الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريق الى مدينة المحرومين

كريم الثوري

2009 / 3 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الطريق الى مدينة المحرومين

استفاق على وقع اذان الفجر ‘ انها الليلة الاولى التي طالما حلم بها‘
النوم فوق سطح الدار‘ منذ عشرين سنة يحلم بنورية جارته التي تزوجت
وانجبت وزوجت ابنها ‘ما فارقته طلتها من فوق السطح تستدعيه لغواية تتغنج
وهي تفتعل طرد بقايا النوم العالق في جسدها المتوج حينما كانت تغرس عشر
اصابعها في شعرها الكستنائي ثم تعيد توليف ثوبها المكركش بعدها تلتوي
بحركات رومانسية لتعيد تنضيد الفرش والوسائد والاغطية وتجمعها في مكان
منزوي ثم ترمي الشرشف على ما جمعت‘ بكى كما لم يبك من قبل حينما استدق
جرس أذان الفجر في مخيلته فتصاعد والنشيج فاستفاق المحبون من حوله ثمة
مفاجأة ( سارة او غير سارة) اخيرا تساقطت دموعةوبغزارة هتفوا مجتمعين .
لآذان الفجر وهو يباغت سبات ما قبل شروق الشمس وقع فريد لا يمكن وصفه
بكلمات مهما تناسقت وتناغمت خاصة حينما يكون النوم على سطوح المساكن
الشعبية ففيه تُختصر كل سنين العمر بدقائق معدودات‘ الله اكبر وكأني
اجمع كل وجع الغربةحتى الوصول لخير العمل‘ تلك الحائلة في صراع الاخوة
الاعداء ما اجمل دغدغتها في النفوس التي تنعم بدفى الاستلقاء‘ احيانا كان
يُخيل اليه انه قد لبى النداء فيبقى في سريره مستلقياً ويحلم كانه توضا
وصلى ورجع الى نومه. بكيت كما لم ابك من قبل سالت دموعي والجميع مذهول من
حولي انه يبكي... يبكي بحق اخيرا تساقطت دموعة ,اي قشعريرة سرت في جسدة
المرمل اوصلته بينابيع الدموع فاستدعتها ليوم لم ولن يتكرر ما حييت.....
قالت شقيقته وهي تواسيه باسراب دموع موازية لم يبك يوم استقبلناه في
سفوان الحدود حتى انه لم يعد يتذكر ملامحنا فارتمينا حوله نبكي ونقطع

اوصاله نتبرك بها كَولًيٍ منتظر عاد ليرطبنا فرحا وسرورا بعد ما يأسنا من
عودته. ما القوة الدافعة التي حركته الان واللحظة بالذات؟:

- حيا على خير العمل

.


******
حينما عقدت العزم على الذهاب الى مدينة الثورة لم يباركني احد فالجميع
شحوا بوجوههم عني قالوا عليك ان تخلع ملابسك اولا وتستبدلها باسمال بالية
وان تغير شكل حذائك المدبب من الامام وتنتعل الكيوة او الشحاطة وان تنزع الجًل عن
شعرك وتربي لحيتك ثلاثة ايام عجاف وتمتنع عن الاكل يومين ليصفر لون وجهك
ويذبل عودك وتتختم باليمين بالشذر الاصفهاني او الفيروزي وتتناول حبتي
فاليوم لكي لا تصاب بعقدة الازدحام وارهاصات الحمايات الخاصة وتغفو حتى يصل
الباص الذي يقلك عند ساحة مظفر سوف تُباغَت من حيث لم تحتسب وانت
على مراى ومسمع مسيرات زوبعات التراب واالنفايات. نزلنا في البوابة
الرئيسية لدخول عاصمة المحرومين وتلقفتنا الباصات المزنجرة المتاكلة كل
حسب وجهته اما كيف تسير عجلاتها فحدث ولا حرج :
مدينة الصدر داخل
مدينة الصدر جوادر
مدينة الصدر كيارة شركة
ياربي بوابة واحدة لخمسة ملايين نسمة , أيُعقًل هذا ؟استدعيت غزة لتعلم
وتتعلم فنون الصبر وتخبر حماسها ما لا عين رات ولا اذن سمعت وتشكر ربها
عدد نفوسها كل يوم سبت؟
أسفي لم اجلب كامرتي معي والتمست العذر لنفسي وماذا عساي ان اصور واصور‘
مسيرات الرجال وهي تحمل بظائعهااو صُرًر النسوة فوق الرووس المترنحة او
تراكض الاطفال للحاق بابائهم وامهاتهم بملابسهم السريالية وهم حفاة
الاقدام إذ كيف ستُحدد وجهة معينة لالة التصوير حينما يحل الخراب وتنتصر
الفوضى فيتحول المشهد الى هوسٍ من الصعب قولبته او تجسيدة( فالحقيقة لا
يمكن وصفها او توصيفها لانها خارج دائرة السرد كما قال صاحبي احمد عبد
الحسين في ارباب جمشيد)؟.

علي اذن ان اركب سيارة ثانية للوصول الى مرادي وما اشد واصعب ما ينتظرني
فكلما توغلت في عمق المدينة المحاصرة كلما توسع العبث حتى يصل اقصاه قلت
لأواصل السير على الاقدام الى تقاطع الشركة سوك مريدي فلسوف اتذكر
المناطق تباعاً لكني واثناء السير وجدت نفسي عاجزٌ بالفعل عن الاستدلال
فرحت التفت يمينا وشمالاً والكل ينظر اليّ فمن السهل اكتشاف الغريب في
مدينة المحرومين من هدوئه وبطىء خطواته وانشداهه فصرت اسير واسال مستعينا
بما تبقى من ذاكرتي حتى وصلت الى ساحة 55‘ سألتُ احد المارة هل هذه ساحة
55 اجابني بطيبة اهل الثورة الكُرماء أمر خدمة حبيبي وين اتريد ترة اني
بخمدتك مولاي اجبته بخجل لا بس اشو ضيعت شوية تجاوز احراجي واجابني نعم
وصلت شنو رايح لدائرة النفوس‘ لا بس وين الطاسة البيضة؟؟
ضحك ضحكة مجلجلة فضحت اسنانه الصفراء المسوسة اخي شكد صارلك ماجاي للمدينة؟
اجبته 20 سنه تنهد واطرق براسه الى الارض وقال الله يكون بعونكم وبعونه
باعها عدي بسوك الخردة ايام الحصار .........
تذكرت ما قيل يوماً عن المطرب حسن بريسم حينما سكر وفقد اتزانه فقادته
خطواته وجلس عندها فارداً ساقيه كالمكرودات ايام الفواتح وهو يولول
حينما زالت الحكومة السابقة الطاسة البيضة التي كانت تلبي كل احتياجات
مدينة الثورة من الماء:
”ياربي وين اواعد صحباني بعد اليوم كبل جنت اكلهم الكاكم يم الطاسة البيضة
هسه وين اكلهم” واخذ يبكي ويلطم على وجهه المبعثر.
للحديث صلة.

كريم الثوري
مدينة الثورة










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد| اعتراض قذائف أطلقت من جنوب لبنان على مستوطنة كريات شمو


.. حصانة جزئية.. ماذا يعني قرار المحكمة العليا بالنسبة لترمب؟




.. المتحدثة باسم البيت الأبيض تتجاهل سؤال صحفية حول تلقي بايدن


.. اليابان تصدر أوراقا نقدية جديدة تحمل صورا ثلاثية الأبعاد




.. تزايد الطلب على الشوكولا في روسيا رغم ارتفاع سعرها لعدة أضعا