الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا أجازت الرقابة العسكرية نشر شهادات جنود عن جرائم ارتكبوها في غزة؟

محمد بركة

2009 / 3 / 24
القضية الفلسطينية


انشغلت الحكومة الإسرائيلية في جلستها الأولى (18/1/2009) بعد إعلانها عن "وقف لإطلاق النار من جانب واحد" في حربها على غزة، التي أسموها "الرصاص المصبوب"، بموضوع منح الحماية القانونية لجنود وضباط الجيش الإسرائيلي، تحسبا لمحاكمتهم أو تقديم دعاوى ضدهم في محافل قضائية دولية، بسبب ارتكابهم جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية.
قبل ذلك وبعده، لم تدخر المؤسسة الإسرائيلية وسعا لتروج لحربها الإجرامية بأنها دفاعية، وأنها حرب ضد الإرهاب، وحرب ضد الصواريخ، وما إلى ذلك، وما دام الأمر كذلك، فلماذا انشغلت بموضوع الحماية القانونية للجنود والضباط؟.
لأنها تعرف جيداً أية أوامر أعطيت للجيش وتعرف جيدا حصاد الدم المروع الذي خلفته وراءها في غزة، وتعرف جيدا أن الجيش -جواً وبحراً وبراً -قام باعمال قصف وقتل وتجريف لا يمكن وصفها الا بجرائم ضد الإنسانية.
لقد ذهبت الحكومة الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك، فقد أقامت لجنة وزارية خاصة لصياغة مقولات قضائية وقانونية لحماية مجرميها، لا بل وذهبت وفق ما نشر في وسائل الإعلام للاستعانة بالبروفيسور أهارون باراك، رئيس المحكمة العليا السابق، والشخصية القضائية المرموقة دوليا.لان حكومة إسرائيل وقادة جيشها يعرفون جيدا أنه ارتكبت جرائم حرب في غزة ما بين 27/12/2008 وحتى 16/1/2009.
شعبنا في غزةلم يكن بحاجة إلى لجان تحقيق والى محاكم دولية ليعرف حجم الكارثة التي حلّت به، والمتابع العربي لوسائل الإعلام، وخاصة الفضائيات العربية، تابع ساعة بساعة هول الكارثة التي أنزلتها قوات الطغيان والإجرام الإسرائيلي بشعبنا في غزة.
ولكن المجتمع الذي لم يتلق الصورة كاملة عما يحدث في غزة، كان المجتمع اليهودي في إسرائيل، فوسائل إعلامه حجبت أغلب الحقيقة عما يجري بمحض إرادتها وبمحض رقابتها.
كلنا نذكر الصدمة الحقيقية أو المفتعلة التي أصابت قطاعات مجتمعية ورسمية في إسرائيل عندما اضطرت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى التعاطي مع الجريمة النكراء التي لحقت بعائلة الطبيب الغزي، الذي يعمل في أحد المستشفيات الإسرائيلية الدكتور عز الدين أبو العيش، رغم أن كارثة عائلة أبو العيش كانت واحدة، من جرائم كثيرة مماثلة لا بل وأكثر إجرامية.
فما الذي جرى حتى تنشر جريدة "هآرتس" أمس واليوم شهادات مروعة لجنود إسرائيليين عن الجرائم التي ارتكبوها بأيديهم أو ارتكبها زملاؤهم؟.
مما لا شك فيه، أن هذه الشهادات صحيحة، لا بل هي أقل من الحقيقة، لكن كيف اجتازت هذه الشهادات اطارها العسكري، إذ قيلت في اطار الكلية التحضيرية العسكرية، على اسم يتسحاق رابين؟.
هل فعلا هبط وحي الشفافية على المؤسسة العسكرية لنشر غسيلها الوسخ، وشهادات ادانة لجنودها خلافا لموقف الحكومة (المدنية) التي اجتهدت لمنح الحماية القضائية للمجرمين من جنودها وضباطها؟
هذا سؤال مدوي لا يكمن جوابه في سعة صدر الديمقراطية الإسرائيلية ولا في حرية الصحافة ولا في قدرات الصحفي عاموس هارئيل الخارقة..
الجواب على هذا السؤال يندرج في اطار الجريمة ذاتها، وفي اطار منح الحماية القضائية للجنود والضباط المتوطين في جرائم اسرائيل.
إن المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية تعرف حقيقة جرائمها جيدا، وتعرف أن تقديم جنودها وضباطها المجرمين، أمر آت لا محالة، أما على صعيد المحاكم الدولية أوعلى صعيد أجهزة القضاء في الدول التي تحاكم مجرمي الحرب، حتى لو لم يكونوا من مواطنيها.
لكن هذه المؤسسة تعرف أيضا البند العيني في ميثاق المحكمة الجنائية الدولية، الذي لا يجيز أن محاكمة المجرمين مرتين: فإذا جرت محاكمة المجرمين في دولهم، أو حتى في دول أخرى، عندها يسقط حق المحكمة الجنائية الدولية في محاكمتهم، وفق البند المذكور.
وإسرائيل تريد اقامة "محكمة" ودية واهلية وربما صورية إسرائيلية لجنودها وضباطها، للتوصل إلى استنتاج مفاده أن الجرائم ارتكبت بدافع الخطأ وسوء التقدير، وعدم القدرة على فهم التعليمات والأوامر، او إن الجرائم تمثل حالات شاذة وفردية، وغير ذلك مما تعودنا على سماعه في سياق تبرير الجرائم الإسرائيلية.
لقد أجازت الرقابة العسكرية تشر شهادات أدلي بها في أطر عسكرية مغلقة، وسارعت شرطة التحقيق العسكرية (מצ"ח) إلى الإعلان عن بدء التحقيق في هذه الشهادات المروعة والخطيرة، لقطع الطريق على اية مساءلة قانونية دولية لمجرمي إسرائيل الذين سفكوا دم الشعب الفلسطيني في غزة.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ