من اجل احقاق التغيير المنشود، اذ ان المقال لم يحدد المحاذير فقط في التعامل مع المؤسسات الاميركية التي تدعي دعم مشاريع الاصلاح والتغيير ( رغم ان المثل المصري يقول امشي ورى الكذاب لحد الباب) اي امكانية التعامل فيما لو تطابق ما تجده مؤسسات الاصلاح في الداخل مع المؤسسات الخارجية ووقف هذا التعاون فورا، فيما لو تم التجاوز على المباديء الاساسية للاصلاح، او التاثير على القرار والاستقلالية الداخلية لصالح الجهات ا

اخر الافلام

.. نتنياهو يحل مجلس الحرب بعد أسبوع من تقديم غانتس استقالته


.. كأس أمم أوروبا2024: مواجهات مثيرة في الجولة الأولى ورهانات س




.. هل تريد أن تتقدم في السن بطريقة صحية؟ ابتعد عن التلفاز


.. بعد سيطرتها على الجانب الفلسطيني.. إسرائيل تحرق معبر رفح




.. تقارير أميركية تتهم إسرائيل بتعطيل صفقة تاريخية مع السعودية