الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحية مشهد من الجسر للكاتب آرثر ميللر: التصادم ما بين القانون والضمير الإنساني

عصمان فارس

2009 / 3 / 25
الادب والفن


التصادم ما بين القانون والضمير الإنساني

للمرة الثانية خلال هذه السنة تعرض مسرحية للكاتب الأمريكي آرثر ميللر وهي مسرحية مشهد من الجسر بعد مسرحيته الأولي موت بائع متجول. وتعرض المسرحية علي مسرح مدينة ستوكهولم بإخراج المخرج السويدي كارل شيلكرين وتمثيل نخبة كبيرة من ممثلي التلفزيون السويدي القناة الرابعة مثل كونيلا رور, كلاس لون مارك، مالين كريسن، يواكيم بنكفيست, ولارس كرين وعدد كبير من الممثلين والممثلات. ويمتاز أسلوب الكاتب الأمريكي آرثر ميللر بالاهتمام عند الكتابة بالمسائل الاجتماعية والنفسية. وأكثر مسرحياته ذات خصوصية تمتاز بالجدية والعمق وقد لا يبدو ذلك واضحاً من النظرة الأولي إلي مسرحياته، ونتيجة لموقفه الاجتماعي والنفسي والأخلاقي تعرض للاستجواب خلال الفترة المكارثية في أمريكا التي تعرض لها الكثير من الكتاب والمثقفين والمهتمين بالطبقات الشعبية أو منتقدي النظام ومسرحيات آرثر ميللر ذات طابع تقدمي مثل مسرحية موت بائع متجول ومسرحية كلهم أبنائي أما مسرحيته موضوع القراءة هنا مشهد من الجسر فلها قيمتها ودلالتها والاتجاه الفلسفي القائم علي التصادم ما بين أحكام القانون الذي شرعه المجتمع وأحكام ومقتضيات الضمير الإنساني الأخلاقي . عرضت مسرحية مشهد من الجسر سنة 1956 في لندن ولقيت نجاحاً باهر وحلقت إلي بقاع العالم كله. والمسرحية من حيث مضمونها الإنشائي الأخلاقي، وتناولت مسرحية مشهد من الجسر القانون الجامد والذي يسنه مجتمع أناني يريد أن يحتكر ثروات القارة الأمريكية لنفسه والمتمثل بقانون الهجرة والإقامة إلا بترخيص خاص . بالضبط كما يحصل الآن في الولايات المتحدة الأمريكية من متابعة واضطهاد للمهاجرين غير الشرعيين كما يدعي النظام الأمريكي في مطاردة ومحاسبة الناس وخاصة العرب والمسلمين بحجة مكافحة الإرهاب والتعامل القسري واللا إنساني مع الكثير منهم . أما بخصوص مسرحية مشهد من الجسر فيجري هذا الصراع وبشكل خفي من خلال بطل المسرحية إيدي العامل في ميناء نيويورك ، عندما يهاجر اثنان من أبناء عم زوجته إلي أمريكا من إيطاليا
أما إيدي فقد قام بتربية وتنشئة وتعليم الفتاة الشابة كاثرين ابنة أخت زوجته والتي توفيت بعد وضعها . وقد أخذ ينمو شعور غريب في نفسه رغم تجاوزه الأربعين في حب الفتاة ، ويظهر ذلك جلياً من خلال المشهد الأول في المسرحية من خلال الاستقبال ولغة الحوار ما بين إيدي والفتاة كاثرين. وتتحول العلاقة في البيت إلي صراع والتعامل بقسوة والضغط المتزايد من قبل إيدي ضد كاثرين ثم تنتقل كل الأحداث عندما عرف وأحس إيدي بالعلاقة العاطفية الجديدة ما بين كاثرين والضيف الإيطالي الشاب رودلفو ويتطور الحب إلي مشروع زواج كوسيلة للشاب رودولفو للحصول علي الجنسية الأمريكية والتي ستحميه من شر شرطة الهجرة . وهذا ما دفع إيدي إلي الوشاية به لدي مكتب الهجرة، وكذلك تعامله السيء مع الشابة كاثرين والتصرف بأنانية وعصبية مع زوجته باتريسيا ومع الضيوف. ونتيجة لهذه الوشاية التي تثير ضيفه يشتبك ماركو الأخ الأكبر مع إيدي الذي يلقي حتفه. وبهذا تكون نهاية المسرحية ذات صفة ممكن أن نسميها فاجعة نتيجة للتصرف اللاأخلاقي للزوج إيدي ومحاولته إلحاق الأذي بالضيفين، وهذا السلوك المشين لا يرضي المتلقي ولا يثير أي تعاطف وما حصل له
ومسرحيات آرثر ميللر ذات طابع تقدمي مثل مسرحية موت بائع متجول ومسرحية كلهم أبنائي أما مسرحيته موضوع القراءة هنا مشهد من الجسر فلها قيمتها ودلالتها والاتجاه الفلسفي القائم علي التصادم ما بين أحكام القانون الذي شرعه المجتمع وأحكام ومقتضيات الضمير الإنساني الأخلاقي
إن المخرج كارل شيلكرين حافظ علي حقائق النفس البشرية وعناصر الصراع في داخلها والسيرة علي سلوكها وتوجيهها، والصراع بين القانون الوضعي والقانون الأخلاقي، وعندما يتعارض القانونان علي نحو ما هو حاصل في بلاد رأسمالية أنانية وقاسية كأمريكاوأدخل المؤلف والمخرج شخصية الراوي المحامي والذي يمثل رأي المؤلف ، ووضع مكتبه إلي يمين المسرح بالنسبة إلي المتلقي، وكان يمهد لكل مشهد أو يعقب علي المشهد السابق ويبرز دلالته النفسية واللاأخلاقية ويحاول المخرج كارل شيلكرين التركيز علي الشخصيات الموزعة والأحداث في يمين المسرح ويساره وفي الوسط، وهذا النوع من الإخراج يتطلب الدقة في الانتقال من مشهد إلي آخر حتي لا تبدو المسرحية مفككة بل ذات اتصال مستمر ووفق إيقاع معين
وكان الإخراج تقليدياً وخاصة في مشهد ظهور المحامي الفيري وإلقاء خطبته عن الأخلاق والقانون ودوافع السلوك المختلفة والمتصارعة في المسرحية
إيدي فهو أناني وعصبي المزاج وبالرغم من استعماله لبعض الحوارات الكوميدية لتلطيف الجو المسرحي والمتمثل في بعض المواقف
أما كاثرين الشابة فهي بريئة ولكنها تحولت بمرور الزمن إلي شخصية ذات انفعالات عنيفة وخاصة في مشاهد الحب العنيفة مع الشاب رودولفو
شخصية الزوجة كاثرين والتي أدتها الممثلة كونيلا رور فقد كانت أكثر اتزاناً وذات إيقاع هادئ وكيف لا وهي ممثلة كبيرة لها الكثير من الأدوار المهمة في التلفزيون وفي مسرح المدينة في ستوكهولم

[email protected]

ستوكهولم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المقال مكثف
هاشم معتوق ( 2009 / 3 / 24 - 20:43 )
عصمان فارس الذي بعمر الشباب دائما هنيئا للسويد بك
وانت تكتب عن مسرحها بإستمرار
المقال مكثف وبوضوح عال
محبتي لصديقي واستاذي

اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي