الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المزاج العام في العراق ليس اسلامياً

عبدالله صالح
(Abdullah Salih)

2004 / 4 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


هناك في العراق قطبين مختلفين على الساحة السياسية يطرحان بديلين مختلفين لتنظيم حياة البشر في هذا البلد ، القطب العلماني التقدمي والاشتراكي ، رغم عدم بروزه بالشكل المطلوب وافتقاره الى التنظيم ، الا أن وجوده حقيقة واقعية نتلمسها ونحس بها يوميا .
القطب الآخر هو القطب الرجعي المتخلف الظلامي الذي يحاول جاهدا استغلال الظروف المأساوية الحالية التي يمر بها العراق من أجل تثبيت بديله وتمريره ويستعجل في الامر كي لا تفوته الفرصة وينفتح المواطن العراقي على العالم من خلال وسائل الاتصال الحديثة التي لا بد لها ان تغزو العراق عاجلاً أم آجلاً ، وهو يستعجل الامر قبل استتباب الامن وقبل ان ينظم القطب الانساني صفوفه ويصبح بديله مطلباً يتبناه غالبية سكان العراق فتفوتهم الفرصة.
الصراع الذي تخوضوه قوى القطب العلماني اليساري ضد جحافل الجهل والظلام والتخلف ، ضد الرجعية المعادية لحقوق المرأة ومساواتها التامة بالرجل داخل العراق هو صراع واقعي . البديل الرجعي الذي تقوده قوى الاسلام السياسي يطرح نموذجا للحكم وشكلاً من التنظيم لحياة البشر موجود حاليا في ايران حيث حكم الاسلام ، وكان في افغانستان زمن طالبان وهو موجود بدرجات متفاوتة في العديد من الدول العربية. هذا النموذج للحكم يرفع أول ما يرفع شعار معاداة المرأة وتجسيد عبوديتها المزدوجة ، فالاسلام اساسا نظام عبودي يعبد فيه الانسان الرب ، أما بالنسبة للمرأة فهي عبدُ العبيد ، وهو ما تؤكده التقاليد والاعراف الاسلامية باعتبار المرأة كائنا أقل شأنا من الرجل حسب ما جاء في القرآن " الرجال قوامون على النساء ". ان غصب حرية المرأة وعدم مساواتها بالرجل هي المهمة الاولى لتلك القوى الظلامية حين تستولي على السلطة وحتى قبل ذلك كما يحدث اليوم ، فالسيطرة على المرأة بواسطة ابيها وأخيها ومن ثم زوجها من خلال الاعراف والتقاليد والسنن الرجعية يحقق لتلك القوى عدة أهداف سياسية واقتصادية واجتماعية منها على سبيل المثال لا الحصر ، السيطرة على نصف المجتمع بواسطة نصفه الآخر، سيطرةً تؤدي الى كبح جماح اعتراض ذلك النصف وفرض قبول الامر الواقع عليه ، وهو ما يوفر على هذه القوى ، حين تستولي على السلطة ، اموالا يجب ان تصرفها على المؤسسات القمعية بشتى اشكالها من اجل تأمين هذه السيطرة ، وهذا يعني باختصار تجنيد جيش من الرجال لاداء مهمة قمعية بشكل طوعي ودون تدخل مباشر من الدولة . الرجال الذين يؤدون هذه المهمة اللاانسانية بوعي أو بدونه هم أدوات تنفيذ سياسة رجعية حتى النخاع .
المجتمع في العراق كان ولايزال مجتمع التمدنِ والتحضرِ وهذا ما يشهد به التاريخ على مر الزمان ، وهو ما يجعله حساسا حين يُراد فرض قوانين غير حضارية عليه ، قوانين لا تليق بالبشر، افشال القرار الرجعي المرقم 137 لمجلس الحكم والخاص بالاحوال الشخصية ، نتيجة النضال والاعتراض ، وحمل مجلس الحكم على التراجع عنه، كان انتصارا للمرأة وبالتالي للقوى العلمانية واليسارية والتقدمية ، بالمقابل فانه يعتبر ليس فقط انتكاسة للقوى الظلامية وانما بطاقة حمراء من المجتمع بوجه هذه القوى مفادها انها ليست قادرة على اللعب بمقدرات المجتمع وبالاخص المرأة . كما وان استطلاعات الرأي التي تجريها بين الحين والآخر مؤسسات اعلامية عالمية في مختلف محافظات العراق ، كلها تشير الى رفض غالبية المجتمع لسلطة الاسلام والحكومة الاسلامية في العراق وهو دون شك تعبير عن المزاج العام السائد في الشارع العراقي.
ان القوى الاجتماعية المتنفذة التي تمتلك قاعدة اجتماعية واسعة لا تلجأ ابدا الى استخدام القوة في فرض اعرافها وسننها وتقاليدها ، وانما المجتمع يتقبلها طواعية باعتبار هذه السنن من صلب قناعاتها بهذه القوى السياسية ، اذا فعندما يلجأ تنظيم سياسي ما الى القوة لفرض تقاليده وسننه ، فهو بذلك يثبت هامشيته وبعده عن الواقع الاجتماعي .
ان ما يقوم به الاسلام السياسي اليوم في العراق وبالتحديد في بعض المحافظات الجنوبية كالبصرة والناصرية والعمارة أو في بعض المؤسسات الحكومية كالجامعة التكنلوجية مثلاً في فرض الحجاب بالقوة ، انما يوضح بجلاء كون هذا المجتمع يرفض هذه السنن والاعراف الرجعية ويتصدى لها ،لذا تضطر هذه القوى الى فرضه بالقوة ، ان فرض التراجع على هذه القوى الظلامية لا يمكن تحقيقه بالكامل سوى عن طريق النضال من أجل الأتيان بحكومة علمانية يفصل فيها الدين عن الدولة وعن التربية والتعليم وهو ما تصبو اليه كل القوى التقدمية والاشتراكية والعلمانية وغالبية الجماهير في العراق.
‏04‏/04‏/2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على تفاصيل كمين جباليا الذي أعلنت القسام فيه عن قتل وأس


.. قراءة عسكرية.. منظمة إسرائيلية تكشف عن أن عدد جرحى الاحتلال




.. المتحدث العسكري باسم أنصار الله: العمليات حققت أهدافها وكانت


.. ماذا تعرف عن طائرة -هرميس 900- التي أعلن حزب الله إسقاطها




.. استهداف قوات الاحتلال بعبوة ناسفة محلية الصنع في مخيم بلاطة